محرر الاخبار المسائي
محرر الاخبار المسائي


«النصره» عاملة فى القنال .. زفة

قرية «المشروع»: أفراح وزغاريد.. والأهالى: كنا واثقين فى الرجالة

حسام صالح

الأربعاء، 31 مارس 2021 - 01:27 ص

ملحمة السفينة لم تتوقف عند أبطال تعويمها فقط بل عايشها الأهالى الذين تصادف وجود منازلهم بجوار مكان جنوح السفينة وكان لـ «الأخبار المسائى» السبق فى لقاء هؤلاء الأهالى والتعرف منهم على القصص التى دارت منذ اللحظة الأولى لبطولة مصرية ستظل فخراً لابناء هذا  الوطن. 

نجح المصريون كعادتهم فى إنهاء أزمة السفينة البنمية التى جنحت بمجرى قناة السويس رغم كل التعقيدات الفنية الهائلة التى واجهت القائمين على تعويم السفينة. الإبداع المصرى فى إنهاء مأساة السفينة لفت أنظار العالم أجمع خاصة أنه أرسل رسالة واضحة  للتاريخ أجمع بأننا قادرون على حماية وضمان مسار بضاعتكم فى ممرنا المائى «قناة السويس»  وأنها ستظل الشريان الملاحى المحورى مهما كانت التحديات. 

قرية «المشروع» هى إحدى قرى محافظة السويس والتى تعثرت على ساحلها السفينة البنمية ففى  صباح الثلاثاء الماضي، خرج غريب أبوالسيد من منزله بقرية المشروع بحي الجناين شمال  السويس، متجهًا إلى عمله، ووقعت عينيه على السفينة البنمية «إيفر جيفين» متوقفة في المجرى  الملاحي للقناة الذي يطل عليه بيته، لم يهتم بالأمر في البداية، لكن لفت عند عودته مساءً  ووجدها بطولها البالغ 400 متر انتابه شعور بالضيق وعلم في نفسه أن توقفها لن يأتي بخير.

عصر الأحد الماضى جرى تعويم السفينة بنجاح، وغادرت المجرى الملاحي إلى منطقة  البحيرات، لترحل ومعها تلك الكآبة والضيق الذي حل على سكان القرية منذ توقف السفينة، وفي الوقت الذي أطلقت القاطرات والقطع البحرية المشاركة أبواقها فرحة واحتفالًا بنجاح ملحمة التعويم، كان التكبير والتهليل على ألسنة الأهالي يرفعون أيديهم للسماء يدعون بانفراج الأزمة، لتعود السفن وتبحر مرة أخرى تلك المدن العائمة كما يصفونها ضيف لا يرغبون في بقائه وإنما  يسعدهم مرورها سريعًا في قافلتي الشمال والجنوب يومياً.

 

«خراب علينا» هكذا يصف غريب الموظف في أحد مشروعات المحافظة تعطل حركة الملاحة  في الممر الملاحي الأهم في العالم، ويوضح أنه تابع المؤتمر الصحفي للفريق أسامة ربيع رئيس  هيئة قناة السويس، وعلم أن هناك خسائر يومية مباشرة تزيد على 12 مليون دولار هي متوسط  رسوم عبور السفن، ويضيف أن ذلك فضلًا عن تعطل مئات سفن البضائع وتأثر العالم بما حدث.

«كل ما كنا نسمع صوتها ندعي ربنا تتحل الأزمة وتعوم السفينة تاني» يتحدث غريب عن أصوات  الصافرات، التي اعتاد منذ صغره سماعها مرة كل عدة أيام تطلقها بعض السفن قبل دخولها  منطقة معدية الشط القريبة من منزله، إلا أن الصافرات هذه المرة كانت مستمرة خلال ساعات اليوم، ولم تكن للسفينة وحدها بل والقاطرات التي شاركت في نجاح تعويمها.

ويروى غريب فجر أمس الأول الاثنين، استيقظت على صافرات متتابعة متباينة في قوتها يتخللها  صيحات لم تصل واضحة، لكننى فهمت أن الفرج في الطريق وأننى عندما أعود مساءً لن أر ذلك الضيف الثقيل الذي جاورنا 6 أيام. «كنت في الشغل وعرفت من التليفزيون أن السفينة مشيت» يتحدث عن النبأ السار ويوضح أنه عاد إلى منزله تغمره السعادة، وزال الضيق، وهو  يشاهد ليلًا السفن تبحر واحدة تلو الأخرى.


ووجه أبوالسيد الشكر لرجال هيئة قناة السويس، لجهدهم وتفانيهم في العمل على مدى 6 أيام  حتى تمكنوا من تعويم السفينة وإبحارها في المجرى الملاحي للقناةفي منزل مجاور، كان حمادة محمد 26 سنة، مزارع مشغولًا بتجهيز الحقل المواجهة لمنزله، اعتاد هو الآخر منذ صغرة أن يشاهد السفن تعبر للشمال نهاراً وللجنوب ليلًا، أحزنه توقف السفينة وهو يتابع باهتمام أخبار جهود التعويم من خلال هاتفه.

وتابع أنه رغم صعوبة الموقف، لكن كانت ثقته في رجال هيئة قناة السويس كبيرة، ويعلم أنهم  قادرون على تعويم السفينة مرة أخرى، وأن الأمر كان مرهوناً بالوقت وعوامل أخرى كالرياح وحركة  المد والجزر، أعاقت عملهم في بضع ساعات كل يوم. 

ويضيف أنه كان يجلس في منزله عصر أمس، وقرأ خبراً عن نجاح تعويم السفينة، فهرول للخارج  ليشاهد تلك اللحظة التي انتظرها المصريون، ولتعود السفن تمشى وتروح في القناة يوميًارغم إصابة غريب أحمد 28 سنة، بكسر مضاعف استلزم خضوعه لعملية تركيب شرائح  ومسامير، إلا أن ذلك لم يمنعه من الخروج متكئًا على عكازين ليشاهد السفينة وهي تغادر، ويلاحقها وهو يجري بساق واحدة وذراعين حديد يلوح لها بيده ويستند على الآخر.


يقول غريب إنه تعرض لحادث في عمله، نتج عنه كسر ساقه، ورغم ذلك كان يحرص الأيام  الماضية على الخروج ومشاهده الموقف في القناة كلما سمع صافرات القاطرات، « كنت  متضايق من وقفتها وخايف يفضل كتير وقف الحال في القناة» حتى سمع عصر الاثنين صوت  
الصافرات متتابع أعقبه صوت محرك السفينة الضخمة، عندها خرج والأمل يملأ قبله، ظل يتابعها  بفرحة وتكبيرات حتى غابت عن عينيه خلف الزراعات والنخيل الممتد شمال بمحاذاة القناة  شمال قريته.


في منزل الأكثر قربًا للمجرى الملاحي، كان مصطفى رمضان 42 سنة، مزارع يتابع السفينة هو  الآخر، أصابته هو الآخر حالة الحزن والضيق التي حلت على القرية، يقول إنه يعلم أن السفن  العابرة للقناة والقادمة من ناحية السويس تتجه إلى أوروبا وأمريكا، أما القادمة من الإسماعيلية فهي متجهة لآسيا، وأن توقف الملاحة أثر على المواطنين في تلك الدول، وعلى مصر بصورة أكبر.  ويضيف أنه حرص على التواجد قرب مراسلي القنوات العالمية التي رصدت اللحظات الأولى لانطلاق السفينة، وكان أن يفسد عملهم وهو يكبر ويهلل بالتزامن مع إبحارها ومغادرتها المكان ومن وقتها والقرية عاملة افراح وطبل وزغاريد.
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة