إبراهيم عبد المجيد
إبراهيم عبد المجيد


مصر الجديدة

لبس الستينيات!

إبراهيم عبدالمجيد

الخميس، 01 أبريل 2021 - 08:10 م

منذ أسابيع انطلقت على تويتر دعوة خبير التخطيط سامح عبد الحميد مدير أعمال الفنان هانى شنودة وابن الفنان الراحل حسن عبد الحميد لحدث لم يخطر على بال أحد وهو إقامة يوم احتفالا بلبس أو ملابس الستينيات. تحمس للدعوة كثير من الفتيات والشباب وأصبحت المجموعة لها منظمون مثل هبة محروس وإيناس درويش ومتحدث رسمى مثل الدكتورة إيمان جمال ومصورون وكثيرون يضيق المقال عن أسمائهم وتم تحديد يوم العاشر من إبريل لهذا الحدث فى النادى السويسرى بالكيت كات. عندما تحدثوا أو استمعت إلى بعض فيديوهاتهم وجدت أنهم مجمعون تقريبا على أن السبب فى ذلك هو مقاومة الفوضى فى الملابس الشائعة الآن وتنوعها دون اتساق ولم يزيدوا على ذلك. لم يدخلوا بالأمر فى أى طريق سياسى أو غيره لكن فقط فى صورة كانت مختلفة وأجمل مما حولنا. وجدت نفسى أشجعهم على الفكرة لأسباب لم يقولوها وهو أن الأزياء فى مصر ذلك الوقت وقبله وبعده فى السبعينيات كانت إطلالة على أوربا أو استلهاما ألخصه دائما فى كلمة البحر المتوسط. وهو البحر الذى تطل عليه مصر بمسافة تزيد على الألف كيلو مترا والذى كانت البعثات إلى أوربا شماله منذ عهد محمد على تعنى العودة بأشكال جديدة من الحياة فى العمارة والحدائق إلى الفكر والسياسة وأحتاج آلاف الصفحات لأكتب عنها. لقد حط على مصر مع النصف الثانى من السبعينيات وحتى الآن الدفع للاتجاه إلى الجزيرة العربية وحديث طويل عن تغير الأزياء لم يدخلوا فيه قط، وأصبح الجلباب والنقاب والحجاب للنساء والسروال والشبشب والبنطلون للرجال وهى أزياء الصحراء وساهمت فيه موجات الهجرة إلى العمل وحديث طويل آخر عن من كان وراءه وأموال النفط ودورها ودعاتها وغير ذلك مما لا يتسع له المقام. لم يتوقف الأمر عند ذلك فظهرت آثار العولمة وصار البنطلون الجينز علامة من علاماتها وتطور البنطلون الجينز إلى البنطلون اللاصق بالسيقان "سكيني" وتطور مرة أخرى فصارت فيه مناطق ممزقة فوق الركبة أو عليها. صحيح لا تظهر اللحم فهى خيوط بيضاء متقاطعة لكنها بنت التغير فيما تأتى به العولمة. صار التناقض صريحا جدا بين حجاب الرأس مثلا والبنطلون الجينز فلم يعد للزى معنى، بينما الزى عادة بأخذ سحره من اتساقه مع الجسد من أعلى إلى أسفل. كانت الفساتين والجونلات والجوبات والفساتين الشانيل التى تنزل كثيرا تحت الركبة والمتسعة بنت فضاء البحر المتوسط يشترك فيها الجميع والفارق هو نوع المادة المستخدمة أو قيمتها ولم يكن الشعر المتروك غير اتساق مع الفضاء الواسع والهواء وليس كما روج المروجون للحجاب دعوة للرزيلة. حتى البنطلونات التى ظهرت فى الأفلام ذلك الوقت كانت متسعة ولم تكن بنت العولمة الأمريكة التى جعلت ساندوتشات البرجر بديلا عن الطعمية والكشري. دعوة لبس الستينيات لم تتطرق إلى هذا كله لكنها مثل كثير من صفحات الميديا تبحث عن زمن جميل بعيدا عن السياسة فلم تكن أزياء الستينات بنت الفترة الناصرية فتلك الفترة رغم نظام الحكم الشمولى ورغم الاشتراكية لم تستطع أن تبتعد عن أوربا بحكم أن رجالها كانوا ممن تعلموا تحت تلك الراية وكثيرون منهم درسوا فى الجامعات الأوربية ولم يكن يمكن استبدالهم بغيرهم لأن غيرهم لم يكن موجودا بكثافة. هكذا رأيت وأرى هذه الدعوة رغم أن أصحابها لم يقولوا ذلك. أراها عودة إلى مكاننا الطبيعى فى خريطة العالم لا أكثر. قد تنتشر وقد لا، لكنها أفضل من عشرات الكتب ومئات المقالات. مؤكد أن انتشارها سيحتاج وقتا كبيرا فهى محاصرة بين العولمة والصحراء لكن ما المانع أن نعود إلى مكاننا الطبيعى يوما فى احتفال.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة