العالم على موعد مع التاريخ
العالم على موعد مع التاريخ


آمال عثمان تكتب عن رحلة الملوك من ميدان التحرير إلى الفسطاط

«موكب المومياوات الملكية».. العالم على موعد مع التاريخ

أخبار اليوم

الجمعة، 02 أبريل 2021 - 08:12 م

 

- استقبال رسمى لفراعنة مصر فى المتحف القومى للحضارة

- 22 مومياء ملكية تغادر المتحف المصرى اليوم فى موكب احتفالى مهيب 

حينما ترحل شمس السبت مع الغروب، وتهبط نسمات ليل القاهرة الساحرة على صفحات نهر النيل الخالد، يكون العالم على موعد مع التاريخ، حيث تترقب الأنظار فى كل مكان تلك الرحلة الملكية الفريدة، لتشهد لحظة فريدة من عمر الزمن، لحظة مغادرة ملوك وملكات العصر الذهبي، مبنى المتحف المصرى العريق الذى عاشوا فى رحابه قرنا من الزمان، متدثرين بعلم مصر العظيمة، الدولة التى كانت مهدا للحضارة منذ فجر التاريخ، ليتخذ كلا منهم موقعه داخل سيارته الفرعونية بحديقة المتحف المصري، ووسط طقوس احتفالية مبهجة، تطلق المدفعية 21 طلقة، ويتقدمهم حرس الشرف والموسيقى العسكرية، ترحيبا بالأجداد العظام من العسكريين والدبلوماسيين، والمحاربين، الذين شاركوا بدور مجيد فى تحرير تراب البلاد، وحافظوا على استقرارها، وأقاموا نهضة علمية واقتصادية وفكرية شاملة ساهمت فى إثراء العلوم الإنسانية.

 

عبر بوابة المتحف الرئيسية ينطلق الموكب الملكي، وسط استقبال شعبى ورسمى متوجها إلى قلب القاهرة النابض بالعراقة، داخل عربات فرعونية مكشوفة، ليتابع سكان الأرض عبر شاشات الفضائيات العالمية، رحلة 22 مومياء ملكية إلى مقر إقامتهم الدائم، بالمتحف القومى للحضارة المصرية، تحيطهم أضواء الليزر التى تضىء سماء القاهرة بأسماء وصور الملوك والملكات، وأمام مسلة الفرعون العظيم رمسيس الثانى المتوهجة ترحيبا بفراعنة مصر.


يكتب المصريون سطوراً جديدة فى سجل التاريخ، لحضارة أشرقت بنورها على الدنيا منذ فجر التاريخ، وفى جو احتفالى بهيج تعزف فرق الأوبرا الموسيقى بقيادة المايسترو نادر عباسي، وبصحبة فرق الموسيقى العسكرية، ويشدو فنانو الأوبرا بالملابس الفرعونية والأعلام المصرية، ويوجه الملوك والملكات كلماتهم بأصوات بعض الفنانين والفنانات، ثم يتخذ الموكب طريقه إلى ميدان «سيمون بوليفار»، ويسير بمحاذاة نهر النيل، وعلى امتداد طريق الموكب الملكى تقف تشريفة من الخيول والعجلات الحربية، ثم يتوجه الموكب إلى مصر القديمة، وصولا إلى مدينة «الفسطاط» أول عاصمة لمصر بعد الفتح الإسلامي، لتستقر مومياء الملوك والملكات فى مقرها الدائم على بالجانب الشمالى الشرقي، وبجوار ملتقى حضارات مصر القبطية واليهودية والاسلامية، لكى تكون «درج تاج» المتحـف القومى للحضارة المصرية، الصرح الثقافى الذى يروى قصة الحضارات المتعاقبة على أرض مصر.


بدأت رحلة المومياوات منذ العصور القديمة، حين نقلها الكهنة مـن مقابرهـا الأصلية فـى وادى الملـوك بالأقصر، إلى مجموعة خبايا قريبـة لحمايتها من السرقات، تـم نقلها من موطنهـا بالأقصر إلى متحف بولاق، وبعد 10 أعوام تعرض المتحف للتهديد بسبب الفيضان ونقل إلى الجيزة، وبعد بناء المتحف المصرى فى التحرير، انتقلت إليه المومياوات، وظلت بداخله منذ افتتاحه عام 1902 قبل أن يصلوا إلى محطتهم الأخيرة داخل متحف الحضارة.


وحول فكرة الموكب قال عالم المصريات د. زاهى حواس وزير الآثار السابق: جاءت فكرة الموكب الملكى لنقل المومياوات اقتداء برحلة نقل مومياء الملك رمسيس الثانى إلى فرنسا، ومراسم الاستقبال الملكية المهيبة التى كانت فى انتظاره بمطار شارل ديجول، حيث تقدمه حرس الشرف، وأطلقت المدفعية 21 طلقة، احتفالا بقدوم فرعون مصر العظيم، واستخرجت له وثيقة سفر رسمية، وأدرج فى خانة الوظيفة «ملك متوفى».

 

من هنا جاء التوجه باستقبال مومياوات الملوك والملكات، بمراسم استقبال ملكى حافل يليق باسم ملوك مصر، وبمكانتهم المبجلة فى التاريخ المصري، من خلال موكب احتفالى ضخم، يسمح للعالم أجمع بشرف مشاهدة تلك اللحظة المهيبة، حينما يترك هؤلاء الملوك والملكات أماكنهم بقاعة المومياوات الملكية داخل المتحف المصرى بالتحرير، لينتقلوا إلى مقرهم الدائم فى قاعة المومياوات الملكية بالمتحف القومى للحضارة، وتعرض للزائر بصورة لائقة بعيدا عن الإثارة، وأسلوب علمى وطريقة حضارية حديثة، حيث يعرض بجوار كل مومياء التابوت الخاص بها، والقطع الأثرية التى عثر عليها معه، إلى جانب وسائل شرح إلكترونية تتحدث عن الملك وإنجازاته، ونتائج الأشعة المقطعية، التى توصلنا إليها، من خلال المشروع المصرى لدراسة المومياوات الملكية، والتى تظهر عمر الملك عند الوفاة وأسبابها، والأمراض التى أصيب بها، وصلات النسب بين الملوك والملكات التى استطعنا تحديدها بواسطة DNA ، وهذا يمنح المتحف القومى للحضارة أهمية خاصة، إلى جانب وجوده فى موقع فريد لا مثيل له، فى قلب القاهرة الإسلامية، وعلى بعد خطوات من المزارات الدينية، والآثار الإسلامية والقبطية واليهودية.


ويعلق د. محمود مبروك رئيس اللجنة العلمية لسيناريو المتحف: ملوك وملكات مصر هم جوهرة المتحف، لذا يجب حمايتهم والحفاظ ، لم يكونوا فقط ملوك تاج، بل كانوا سباقين بالتضحية، فراعنة مصر العظام من العسكريين والدبلوماسيين والمحاربين، هم الذين شاركوا بدور مجيد فى تحرير تراب مصر، وحافظوا على استقلالها واستقرارها، وأقاموا نهضة علمية واقتصادية وفكرية شاملة فى ربوعها، وصنعوا حضارة علمت الإنسانية العلوم والطب والعمارة والفن والأدب.

 

لذلك نقدم لهم اليوم «لوحة شرف» من النحاس لكل «ملك» تتضمن صورته واسمه ولقبه بالهيروغليفية، وإنجازاته، وأسباب وفاته، وما قدمه لحماية حدود مصر، ونستقبلهم اليوم استقبالاً حافلاً يليق بقامتهم، سواء فى الموكب الخارجى أو داخل المتحف، حيث يقيمون فى أفضل الفتارين المصممة على أعلى مستوي، وبطرق عرض أكثر تطوراً، وعرض التقارير الطبية، والمعلومات التى توصلنا إليها من خلال الأشعة المقطعية على شاشات إلكترونية، وحرصنا على تجميع العائلات، كما كانوا يدفنون قديماً، مع تخصيص حجرة لكل مومياء، وممرات إضاءة خافتة، وقمنا بترميم التوابيت لعرضها بجوار كل ملك، وتأمين المومياوات بأحدث الطرق والوسائل التكنولوجية.

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة