د. أحمد فاروق غنيم رئيس هيئة المتحف القومى للحضارة
د. أحمد فاروق غنيم رئيس هيئة المتحف القومى للحضارة


أحمد غنيم عن موكب المومياوات الملكية..أفضل دعاية للسياحة..حوار

أخبار اليوم

الجمعة، 02 أبريل 2021 - 08:44 م

- القيــادة السياســية أعطــت دفعــة قويــة ولم تتأخــر فـى التمويــل

انتقل من مقعد الأستاذية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، ليجلس على قمة صرح ثقافى وحضارى ضخم، والمسئول عن أحد المشروعات القومية التى أولتها الدولة اهتماماً كبيراً، هيئة المتحف القومى للحضارة المصرية بالفسطاط، الذى يفتتحه اليوم الرئيس عبدالفتاح السيسى، وبرغم أن د.أحمد فاروق غنيم، أحد أهم الخبراء فى علم الاقتصاد، فإن الثقافة لم تكن بعيدة عنه، فقد عمل مستشاراً ثقافياً لمصر، ورئيساً للبعثة التعليمية فى ألمانيا والنمسا لمدة 4 سنوات، إلى جانب عمله كمستشار للعديد من المنظمات الدولية، ومنها المنظمة العالمية للملكية الفكرية، والبرنامج الإنمائى للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية والبنك الدولى.

- ما علاقة دكتور الاقتصاد بالثقافة والحضارة المصرية؟
أنا أستاذ اقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، ولأننى رجل اقتصاد، كنت مندهشاً فى البداية مثل الكثير من معارفى وأصدقائى، لذلك سألت وزير السياحة والآثار، لماذا لا يشغل هذا المنصب خبير فى الآثار؟ وكان رده أن متحف الحضارة والمتحف المصرى الكبير، بموجب القوانين التى صدرت العام الماضى، تم تحويلهما إلى هيئتين اقتصاديتين، ومن ثم كل المتاحف المصرية تقع تحت عباءة المجلس الأعلى للآثار باستثناء المتحف القومى للحضارة والمتحف المصرى الكبير، وبالتالى تشرفت بقبول المنصب، واتخذت قراراً بقبول التحدى، لأن هذا الموقع مثلما هو فرصة، هو أيضاً «تحدي»، وحين فكرت فى الموضوع بشكل شخصى، وجدت أننى كأستاذ جامعى أستطيع العودة إلى موقعى فى أى وقت، لأنه أولاً وأخيراً بيتى الأساسى.
- وما الهدف من تحويل المتحف إلى هيئة اقتصادية؟ 
 الفكر الذى يؤمن به د. خالد العنانى وهذه قناعتى أيضاً ــ أن هذا الصرح الثقافى الحضارى يجب أن يتحول إلى هيئة اقتصادية، لكى تدر عائداً مالياً، ليس بالضرورة أن نحقق أرباحاً، وإنما على الأقل نقلل الخسائر، ويمكن القول أن وجهة نظر الوزير، تكمن فى ضخ دماء جديدة ورؤية جديدة تستكمل الصورة التى اكتملت بأيدى الأثريين، وبدأت أفكر فى كل ذلك، وقمت بزيارة المتحف لأول مرة دون أن يعلم أحد بهويتى، فوقعت فى غرام هذا المكان، ورأيت أنه مشروع قومى يستحق أن يبذل الجميع جهداً ليخرج إلى النور بصورة لائقة للقيمة العظيمة التى يمثلها، وكلى ثقة أنك شعرتِ بنفس الإحساس عند زيارتك للمتحف.
- هل تربطك علاقة شخصية بالدكتور خالد عنانى؟
ليس لدى علاقة شخصية بالوزير، التقيته مرة واحدة قبل أن يتولى الوزارة، وكنت مستشاراً ثقافياً فى ألمانيا، وهو أيضاً أستاذ جامعى فى كلية السياحة والفنادق جامعة حلوان، وكان هناك برنامج تعاون بين الكلية، وإحدى الكليات الألمانية، بعدها كانت بيننا اتصالات هاتفية فى إطار العمل حين تولى حقيبة وزارة الآثار، ولم تحدث لقاءات بعدها سوى مصادفة فى الأوبرا أو غيرها من المناسبات. 
- ماذا يضيف لك المنصب الجديد؟
تجربة قيادة مثل هذا المكان كموقع تنفيذى، بمشاكله وتحدياته المختلفة، ينعكس بالفائدة على المستوى الشخصى، وإضافة ولو بقدر بسيط على المستوى المهنى، ويمكننى الصعود به إلى منطقة أبعد، وقد وجدت أن الموارد البشرية الموجودة هى الكنز الحقيقى فى هذا المكان، فهم على درجة كبيرة من العلم والمهنية والإخلاص، وخلال الشهور الستة التى أمضيتها فى هذا الموقع، أستطيع القول إننى أعتبرهم عائلتى الكبيرة، وبدأت خلال تلك الفترة الإسراع ببعض الأمور، وإضافة بعض الجوانب التى لم تكن تحت بؤرة الضوء، فهناك مشاكل فى الموارد البشرية، ولا أتحدث عن الآثار، فالمتحف به العديد من المرممين والأثريين، لكنه يفتقر للعاملين فى الإدارة، هناك مجموعة جيدة لكنها غير كافية، ولكن بروح وكفاءة الموجودين نستطيع.
- وماذا عن موكب المومياوات الملكية؟
أفضل دعاية للمتحف ولم أكن أحلم بها، بل هى دعاية لمصر كلها وليس للمتحف فقط، التنظيم من خلال شركة مصرية، بمشاركة فنانين وفنانات واستعراضات وخيول وموتوسيكلات، وهذا الاستقبال الملكى بالطبع خارج قدرتى المالية والمهنية، وسيفتح المتحف أبوابه الأحد القادم بتخفيض 50% على التذاكر للمصريين والأجانب، ولكن لن يشاهدوا المومياوات الملكية، لأنها ستدخل بالكامل الفتارين يوم 18إبريل أى بعد أسبوعين، حتى نكون قد انتهينا من إجراءات التعقيم وتسكينها فى أماكنها، والتذاكر 60 جنيهاً للمصرى و30 للطالب المصرى، و200 جنيه للأجنبى، و100 للطالب الأجنبى. 
- ما هى رؤيتك أو تصوراتك للعمل حين قبلت المنصب؟
حين يتولى مسئول منصباً بهذه الأهمية، تتولد لديه أحلام وردية كثيرة جداً، ثم يبدأ يصطدم بالواقع، وهذا الواقع قد يكون قيوداً إدارية ومالية أو بشرية، وهذا ما حدث بالفعل، كانت لدى أحلام عريضة، لكن بعد دراسة الوضع على أرض الواقع، واجهت مشاكل مالية، وقيوداً إدارية ولوائح وقوانين حكومية، وواجهت مشكلة فيروس كورونا، قللت مصدر تمويل المتحف، صحيح أن الوزارة لا تتأخر، وبعض المشاكل يصعب الحصول على تمويل لحلها، تغلبت عليها بدعم مالى صغير من اليونسكو، كما أن هناك تعاوناً من الأجهزة والمؤسسات التى تساهم فى سرعة إنجاز أمور إدارية، سواء بعلاقاتى الشخصية أو المهنية. 
- لا شك أن الاهتمام الكبير من القيادة السياسية بالتراث والحضارة المصرية ساهم بصورة كبيرة فى دفع المشروع؟
القيادة السياسية لم تتأخر من ناحية التمويل، فقد شهد هذا المكان عثرات فى التمويل، والتكلفة فاقت 2 مليار جنيه كلها بدون قروض، وأغلبها من الحكومة المصرية، كما أن القيادة السياسية أعطت دفعة قوية جداً، وحين تدفع أمراً ينعكس ذلك على الجميع، بجانب رغبة الجميع الحقيقية للمساندة، كما أن اهتمام الرئيس بهذا الصرح الحضارى حقق لنا دفعة قوية على المستوى الإعلامى داخلياً وخارجياً. 
وما يهمنى الآن الانتقال بالمتحف لمنطقة أخرى على المستوى الإعلامى، وأن يحقق سمعة عالمية فى الخارج، لأننا لسنا متحفاً فقط، وإنما منارة ثقافية وبداخلها متحف، والبعد الترفيهى والتعليمى ومراكز الترميم جعلت المكان متميزاً ومتفرداً، سواء على مستوى مصر أو المنطقة العربية وإفريقيا، والمعامل الموجودة داخل المتحف على مستوى تقنى عالٍ، وبها أجهزة غير موجودة سوى فى متحف اللوفر فى باريس.
- ما هى الخطة التى بدأت تنفيذها ومدتها الزمنية؟
البعد الأثرى لا أتدخل فيه، ولا يشكل مشكلة أو عبئاً لأن هناك الخبراء الذين يتولون هذه الأمور، لكن هناك البعد الدولى والإعلامى والتشغيلى والتكنولوجى، واتخذت إجراءات فيما يتعلق بالتشغيل والموارد البشرية إلى أن تتوافر لدينا إدارة للموارد البشرية، ونظمنا مجموعة دورات بالتعاقد مع جامعة «أسلسكا» لرفع قدرات العاملين، ودورة تدريبية بالتعاون مع وزارة السياحة والآثار، لتدريب الأمن من خلال شركة إنجليزية، وهناك منح للحصول على الماجستير، ونضخ دماء جديدة بالقدر المتاح، وعلى الجانب التكنولوجى نحتاج إلى نقلة كبيرة، وهذا ما أسعى حالياً لتحقيقه، وقد اتفقنا مع شركة لعمل «أبليكيشن» عبارة عن «تميمة» على الموبايل تشرح للزائر خلال جولته بالمتحف، وألعاب متصلة بالتميمة، وعلى البعد الإعلامى «البراندنج» موجود، لكن لدينا مشكلة تحديد الهوية لهذا المكان بالأبعاد المختلفة الموجودة فيه. 
أما البعد الدولى، فننتظر أن تهدأ أزمة كوفيد 19 حتى يتحقق، كما حققنا التواصل المجتمعى، واتفقنا مع الحرفيين بالمنطقة المحيطة لعمل ورش تعليم هذه الحرف فى المتحف، إلى جانب التواصل مع الجامعات، وطلبة وأساتذة جامعة حلوان قاموا بأعمال فنية، ونتواصل مع جامعة المستقبل وكلية اللغة والإعلام بالأكاديمية البحرية. 
- وماذا عن الجانب التجاري؟
مثلما أهتم بالبعد الاقتصادى، وتعظيم العائد الاقتصادى، يهمنى أيضاً البعد الثقافى، والحفاظ على الهوية، وهذا التوازن صعب لأن الأمور قد تتجه نحو الاقتصاد على حساب البعد الثقافى، وهذا لن أقبله، أو العكس، أتشدد بشكل كبير وبالتالى نخسر العائد الاقتصادى، لذلك أحاول تحقيق هذا التوازن، ونحن فى سبيل التعاقد مع مستثمر ليتولى الأمور التجارية، وشروط العقد تتضمن ذلك التوازن، مع مراجعة العقد كل فترة زمنية حتى نقلل المخاطر، ولدينا بيت الهدايا حصلت «كنوز» على حقوقه، وتقوم بعمل مجسمات ومستنسخات عليها ختم الوزارة، ويفكر المستثمر فى عمل خطوط إنتاج ترتبط بالمتحف، مثل منتجات «ديزني»، ملابس ولعب أطفال وغيرها، ويتولى هو الجانب الترويجى والتجارى، كما لدى أفكار لدمج الحضارة بالعزف الموسيقى، وإقامة ندوات ثقافية، لأننا صرح يجمع بين أنشطة مكتبة الإسكندرية، ودار الأوبرا، ومتحف الآثار. 
- وماذا عن الأنشطة المخصصة للأطفال؟
هناك أفكار عديدة تتعلق بالأطفال، والتربية المتحفية لإحياء روح الانتماء، وذوى الهمم، وبرامج للغة فاقدى البصر، وننظم رحلات مدرسية مجاناً، كما نقوم بتطوير التربية المتحفية مع المستثمر.
- الخبراء والمتخصصون الذين قاموا بأعمال ترميم وعلاج وصيانة ونقل وتخزين لهذا التراث العظيم، وواصلوا الليل بالنهار لكى يخرج هذا الصرح العظيم، هل هناك تفكير فى رفع مرتباتهم ليشعروا بتقدير بلدهم؟ 
شعرت منذ توليت العمل أنهم لا يحصلون على ما يستحقون مادياً، لكن الفترة القادمة إن شاء الله سيكون هناك تحسن ملحوظ، فى إطار اللوائح والقوانين، فلابد أن يتميز هؤلاء المبدعون، ولكن هذا التميز يجب أن يرتبط بالأداء. 
- ما هى الرسالة التى تبعث بها إلى المصريين فى هذا الحدث؟
أقول لهم أن المتحف مفخرة لكل المصريين، نقدم الثقافة والحضارة بشكل جديد ومختلف، وليس بالصورة المعتادة فى المتاحف، وإنما نتحدث عن جميع الأحقاب والأزمنة التاريخية بصورة تجعل الزائر يعيش تجربة مدهشة ومتكاملة، يرى فيها جرعة ثقافية وحضارية عظيمة، والقصة التى وراء كل حقبة زمنية، تعكس تطور المصريين، ويشاهد المومياوات الملكية والقصة التى خلفها، وفى الوقت نفسه يقضى يوماً جميلاً من الأنشطة الترفيهية، يستمتع بكل دقيقة فيها، وبالخدمات المتوافرة، كل ذلك بدون عبء مالى، والمتحف بإمكاناته يمثل الرسالة التى تريد مصر أن تظهر بها.

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة