جلال عارف
جلال عارف


في الصميم

مباحثات الفرصة الأخيرة!

جلال عارف

الأحد، 04 أبريل 2021 - 07:05 م

بكل‭ ‬النوايا‭ ‬الطيبة‭ ‬وافقت‭ ‬مصر‭ ‬على‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬جولة‭ ‬المحادثات‭ ‬‮‬«الاستثنائية»‮‬‭ ‬التي‭ ‬دعت‭ ‬إليها‭ ‬جمهورية‭ ‬الكونغو‭ ‬الديموقراطية‭ ‬بوصفها‭ ‬رئيسة‭ ‬الدورة‭ ‬الحالية‭ ‬للاتحاد‭ ‬الإفريقي‭.‬

وذهب‭ ‬وفد‭ ‬مصر‭ ‬إلى‭ ‬العاصمة‭ ‬الكونغولية‭ ‬كينشاسا‭ ‬كما‭ ‬ذهب‭ ‬وفد‭ ‬السودان‭ ‬الشقيق‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬منح‭ ‬الفرصة‭ ‬كاملة‭ ‬أمام‭ ‬إثيوبيا‭ ‬لتتخلى‭ ‬عن‭ ‬تعنتها‭ ‬وتتوقف‭ ‬عن‭ ‬انتهاكاتها‭ ‬لكل‭ ‬القوانين‭ ‬والمواثيق‭ ‬الدولية‭ ‬فى‭ ‬قضية‭ ‬سد‭ ‬النهضة‭.‬

ولكى‭ ‬ينفتح‭ ‬الباب‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬الاتفاق‭ ‬القانونى‭ ‬الملزم‭ ‬الذى‭ ‬يحفظ‭ ‬حقوق‭ ‬كل‭ ‬الأطراف‭ ‬وينظم‭ ‬عملية‭ ‬ملء‭ ‬وتشغيل‭ ‬السد،‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذى‭ ‬تعرف‭ ‬إثيوبيا‭ ‬جيدا‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬بديل‭ ‬عنه‭ ‬قبل‭ ‬الشروع‭ ‬فى‭ ‬الملء‭ ‬الثانى‭ ‬لخزانات‭ ‬السد،‭ ‬وإلا‭ ‬كانت‭ ‬العواقب‭ ‬التى‭ ‬لا‭ ‬نريدها‭ ‬أو‭ ‬نتمناها‭ ‬ولكنها‭ ‬ستفرض‭ ‬نفسها‭ ‬إذا‭ ‬استمرت‭ ‬إثيوبيا‭ ‬فى‭ ‬الطريق‭ ‬الخطأ‭ ‬وإذا‭ ‬أقدمت‭ ‬على‭ ‬عملية‭ ‬الملء‭ ‬الثانى‭ ‬لخزانات‭ ‬السد‭ ‬دون‭ ‬اتفاق‭ ‬كما‭ ‬يردد‭ ‬المسئولون‭ ‬فيها‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭!!‬

الهام‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬الجولة‭ ‬الاستثنائية‭ ‬من‭ ‬المباحثات‭ ‬أنها‭ ‬تأتى‭ ‬كمحاولة‭ ‬أخيرة‭ ‬لاستعادة‭ ‬إثيوبيا‭ ‬إلى‭ ‬منطقة‭ ‬الأمان‭ ‬والتخلى‭ ‬عن‭ ‬سياساتها‭ ‬العدائية‭ ‬تجاه‭ ‬مصر‭ ‬والسودان،‭ ‬وإدراك‭ ‬أن‭ ‬التعاون‭ ‬المشترك‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الثلاث‭ ‬الشريكة‭ ‬فى‭ ‬مياه‭ ‬النيل‭ ‬الأزرق‭ ‬هو‭ ‬وحده‭ ‬الكفيل‭ ‬بتحقيق‭ ‬مصالح‭ ‬إثيوبيا‭ ‬الحقيقية‭ ‬التى‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تتحقق‭ ‬بأوهام‭ ‬الهيمنة‭ ‬الإثيوبية‭ ‬على‭ ‬مياه‭ ‬النيل‭ - ‬ولا‭ ‬بمحاولة‭ ‬تحويل‭ ‬النيل‭ ‬العظيم‭ ‬إلى‭ ‬منطقة‭ ‬صراع‭ ‬ستخوضه‭ ‬مصر‭ ‬والسودان‭ ‬حتماً‭ ‬إذا‭ ‬تعرضت‭ ‬مياه‭ ‬النيل‭ ‬وهى‭ ‬مصدر‭ ‬الحياة‭ ‬فيهما‭ ‬للخطر،‭ ‬وإذا‭ ‬تجاوزت‭ ‬السياسة‭ ‬الإثيوبية‭ ‬الخطوط‭ ‬الحمراء‭ ‬التى‭ ‬تعرفها‭ ‬جيدا‭!‬

وإذا‭ ‬كنا‭ ‬لا‭ ‬نتوقع‭ ‬معجزات‭ ‬من‭ ‬جولة‭ ‬المحادثات‭ ‬الاستثنائية‭ ‬فى‭ ‬كنشاسا‭ ‬لكننا‭ -‬بالتأكيد‭- ‬سيكون‭ ‬أمامنا‭ ‬صورة‭ ‬واضحة‭ ‬للموقف‭ ‬الإثيوبى‭ ‬وهل‭ ‬استوعب‭ ‬الرسائل‭ ‬المصرية‭ ‬الواضحة‭ ‬حول‭ ‬عواقب‭ ‬المساس‭ ‬بحقوق‭ ‬مصر‭ ‬فى‭ ‬مياه‭ ‬النيل،‭ ‬وأدرك‭ ‬عواقب‭ ‬المواجهة‭ ‬مع‭ ‬موقف‭ ‬مصر‭ ‬والسودان‭ ‬الحاسم‭ ‬من‭ ‬رفض‭ ‬الملء‭ ‬الثانى‭ ‬للسد‭ ‬قبل‭ ‬الاتفاق‭ ‬الملزم‭ ‬الذى‭ ‬يحفظ‭ ‬الحقوق‭ ‬ويتفق‭ ‬مع‭ ‬القانون‭ ‬والمواثيق‭ ‬الدولية‭. ‬أم‭ ‬أن‭ ‬حكام‭ ‬إثيوبيا‭ ‬قد‭ ‬اختاروا‭ ‬الاستمرار‭ ‬فى‭ ‬الطريق‭ ‬الخطأ‭ ‬حتى‭ ‬النهاية؟‭!‬

يعرف‭ ‬المسئولون‭ ‬فى‭ ‬إثيوبيا‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬هناك‭ ‬مجال‭ ‬للتسويف‭ ‬أو‭ ‬المراوغة‭. ‬ويعرفون‭ ‬جيدا‭ ‬عواقب‭ ‬أى‭ ‬خطوة‭ ‬خاطئة‭ ‬تتجاوز‭ ‬الخطوط‭ ‬الحمراء‭ ‬أو‭ ‬تتوهم‭ ‬أن‭ ‬مصر‭ ‬ستقبل‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬النيل‭ ‬وهو‭ ‬مصدر‭ ‬الحياة‭ ‬لها‭ ‬رهينة‭ ‬فى‭ ‬يد‭ ‬حكام‭ ‬أديس‭ ‬أبابا‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬يقفون‭ ‬وراءهم‭!!.. ‬مع‭ ‬ختام‭ ‬جولة‭ ‬المحادثات‭ ‬الاستثنائية‭ ‬فى‭ ‬كينشاسا‭ ‬سوف‭ ‬نعرف‭ ‬‮«‬ويعرف‭ ‬العالم‭ ‬معنا‮»‬‭ ‬أى‭ ‬طريق‭ ‬اختاره‭ ‬حكام‭ ‬إثيوبيا‭. ‬نرجو‭ -‬وبكل‭ ‬صدق‭- ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الرشد‭ ‬قد‭ ‬عاد‭ ‬للسياسة‭ ‬الإثيوبية‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تجهض‭ ‬آخر‭ ‬فرص‭ ‬التوافق،‭ ‬وتفتح‭ ‬الباب‭ ‬لعواقب‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يدركون‭ ‬مداها‭ ‬إذا‭ ‬أصروا‭ ‬على‭ ‬الخطأ‭.‬

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة