معرض الإسكندرية للكتاب
معرض الإسكندرية للكتاب


كشف حساب لمعرض الإسكندرية للكتاب.. السوق يتنفس الصعداء بعد شهور العزل بسبب كورونا

أحمد سليم

الإثنين، 05 أبريل 2021 - 06:26 م

مما لا شك فيه أن أزمة إنتشار فيروس كورونا وما تلاها من تداعيات إقتصادية وإجتماعية، قد ألقت بظلالها على صناعة الكتاب في مصر وربما كانت هذه الصناعة من أكثر القطاعات تضررا جراء الجائحة.

وأمام تلك التداعيات جاء معرض الإسكندرية للكتاب في نسخته التاسعة ليعطي قبلة الحياة لهذه الصناعة التي عانت كثيرا من شهور عجاف عقب الانتشار الكبير للفيروس الذي ضرب العالم أجمع، وتسبب في تأجيل معارض الكتاب في مصر والعالم.
اللافت للنظر أن هذه النسخة من معرض الإسكندرية للكتاب هي النسخة الثانية للمعرض في ظل جائحة كورونا ففي شهر أكتوبر الماضي أقيمت أيضا نسخة من معرض الإسكندرية للكتاب، وربما ساعد المكان المطل على كورنيش الإسكندرية " أرض كوتة" وتجهيزاته التي راعت الاجراءات الاحترازية لزوار المعرض على تشجيع الهيئة العامة للكتاب على إتخاذ مثل هذه الخطوة والتي قد تكون بروفة أخيرة لمعرض القاهرة الدولي للكتاب المقرر إنعقاده في الثلاثين من يونيو المقبل.
وشهد المعرض منذ افتتاحه إقبالا متوسطا من جمهور الإسكندرية، وهي أقل من نسبة الإقبال في النسخة الماضية التي أقيمت أيضا في ظل كورونا، وذلك بسبب قلة الدعاية التي صاحبت النسخة الحالية – بحسب المتابعين- فالكثير من أهل الإسكندرية كانوا لا يعرفون أن هناك معرضا للكتاب في أرض كوتة إلا مصادفة وهو ما يحتم على إدارة المعرض الالتفات إلى هذه النقطة في النسخ القادمة.
وسعت بعض دور النشر إلى طرح تخفيضات على إصداراتها من أجل تقليل خسائر الإغلاق الذي صاحب كورونا وعزوف الجمهور عن الشراء إلا أن هذه التخفيضات ربما لم تكن مغرية بالشكل الذي يجعل الجمهور يقبل على شراء الكتاب إلا في بعض الأجنحة التي تطرح إصدارات بأسعار مخفضة كاصدرات وزارة الثقافة.
تواصل الإبداع

على صعيد المؤلفين والكتاب، رأى أغلبهم أن تداعيات انتشار فيروس كورونا أثرت بلا شك على صناعة الكتاب في مصر كباقي العالم ولكن ربما كانت دافعا لبعضهم للانتهاء من مشروعات إبداعية مؤجلة لديهم خاصة خلال شهور الإغلاق والعزلة.
ويقول ميسرة صلاح الدين، شاعر ومترجم :" لم أتحمس لعمل حفل توقيع لأعمالي المؤلفة والمترجمة، إلا كنوع من التحدي للحالة المزاجية السيئة التى صاحبت شهور طويلة من الحجر واتباع الإجراءات الاحترازية خوفًا من الوباء وكان معرض الإسكندرية للكتاب بطبيعته الخاصة  فى مساحة مفتوحة مناسب لتلك التجربة.
ويعتقد " صلاح الدين" أن الأزمة الأخيرة المتعلقة بتداعيات فيروس كورنا لم تؤثر على عملية الإبداع فى حد ذاتها، فربما كان ملهم جديد للعديد من المبدعين لإكتشاف أنفسهم وخوض تجارب جديدة في وظروف مختلفة لم نعد مثلها من قبل. ولكنها بلاشك كان لها أثر سلبي فى عملية النشر وفي عمليات الإنتاج المصاحبة للأعمال الفنية المختلفة مثل المسرح والسينما وغيرها.
وأشار إلى أنه فى فترة العزل قام بترجمة عدد من الأعمال الإبداعية الهامة نشر منها مؤخرًا " رسائل ستيفان زفايج وزوجته لوت " ،و ترجمت رواية " شوجى بين" الفائزة بجائزة البوكر العالمية فى نسختها الإنجليزية للكاتب الاسكوتلندى " دوجلاس ستيوارت" كما كتبت عدد كبير من القصائد وبعض النصوص المسرحية التى تماست مباشرة مع حالة نفسية ومشاعر اختبرتها لأول مرة .

مرحلة ثقافية جديدة

أما محمد سيد ريان، كاتب، فرأى أن الثقافة هي القطاع الأكثر تضررا من أزمة كورونا وفق أغلب الإحصاءات العالمية وقد ظهر ذلك لدي منظمة اليونسكو في تقريرها عن الأزمة وتداعيداتها علي القطاع الثقافي والفني؛ فقد تضرر الجميع من أول المنتجين للثقافة والناشرين والمنظمين و المؤلفين والفنانين والمصممين والموزعين وغيرهم ممن ترتبط أعمالهم بالكيانات الثقافية.
ويقول " ريان" إنه علي الرغم من أن دعاة الثقافة الرقمية والتعليم الالكتروني مع بداية الأزمة ظلوا ينادون بضرورة الإيمان بالحلول الرقمية لمعظم الاحتياجات البشرية وبأهمية البديل الإلكتروني كمؤثر فعال فى العالم الواقعي إلا أنه مع الوقت أصبح التطور الرقمي يفوق التطور الثقافي الذي بدوره يفوق التطور البيولوجي كما يشير المتخصصين في مجال تكنولوجيا المعلومات .
وتابع " ريان" " ينبغي أن نشير إلى أن سقوط الكثير من النظريات الراسخة في تكنولوجيا المعلومات ، وأهمها أننا نعيش في عالمين إفتراضي علي الشبكات الإجتماعية ، وآخر واقعي ملموس في حياتنا العادية.
وأوضح أن المفاجأة كانت أن جمهور الثقافة بالذات بدأ يسعي تدريجيا للنزول للأماكن الثقافية بعد أن أصابه الملل من الإستخدام المفرط للتكنولوجيا علي مدار أكثر من عام.
وواصل ريان حديثه لـ "بوابة أخبار اليوم" بقوله :" المسألة الآن ليست فى عبور الأزمة، فكم شهدت البشرية من كوارث وأستمرت وأعادت المجتمعات بناء نفسها ، المقصود هو أن نطرح رؤية جديدة لثقافة ما بعد الكورونا التى ستنتج حوارا فكريا ومجتمعيا وتكنولوجيا على أعلي مستوي ، ربما يساعد فى  نشوء مجالات جديدة وإختفاء تخصصات عديدة والإستغناء عن  جوانب كثيرة زائدة ، علي أي حال مهما كانت النتائج فالمؤكد أننا على أعتاب مرحلة ثقافية جديدة ".

قبلة حياة

أما على صعيد الناشرين، فرأى عدد منهم أن إقامة هذه النسخة من المعرض هي قبلة حياة للصناعة بعد شهور من الركود الواضح، بينما طالب آخرون الدولة بضرورة دعم هذه الصناعة التي لا تقل في أهميتها عن باقي الصناعات الأخرى التي سعت الدولة إلى دعمها لتفادي تداعيات أزمة كورونا.
وأوضح بسام الدويك، صاحب دار نشر شارك في معرض الإسكندرية للكتاب، أن جائحة كورونا أثرت على سوق الكتاب بشكل كبير وتعتبر من أكثر المجالات المتضررة، لافتا إلى أن الناشرين كانوا يعتمدون على المعارض لتسويق إصداراتهم وبعد الاغلاق بسبب كورونا توقفت الامور تماما.
وأشار إلى أن أولويات الناس تبدلت أيضا وأصبح شراء الكتاب في مرحلة أدنى بالمقارنة بالاولويات الاخرى مثل الصحة والمتطلبات الحياتية الأخرى، لافتا إلى أن هذه النسخة من المعرض مهمة في كونها نافذه جديدة وأمل جديد للناشر لعرض منتجاته.
ورغم الإقبال المتوسط على هذه النسخة إلا أن الدويك يؤكد أهمية هذه النسخة بقوله :" الحمد لله فيه حركة بيع وأحسن ما الكتب تفضل في المخازن أدينا بننزل ونشارك".
وقال زياد إبراهيم، صاحب دار نشر، إنه شارك  في معرض الإسكندرية للكتاب  للمرة الاولى، مشيدا بالتنظيم الجيد للمعرض خاصة فيما يتعلق بالتباعد والاجراءات الاحترازية الخاصة بكورونا.
وتحدث عن المشاكل التي تعرضوا لها جراء تأجيل نسخ معارض الكتاب في مصر والعالم العربي والتي تعد فرصا مهمة لسوق الكتاب، مشيرا إلى أن أي معرض كتاب هو مهم لانه نافذة جديدة يطل منها الناشر على الجمهور.
وأضاف:" لا يمكننا مقارنة معرض الإسكندرية للكتاب بالقاهرة لأن المقارنة ستكون ظالمة بالتأكيد ولكن التجربة جيدة وهناك حركة بيع"، متابعا إلى أن الناشرين إتجهوا إلى النوافذ الالكترونية والمنصات الرقمية من أجل عرض إصداراتهم كنوافذ جديدة يستطيعوا أن يصلوا بها إلى جمهورهم المستهدف.
وأوضح أنه قام بتدشين موقع إلكتروني خاص بدار النشر وكذلك المشاركة في كل المنصات الالكترونية من قبل أزمة كورونا وذلك لأهمية هذه المنصات ولكن جاءت كورونا وأثبتت التجربة أنها جيدة ولكن تظل معارض الكتاب هي الأصل.
وطالب " إبراهيم" بضرورة دعم صناعة الكتاب لأن هذه الصناعة ضخمة ويعمل بها عدد كبير من الأشخاص في مراحله المختلفة والدولة بالفعل قامت بدعم الكثير من الصناعات للتغلب على آثار أزمة كورونا، مستعرضا أهمية الصناعة في محاربة الأفكار المتطرفة بالفكر لا يحارب إلا بالفكر.

اقرأ أيضًا|4 إجراءات من «المترو» لحماية الركاب من كورونا خلال رمضان
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة