محمد البهنساوى
حروف ثائرة
بركة الفراعنة.. والحق الضائع !!
الإثنين، 05 أبريل 2021 - 07:17 م
أن تلفت أنظار العالم، فهذا نجاح بالطبع، لكن أن تبهر هذا العالم وتجبره أن ينحنى لك احتراما وإجلالا، وأن يشعر بقدرك وقدرتك، ويحترم حاضرك كما يقدس حضارتك، فهذا قمة النجاح والتميز، وهذا ما حدث عندما وقف الخلق جميعا ينظرون مبهورين بالمشهد المهيب لنقل المومياوات الملكية من متحف التحرير الى الحضارة، رسائل عديدة أرسلها المصريون للعالم هذا اليوم، تخص حاضرهم وماضيهم ومستقبلهم.
فالموكب المهيب والطقوس التى صاحبته من التحرير حتى الفسطاط، وأنه يستقبل رئيس الدولة بنفسه الموكب، والفخر والاعتزاز الذى ساد المصريين جميعا يؤكد أن جيناتنا تحمل فخرا بأجدادنا وتبجيلا لما قدموه للبشرية.
ثم إن ما أحاط بالموكب من عناصر الحداثة التى نثرت ضياءها الوهاج على جانبى طريق الموكب من التحرير للفسطاط وما حملته الأفلام التى تم عرضها بالاحتفال لتكشف للعالم أجمع أن مصر تبنى حاضرا يليق بحضارتها ويضع قواعد راسخة لمجد مستقبلها، ليس هذا فقط لكن وإذا كانت أحداثا أصغر وأقل أهمية لدول عظمى يتم تجهيزها وتسجيلها ومعالجتها قبل إذاعتها خوفا من أية أخطاء، فإن المصريين تحدوا أنفسهم والعالم كله لينفذوا هذا الحدث غير المسبوق دوليا على الهواء مباشرة، احتفالية بهذا الحجم وبتفاصيل لا حصر لها، ليحبس العالم ويفاجئ بحدث بفضل الله وجهد وفكر المصريين بلا عيوب أو أخطاء، إنه إخطار للجميع بالمستقبل الذى ينتظر المصريين بكافة المجالات.
بالطبع جميعنا أدرك رسائل مصر للعالم بهذا الحدث وحفظنا بسعادة وزهو كافة تفاصيله، لأجدنى مثل كثيرين فى حيرة، لمن نوجه الشكر، فالمصريون جميعا يستحقون الشكر استحقاقهم للتهنئة، لكن بواقعية وصدق فإن الرئيس عبد الفتاح السيسى يستحق عميق الشكر والتقدير ليس لدعمه وتبنيه الحدث منذ التفكير فيه ولا لما يقدمه لملف الآثار من مساندة وإمكانيات يجنى العالم ثمارها بافتتاح متاحف وتطوير آثار إنما للجمهورية الجديدة والجميلة التى يؤسسها وتطلق طاقات الإبداع والزهو لدى الجميع، وبالطبع الشكر موصول إلى رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى الذى يتابع بدأب كل ما يحدث على أرض مصر، وشاهدناه غير مرة يزور الفسطاط متابعا قبل تفاصيل الحدث عمليات تطوير منطقة عين الصيرة.
وأجدنى أضم صوتى لوزير السياحة والآثار د.خالد العنانى عندما شكر خلال الاحتفال الجهات التى دعمت الحدث بقوة خاصة القوات المسلحة وجهاز المخابرات العامة، مع وصول الشكر لكل فرد ساهم بجهد وفكر حتى نبهر العالم بهذا الشكل، لكن لابد أن نوجه جميعا الشكر الجزيل للوزير النشط د.خالد العنانى والذى يشهد قطاع الآثار فى عهده قفزات غير مسبوقة، فحدث نقل المومياوات حلمه من البداية وساعد اهتمام الدولة فى تحويله لواقع.. وقد لمست بنفسى متابعة الوزير أدق تفاصيل الحدث حتى أفلامه وأغانيه و»سكربت» التقديم والإذاعة وما سيقوله الممثلون بالحدث، ونجح فى خداع الجميع بهدوئه خلال المتابعة فاعتقدوا أنه سيكون حدثا ناجحا فإذا بملحمة وطنية كبرى، برافو خالد العنانى وخالص الشكر لكل يد امتدت لتساهم فى هذا النجاح، ولا أسمع بعد الآن جملة «لعنة الفراعنة» إنما هى بركتهم التى نعيش فيها ونجنى خيراتها جيلا بعد جيل.
- وإذا كان حدث السبت الماضى غيضا من فيض تفيض به مصر على التراث الإنسانى من متاحف وتطوير واكتشافات أثرية كبرى ليتوج هذا الفيض بافتتاح المتحف الكبير نهاية العام الحالى، وإذا كانت منظمة اليونسكو مهمتها الأساسية الحفاظ على التراث الإنسانى وصيانته، أعتقد أنه حان الوقت لتولى مصر منصب أمين عام اليونسكو الدورة القادمة.
أعلم أن هناك تعاونا كبيرا بين مصر والمنظمة، وأقدر ما تقدمه الأمين العام الحالى للمنظمة أودرى أزولاى وزيرة الثقافة الفرنسية السابقة، لكنى أتحدث عن منصب أصبح حقا أصيلا لمصر تقديرا لما قدمته وتقدمه للإنسانية منذ فجر التاريخ، وإذا كنا تقدمنا للمنصب عدة مرات وكنا قريبين من الفوز به لولا مكائد السياسة وغدر الأصدقاء، فلابد من التجهيز والتخطيط من الآن للدورة القادمة لليونسكو سعيا لحقنا الضائع منذ عقود.