محمد الشماع
محمد الشماع


يوميات الأخبار

لسنـا أصحــاب مهنــة!

الأخبار

الثلاثاء، 06 أبريل 2021 - 06:26 م

الفنانون حمَّلوا الكتاب والادباء عبء التقصير فى تقديم أعمال معبرة بصدق عن ثورة 30 يونيو واهدافها ومبادئها وإنجازاتها.. فهل يستجيب المبدعون لأهل الفن؟

الصحفى عليه أن يضع نصب عينيه أنه متفرغ للبحث عن الحقيقة ونقلها للشعب سواء كانت خبرا أم تحقيقا صحفيا أو صورة أو كاريكاتيراً، وحين يحيد الصحفى عن هذا المسار فإنه لايفقد شخصيته فقط، لكنه ايضا ينتقص من سلطة الصحافة.

لقد عرفت الصحافة المصرية رجالا كانوا فى شجاعة الأبطال كما عرفت النقيض، منهم الذين كانوا عالة على المهنة، ولعل أبرز وأبرع من صور المناخ الذى تشكلت فيه التنويعة الصحفية هو المرحوم محمود السعدنى الذى أتاحت له براعته وشقاوته أن يختلط بكل المستويات الصحفية، فهى كأى مهنة تجمع الغث والثمين، لكن النفاق فى المهنة يخصم من قدر وقيمة الصحافة.

لذلك فإننى أناشد الجماعة الصحفية أننا لسنا مجرد أصحاب مهنة، ولكننا فى واقع الأمر باحثون عن الحقيقة، وظيفتنا هى أن نكون طلائع تفضح المقصر، وتدعم المسيرة الوطنية وتضبط الايقاع الصحفى، وهذه مسألة بالغة الحساسية، لأن التطاول على القامات الوطنية قد يمنح الصحفى مكاسب وظيفية فى عصرها، ولكنه ينتقص من قيمة الصحفى، كما أن الخداع والمداهنة وتمجيد الشخص أياً ما كان سلوكه هو أمر يفقد الصحفى الثقة والاعتبار، وفى تاريخنا الصحفى فإن الرائدة العظيمة السيدة روزاليوسف كانت من انصار الوفد وكانت تنحاز دائما لمواقفه الوطنية حينما يدخل فى صدام مع القصر الملكى، ولكن حينما بدأت الشيخوخة تعتلى حزب الوفد وبدأيميل إلى مهادنة القصر فإن السيدة روزاليوسف هاجمت الوفد. وفى مقابلة لها مع مصطفى النحاس باشا عاتبته على مواقفه المهادنة للقصر، فقال لها تلك الجملة الشهيرة ∩إحنا تعبنا ياست∪ تلك الجملة التى سوف نجدها مسجلة فى مراجع التاريخ المصرى الحديث.

وبذلك حفرت روزاليوسف لنفسها المقام والمكانة بينما تلاشى بجوارها مئات الصحفيين الذين اختاروا طريق المداهنة والنفاق.

هذا الموقف ذكرنى بموقف رئيس تحرير كنت أقدره لما كان يتمتع به من موهبة صحفية التى وظفها طوال عمله خلال فترة حكم الرئيس الاسبق مبارك.

وبمجرد تنحى الرئيس الاسبق إنقلب ١٨٠ درجة، كنت أتعجب غير مصدق لما يكتب من تغيير المواقف الحاد.

إننا نحتاج فى تلك المرحلة الحساسة من تاريخ مصر إلى أصوات صحفية وطنية قوية تكسب ثقة الشعب وتعيد للصحافة قوتها وتأثيرها ومكانتها المرموقة والرائدة، نحن أحفاد د.طه حسين وعباس العقاد ولطفى السيد وكامل دياب وحسنين هيكل وأحمد بهاء الدين، ونحن نستحق أن تكون لنا مكانتنا المميزة فى الصحافة العربية، وذلك لا يأتى إلا عبر بذل الجهد فى الوصول إلى الحقائق وتقديمها للشعب وتلك وإن كانت مهمة عسيرة إلا أننى أتوقع من الجيل الحالى أن ينجزها.

ثورتا يوليو ويونيو

نحن أحوج ما نكون الى من ينقل للشعب اغوار الإنجازات التى تم تحقيقها على أرض الواقع فى جميع المجالات، من حقنا أن نعرف حقيقة ما تم من انجازات وصفها العالم اعجازا، تخطيط وتمويل وتنفيذ تلك الانجازات وكيفية التغلب على الصعاب والعقبات التى كان يستحيل تنفيذها والقصص الانسانية وراء الرجال من ابناء مصر الذين واصلوا الليل بالنهار ليجعلوا هذه المشروعات حقيقة على أرض الواقع والتضحيات التى بذلت فى سبيل تنفيذها.

اذا كانت ثورة يوليو قد انشأت السد العالى وأممت قناة السويس فإن ثورة يونيو انشأت قناة السويس الجديدة بمواصفات ملاحية وتيسيرات وخدمات تستوعب السفن العملاقة وتختصر زمن الرحلة إلى عدة ساعات بدلامن عدة أيام وتوفر الوقت والوقود والتكلفة مع تأمين كامل للمرور وقد ظهر ذلك فى نجاح التحدى الذى أبهر فيه المصريون العالم الذى أصابه القلق والتوتر بسبب جنوح سفينة الشحن العملاقة ايفرجريفن واعادة تعويم السفينة خلال 150 ساعة فقط وهى التى كان من الممكن أن تستمر عدة شهور تتوقف فيها الملاحة فى أهم ممر ملاحى فى العالم. انشأت ثورة 30 يونيو محطات توليد كهرباء عملاقة تنتج طاقة تعادل 4 اضعاف ما تم انتاجه طوال ثلاثين عاما.. اذا كانت ثورة يوليو اقامت القطاع العام بتأميم مصانع القطاع الخاص الوطنى والاجنبى فإن ثورة 30 يونيو انشأت المجمعات الصناعية العملاقة على سبيل المثال مدينة الدواء − مدينة الاثاث − مدينة الجلود −  مجمعات البتروكيماويات فى الفيوم وأبوزعبل ورشيد والإسكندرية ومسطرد ومدينة الغزل والنسيج ومدينة الذهب والمنطقة الصناعية بقناة السويس والعديد من المصانع والوحدات الانتاجية ووقعت اتفاقيات ترسيم الحدود البحرية واستعادة ثرواتها البحرية كاملة من الغاز والبترول مما جعل مصر بورصة عالمية للطاقة الكهربائية والنفطية.

كمبوندات للعشوائيات

ثورة يوليو غضت الطرف عن انتشار العشوائيات بمعظم المحافظات وفى مقدمتها القاهرة والاسكندرية، بل وتركت الاحياء يشاركون الموتى فى سكن قبورهم، وأصبحت العشوائيات مثاراً لمعايرتنا بالفقر.. لكن ماذا فعلت ثورة يونيو فى أقل من 8 سنوات.. استطاعت أن تقضى عن العشوائيات الخطرة وغير الآدمية واقامت تجمعات سكنية حضارية تقارب "كمبوندات الاغنياء" وقدمت الوحدات السكنية مفروشة بالكامل باثاث راق وبها كل الاجهزة الكهربائية الحديثة مجاناً وهذا ما لم يحدث فى العالم.. واقامت 40 مدينة سكنية جديدة فى مختلف محافظات مصر، واتاحت ملايين من فرصاً العمل ووفرت فرص لاصحاب القدرات الخاصة وقدمت مبادرات للعلاج للملايين من ابناء الشعب لعلاج الامراض الخطيرة والسارية بالمجان ايضا، وبدأت تطبيق حلم الملايين من ابناء الشعب المصرى انتظره عشرات السنين ومن نظام التأمين الصحى الشامل والذى بدأ تطبيقه فى خمس محافظات وينتهى تطبيقه خلال عشر سنوات ليشمل كل ابناء الشعب.

ثورة يونيو اقامت شبكة موانىء ومطارات على أحدث مستوى تكنولوجى فى العالم وشبكة مواصلات حديثة تدخل مصر لأول مرة المونوريل والقطار الكهربائى لتسيل حركة تنقل الافراد والسياحة والتجارة والاستثمار، وشبكة طرق وكبارى بلغت اطوالها اكثر من سبعة آلاف كيلو متر.  ثورة يوليو وزعت الأراضى على الفلاحين وثورة يونيو قامت بتطوير شبكات الرى التى لم تمسها يد طوال عشرات السنين، وقامت بزيادة رقعة الاراضى الزراعية الى جانب مشروعات الزراعات الحديثة.

تمكين الشباب والمرأة من أهم ما تحقق على المستوى السياسى اذا كانت ثورة يوليو قد شهدت نجاح عضو أو اثنين فى مجلس الشعب على طوال تاريخها لكن على مدى تاريخ ثورة يوليو.. أما ثورة يونيو فقد اتاحت تمكينا حقيقيا للشباب والمرأة التى حصلت على 160 مقعداً فى مجلس النواب ومثلها ويزيد من الشباب ومن تنسيقية شباب الاحزاب واتاحت 8 مقاعد وزارية للمرأة وأكثر من سيدتين توليتا منصب المحافظ لأول مرة فى تاريخ العمل السياسى المصرى كل ذلك إلى جانب التمكين الاقتصادى الحقيقى.

الفريضة الفنية الغائبة

إذا قارنا دور الفن والأدب فسنجد أن ما قدمته السينما والغناء اضعافاً مضاعفة لثورة يوليو وانجازاتها التى لا وجه للمقارنة بينها وبين انجازات ثورة يونيو.. لقد توقف الادب عن الكتابة عن مكاسب المرأة برواية الكاتب والاديب سعد الدين وهبة ∩مراتى مدير عام∪ ولم يكمل احد مسيرة الكتابة بعد ان وصلنا الى ما وصلت اليه المرأة من تمكين سياسى واقتصادى غير مسبوق بل واصبحت تشغل كل مناصب القضاء كما توقف الشعراء عند اغنيات عبدالحليم حافظ اكثر من غنى لثورة 23 يوليو وكان يحرص على تقديم اغنية جديدة كل عيد ثورة مع فريقه المبدع صلاح جاهين وكمال الطويل اللذين الفا ولحنا أغلب الاغانى الوطنية ومنها احنا الشعب وحكاية شعب وقلنا حنبنى وداحنا بنينا السد العالى وعلى راس بستان الاشتراكية.. لصلاح جاهين ومحمد الموجى.

وأم كلثوم كان لها دور كبيرفى ثورة يوليو وغنت اغانى كثيرة فى اعياد الثورة من كل عام ومنها طوف وشوف، وعلى باب مصر، وياجمال ياحبيب الملايين. كما غنت ليلى مراد نشيد الحرية وغنى عبدالغنى السيد اديتنى الثورة خمس فدادين، كماغنى محمد قنديل ع الدوار.

ومع ذلك فإننا تعودنا على مشاهدة مجموعة من الأفلام المرتبطة بثورة يوليو فى كل عام حتى اصبحنا نحفظها عن ظهر قلب هى واغانى ثورة يوليو وكأن الزمن لم يتغير ونشاهدها ايضا فى ذكرى ثورة 30 يونيو من بين تلك الافلام القاهرة 30 −فى بينا رجل− رد قلبي− أناحرة− الايدى الناعمة ولم يضف اليها سوى ناصر 56 وأيام السادات.

باختصار الفنانون حمَّلوا الكتاب والأدباء والشعراء عبء التقصير عن تقديم اعمال معبرة بصدق عن ثورة 30 يونيو واهدافها ومبادئها وانجازاتها.. فهل يستجيب المبدعون والكتاب لأهل الفن أم نستمر فى مشاهدة افلام ثورة يوليو فقط ونحن نقيم دولة جديدة يشارك فى بنائها كل ابناء الشعب الذين شاركوا فى ثورة 30 يونيو؟!

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة