الشيخ الشعراوى
الشيخ الشعراوى


خواطر الإمام الشعراوى

الله موجود فى كل مكان

الأخبار

الخميس، 08 أبريل 2021 - 07:41 م

 

 

"توحيد القبلة ليس معناه أكثر من أن يكون للمسلمين اتجاه واحد فى الصلاة.. وذلك دليل على وحدة الهدف"

يقول الحق: "وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ"..، بعد أن بين الله سبحانه وتعالى جزاء الذين يخربون مساجد الله ويهدمونها.. ويمنعون أن يذكر فيها اسمه والعذاب الذى ينتظرهم فى الآخرة أراد أن يذكرنا بأن تنفيذ هذا على مستوى تام وكامل عملية مستحيلة لأن الأرض كلها مساجد.. وتخريبها معناه أن تخرب الأرض كلها.. لأن الله تبارك وتعالى موجود فى كل مكان فأينما كنتم فستجدون الله مقبلًا عليكم بالتجليات.

وقوله تعالى:"فَثَمَّ وَجْهُ الله".. أى هناك وجه الله.. وقوله تعالى: "الله وَاسِعٌ عَلِيمٌ".. أى لا تضيقوا بمكان التقاءاتكم بربكم؛ لأن الله واسع موجود فى كل مكان فى هذا الكون وفى كل مكان خارج هذا الكون.. ولكن إذا قال الله سبحانه وتعالى: "وَللَّهِ المشرق والمغرب" لا يعنى تحديد جهة الشرق أو جهة الغرب فقط.. ولكنه يتعداها إلى كل الجهات شرقها وغربها.. شمالها وجنوبها والشمال الشرقى والجنوب الغربى وكل جهة تفكر فيها. ولكن لماذا ذكرت الآية الشرق والغرب فقط؟ لأن بعد ذلك كل الجهات تحدد بشروق الشمس وغروبها.. فهناك شمال شرقى وجنوب شرقى وشمال غربى وجنوب غربي.. كما إن الشرق والغرب معروف بالفطرة عند الناس.. فلا أحد يجهل من أين تشرق الشمس ولا إلى أين تغرب، فأنت كل يوم ترى شروقًا وترى غروبًا.

الله سبحانه وتعالى حين يقول: "وَللَّهِ المشرق والمغرب" فليس معناها حصر الملكية لهاتين الجهتين ولكنه ما يعرف بالاختصاص بالتقديم.. كما تقول بالقلم كتبت وبالسيارة أتيت.. أى أن الكتابة هى خصوص القلم والإتيان خصوص السيارة.. وهذا ما يعرف بالاختصاص.. فهذا مختص بكذا وليس لغيره شيء فيه.. ولذلك فإن معنى: "وَللَّهِ المشرق والمغرب".. أن الملكية لله سبحانه وتعالى لا يشاركه فيها أحد.. وتغيير القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة ليس معناه أن الله تبارك وتعالى فى بيت المقدس والاتجاه بعد ذلك إلى الكعبة ليس معناه أن الله جل جلاله فى الكعبة.

إن توحيد القبلة ليس معناه أكثر من أن يكون للمسلمين اتجاه واحد فى الصلاة.. وذلك دليل على وحدة الهدف.. فيجب أن تفرق بين اتجاه فى الصلاة واتجاه فى غير الصلاة.. اتجاه فى الصلاة نكون جميعاً متجهين إلى مكان محدد اختاره الله لنا لنتجه إليه فى الصلاة.. والناس تصلى فى جميع أنحاء العالم متجهة إلى الكعبة.. الكعبة مكانها واحد لا يتغير.. ولكن اتجاهنا إليها من بقاع الأرض هو الذى يتغير.. فواحد يتجه شمالاً وواحد يتجه جنوباً وواحد يتجه شرقاً وواحد يتجه غرباً.. كل منا يتجه اتجاهاً مختلفاً حسب البقعة التى يوجد عليها من الأرض، ولكننا جميعاً نتجه إلى الكعبة رغم اختلاف وجهاتنا إلا أننا نلتقى فى اتجاهنا إلى مكان واحد.

وقوله تعالى: "إِنَّ الله وَاسِعٌ عَلِيمٌ".. أى يتسع لكل ملكه لا يشغله شيء عن شيء.. ولذلك عندما سئل الإمام على كرم الله وجهه.. كيف يحاسب الله الناس جميعًا فى وقت واحد؟ قال كما يرزقهم جميعًا فى وقت واحد.إذن فالله لا يشغله شيء عن شيء.. ولا يحتاج فى عمله إلى شيء.. إنما عمله "كن فيكون".

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة