ظاهرة الغارمات نتيجة للمغالاة فى تكاليف الزواج
ظاهرة الغارمات نتيجة للمغالاة فى تكاليف الزواج


ضحاياها غارمات خلف القضبان

النبراوى: المغالاة فى تكاليف الزواج مخالفة لـ«سُنَّة النبي»

سنية عباس

الخميس، 08 أبريل 2021 - 07:50 م

شرائع الإسلام مؤسسة على اليسر ورفع الحرج يقول الله تعالى: "يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر"، ومنها الزواج الذى تقوم عليه عمارة الأرض بتيسير تكاليف المهر وجهاز العروس وحفلات الأعراس، وفلسفة الإسلام فى ذلك أن أى ماديات ما هى إلا رمز وليس مقابلاً مادياً للميثاق الغليظ لمشروع إنسانى أساسه مشاعر لا تقدر بمال يختلف التعبير عنها من زمان إلى زمان ومن بيئة إلى بيئة ومن شخص إلى آخر حسب العرف السائد شريطة ألا يخالف الشرع، وحسب قدرة كل من العروسين تجنباً لمشاكل المغالاة فى تجهيز بيت الزوجية الناتجة عن موروثات اجتماعية خاطئة مازالت تتوارث فتتحمل الأسر ما لا تطيق مادياً وما لا تتسع له بيوت الزوجية وإنما للتباهى والتفاخر فى أمر يجب أن يكون مستوراً لتفادى المقارنة مع الغير أو النظر إلى ما يملكه فتدب الخلافات الأسرية وتتراكم الديون ويتصدى لها غالباً الأمهات فيحملن لقب غارمات وتتزايد أعدادهن ولا يتعظن من الوقوع فى الديون التى تدفع بهن خلف أسوار السجون فلا تكتمل فرحة العروسين وتتكبد الدولة مبالغ باهظة للإفراج عنهن حفاظا على الأسرة من التفكك.

تقول د.خديجة النبراوى أستاذ الاقتصاد الإسلامى: مغالاة الأسر فى تجهيز العروس عادة خاطئة لابد من مواجهتها بشكل فورى ومسئولية جماعية لحماية الأمهات اللاتى يتباهين بجهاز الابنة وخاصة فى الريف والمناطق الشعبية فتقترض لتنتهى من تجهيزها وينتهى المشهد بأعباء من الديون التى تقودها إلى حمل لقب الغارمة لتنضم إلى قائمة الغارمات اللاتى تتزايد أعدادهن خلف القضبان تاركين أسراً مفككة ومدمرة، وثقافة التباهى فى تجهيز العروس لتقليد الغير والتفاخر عليهم يترتب عليها مشكلات اقتصادية واجتماعية وقانونية تستمر سنوات وتفسد الزيجات وتعوق التقدم بعد أن أصبح المجتمع استهلاكيا أكثر منه إنتاجىاً، ويشترك فى هذه المغالاة الفقير والغنى وعند المقارنة بين مجتمعنا والمجتمعات الغربية نجد أن العالم الخارجى عملى لأقصى الحدود لا ينفق إلا فيما هو مفيد حتى ولو توفرت لديه الإمكانيات المادية.

وتضيف: التيسير لإقامة أسرة جديدة يجلب البركة قال الرسول صلى الله عليه وسلم : "إن أعظم النكاح بركة أيسره مؤنة،وإن أعظم النساء بركة أيسرهن مؤنة"، وقدوتنا الرسول صلى الله عليه وسلم عندما جهز فاطمة رضى الله عنها فى خميل "قطيفة بيضاء" وقربة ووسادة، وليس هناك خلافة فى أن لكل زمان أعرافه المتداولة واحتياجاته الضرورية فى الحياة ولكن بإعتدال وعدم إفراط، وتطبيق الشرع أمر ضرورى إذا عادت شروط الزواج لما مضى على قدر استطاعة الزوج بعيدا عن المطالب الخيالية التى تتخطى القدرات ولذلك فإن الاتفاق بين الطرفين فى بداية الارتباط وبيان إمكانيات كل منهما أمر ضروى، أما ما نراه من مغالاة لا مبرر لها من سيارات مكدسة بالأثاث والأجهزة تطوف الشوارع للتباهى بجهاز العروس الذى لا تستوعبه شقة الزوجية ولا تطيقه قدرة الأسر يعد من الهراء والعته، وليعلم كل متورط فى هذا أنه يسير عكس روح الشرع فى الزواج وما يقام على المنافسة والمباهاة تبتعد عنه المودة والرحمة، وتؤكد التجربة أن الأسرة التى تقوم على البساطة أسرة سعيدة لاقتنائها ما هو ضرورى للعيش الكريم.

وتنصح : يحتاج علاج هذا الموروث الخاطئ توعية مجتمعية تتضافر فيها جهود الإعلام والمنابر الدينية والدراما التليفزيونية ومؤسسات المجتمع المدنى لبيان آثاره المدمرة، وتذليل الصعوبات أمام المقبلين على الزواج بتخصيص قروض ميسرة وإقامة قاعات للأعراس بأسعار رمزية وتقديم الدعم لتجهيز غير القادرين وحث الأغنياء على إخراج زكاة أموالهم للفقراء منهم لشراء الضروريات وقدوتنا فى ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم الذى يحثنا على الرفق بالزوج فى تكاليف بناء أسرة جديدة لصون عفة الفتى والفتاة، وكان الصحابه رضوان الله عليهم مهر زوجاتهم تعليمهن آيات من القرآن الكريم فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم لرجل أراد الزواج "زوجتكها على ما معك من القرآن"، وأن يسهل ولى الأمر لبناته الزواج إذا وجد الزوج الصالح لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فانكحوه إلا تفعلوا تكن فتنة فى الأرض وفساد كبير": وهذه نصيحة نبوية يجب أن تكون شعارا لكل أسرة للتغلب على المشكلات الإجتماعية والنفسية وظاهرتى الغارمات والعنوسة.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة