زكريا عبدالجواد
زكريا عبدالجواد


رٌكن الحواديت

عريس بعد الستين وأفتخر

زكريا عبدالجواد

الجمعة، 09 أبريل 2021 - 07:55 م

جلس الرجل الصعيدى الستينى الوقور بجوار عروسه الثلاثينية فى كوشة بسيطة مزينة بسعف نخل يساقط عليهما فيضا من البهجة. ظل منصتا لأنغام دف بدائي، وصوت نسوة اشعل قناديل الفرح بالمكان.
كان يومئ بابتسام ثم يلف رأسه كطبق فضائي، ليوزع الفرحة على حضور الحفل ويسكب من عينيه نظرة حانية على عروسه التى ظلت محتفظة بوقارها، حتى أنها استحت من التمايل بالرقص مع بنات شاركنها فرحتها التاريخية.
آثار المشهد غرابة أهل قريته، وربما القرى المجاورة، ومع ذلك لم يعبأ بما يقول الناس، وبعد زواجه بسنوات جمعتنى صدفة به مع صديق مشترك، فقص على الحكاية، وقال: كنت  ولدا وحيدا على ثلاث بنات، فرح ابى كثيرا بعد ولادتي، وقبل رحيله كتب كل ما يملك باسمى وحرمهن من الميراث.
ولكن قبل زواجى آثرت توزيع الميراث علينا جميعا، وأصريت على الاقتراع بيننا حتى لا تعتقد إحدى أخواتى أنى أفضل نصيبا معينا، لأكون مرتاح الضمير ولينم أبى فى قبره دون مساءلة على هذا الإثم العظيم.
وبعدها تزوجت وأكرمنى الله بثلاثة أولاد وبنت واحدة وعشت أجمل سنوات العمر مع أم أولادى التى وافتها المنية قبل خروجى على المعاش بسنوات قليلة.
كبر الأبناء وتزوجوا وتولوا وظائف مرموقة، وتحصلت على معاش كبير من عملي، ولكنى عشت وحيدا أقتات على ذكريات أوشكت على النفاد، من ذاكرة لم تعد كما كانت بفعل الزمن.
لم يبد أحد من أولادى اعتراضا على زواجى بثانية، كانت شابة ذات خلق ابنة أحد أقاربى لم تتزوج رغم جمالها اللافت، فترددت كثيرا لفارق العمر بيننا، وفى النهاية عرضت عليه أن يستشيرها فى الأمر، وفوجئت بقبولها.
فآثرت ألا أشعرها بنقص فى فرحة عمرها، ومارست طقوس عريس لأول مرة، وكأنى لم أتزوج من قبل، ومرت سنون ورزقنى الله منها بالمودة والرحمة وأربعة أبناء ذكور، وأعيش معها فى انسجام أسرى أشكر الله عليه.. والآن أنا أسألك: هل تؤيد ما فعلته أم ستكون من فريق المنتقدين؟
 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة