الرئيس الروسى فلاديمير بوتين ونظيره الصينى شى جين بينج خلال لقائهما فى الكرملين عام ٢٠١٩
الرئيس الروسى فلاديمير بوتين ونظيره الصينى شى جين بينج خلال لقائهما فى الكرملين عام ٢٠١٩


روسيا والصين.. تقارب محسوب فى مواجهة الغرب

الأخبار

السبت، 10 أبريل 2021 - 08:42 م

بقلم/ سميحة شتا

فى تحدٍ متزايد ضد الغرب، تعمل كل من روسيا والصين على تعزيز العلاقات الوثيقة لتعويض العقوبات الغربية، حيث قدمت الشركات الصينية لروسيا بدائل للتقنيات الغربية المفقودة، كما زودت روسيا الصين بتقنيات عسكرية متطورة، فكان عام ٢٠٢٠ هو عام التحول الكبير فى العلاقات بين كل من روسيا والصين وذلك بسبب التصعيد الأمريكى ضد الصين، بدءًا من الحرب التجارية وحتى الضغط عليها فيما يتعلق بسياساتها فى هونج كونج وإقليم شينجيانج وبحر الصين الجنوبى وتفشى فيروس كورونا، وتنامى الأزمة الاقتصادية الناجمة عن الجائحة، وبشكل خاص تلك التى تواجه الاقتصاد الروسى، والتراجع الحاد فى أسعار النفط والغاز الطبيعى.

بدأ التقارب الروسى مع الصين يأخذ منحنى جدياً فى العلاقات بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم عام 2014، وقد شعرت روسيا حينذاك بالعزلة الاستراتيجية نتيجة الضغط الغربى الكبير المتمثل فى العقوبات الاقتصادية المتلاحقة خلال الحرب فى شرق أوكرانيا فى أعقاب ضم القرم وكان التآلف الروسى الصينى تكرر أكثر من مرة فى السنوات الأخيرة فى مجلس الأمن الدولى، شكّل سابقة فى العلاقات الدبلوماسية، وأظهر تقارب موسكو وبيكين فى مواجهة السياسات الغربية ولا سيما الأمريكية، ويريد الحليفان شى جين بينج فى الصين وفلاديمير بوتين الروسى إظهار قوتهما هذه الفترة، والتى تبدو أنها ستمتد إلى أعمق بكثير فى القرن الحادى والعشرين.. على المستوى الداخلى وقع بوتين −البالغ من العمر 68 عامًا، والذى ظل فى السلطة لأكثر من عقدين− الأسبوع الماضى قانونًا يسمح له بالاحتفاظ بالسلطة حتى عام 2036، وقد تم تمرير القانون من خلال تصويت دستورى العام الماضى مما يسمح له بالترشح مرة أخرى فى عام 2024 عندما تنتهى ولايته الحالية البالغة ست سنوات.

أما جين بينج الذى تولى السلطة فى عام 2012، فقد فرض ضوابط أكثر صرامة على المشهد السياسى، وظهر كواحد من أقوى قادة بلاده فى سبعة عقود من حكم الحزب الشيوعى.

وقامت الحكومة تحت حكم جين بينج بقمع المعارضة والنشطاء داخل الصين وهونج كونج والدعوات من أجل المطالبة بحقوق الأقليات فى شينجيانج والتبت ومنغوليا الداخلية.

وقد استغل كل من بوتين وجين بينج المشاعر القومية فى تحدى الغرب، فقد أدى ضم روسيا لشبه جزيرة القرم الأوكرانية فى عام 2014 إلى رفع معدلات قبول بوتين إلى ما يقرب من 90٪ قبل أن تتراجع وسط المشاكل الاقتصادية وإصلاح المعاشات التقاعدية الذى لا يحظى بشعبية، لكن تأثير احتفاظ بوتين وجين بينج الدائم بالسلطة بالكاد ينتهى عند حدود دولتيهما.. مع تدهور علاقات موسكو مع الغرب إلى أدنى مستوياتها بعد الحرب الباردة وسط اتهامات بالتدخل فى الانتخابات وهجمات القرصنة، سعى بوتين بشكل متزايد لتعزيز العلاقات مع الصين، بينما تجنبت الصين حتى الآن المواجهة مع الغرب مثل روسيا، بالرغم من أنها تتعرض لضغوط متزايدة من واشنطن وحلفائها بشأن سجل بكين فى مجال حقوق الإنسان فى شينجيانج وهونج كونج وبحر الصين الجنوبى.

لقد اتخذ الرئيس جو بايدن موقفًا متشددًا بشكل متزايد مع كلا الزعيمين، حيث وصف بوتين مؤخرًا بأنه "قاتل" وجعل كبار مساعديه للأمن القومى ينتقدون الصين بسبب سلسلة من القضايا، وتشير مثل هذه المناهج إلى أن موسكو وبكين سيكون لديهما حوافز لبناء تحالف أقوى ويتنافس الخصمان الشيوعيان السابقان مع الغرب على السلطة والنفوذ.

وعلى الرغم من رفض موسكو وبكين فى الماضى إمكانية تشكيل تحالف عسكرى، وبينما يبدو أن كل من بوتين وجين بينج راسخان بقوة، لا تزال هناك تحديات عديدة، حيث يشكل فيروس كورونا، على سبيل المثال، تحديًا كبيرًا لكل منهما ورغم ان الصين سيطرت على الوباء بشكل أفضل من العديد من الدول الأخرى، مما عزز مكانة جين بينج كزعيم، إلا أن عليه أن يثبت أن حكمه الممتد لن يؤدى إلى تجاوزات سنوات ما، ويواجه بوتين تحديات أكثر صعوبة، فيُعد الاقتصاد الروسى جزءًا صغيرًا من الاقتصاد الصينى، واعتمادها الكبير على صادرات النفط والغاز والمواد الخام الأخرى يجعلها عرضة لتقلبات السوق، وقد أدت العقوبات الاقتصادية والمالية الغربية إلى قطع وصول موسكو إلى التقنيات الغربية وأسواق رأس المال، مما أدى إلى تباطؤ الاقتصاد وإعاقة جهود التحديث، كما أدى ركود مستويات المعيشة وانخفاض الدخل إلى تأجيج الاستياء المتزايد.

وتشكل علاقات روسيا الوثيقة بشكل متزايد مع الصين جزءًا من استراتيجيتها لتعويض العقوبات الغربية، فقد قدمت الشركات الصينية بدائل للتقنيات الغربية المفقودة، وساعدت فى مشروعات البنية التحتية الكبرى مثل إمدادات الطاقة لشبه جزيرة القرم وقامت بتوجيه التدفقات النقدية لتخفيف عبء العقوبات على أباطرة الأعمال المرتبطين بالكرملين.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة