أحداث موزمبيق الدامية
أحداث موزمبيق الدامية


تحالف عالمى لمواجهة دواعش أفريقيا

القارة السمراء أصبحت ملاذًا لهم بعد هزيمتهم فى العراق وسوريا وليبيا

آخر ساعة

الأحد، 11 أبريل 2021 - 10:32 ص

كتب/ خالد حمزة

هاجم تنظيم داعش الإرهابى مدنا ساحلية وحقولا للنفط والغاز ومنجما للياقوت ومراكز لقوى أمنية وشرطية فى كلٍ من موزمبيق وتنزانيا، ولم يكتفِ التنظيم بذلك بل احتل مدنا ساحلية وقرى بالكامل كموطئ قدم جديدة له بالقارة السمراء؛ بعد هزائمه المنكرة فى سوريا والعراق وليبيا، تاركًا وراءه سؤالًا كبيرًا حول نواياه الحقيقية، هل الهدف إقامة دولة الخلافة المزعومة أم  تمويل عملياته الإرهابية بنهب الثروات فى طول القارة وعرضها؟

آخر عمليات التنظيم كانت فى موزمبيق، حيث سيطر الدواعش على مدينة هامة فى شمال البلاد وهاجموا فى نفس الوقت تنزانيا، وكان الهدف المعلن هو ضم أراضٍ جديدة لدولة الخلافة المزعومة، أما الهدف الأصلى فهو التوسع والسيطرة على مصادر الثروة، حيث تم اكتشاف حقل ضخم للغاز ومنجم للياقوت، شجعا الشركات العالمية ومتعددة الجنسيات للقدوم لموزمبيق والاستثمار بعشرات الملايين من الدولارات فى بلد واعد، ولكنه مازال يرزح تحت خط الفقر المدقع، ويصنف حسب  الأمم المتحدة ضمن أكثر 10 دول فقرا بالعالم. 

ومن هنا كان هجوم التنظيم للاستيلاء على تلك الثروة، التى يستخدمها فى التمويل وتدريب أفراده على يد دواعش سوريا والعراق، الذين لجأوا للقارة السوداء بعد هزائمهم المنكرة هناك، وفى شراء الأسلحة واستمالة السكان المحليين بحفر الآبار لهم، وتوفير مناطق آمنة لهم للرعي وتحت حمايتهم مقابل المال، واستمالة الشباب منهم للانضمام للتنظيم خاصة فى المناطق ذات الأغلبية المسلمة، التى تمثل 20 بالمائة فقط من سكان موزمبيق.

ويقف خلف تلك العمليات تنظيم أنصار السنة أو أنصار الشريعة كما يطلق عليه أحيانا. وقد بدأ نشاطه منذ 14 عاما، قبل أن يعلن قادته مبايعة داعش منذ 3 أعوام فقط. 

ومنذ البيعة، يخوض التنظيم حربا مدمرة ووحشية فى موزمبيق وبلدان مجاورة وصفتها صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية بالرهيبة، وشملت الهجوم على القرى والمدن الساحلية والمراكز الأمنية والشرطية، وهو ما أدى لقتل الآلاف ونزوح مئات الآلاف من السكان المحليين، وإلى سيطرة التنظيم على عدة مدن ساحلية بالكامل تتمتع بالثروات ومنها حقول النفط والغاز.

نفس الحال يفعله الدواعش فى دول أخرى، ففى تنزانيا يقومون بمهاجمة مراكز الشرطة ومهاجمة القرى مستغلين ضعف القبضة الأمنية بتلك المناطق، ومتذرعين بمقولتهم بأنهم لا يعترفون بالحدود، ولذلك فهم يضمون بين صفوفهم مواطنين من موزمبيق وتنزانيا وكينيا والصومال وبلدان أخرى فى شرق ووسط وغرب القارة. 

وفى بلد مثل الكونجو الديمقراطية، التى تمثل أكبر مساحة لدولة بالقارة بعد الجزائر، شن التنظيم هجوما كاسحا على القرى الحدودية والسجون لتحرير المتطرفين وضمهم للتنظيم، وهو ما يوحى بسعى الدواعش لتكوين مثلث البحيرات العظمى، الذى يضم موزمبيق وتنزانيا والكونجو الديمقراطية.

ولا يكتفى التنظيم بتلك الدول، بل إنه امتد لدول ومناطق عديدة له بالقارة، وكان الهدف فى البداية التوجه لمنطقة أكثر أمنا باتساع مساحتها وتنوع ووعورة تضاريسها، فكان الاختيار أفريقيا خاصة مع بعدها عن بؤرة الاهتمام الدولى، وانشغالها بالحروب الأهلية فى بعض دولها وغياب الأمن، وجائحة كورونا التى صرفت الأنظار عن تغلغلها بالقارة.

أضيف لذلك، استغلال التنظيم للأمية بالقارة، وتركيزه على التجمعات المسلمة داخلها والإغراءات المادية والجهادية، وبالفعل بدأ التنظيم عملياته بالقارة عن طريق وكلائه المحليين، وأبرزهم جماعة بوكوحرام النيجيرية التى بايعت داعش منذ 6 أعوام، قبل أن يعلن عن تنصيب زعيمها أبو بكر شيكاو زعيما للدواعش فى نيجيريا والبلدان الملاصقة لها فى غرب القارة، ثم انقسمت بوكو حرام لقسمين، قسم بزعامة شيكاو وهو لا يرى غضاضة فى مهاجمة الأهداف المدنية والعسكرية وخطف النساء والأطفال وتجنيدهم، وقسم ثانٍ يتزعمه أبو عبد الله البرناوى ينادى بمهاجمة الأهداف العسكرية فقط، وانضم للقسمين بعد ذلك دواعش قدموا إليهم من الشمال السورى وغرب ليبيا بعد انحسار التنظيم هناك، ولكل قسم مناطق تابعة له، فولاية غرب أفريقيا تضم نيجيريا والنيجر وتشاد وبوركينا فاسو والكاميرون ومالى، وولاية وسط تضم الكونغو الديمقراطية وموزمبيق بصفة أساسية، وهناك ولاية أخرى فى الغرب وهى بالجزائر. 

أما عن مواجهة الدواعش فى أفريقيا، فالمصالح الاقتصادية وتلاقى مصالح الدول والشركات العالمية أو المتعددة الجنسيات «كما تقول صحيفة وول ستريت جورنال» الأمريكية، قد تكون هى خط المواجهة الأول ضد الدواعش، خاصة بعد تعرض مصالحها واستثماراتها المُقدرة بعشرات المليارات من الدولارات فى مشروعات التعدين والبحث عن النفط والغاز للخطر، واضطرار بعضها لترحيل عمالها من مناطق سيطر عليها الدواعش.

وهنا نتحدث عن دول مثل أمريكا وروسيا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا والصين وهولندا واليابان وجنوب أفريقيا وفيتنام، وبالفعل لجأت تلك الدول لعدة طرق لكبح جماح الدواعش مثل الاستعانة بمرتزقة فاجنر الروس فى التصدى عسكريا للدواعش، أو تعهد أمريكا بتدريب القوات الأمنية فى موزمبيق، لكن تلك القوات مازالت غير مدربة جيدًا، وتفتقر للمعلومات اللازمة لتتبع الدواعش وبعدم الخبرة على خوض حرب طويلة أو حرب عصابات معهم، وهناك إضافة لذلك اجتماعات دورية لمسئولى المخابرات ووزراء الدفاع لدول غرب أفريقيا، لتشكيل قوة للتدخل السريع فيما بينها، ولكنها لم تر النور بعد.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة