فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف
فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف


شيخ الأزهر: الإسلام دين الوسطية والمسلمون هم الأمة الوسط

إسراء كارم

الثلاثاء، 13 أبريل 2021 - 04:49 م

قال فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، إن الهدف من برنامجه الرمضاني هذا العام أمران، الأول، أن يزداد المسلم علما بأن مبادئ الدين الإسلامي، تحقق -نظريا وعمليا- سعادة الفرد وسعادة المجتمع، في الدنيا والاخرة.

والأمر الثاني، أن يقتنع غير المسلم -ممن يشاهد البرنامج- أن الإسلام ليس كما يصوره أعداؤه: دين دماء وحروب وتضييق على معتنقيه، وإنما هو -على العكس- دين سلام وتعاون وتسامح ورحمة متبادلة بين الناس، بل وبين الحيوان والنبات والجماد، شأنه في ذلك شأن سائر الأديان الإلهية السابقة في الرحمة بالخلق، وانتشال الإنسان من أوحال الضلال، وهدايته للتي هي أقوم، كلما تفرقت به السبل، واشتبهت عليه المسالك، وضاع الطريق من تحت قدميه.

اقرأ أيضا|شيخ الأزهر يوجه بمضاعفة الإعانات الشهرية خلال شهر رمضان

وأوضح فضيلته خلال الحلقة الأولى من برنامجه الرمضاني "الإمام الطيب"، أن الوسطية هي أخص خصائص الإسلام، وأولاها بالتوضيح والبيان؛ ومن أجلها سمي الإسلام: «دين الوسطية»، كما سمي المسلمون بالأمة الوسط، وهذا ما نقرأه صريحا في قوله تعالى في سورة البقرة "وكذلك جعلناكم أمة وسطا"، مؤكدا أن المتأمل في هذه الأية والأيتين السابقة واللاحقة لها يتضح له أصالة- موقع الأمة الإسلامية، ومسؤوليتها في قيادة الإنسانية وتصحيح مسيرتها.

وأشار شيخ الأزهر إلى أن الأية السابقة لها وهي قوله تعالى "سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم"، نزلت لتقرر أمرين، الأول: حادثة تحويل قبلة المسلمين في صلاتهم من بيت المقدس إلى المسجد الحرام، وسخرية المنافقين والمشركين وبني إسرائيل وإنكارهم على المسلمين أن يولوا وجوههم في صلاتهم شطر المسجد الحرام وأمر الله تعالى رسوله أن يرد عليهم سفاهتهم، ويذكرهم بأن المشرق والمغرب وأرجاء الكون وجهاته كلها ملك لله تعالى لا شريك له، مؤكدا أن إذا كان تحويل القبلة قد حدث في السنة الثانية من الهجرة؛ فإنه مرتبط أشد الارتباط بحادثة الإسراء والمعراج في العهد المكي قبل الهجرة بعام، وما حدث فيها من إمامته بإخوانه من الأنبياء والمرسلين، وما ترمز إليه من تحول النبوة من بني إسرائيل إلى بني إسماعيل، وما يعنيه ذلك من أنه هو وارث مفاتيح النبوة من بني إسماعيل وبني إسحاق معا.


وأضاف فضيلته أن الأمر الثاني الذي قررته الأية الكريمة هو بيان أن الله تعالى هو من يهدي من يشاء من عباده إلى صراط مستقيم، وهذا الأمر الثاني هو بيت القصيد الذي نهدف إليه، وأعني به وصف المسلمين بأنهم أمة هداها الله إلى صراط مستقيم، في مقابل أمم ضلت عن هذا الصراط، وان الأوان أن يتسلم نبي هذه الأمة دوره في قيادة البشرية فيما تبقى لها من حياة ظهر هذا الكون، موضحا فضيلته أننا إذا قرأنا هذه الرموز في ضوء قوله تعالى في السورة نفسها: ﴿وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين﴾، فسوف يتضح لنا أن العهد الإلهي وهو «إمامة الناس» لن يستمر في ذرية إبراهيم عليه السلام على وتيرة واحدة أو ميراث طولي ممتد وإنما سينتقل من فرع من ذرية إبراهيم -بسبب ظلمهم- إلى فرع اخر يبقى معه إلى اخر الزمان.


وأوضح فضيلة الإمام الأكبر أنه قد يتبادر إلى الأذهان أن في هذا الكلام إطراء لأمة الإسلام، ومدحا لهم مبالغا فيه، ولكن أردت إظهار عظم الدور المنوط بهذه الأمة وثقله، وضرورته لواقعنا المعاصر اليوم، مشددا على أن المتأمل في مجمل خريطة العالم الذي نعيش فيه اليوم، يصعب عليه أن يجد «الهدي الإلهي» المعبر عنه «بالصراط المستقيم»، والذي يحتاج إليه عالم اليوم احتياج المريض الذي اصطلحت عليه العلل الخلقية والأمراض الاجتماعية إلى طبيب نابه خبير بالعلاج والدواء الناجع؟ أتجده في شوارع الدول اللاتي أدارت ظهرها لله -تعالى- ولحدوده وشرائعه وقوانينه؟! أم تجده في سياسات غطرسة القوة، واقتصاد السلاح، وتمزيق أنسجة الشعوب؛ لإشعال نيران الفتنة بين أبنائها؟ أم تجده في سياسات الكيل بمكيالين؟ أم في القيم الجديدة الداعية إلى عبادة الفرد؟ أم في اجتياح ثقافة المثلية والشذوذ

وأشار شيخ الأزهر إلى أن هناك أمرا اخر جدير بالاعتبار في هذا السياق، وهو المقارنة بين الأمة الإسلامية حين تعتصم بثقافة الجذور وأصول التراث الثري بحقوق الإنسان من المنظور الإلهي، لا من منظور النزوات الدنسة والغرائز الهابطة، وبين الأمم الأخرى التي لم تعد تعول في أنساقها الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية على أخلاق الدين، وتوجيهات الوحي الإلهي، واستبدلت بها إما نزعات الفرد على حساب المجموع، وإما نزعات المجموع على حساب الفرد، حتى أصبحت ثروات الأرض في أيدي قلة قليلة لا تعرف ما الفقر ولا البؤس ولا المرض ولا الحرمان.
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة