الملك عبدالله الثانى "ملك الاردن"
الملك عبدالله الثانى "ملك الاردن"


مصر والأردن.. توافق استراتيجى واتحاد فى مواجهة التحديات

أسامة عجاج

الثلاثاء، 13 أبريل 2021 - 11:14 م

كان من الطبيعى أن تكون مصر من أولى الدول الداعمة لأمن واستقرار الأردن فى مواجهة التطورات الداخلية الأخيرة التى شهدتها المملكة الهاشمية والذى ظهر فى البيان الصادر باِسم رئاسة الجمهورية فى أعقابها وأكد على التضامن الكامل والداعم المتواصل للأردن وقيادته الممثلة فى الملك عبدالله بن الحسين فى الحفاظ على أمن واستقرار المنطقة ضد أى محاولات للنيل منها معتبراً أن أمن واستقرار الأردن الشقيق جزء لايتجزأ من الأمن القومى المصرى والعربي.

وتمنى البيان أن يحفظ الله الأردن من كل سوء ويمكن فهم هذا الموقف الحاسم والسريع من جانب مصر فى ضوء العديد من الاعتبارات وبعيداً عن تفاصيل ما حدث خاصة وأن الأردن استطاع من خلال قيادته الحكيمة تجاوز الأزمة فى فترة قياسية واستعادة الهدوء والاستقرار للبلاد والتعامل القانونى مع تبعاتها وهذه الاعتبارات هى كالتالى: الاعتبار الأول : أن القاهرة تدرك أكثر من غيرها حقيقة الأهمية الاستراتيجية للأردن فى الحفاظ على استقرار المنطقة خاصة أن الجغرافيا فرضت عليها أن تكون على تماس مع عدد من الدول المهمة وبعضها يعانى من حالة عدم استقرار منها سوريا ولبنان والعراق ولا تنسى التماس مع الأراضى الفلسطينية وإسرائيل ولهذا فأى توتر فى هذا البلد الشقيق يعنى حالة من عدم الاستقرار سيدفع الجميع ثمنها ناهيك عن استراتيجية العلاقة بين البلدين وعمقها والمصالح المشتركة والإيمان المطلق من القيادة الأردنية بدور مصر الطليعى والاستراتيجى كدولة أساس ومحورية على الصعيد العربى ورزانة فى الشرق الأوسط مع خصوصية العلاقة التى تجمع قيادة البلدين.

الاعتبار الثانى : أن هناك تماسا وتنسيقا وتفاهما استراتيجيا فى البلدين على صعيد أكثر من ملف لعل أهمها القضية الفلسطينية والذى يأخذ أكثر من مسار الثلاثى بإضافة فلسطين حيث عقد وزراء خارجية الدول الثلاثة سامح شكرى وأيمن الصفدى رياض المالكى وحيث دعت مصر والأردن إلى عقد دورة استثنائية لوزراء الخارجية العرب فى فبراير الماضى تم تخصيصها فقط للبحث فى دعم عربى كامل للتحرك الثلاثى وقد خرج من الاجتماع الوزارى تفويض عربى كامل وداعم لتلك التحركات كما اجتمع الوزراء الثلاثة على هامش اجتماعات وزراء الخارجية العرب فى دورتهم العادية فى مارس الماضى وقد شدد الوزراء الثلاثة على أن القضية الفلسطينية هى القضية المركزية وناقشوا سبل دفع الأطراف المعنية للانخراط فى العملية السلمية استنادًا على قرارات الشرعية وآخرها القرار ٢٣٣٤ ومبادرة السلام العربية التى تمثل المرجعيات المعتمدة للتفاوض مع ضرورة حق إسرائيل فى الجلوس والتفاوض من أجل التوصل لتسوية نهائية على أساس حل الدولتين بما يضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة المتواصلة جغرافيا على حدود الرابع من يونيو ١٩٦٧ والقدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية، كما أن هناك شكلا من أشكال التنسيق الأمنى والاستراتيجى الذى تمثل فى الاجتماع الذى تم فى رام الله مع الرئيس الفلسطينى محمود عباس ورئيسى جهازى المخابرات فى مصر والأردن بحضور مدير رئيس الجهاز الفلسطينى للبحث فى ملف المصالحة الفلسطينية والاستعداد للانتخابات الفلسطينية البرلمانية والرئاسية فى مايو القادم وعلى نفس المستوى من الأهمية يأتى الدور المصرى الأردنى فى توسيع التحرك باتجاه عملية السلام فى المنطقة والنجاح الملحوظ بتشكيل تحرك رباعى بين مصر والأردن بإضافة فرنسا وألمانيا كانت بدايته فى سبتمبر الماضى والذى شهد أول اجتماع بين وزراء خارجية الدول الأربعة مع الممثل الخاص للاتحاد الأوروبى لعملية السلام، وخلال شهرى ديسمبر الماضيين ويناير الماضى والذى استضافته القاهرة حيث جدد الوزراء الأربعة دعم الجهود الرامية إلى تحقيق سلام عادل ودائم فى الشرق الأوسط وفقا للقانون الدولى وقرارات مجلس الأمن الدولى ذات الصلة، كما أكد وزراء خارجية الدول الأربعة على دور الولايات المتحدة فى هذا السياق وأعربوا عن استعدادهم للعمل مع الإدارة الجديدة من أجل تيسير المفاوضات التى تؤدى إلى سلام شامل وعادل فى المنطقة ومن أجل إطلاق إعادة عملية سلام ذات مصداقية بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

الاعتبار الثالث : يتعلق بإنشاء آلية ثلاثية للتنسيق بين البلدين بإضافة العراق باعتبارها محاولة جادة لاستعادة العراق لدوره العربى وكان اقتراحا اردنيا وكان من المقرر أن تشهد الأسابيع الماضية قمة ثلاثية تستضيفها بغداد وتم تأجيلها لظروف حادث القطار وأزمة السفينة الجانحة فى قناة السويس وانشغال القيادة المصرية بمعالجة تلك التطورات، وفى المرة الثانية نتيجة الظروف الآخيرة فى الأردن حيث كانت البداية فى مارس من عام ٢٠١٩ والثانية فى سبتمبر من نفس العام على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة والثالثة فى أغسطس من العام الماضي. وقد شهدت القاهرة مباحثات وزارية فى مجالات عديدة للتمهيد للقمة الرابعة التى تستضيفها العاصمة بغداد كما تم الإعلان عنها خلال الأشهر القليلة القادمة كما تم عقد اجتماعات وزارية للدول الثلاثة على هامش أعمال اللجنة المصرية الأردنية التى شهدتها عمان فى الأسابيع الماضية.

ويأخذ التنسيق الثلاثى أكثر من بعد تنسيق استراتيجى وتوحيد المواقف تجاه الملفات السياسة فى المنطقة خاصة الملف الليبى والتدخلات الإقليمية فى الشأن العربى بالإضافة إلى تعزيز التشاور السياسى والأمنى بينهم حول سبل التصدى للتحديات الإقليمية غير المسبوقة التى تواجه منطقة الشرق الأوسط والوطن العربي، وكذلك التعاون الاقتصادى بين الدول الثلاثة حيث هناك توافق على تعزيز التعاون واعتماد أفضل السبل لترجمة العلاقات الاستراتيجية على أرض الواقع وكذلك الاقتصادية والحيوية ومنها الربط الكهربائى ومشاريع الطاقة والمنطقة الاقتصادية المشتركة والاستفادة من الإمكانيات الوطنية والسعى لتكامل الموارد بين الدول الثلاثة، ومأسسة آلية التنسيق الثلاثى بإنشاء سكرتارية تنفيذية يكون مقرها بالتناوب سنويا فى إحدى الدول الثلاثة على أن يكون مقرها فى الأردن العام الماضى مع عقد ملتقى أعمال على هامش اجتماعات وزراء تجارة وصناعة الدول الثلاثة.

الاعتبار الرابع : العلاقات الثنائية بين البلدين وخلال الأشهر القليلة الماضية يمكن ان نتوقف عند القمة الثنائية الناجحة بين الرئيس عبدالفتاح السيسى والملك عبدالله الثانى فى يناير الماضى والتى استمرت يومين وشملت اجتماعات نوعية على مستوى القمة ولقاء مهما مع رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة يضاف إلى ذلك انعقاد أعمال الدورة ال ٢٩ للجنة العليا المصرية الأردنية برئاسة رئيس البلدين بمشاركة أعداد كبيرة من الوزراء المعنيين فى كافة المجالات، ولعل اللجنة العليا بينهما هى الأكثر انتظاما من حيث مواعيد انعقادها وتحقيقًا للنتائج حيث نجحت فى ضمان انسياب الحركة التجارية بين البلدين والوصول بها إلى آفاق أرحب تتناسب مع العلاقات السياسية بين البلدين والإمكانيات الإنتاجية والتصديرية بين البلدين، خاصة أن هناك مجالات للتعاون المشتركة فى قطاعات مثل صناعة الأدوية وزيادة حجم الصادرات المصرية للأردن إضافة لمجالات البناء والتشييد والقوى العاملة والتدريب المهنى والفنى والنقل البرى والجوى والمجالات العلمية والثقافية.

ولعل الملاحظة الجديرة بالاهتمام هى الارتفاع المستمر فى الإحصائيات والأرقام الخاصة بالتبادل التجارى بين البلدين حيث وصل خلال الفترة من يناير إلى نوفمبر ٢٠١٩ إلى ٨٥٨ مليون دولار بنسبة زيادة بلغت اكثر من النصف عما كانت فى نفس الفترة خلال عام ٢٠١٨ فالصادرات المصرية بلغت اكثر من ٧٤٢ مليون دولار بنسبة زيادة ٦١ بالمائة أما واردات مصر من الأردن زادت بنسبة ١٤ بالمائة لتصل إلى ١١٨ مليون دولار فى نفس الفترة السابقة.

لعل ماسبق يمثل جزء بسيط من الأسباب الكامنة وراء الموقف المصرى الداعم للأردن فى الأزمة الأخيرة.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة