بعد مجازر التتار.. كيف أنقذ الأزهر العرب من الضياع؟
بعد مجازر التتار.. كيف أنقذ الأزهر العرب من الضياع؟


«بعد مجازر التتار».. كيف أنقذ الأزهر العرب من الضياع؟

نسمة علاء

الخميس، 15 أبريل 2021 - 08:55 ص

منذ ما يزيد على ألف عام وقلعة العلوم الإسلامية في العالم الإسلامي "الأزهر الشريف" يتبنى أدوارا فاعلة بل أدوار البطولة المطلقة في الحياة الدينية والسياسية والاجتماعية، فلقد مرت قرون طوال على الأزهر واختلفت الأحداث وتتابعت الأشخاص وهو يؤدي رسالته في خدمة الدين واللغة ويبذل قصارى الجهد في أداء هذه الرسالة.

والأزهر الشريف لا تنال منه الأحداث ولا يثنيه عن غايته ما اعترض طريقه من عوائق كان هدفها أن يثبط العزائم ويوهن القوى.

وعلى سبيل المثال في "العهد الفاطمي" ظل الأزهر زهاء قرنين من الزمان معهدًا لدراسة علوم الدين واللغة، وكان يدرس فيه كبار العلماء ودرس فيه وزير المعز كتابا ألفه بنفسه، وبجانب علوم الدين كان يدرس في الأزهر علوم الأدب والمنطق.

أما في "العصر الأيوبي" استعان صلاح الدين بعلماء الأزهر للتدريس في المدارس التي أنشأها، وكانت تدرس في هذه المدارس العلوم الدينية وعلوم الرياضيات والمنطق.

ثم كانت كارثة سقوط بغداد على أيدي التتار وضعف حكم العرب في الأندلس وبعد قليل من سقوط بغداد استولى المماليك على الحكم في مصر وكادت اللغة العربية تذهب كما ذهبت لغات أخرى، حيث أحرق التتار الكتب وقتلوا العلماء وعطلوا المدارس إلا أن الأزهر ظل المكان الذي تشع منه العلوم.

فقد لجأ العلماء الفارون من وجه التتار والعلماء المهاجرين من الأندلس إلى الأزهر ووجدوا فيه محطًا لرحالهم ومكانا صالحا لأداء رسالته، فقد حبب الله إلى سلاطين المماليك أن يميلوا إلى العلم وأن يقربوا العلماء ويغدقوا عليهم، فتخرج من الأزهر علماء أجلاء ما زلت الأجيال من بعدهم تنعم بما خلفوه من دراسات واسعة شاملة.

وقد بقى الأزهر منارة هادئة حين جاء "العصر العثماني" وتخرج فيه في هذه الفترة الكثير من كبار العلماء منهم الشيخ "محمد الخراشي" أول من تولى منصب "شيخ الأزهر" عام (1101 هـ) بعد مرور 741 عاما على إنشاء الجامع الأزهر، ومنهم أيضا الشيخ العطار حيث كان حريصًا على مخالطة الفرنسيين ليأخذ من علومهم ومعارفهم وهو أول من نادى بالإصلاح والتجديد في العالم العربي.

وفي "النهضة الحديثة" دور الأزهر بمثابة المؤسس لبنيانها والرافع لأركانها، وكان علماؤه من رواد تلك النهضة والباعثين لها، فكانوا بناة النهضة وطلائع الإصلاح ومنهم رفاعة الطهطاوي.

وقد كان للأزهر دورا كبيرا في التقدم السياسي والعلمي وكان يقود كل ثورة ضد الظلم، وقاد علماء الأزهر الثورات ضد الفرنسيين واشتركوا اشتراكا فعليا في "ثورة عرابي" وكان عرابي نفسه من طلاب الأزهر، وكان لعلماء الأزهر دورا كبيرا في تأجج الروح الوطنية ضد المحتل وقادوا ثورة 1919.

وفي النضال ضد "الاستعمار الفرنسي" كان الأزهر مركزًا لتجمع المقاومة، الأمر الذي اضطر جنود بونابرت لاقتحام صحن الجامع الأزهر وعجل ما فعله بونابرت بانسحاب القوات الفرنسية من مصر حيث اندلعت ثورة عارمة ضد التصرفات التي اقترفها جنود بونابرت في الأزهر، وقدم الأزهر آنذاك عددًا لا بأس به من الشهداء، وكان مقتل كليبر على يد سليمان الحلبي أحد طلاب الأزهر وكان أبرز من قاد الثورة ضد الفرنسيين الشيخ عمر مكرم.

وحتى في "العدوان الثلاثي" على مصر عام 1956 اعتلى الزعيم جمال عبد الناصر منبر الأزهر ليخطب في الناس كرمز تاريخي، ويعلن أن مصر ستظل صامدة ضد العدوان، وبعد نكسة عام 1967 كان للأزهر دورا كبيرا في المقاومة ضد الإسرائيليين.

كما كان للأزهر دوره في دعم "القضية الفلسطينية" خاصة قضية القدس، فبعد الحرب العالمية الثانية أرسل الأزهر علماءه للأراضي الفلسطينية المحتلة لتعليم الدين الإسلامي والعمل على نشر التعليم ويوجد فرع لجامعة الأزهر في غزة تم إنشاؤه عام 1991.

بذلك فإن دور الأزهر لا يمكن الاستغناء عنه فهو المنارة الهادئة لطريق الرشاد وهو حصن الدين المنيع ومنبر الاعتدال.

وإنشاء الجامع الأزهر يرجع إلى جوهر الصقلي عام 359هـ (970 م)، وهو أول جامع أنشئ في مدينة القاهرة، وهو أقدم أثر فاطمي قائم في مصر، وكان الأزهر أول مسجد جامع ولهذا كان يطلق عليه جامع القاهرة، وقد اختلف المؤرخون في أصل تسميته بجامع الأزهر فيما بعد، ولكن الراجح أن الفاطميين سموه بالأزهر تيمنا بفاطمة الزهراء بنت الرسول صلى الله عليه وسلم وإشادة بذكراها.

 

المصدر: مركز معلومات أخبار اليوم

اقرأ أيضا|في ثاني حلقات الإمام الطيب | شيخ الأزهر: صفات الأمة الإسلامية «الوسطية»

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة