إبراهيم عبد المجيد
إبراهيم عبد المجيد


مصر الجديدة

رمضان كريم

إبراهيم عبدالمجيد

الخميس، 15 أبريل 2021 - 05:38 م

لن أترك نفسى للنوستالجيا فى رمضان وأتحدث عن أيام الشباب فى السبعينيات وكيف كانت الدنيا تتسع فى رمضان بالنهار كما تتسع بالليل. الحديث عن الخلاء تستطيع أن تعرفه حين تتذكر تعداد السكان ذلك الوقت وتعداد المدن الكبرى. ما سأتحدث عنه هو أننا كنا فى ذلك الوقت سواء شاهدنا برامج التليفزيون الجميلة ومسلسلاته أم لا، لا نرى هذه المشاركات الطوفانية على صفحات الميديا لتقييم الأعمال الدرامية. لم تكن هناك ميديا. كان تقييم الأعمال فى الصحف والمجلات يقرأه من يحب، بينما من له رأى من الجمهور لا يذهب رأيه بعيدا عن أصدقائه الذين لا نعرف عنهم شيئا. هناك شىء أساسى فى حديث الشخصيات الأدبية أو الفنية وحركتها فى أى عمل لا يمكن التنازل عنه وهو الصدق الفني. هذا هو ما يجعل لغة الشخصيات وحركتها متماهية مع وظيفتها ودورها، كوميدى أو تراجيدي، فى العمل الفنى والأدبى. بمعنى أن بنت الليل لها لغة غير السيدة الصالحة، واللص له لغة غير القاضي، والبائع له لغة غير المفكر وهكذا. مع الوقت لاحظت أن هذا المعيار فى تقييم الأدب والفنون عموما بدأ يندثر وهناك من يتعمدون رفع قضية على الكاتب إذا تحدثت شخصية له فى رواية بلغة يراها مسيئة بينما هى مناسبة للشخصية. هى لغتها وليست أبدا لغة الكاتب. لقد حدث ذلك مع تمدد التيار الإسلاموى وما أكثر القضايا التى رفعت على الكتاب. تعودنا على ذلك ورغم أنه فى الأعمال الفنية توجد رقابة قبل أن يتم تمثيل وتنفيذ الفيلم أو المسلسل، إلا أنه بدا مؤخرا أن الرقابة لا تكفى عند الكثيرين، رغم معرفتى أنها صارت أكثر صعوبة جدا من أيام زمان. دهشتى أن هذا الجو أنتقل إلى الجمهور العادى من المشاهدين واتسع، فما كاد يومان يمران من رمضان حتى شغلت المواقع الافتراضية الأراء حول المسلسلات التى لا يزال أمامها بقية الشهر. من حق الجمهور طبعا أن يقول رأيه فقد يغيب عنه هذا المعني، لكنه انتقل إلى كثير من المثقفين بينهم. لم يكن انتقاد مسلسل أحمس هو البداية فمسلسل أحمس مسلسل جاد عن واقعة تاريخية وبشر حقيقيين لذلك حين يختلف الزى أو الشكل أو الطعام يفتقد شيئا من صدقه الفني، كما كتب المخرج المسرحى الكبير عصام السيد فذكرنى بالقضية التى كتبت عنها كثيرا فى الأدب. لا أعرف كيف يغيب عن الكثيرين جدا أن شخصيات المسلسلات ليست شخصيات حقيقية إلا فى المسلسلات التاريخية وخاصة حين تعلن ذلك بوضوح. يمكن طبعا فنيا أن تحول أحداث تاريخية تراجيدية إلى مهزلة بشرط أن يكون هذا واضحا فى العمل كله وليس من خطأ فى التاليف أو الإنتاج أو الإخراج. المسلسلات الاجتماعية شخصياتها ليست حقيقية ولا تاريخية ولن تخرج من الشاشة بزيها وحديثها وتجلس معك، لكن انهالت الانتقادات على المسلسلات من أول يوم. كيف ترتدى فلانة هذا الزى وكيف يقول فلان هذا الكلام وهذه الألفاظ ومئات من الملاحظات أكثرها إن لم تكن كلها سببها أن المنتقد يريد أن تكون الشخصيىة فى تصرفاتها مثله هو الجالس يتفرج. شيء واحد اقتنعت به وهو أن الإعلانات طويلة تزيد فى وقتها عن عرض المسلسل، ولا أعرف كيف يمكن تقسيمها. وربما لو لم تكن كذلك كان الجمهور اتحد مع المسلسل بشكل أفضل ولم يجد فرصة للملاحظات العابرة الكثيرة التى بدا أنها جوهر العمل وليست معبرة عن الشخصية. رغم ذلك أقول رمضان كريم للجميع فنانين ونقاد وجماهير بعد يومين فقط من رمضان.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة