عبدالقادر شهيب
عبدالقادر شهيب


شىء من الأمل

مكرم محمد أحمد

‬عبدالقادر شهيب

الخميس، 15 أبريل 2021 - 05:40 م

فقدت الصحافة المصرية أحد شيوخها الأجلاء وأساتذتها الكبار الذى منح جل حياته لها، وتتلمذ على يديه الكثير من الصحفيين، وحرص دوما على مبادئ المهنة وأسس المصداقية طوال مشواره الصحفى الناصع، فى كل مكان عمل فيه وكل موقع تولى مسئوليته، ولم يحد عن ذلك أبدا، وظل طوال حياته حريصا على إعادة الاعتبار لصاحبة الجلالة التى هانت على البعض من أبنائها للأسف الشديد، لأنهم لم يقدروا أهميتها فى مجتمع يتطلع لأن ينهض من جديد.
لقد كان أستاذنا الكبير مكرم محمد أحمد علامة مهمة فى تاريخ صحافتنا المصرية.. علامة فارقة ومؤثرة.. لا يستطيع أن ينكرها أحد من الصحفيين، سواء الذين عملوا معه، أو لم يعملوا معه.. وسواء الذين شاركوه أحيانا بعض مواقفه أو الذين لم يشاركوه هذه المواقف وعارضوه.. الجميع اتفقوا على مهنيته الكبيرة ومهارته الصحفية الهائلة وأستاذيته فى تلك المهنة الشديدة الصعوبة والتى يشبه فيها صاحب القلم بمن يمسك الجمر بين يديه، لأنه يجب ألا يخلص سوى للقارئ فقط وأن يصدقه القول وألا يخفى عنه الحقيقة ولا يغشه أو يخدعه..
وهكذا كان مكرم محمد أحمد دوما طوال حياته الصحفية الطويلة الممتدة، وهى حياة ناصعة مهنيا حقق فيها الكثير، سواء وهو يعمل فى الجريدة التى بدأ العمل فيها وأحبها وهى جريدة الأهرام، أو بعد أن تركها ليتولى مسئولية دار الهلال العريقة ومجلة المصور، التى قفز توزيعها بشكل هائل بعد أن تولى رئاسة تحريرها، لأنه جعل منها منبرا لكل أصحاب الآراء والرؤى المختلفة والمتنوعة وساحة حوار حول كل قضايا الوطن بعد أن اجتذب أقلاما مهمة للكتابة فيها صار أصحابها نجوما فى المجتمع المصرى، وبعد أن حولها إلى أحد الأسلحة المهمة للتنوير ومحاربة التطرّف وتحقيق التقدم فى المجتمع بكل أشكاله السياسية والاقتصادية والثقافية.
لقد كان من حظى أن أعمل مع أستاذنا الكبير مكرم محمد أحمد تحت رئاسته فى مجلة المصور بعد أن دعانى فى منتصف التسعينات من القرن الماضى للانتقال من روزاليوسف إلى دار الهلال.. وقد أفادنى ذلك كثيرا فى عملى المهنى، مثلما أفاد كل من عمل معه، ومن لم يعمل بجواره أيضا، فهو كان مهنيا وصحفيا نموذجا يحتذى من الكثيرين، لأنه كان أفضل أبناء جيله صحفيا على الإطلاق وأكثرهم إخلاصا لمهنته وأحرصهم على مصداقية العاملين فى بلاط صاحبة الجلالة، وأيضاً أكثرهم حماية ودعما للصحفيين الذين يعملون معه.. كما شاءت الأقدار أن أخلفه فى قيادة دار الهلال ومجلة المصور وأشهد أنه مثلما كان نموذجا للصحفى الفذ كان أيضا نموذجا للصحفى نظيف اليد.. رحمك الله أستاذ مكرم، وأعاننا على تحمل فقدك.. فإن صحافتنا الآن بعدك صارت يتيمة.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة