الشيخ عبدالحليم محمود بالأزهر
الشيخ عبدالحليم محمود بالأزهر


عبدالحليم محمود.. الشيخ الذى رأى في منامه أن النبى «محمد» يعبر قناة السويس

بوابة أخبار اليوم

الجمعة، 16 أبريل 2021 - 03:56 ص

 

محمد الشماع

100 كتاب تحكي عن الرجل. 100 كتاب كافية أن تشرح للقارئ كيف كان يفكر وكيف كان يفتي وكيف كان ينظر للأشياء. 
ليس هذا العدد فحسب، فعشرات المقالات واللقاءات والخطب التليفزيونية والإذاعية وعلى المنابر في مساجد مصر المحروسة تبوح بأسرار تلو أسرار عن عقلية فذة لإمام فذ كان الأزهر في عهدته منارة للاجتهاد والبحث، والانفتاح على جميع الملل والنحل.

اقرا ايضا|أستاذ القانون بالأزهر: «قد يكون المنع هو عين العطاء»
إنه الشيخ عبدالحليم محمود، الذي ترك وراءه مشوار علمي ودعوي عظيم، كما كان له دور كبير في حفظ الأزهر لهيبته وتطويره واستمرار مسيرته. 
ينتهي نسب الشيخ عبدالحليم محمود إلى سيدنا الحسين رضى الله عنه. ولد في قرية أبو أحمد بمدينة بلبيس فى محافظة الشرقية فى 12 مايو 1910، تلك القرية التى أنشأها جده ونسبت إليه حتى تغير اسمها الآن لقرية السلام، وفيها المسجد الذى أنشأه قبل وفاته وأوصى بأن يدفن فيه، والآن يستقر به ضريحه الذى صمم ليكون منفصلاً عن المسجد.

التحق الشيخ عبدالحليم محمود بالأزهر سنة 1923، وحصل على شهادة الثانوية الأزهرية عام 1928، واستكمل دراسته العليا ليحصل على العالمية سنة 1937، ثم حصل على الليسانس فى تاريخ الأديان والفلسفة من جامعة السوربون. حتى نال الدكتوراة عن موضوعه «أستاذ الثائرين الحارث بن أسد المحاسبى» فى 8 يونيو 1940، بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف الأولى وطبعتها الجامعة باللغة الفرنسية.
بلغت مؤلفاته نحو 100 كتاب سواء فى التأليف أو التحقيق أو الترجمة، أما عن أول كتبه فقصة ترجمها عن الفرنسية من تأليف أندريه موروا عام 1946، وهى رواية «وازن الأرواح» من روايات الخيال العلمى، بعد ذلك توالت مؤلفاته التى كان التصوف محورها الرئيسى، وله أيضاً عدة مؤلفات فى الفلسفة الإسلامية وفى الفلسفة اليونانية والأخلاق، وكتب كذلك عدة مؤلفات في السيرة النبوية.
في 27 مارس 1973 صدر قرار تعيينه شيخاً للأزهر الشريف. كانت الحاجة وقتها ملحة لإقامة قاعدة عريضة من المعاهد الدينية التي تقلص عددها وعجزت عن إمداد جامعة الأزهر بكلياتها العشرين بأعداد كافية من الطلاب، وهو الأمر الذي جعل جامعة الأزهر تستقبل أعداداً كبيرة من حملة الثانوية العامة بالمدارس، وهم لا يتزودون بثقافة دينية وعربية تؤهلهم أن يكونوا حماة الإسلام.
أدرك الشيخ خطورة هذا الموقف فجاب القرى والمدن يدعو الناس للتبرع لإنشاء المعاهد الدينية، فلبى الناس دعوته وأقبلوا عليه متبرعين.
كانت رؤاه عن نصر أكتوبر بشرى عظيمة به، حيث رأى فى منامه الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يعبر قناة السويس ومعه عدد من العلماء المسلمين وخلفه القوات المسلحة، وأخبر الرئيس الراحل أنور السادات بهذه البشارة.
أطلق على الشيخ عبدالحليم محمود عدة ألقاب كلها لها علاقة بالتصوف لما كان له فيه من باع في هذا المجال، فكان مثلاً للصوفية المتمسكة بكتاب الله، البعيدة عن الإفراط والتفريط. أطلق عليه «غزالي مصر» وكذلك «أبو المتصوفين».
كانت كتاباته الصوفية لها الحظ الأوفر من مؤلفاته؛ فكتب «قضية التصوف: المنقذ من الضلال»، والذي عرض فيه لنشأة التصوف، وعلاقته بالمعرفة وبالشريعة، وتعرض بالشرح والتحليل لمنهج الإمام الغزالي في التصوف، كما ترجم لعشرات الأعلام الصوفيين، مثل «سفيان الثوري، وأبي الحسن الشاذلي، وأبي مدين الغوث»، وغيرهم الكثير.
دخل الشيخ عبدالحليم محمود في صدامات كبيرة مع السلطة خلال فترة توليه المشيخة، فبعد عام واحد من توليه منصبه قدم استقالته إلى الرئيس الراحل محمد أنور السادات بسبب تقليص صلاحيات شيخ الأزهر لصالح وزير الأوقاف، ونتيجة لعدم رد الرئيس الراحل قدم عبدالحليم طلب بتسوية معاشه الأمر الذي أثار ضجة كبيرة.
اشترط الشيخ عبدالحليم محمود للعودة لمشيخة الأزهر أن يكون شيخ الأزهر بدرجة نائب رئيس جمهورية، وعقب ذلك دعاه الرئيس الراحل محمد أنور السادات إلى ميت أبوالكوم وقال له «لك ما طلبت»، وبالفعل صار شيخ الأزهر بدرجة رئيس وزراء.
وخلال توليه المشيخة، تعرض الأزهر لانتقاد من قبل المحكمة العسكرية التي تصدت للحكم في قضية جماعة «التكفير والهجرة» بعد استعانتها بعدد من علمائه لإبداء الرأي في فكر الجماعة، وأصدر الشيخ عبدالحليم محمود بيانًا رفضت الصحف نشره باستثناء صحيفة الأحرار، قال فيه «المحكمة لم تمكن علماء الأزهر من الاطلاع على آراء هذا التنظيم أو الاستماع إلى شرح من أصحابه، والاطلاع على جميع الظروف التي أدت بهم إلى هذا الفكر، واكتفت بأن عرضت عليهم المحضر الذي سجلته النيابة من أقوال ومناقشات، وهذا لا يرقى أن يكون مصدرًا كافيًا يقوم عليه بحث العلماء».
تصدى الشيخ لقانون الأحوال الشخصية الذي حاولت الحكومة آنذاك إصداره دون الرجوع إلى الأزهر، وحرصت على إقراره من مجلس الشعب على وجه السرعة، وكان هذا القانون قد تضمن قيوداً على حقوق الزوج على خلاف ما قررته الشريعة الإسلامية.
ولما علم الإمام الأكبر بهذا القانون أصدر بياناً قوياً حذر فيه من الخروج على تعاليم الإسلام، وأرسله إلى جميع المسؤولين وأعضاء مجلس الشعب وإلى الصحف، ولم ينتظر صدور القانون بل وقف في وجهه قبل أن يرى النور، لكن بيان الشيخ تآمرت عليه قوى الظلام فصدرت التعليمات إلى الصحف بالامتناع عن نشره، واجتمعت الحكومة للنظر في بيان الشيخ عبد الحليم محمود، ولم تجد مفراً من الإعلان عن أنه ليس هناك تفكير على الإطلاق في تعديل قانون الأحوال الشخصية، وبذلك نجح الإمام في قتل القانون في مهده.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة