ساميه الميرغني .. المرممه
سامية الميرغني.. «المرممه»
الجمعة، 16 أبريل 2021 - 01:25 م
لولا الدكتورة سامية الميرغني ما كانت المومياوات الملكية لتصبح جاهزة وصالحة للانتقال من المتحف المصري بالتحرير إلى متحف الحضارة بالفسطاط، ذلك أن الدكتورة سامية الميرغني تعامل مع جثامين أجدادها الذين يكبرونها بآلاف السنين كأم لهم؛ وراحت على مدى سنوات ترمم كل جزء فيها؛ وتحرص على سلامة كل طرق التخزين والاستخراج من التوابيت والنقل دون أن تتأثر جثامين الملكات والملوك.
والدكتورة سامية الميرغني لا تتعامل مع الموميات المحنطة باعتباره عمل مكلفة به، بل عشق خاص كما يحكي كل من عمل معها على مدار سنوات، ولهذا السبب وبفضل براعتها كلفها وزير الآثار بالإشراف على ترميم المومياوات التي تم نقلها من التحرير إلى الفسطاط، وعشق سامية الميرغني للآثار وللحضار المصرية القديمة بدأ منذ حصولها على الثانوية العامة، حيث التحقت بكلية العلوم قسم الحيوان، لكنها التحقت بعد ذلك بكلية الآثار وبفضل دراستها المزدوجة لعلوم الحيوان والآثار تخصصت في الانثروبولوجي، وحصلت على الماجستير في هذا التخصص من جامعة موسكو، وبعد عودتها من روسيا حصلت على درجة الدكتوراة من كلية الدراسات الإفريقية في الانثروبولوجي عن إنسان النوبة القديم.
من أجل تطبيق دراساتها جابت وأقامت الدكتورة سامية الميرغني كل المواقع الأثرية المصرية تقريبا،أبوسمبل في النوبة، وتل بسطا في الإسكندرية، ومواقع أخرى في مرسى مطروح، وفي الواحات وصحراء الفيوم والوادي الجديد، كما يحكي شقيقها الباحث الاقتصادي إلهامي الميرغني بفخر كبير أنه خلال احد رحلاتها مع بعثة علمية للبحث عن جيش قنبيز في الصحراء الغربية تأهت القافلة ودخلت في منطقة الرمال الناعمة التي غرق فيها جيش قنبيز، وانقطعت شبكات المحمول ونشرت الصحف عن فقدان بعثة أثرية للتنقيب في الصحراء الغربية، لكن عناية الله قادت وحدة حرس الحدود التي سجلو لديها قبل بدأ الرحلة باصطحاب مقتفي الآثر حتي عثرت عليهم.
بعد بلوغها سن المعاش، واصلت الدكتورة سامية الميرغني العمل كمستشارة لهيئة الآثار حيث تعتبر المتحف المصري بيتها الحقيقي والأكاديمية العملية التي تعلمت فيها ثم تولت قيادتها في فترة تالية حتي بلغت سن التقاعد.
ومنذ 4 سنوات، بدأت الدكتور سامية الميرغني مهمتها العلمية الأهم بالعمل في ترميم المومياوات بالمتحف المصري بالتحرير، بتكليف من وزير الآثار، وخلال هذه السنوات انكبت سامية الميرغني بالكامل على إنجاز تلك المهمة الصعبة والدقيقة التي تتعامل فيها مع أجساد عمرها آلاف الأعوام وتعد أقيم ما يمتلكه العالم وليس مصر وحدها، والهدف حمايتها من كل ما يمكن أن يؤثر فيها، والحفاظ على شكلها وحالتها لتظهر كما رأيناها بفضل الجهود الكبيرة للدكتورة سامية وفريقها.
بتواضع ملفت تحدثت الدكتورة سامية الميرغني في تصريحات صحفية عن مهمتها الصعبة والتاريخية، والتي ابتكرت لها حلال علميا عبقريا قائلة "إن وسيلة نقل المومياوات إلى متحف الحضارة، أحد أصعب التحديدات التي واجهت فريق العمل، لذا جاءت فكرة ابتكار صناديق مخصصة، يجري فيها نقل المومياوات الملكية، مع مراعاة أن تكون مقاومة للاهتزازات، وأن يتم شحنها بالنيتروجين للحفاظ على المومياوات بداخلها، وتظل بحالتها الجيدة دون أي أضرار"، وبفرح أضافت:احسيت إني في قمة سعادتي والحفل شغال، وشعرت أن مجهود وتعب سنوات أتي بثماره في الحفل الذي أشاد به العالم أجمع، فخروج الموكب والمومياوت بتلك الصورة نتاج تعب فريق كبير من الأثريين والخبراء، فخورة بكوني واحدة منهم.