مفتي الجمهورية خلال حواره مع محررة بوابة أخبار اليوم
مفتي الجمهورية خلال حواره مع محررة بوابة أخبار اليوم


حوار| مفتي الجمهورية: الإفتاء واكبت المستجدات الطارئة بفتاوى عصرية.. وماضون في تجديد الخطاب الديني

إسراء كارم

الجمعة، 16 أبريل 2021 - 05:29 م

 

- مستمرون في مسيرتنا لبيان زيف منهج هذه الجماعات 

- خططنا هذا العام تعتمد بشكل كبير على استخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة

- لا مانع من صلاة التراويح في المنزل

- يجوز للطلاب المكلفين الإفطارُ في شهر رمضان إذا كانوا يتضررون بالصوم فيه

- عدم ارتداء الكمامة من التواكل والشرع الشريف أمرنا بالأخذ بالأسباب

- الإفتاء عززت من دورها في مجال الإرشاد الأسري وتأهيل المقبلين على الزواج

تواصل دار الإفتاء المصرية عملها بثبات واحترافية تحت مظلة فضيلة مفتي الجمهورية الدكتور شوقي علام، وتوجيهات الدكتور إبراهيم نجم، مستشار المفتي، رغم أزمة كورونا التي اجتاحت العالم منذ العام الماضي وتغير معها الكثير من الأمور.

وفي ظل هذه الأزمة كان لدار الإفتاء دور كبير في الوصول إلى الناس وتصحيح المفاهيم والرد على الشبهات في ظل النوازل والمستجدات.


ومن هنا كان لنا حوار خاص مع فضيلة المفتي لمعرفة خطة رمضان هذا العام وكشف بعض الكواليس الخاصة بالتعامل مع عدد من التساؤلات وأيضا عرض فتاوى لبعض الأمور التي تهم الناس.. وإليكم نص الحوار:


في البداية ما هي أبرز خطط دار الإفتاء خلال شهر رمضان المقبل؟

كعادتنا كل عام نضع قبيل شهر رمضان المبارك خطة متكاملة لهذا الشهر الكريم الذي تزداد فيها الطاعات ويجتهد فيه الناس بالعبادات المختلفة وبالتالي تكثر الأسئلة والاستفسارات، وهو ما نحرص على الإجابة عليها بكافة الوسائل المتاحة.

ونظرًا لأن رمضان يأتي هذا العام أيضًا في ظل جائحة كورونا فإن خططنا هذا العام تعتمد بشكل كبير على استخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة لتقدم خدمات الدار إلى كافة المسلمين في بقاع الأرض.

وبالتالي قمنا في دار الإفتاء المصرية بتعزيز فريق الفتوى الهاتفية والإلكترونية من أجل إتاحة الفرصة لتلقي أكبر عدد من تساؤلات الناس فيما يتعلق بالشهر الكريم عن طريق الخط الساخن للدار (107)، هذا بالإضافة إلى زيادة عدد فريق الفتوى الإلكترونية، حيث تستقبل الدار أسئلة المستفتين عبر نافذة لها على موقع دار الإفتاء المصرية على شبكة الإنترنت، كذلك لدينا تطبيق إلكتروني على الهواتف الذكية يهدف لتسهيل التواصل بين السائلين ودار الإفتاء المصرية وهو استكمال لمسيرة دار الإفتاء نحو تذليل عقبات وصعوبات عملية حصول المستفتين على إجابات لفتاويهم من ذوي الخبرة والتخصص، فيتاح أيضًا استقبال أسئلة الصائمين فيما يتعلق بالشهر الكريم من خلال الأجهزة المحمولة بشتى أنواعها، كما يمكن للسائل مشاهدة جميع أسئلته التي يرسلها إلى دار الإفتاء المصرية في أي وقت يريده، ويستطيع تمييز الأسئلة المهمة لديه، هذا فضلًا عن ما يعرضه الأبلكيشن من أهم الفتاوى الحديثة المرتبطة برمضان وغيرها، وخدمات أخرى يقدمها البرنامج، كما سيتم العمل على تكثيف ساعات البث المباشر على صفحة دار الإفتاء الرسمية، والتي يقوم علماء الدار باستقبال أسئلة المتابعين أثناء البث والرد عليها مباشرة، وبعد انتهاء البث يتم تقطيع الأسئلة التي ورد واجاباتها في فيديوهات منفصلة ونشرها على الصفحة الرسمية وقناة اليوتيوب الخاصة بالدار، فضلا عن ظهور عدد من علماء دار الإفتاء المصرية في بعض البرامج التلفزيونية المباشرة للرد على استفسارات المشاهدين وأسئلتهم حول رمضان وأحكام الصيام، بالإضافة إلى الرسائل والبيانات الصحفية اليومية التي تصدر عن المركز الإعلامي لدار الإفتاء حول أحكام وفتاوى الصيام التي يكثر السؤال عنها.

 أعلنت وزارة الأوقاف السماح بإقامة صلاة التراويح هذا العام رغم كورونا.. فما رأي فضيلتكم؟

صلاة التراويح هي سنة مؤكدة ويجوز صلاتها في المنزل فرادى أو جماعات خاصة في ظل هذه الجائحة التي أرقت العالم، وما دامت الجهات المعنية قد سمحت بإقامة صلاة التراويح هذا العام وفق ضوابط معينة، فإنه على المسلمين الذين ينتوون أداء صلاة الراويح في المسجد أن يلتزموا بالإجراءات الاحترازية التي حددتها وزارة الصحة وكذلك وزارة الأوقاف من ارتداء الكمامة، واصطحاب سجادة الصلاة الخاصة بكل مصل، وغيرها من الاجراء المهمة للحفاظ على سلامة المصلين، وحتى تتم الصلوات على أكمل وجه دون عقبات، لأن حفظ النفس في الشريعة الإسلامية مقدم على إقامة الشعائر.


ماذا عن الخوف من الذهاب لصلاة التراويح؟

كما قلت لا مانع أن يصلي المسلم صلاة التراويح في المنزل سواء بشكل فردي أو مع أسرته، كون صلاة التراويح من السنن، وقد صلاها النبي صلى الله عليه وآله وسلم أول الأمر في المسجد، وتبعه في ذلك الصحابة الكرام، ثم صلاها صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله في بيته خوفًا من أن تفرض على المسلمين.
وعندما جاء سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ووجد أن المسلمين قد تفرقوا في صلاة التراويح وكثرت الجماعات في المسجد الواحد جمع المسلمين في صلاة التراويح خلف إمام واحد، وعندما ورأى حسن ما صنع قال: "نعمة البدعة هذه".

وبالتالي يجوز لمن يخشى على نفسه من الذهاب إلى المسجد أن يصلي التراويح في بيته.

هل يجوز عدم صيام رمضان للطلبة أثناء الامتحانات بسبب الحر وكورونا؟

صيام رمضان واجب على كل مسلم مكلَّف صحيح مقيم، والواجبات الشرعية منوطة بالقدرة والاستطاعة؛ فإذا عجز المكلف عن الصوم أو لحقَتْه منه مشقة لا قدرة له على تحملها: جاز له الإفطار شرعًا؛ لقوله تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: 286]، وقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «دَعُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاخْتِلافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ».

ويجوز للطلاب المكلفين الإفطارُ في شهر رمضان، إذا كانوا يتضررون بالصوم فيه، أو يغلب على ظنهم ذلك، بالرسوب أو ضعف المستوى الدراسي، ولم يكن لهم بد من الاستمرار في الدراسة أو المذاكرة أو أداء الامتحان في رمضان، بحيث لو استمروا صائمين مع ذلك لضعفوا عن مذاكرتهم وأداء امتحاناتهم التي لا بد لهم منها، فيجوز لهم الفطر في الأيام التي يحتاجون فيها للمذاكرة أو أداء الامتحانات احتياجًا لا بد منه، وعليهم قضاء ما أفطروه بعد رمضان عند زوال العذر.

ويجب التنبه إلى أنَّ هذه الفتوى إنما هي فتوى ضرورة، والضرورة تقدَّر بقدرها، فالعمل بها مشروط بشروط لا بد من توافرها وإلا وجب الصوم وحرم الإفطار:

فهي مشروطة أولًا: بكون الطالب يتضرر بالصوم في رمضان تضررًا حقيقيًّا لا موهومًا.

وهي مشروطة ثانيًا: بأن يغلب على الظن الرسوب أو ضعف النتيجة وتدهور المستوى.

وهي مشروطة ثالثًا: بكون المذاكرة مضطرًّا إليها في شهر رمضان ولا يمكن تأجيلها.

وهي مشروطة رابعًا: بأن لا يتجاوز الطالب في الإفطار أيام الاحتياج والضرورة للمذاكرة أو الامتحانات إلى غيرها.

- هل حدث تغييرات في الفتاوى مع أزمة كورونا؟ وما أبرزها؟

من واقع الرؤيا الشاملة التي انطلقت منها دار الإفتاء المصرية لمواجهة التحديات ومواكبة المستجدات، إذ كانت مواكبة لأزمة فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، أحد أهم هذه التحديات، إذ فعّلت الدار فقه فتاوى النوازل الذي يماثل قانون الطوارئ في مجال التشريعات القانونية والدستورية الحديثة.
ومن أهم ما فعلته دار الإفتاء المصرية في هذا الصدد، إلى جانب إصدار فتاوى وبيانات النوازل الفقهية، متابعة التغيرات المجتمعية والأسرية الطارئة على قيمنا وأخلاقنا بسبب وباء كورنا، وأصدرت دار الإفتاء البيانات المصورة والمكتوبة لتصحيح المفاهيم ومنع انتشار أي ظواهر سلبية لا تتناسب وقيمنا الدينية وثوابتنا الأخلاقية.

- وماذا عن الفتاوى التي احتاجت لدراسة وبحث خصوصا ما يتعلق بالنوازل؟

دار الإفتاء واكبت هذه المستجدات الطارئة بفتاوى عصرية تعتمد آخر مستجدات العلوم والطب لتقدير حجم المسألة والوقوف على كافة أبعادها وآثارها من أجل الحكم عليها.

كما أصدرت الدار العديد من الفتاوى تتعلق بالمستجدات التي طرأت مع هذه الجائحة فيما يخص العبادات والمعاملات وغيرها من الأمور، وما زلنا مستمرين على هذا النهج.

والدار لم تغفل في بياناتها وفتاويها الآثار الاقتصادية الناجمة عن تعطيل مصالح الأفراد والشركات، فحثت من خلال شعارات قوية على توجيه الصدقات والزكوات لمصابي كورونا، ومواساتهم بالمال وبالدعم النفسي، هذا بالإضافة إلى أن الدار راعت كذلك الآثار النفسية والضغوط العصيبة التي رزحت تحتها الأطقم الطبية، جراء المجهود المتواصل لإسعاف المصابين وعلاجهم، فضلا عن التنمر ضدهم أحيانًا، أو التحيز ضد شهدائهم ورفض بعض الناس دفن ضحايا الوباء في تدن أخلاقي لا غير معهود من المصريين حاربته الدار وألحت في معركتها ضده حتى أعادت التوازن إلى المجتمع مرة أخرى.

- عام صعب عاشه العالم في ظل انتشار فيروس كورونا.. فما هي جهود الإفتاء في ظل هذه الجائحة؟

دار الإفتاء المصرية قامت بواجبها المنوط بها خير قيام، فأصدرت العديد من الفتاوى والبيانات التي تنم عن بعد نظر وإدراك عميق لحجم المسئولية، فعالجت آثار الجائحة وبصَّرت الناس بكيفية التعامل معها في إطار الشريعة.

وكما ذكرت سابقًا فإن الدار عملت من خلال بياناتها وفتاويها على إدراك الآثار الاقتصادية الناجمة عن تعطيل مصالح الأفراد والشركات، والتي حثت من خلال رسائل قوية على توجيه الصدقات والزكوات لمصابي كورونا، ومواساتهم بالمال وبالدعم النفسي. كما راعت الآثار النفسية والضغوط العصيبة التي رزحت تحتها الأطقم الطبية، جراء المجهود المتواصل لإسعاف المصابين وعلاجهم، فضلًا عن التنمر ضدهم أحيانًا، أو التحيز ضد شهدائهم ورفض بعض الناس دفن ضحايا الوباء في تدنٍّ أخلاقي غير معهود من المصريين حاربته الدار وألحت في معركتها ضده حتى أعادت التوازن إلى المجتمع مرة أخرى.
كام نجحت دار الإفتاء، في سد فجوة الفتوى في ظل جائحة كورونا، من خلال عدة طرق لاستقبال الأسئلة الشرعية الواردة على علماء الدار؛ وذلك من خلال إتاحة الخط الساخن للفتاوى للتواصل مع أمناء الفتوى مباشرة، وكذلك تكثيف ساعات البث المباشر من خلال الصفحة الرسمية لدار الإفتاء على موقع فيس بوك، فضلًا عن التركيز على تفعيل دور الفتوى الإلكترونية من خلال موقع وتطبيق دار الإفتاء المصرية.

- الهجوم باستمرار على فتاوى الإفتاء أصبح متصدرا المشهد بشكل كبير.. فكيف تواجه الإفتاء ذلك؟

لا نلتفت إلى هذه الهجمات الممنهجة، وقد اعتدنا مثل هذه الأفعال من جماعات بعينها لا تنفك أن تشن الهجوم تلو الآخر على مؤسسات الدولة المصرية ومن بينها دار الإفتاء بتحريف الكلم عن مواضعه مثلما فعلت في كثير من المواقف والفتاوى.

ورغم هذا الهجوم من وقت للثاني فإننا مستمرون في مسيرتنا لبيان زيف منهج هذه الجماعات، وماضون في تجديد الخطاب الديني ومواكبة كافة المستجدات المحيطة بنا.

- رغم التنبيهات المستمرة على أهمية ارتداء الكمامة الطبية.. إلا أن عدد كبير لا يهتم بالإجراءات الاحترازية مع حجة أن كل شيء بأمر الله.. فما رأي فضيلتكم؟

هذا يعتبر نوع من التواكل، والشرع الشريف أمرنا بالأخذ بالأسباب، وقد أمرتنا الشريعة الغراء بحفظ النفس وجعلته مقدمًا على كثير من الأمور، ومن حفظ النفس اتخاذ كافة الإجراءات الاحترازية.

والإمام العز بن عبدالسلام قال: لو أن إنسانا يصلي الظهر مثلًا ثم وجد هلاكا على نفسه، كان سيوازن بين مصلحتين، إقامة التكليف الشرعي على وجهه، كما أراده الله سبحانه، أي حافظ على أركان الدين، وهناك مصلحة أخرى وهي حفظ النفس الإنسانية من كل ما يؤدي إلى إتلافها وتعريضها إلى الهلاك.
واتباع هذه التدابير التي تقول بها الدولة هو عبادة من العبادات لأنه محافظة على النفس، وعندما يحافظ على نفسه ويتخذ هذه التدابير يكون في طاعة الله سبحانه وليس مخالفًا للشرع الشريف، والتدابير التي تقول بها الدولة جزء من تعاليم الإسلام.

ما حكم إقامة حفلات الزفاف في ظل انتشار فيروس كورونا؟

ما زلنا نؤكد مرارًا وتكرارًا على ضرورة الالتزام بالقرارات التي تصدرها الجهات المختصة فيما يخص التجمعات، وهو أمر لا مناص منه للحد من العدوى خاصة في الأماكن المغلقة والأفراح والمناسبات التي يحضرها عدد كبير من الناس.

وهذا الأمر يرجع إلى تقدير الجهات المسؤولة بحسب المعطيات التي لديهم ويبنون عليها قراراتهم التي يجب أن نلتزم بها وندعمها.

هناك دعوات بين الشباب وبعضهم لتجربة حياة المتزوجين دون زواج لفترة قبل أخذ قرار الزواج.. فما حكم ذلك؟

رابطة الزواج رابطة قوية ومتينة، وقد وُصفت بأوصاف عديدة في القرآن الكريم لعل من أجلِّها وصف الله تعالى لها بالميثاق الغليظ".

والإسلام لا يعرف المخادنة، وهي أن يتخذ الرجل أو المرأة من بعضهما أخدان دون علاقة شرعية واضحة، والمقصد الأسمى من الزواج هو توفير السكن والمودة وتحقيق الوئام وحصول التوافق في العلاقة الزوجية بين الزوجين؛ وقد أرسى الشرع الشريف للأسرة الأسس المتينة والآداب الحكيمة الضابطة لهذه العلاقة ذات الميثاق الغليظ؛ حتى تكون بمراعاتها موضع سكينة واطمئنان، ومحل هدوء وسعادة للزوجين؛ كما قال الله تعالى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ [الروم: 21].

والشرع الحنيف قد حرص على هذا الأمر كل الحرص لأجل تحقيق المقاصد الشرعية للعقد؛ حيث أَوْلَى مسألة اختيار كل من الخاطِـبَيْن للآخر عناية خاصة، فأمر بالبحث عن أخلاق كلٍّ منهما والمبادئ المستقرة في أسرتيهما؛ حيث إن الأساس في تكوين الأسرة هو حُسْن الاختيار وهو الضمان الحقيقي للنجاح في الحياة الزوجية، كما تدل التجربة الإنسانية على ذلك.

- ما هي جهود دار الإفتاء للحد من الطلاق؟ وما هي نصائح فضيلتكم للمتزوجين؟

أكدت في أكثر من مناسبة على أن الطلاق يجب أن يكون هو الحل الأخير الذي يجب أن نلجأ إليه بعد استنفاد جميع الوسائل بمعنى الوصول إلى مرحلة لا يمكن أن تستمر فيها العلاقة الزوجية، وينبغي نشر التوعية والثقافات المهمة والرشيدة كتصحيح المفاهيم الخاطئة المتعلقة بالطلاق مثل التسرع فيه عند ظهور توافه الأمور.

وقد أنشأنا في دار الإفتاء المصرية من أجل ذلك وحدة الإرشاد الأسري والتي حققت أهدافها المنوطة بها وما زالت بفضل الله؛ لأنها تعتمد على مجموعة من الخبرات والكفاءات المختلفة التي تشمل الجانب الشرعي، والنفسي، والاجتماعي، والمهاري؛ لتستوعب بذلك التنوع كافة جوانب العلاقة الأسرية وما يحيط بها من مشكلات تحتاج إلى تحليل علمي دقيق لفهم الأسباب والدوافع والوصول إلى العلاج المناسب.


ولم تغفل دار الإفتاء دورها المجتمعي، حيث عززت من دورها في مجال الإرشاد الأسري وتأهيل المقبلين على الزواج، واستطاعت دار الإفتاء من خلال برنامج تأهيل المقبلين على الزواج أن تقدم للمتدربين معارف وخبرات تساعدهم في كافة أمور حياتهم الزوجية.

- ما هي القواعد التي ينبغي أن يعرفها المقبلين على الزواج؟

يجب على الزوجين ، أن يكونا أكثر حكمة، وألا يجعلا أسرتهما البسيطة الناشئة مرتعًا لتلقي النصائح ، من هذا أو ذاك ممن ليس له أحيانًا علاقة بالموضوع، وأن يتعلما أن النصيحة لا تؤتى ثمارها في الحياة الزوجية، إلا إذا كانت هناك حاجة إليها وتكون من المتخصصين.

- جرائم قتل الأبناء بسبب الخيانة .. أصبحت منتشرة في الفترة الماضية.. فما السبب وما هو العلاج في رأي فضيلتكم؟

القتل في جرائم الشرف جريمة في الشرع والقانون ويتعين على المتضرر من هذا الفعل الشنيع اللجوء للقضاء لا القتل.

والشرع الحنيف وضع تعريفا دقيقا منضبطا لجرائم الشرف جعل له صورة محددة لا تلتبس بغيرها من الصور نظرا للخطر العظيم لهذه الجريمة وما يتبعها من أثار، لذا احتاط الشرع احتياطا شديدا في إثباتها، ووضع شروطا دقيقة لترتيب العقوبة عليها، ولم يثبتها إلا بأحد أمرين، أولهما الاعتراف وهو الإقرار من الفاعل بأنه ارتكب الجريمة، والثاني هو البينة، أن يشهد 4 شهود بأنهم قد رأوا حدوث الفعل، وبدون هذين الطريقين لا يعول على إثبات جريمة الزنا، وهذا ما اتفق عليه جمهور العلماء

- كيف يمكن حماية الشباب من استغلال جماعة الإخوان لهم؟

قوة المجتمع مرتبطة بالتربية والتعليم والتوعية الصحيحة للشباب، وهذا يحمل الأسرة والمجتمع مسؤولية كبيرة في تنميتهم وتوعيتهم تجاه المخاطر التي تحيط بهم، والتحديات التي تواجههم وكيفية التعامل معها.

ودور العلماء يكمن في محاربة الفكر المتطرف؛ لذا لا بد من توضيح أن هذه الأفكار هدامة، كما أنه لا بد أن تتضح عندنا المعايير الراسخة والثابتة لمواجهة ومناقشة هذا الفكر، فعبد الله بن عباس ناقش الخوارج في أفكارهم وعلى هذا ينبغي بذل الجهود من العلماء والمؤسسات الدينية.

- وماذا عن تجديد الخطاب الديني؟

نريد فهمًا رشيدًا لهذا الدين؛ لأن هناك فرقًا بين فهم النصوص القرآنية وسنة رسول الله، وبين المفاهيم المختلفة على مر التاريخ للنص الشريف، مشددًا أن لدينا نصًّا مقدسًا يتمثل في القرآن الكريم ويتمثل في سنة الرسول الثابتة عنه ثبوتًا صحيحًا، هذا كله لا نقترب منه من ناحية الإضافة أو الحذف أو الإجمال، لكننا وفق إطار علمي محدد نفهم ونتعامل مع هذا النص الشريف وننزله إلى أرض الواقع بمنهجية لا عشوائية نستعمل فيها الخطاب الوضعي بهدف إدراك الواقع، وهو ركن ركين من عمل الفتوى، إذا أدركناه فإننا نأتي إلى منطقة النص الشرعي وننزلها بناءً على فهمنا للخطاب الوضعي من توافر الشرط والأسباب وانتفاء الموانع، وإننا إذا تعاملنا مع القضية هكذا نكون قد جددنا الخطاب الديني.


- أحداث إرهابية يتعرض لها العالم كل يوم.. فكيف يمكن استئصال جذور الإرهاب؟

الأفكار الدينية المغلوطة تعد من أهم الأخطار التي نواجهها على المستوى المحلي والدولي؛ وذلك لأن التطرف الديني في العادة لا يقف عند حد الفكر المتشدد المنطوي على نفسه؛ بل سرعان ما يتطور إلى مرحلة فرض الرأي، ثم محاولة تطويع المجتمع بأسره قسرا لهذا الفكر، ولا سبيل له إلا العنف والإرهاب وسفك الدماء.


وهذه المتوالية تتشابه وتتكرر في أماكن كثيرة في العالم من حولنا، بل تزداد ضراوة وتأثيرا وعنفا بشكل متسارع، وأن طموحات الإرهابيين توسعت إلى حد تلقي تمويلات وإقامة جيوش وتسليح كتائب واستقطاب الشباب وتدريبهم وإعاشتهم ودمجهم في كيانات وميليشيات منظمة، كما أنهم يستعملون كافة وسائل التكنولوجيا الحديثة، من تصوير وعرض وغزو لوسائل التواصل الاجتماعي؛ لبث فكرهم المتطرف وجذب المزيد من الشباب المتحمس لدفعهم إلى أتون الحروب والعمليات الانتحارية، فتحول التطرف والإرهاب من ظاهرة فردية عشوائية إلى ظاهرة جماعية منظمة لا تراعي البعد الأخلاقي ولا الإنساني فضلا عن الديني، وهذا التطور قد تسبب في إيجاد حالة من عدم الاستقرار في العديد من دول العالم.

ولا شك أنه يجب التعاون والتكاتف بين الجميع هو السبيل إلى مواجهة هذه الأفعال الهدامة التي تؤثر في استقرار البشرية وتؤخر التطور الإنساني، وأنه يجب على كل دولة متحضرة وكل جهة حكومية ومؤسسة دينية ومنظمة دولية القيام بدورها في تشخيص مشكلة التطرف والإرهاب وبناء برامج الوقاية منها، ووضع الاليات المناسبة لمواجهتها واتخاذ الإجراءات الحاسمة والرادعة تجاه الدول التي تدعم تنظيمات التطرف والإرهاب وتمولها وتحميها.

- ماذا عن مصطلح التأسلم السياسي؟

«التأسلم السياسي» يعني استغلال سياسي للإسلام للوصول إلى أغراض معينة، وقد بدأ من عصر الخوارج إلى عصر جماعة الإخوان الإرهابية الآن، وفكرة الدولة هي الناجحة ويحمي من خلالها الدين، والنفس والعقل، والتجربة والتاريخ أثبوا أن كل توظيف للإسلام للوصول إلى أغراض سياسية مصيره الفشل.
وجماعات الإسلام السياسي سعت إلى التحريف النظري لمفهوم السياسة، لخلق قراءة مغلوطة للعلاقة بين الدين والسياسة، وفى محاولة لتوفير حجج وبراهين وفتاوى لتوظيف الدين فى السياسة.

والشعب المصري أدرك خطر جماعة الإخوان الارهابية، ولفظوا فكرهم وما يبثونه من سموم عبر قنواتهم الإعلامية، وهناك فرق بين التدين والتشدد، فالتدين يكون مهذبًا متفقًا مع ما دعا إليه النبي صلى الله عليه وسلم، مؤكدًا أن المتدين الحق يلجأ لأهل الاختصاص، ويأخذ فتواه من مصدر موثوق به، ومتخصص، ولا يلجأ لغيرهم حتى لا يضل الطريق.

نحن في حاجة إلى تكاتف المؤسسات الدينية وغيرها من مؤسسات الدولة لمواجهة التأسلم السياسي، كما أننا بحاجة إلى شباب واعٍ مدرك لهذه الأخطار.

- كيف يمكن تحقيق الاندماج الإيجابي للمسلمين في الغرب وتحسين صورة الإسلام؟

المسلمين في مجتمعاتهم الغربية، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم عاش في مكة وكذلك في المدينة المنورة وسط تعددية دينية وثقافية، وكذلك المسلمون الأوائل في هجرتهم الأولى إلى الحبشة التي كان يحكمها النجاشي وكان مسيحيًّا حينها، وهو ما يعني أن المسلمين الأوائل كانوا مندمجين في مجتمعاتهم الجديدة التي ذهبوا إليها.

ونحن كمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها مطالبين بأن نظهر للعالمين إسلامنا بصورة حضارية تنبئ عن حقيقة الدين، ولا تستخدم لأغراض أخرى، وعليكم بالاندماج الإيجابي الفعال الذي يظهر صورة المسلم الحقيقية التي ترفض الانعزال، فليست من شيم المسلمين، بل هم فاعلون ومشاركون في بناء الحضارة في بلدانهم

- رغم التحذير من التنمر باستمرار إلا أنه منتشر بشكل كبير.. فما حكمه وكيف يمكن التصدي له؟

هناك أمراضًا اجتماعية ظهرت على قلة من الناس مؤخرًا لم يعهدها المجتمع المصري طوال تاريخه كالتنمر والتحرش وترويج الشائعات وقد ساعد على ظهورها الاستخدام الغير نافع لمواقع التواصل الاجتماعي.

والتنمر سلوك عدواني يهدف للإضرار بشخصٍ آخر عمدًا، سواء كان العدوان جسديًّا أو نفسيًّا، وهو بهذا الوصف عمل مُحَرَّم شرعًا، ويَدُل على خِسَّة صاحبه وقلة مروءته؛ وذلك لأنَّ الشريعة الإسلامية حَرَّمت الإيذاء بكل صوره وأشكاله.

- ما هي الأساسيات التي يجب أن يتحلى بها القائم بالفتوى؟

عملية الفتوى هي صنعة في الأساس تحتاج لمن يتصدى لها أن تتوافر فيه بعض الشروط والمواصفات حتى يتمكن من إخراج الحكم الشرعي للمسألة.

وممارس عملية الإفتاء يجب أن يكون لديه القدرة على التشبيك بين قواعد الفقه الكلية، وبين الواقع بكل مستجداته، ليخرج في النهاية برؤية شاملة قادرة على استيعاب تلك المستجدات بلا إفراط أو تفريط.

- حالة من اليأس تتملك الكثيرين بسبب ظروف كورونا وانتشار أخبار الوفيات وارتفاع أعداد المصابين.. فما رسالتك لهم؟

الاستبشار هو فقه الحياة، حيث يتقلب الإنسان في لحظات كثيرة جدًا من العجز، ففي الأفق يجب أن يبقى الأمل والحياة والتفاؤل.
ويجب على الإنسان المسلم التوكل على الله مع الأخذ بالأسباب، ولنا في نبي الله يعقوب أسوة بعدما ذهب نظره حزنًا على ولده نبي الله سيدنا يوسف عليه السلام، لكن لحظة الأمل لديه كانت موجودة دائمًا وطلب من إخوة يوسف عدم اليأس من روح الله، والقرآن الكريم حذر الإنسان أشد التحذير من اليأس والقنوط من رحمة الله.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة