زكريا عبدالجواد
زكريا عبدالجواد


رٌكن الحواديت

حكاية ثلاجة الحاج أحمد فى رمضان

زكريا عبدالجواد

الجمعة، 16 أبريل 2021 - 07:37 م

قبل 35 عامًا تقريبًا.. لم يكن لدينا ثلاجة، كان ذلك بعد دخول الكهرباء إلى قريتنا فى قنا بحوالى 4 سنوات، فكانت أمى ترسلنى قبل الغروب فى رمضان لمنزل عمنا الحاج أحمد عبد الحافظ، لأزاحم صغارًا فى طلب قدر من الثلج أو الماء البارد.
 كان الحاج أحمد يستقبلنا ببشاشة وجه وهو يمسك بضلفة باب منزله، الذى تصطف على عتباته ابتسامات الرضا والترحاب، ثم ينادى على زوجته الكريمة أم عبد الفتاح لتسلمنا حصة يومية كانت تخصصها لكل بيت فى رمضان.
لا أذكر ولو مرة أنها قهرت طفلا منَّا أو نهرته لأى سبب،  فكانت  تستقبلنا بنفس بشاشة زوجها كل يوم، وتصافحنا جميعًا، وتسأل عن أحوال المريض والغائب فى كل أسرة.
وحين كنا نتزاحم كانت تفض الاشتباك بحشو أفواهنا بقطع حلوى ينسينا طعمها عبارات الغضب ومرارة التشاحن ووقت الانتظار.
وفى المناسبات كانت ثلاجة الحاج أحمد هى الراعى الرسمى للماء البارد، فتخصصها زوجته الطيبة كاملة لتجهيز الثلج والماء الساقع، ثم تعطيه لصاحب المناسبة، وتضع فى وعاء الثلج ما تيسر من أكياس السكر وزجاجات الشربات كنوع من المشاركة.   
ظل الوضع على هذا الحال لأكثر من ثلاث سنوات ونحن بانتظار  الثلاجة التى كان يتم شراؤها بالحجز المسبق من مدينة الأقصر، بمعرفة إحدى الشركات الحكومية. 
ولم نلحظ ضجرا من الحاج أحمد وزوجته خلال هذه المدة أبدا بل على العكس كانت كلما انتابنا الخجل ولو ليوم واحد من طلب الثلج ترسل أحد أبنائها بالكميات كما هى دون نقص، مع وصلة عتاب وسؤال عن كل غائب. 
رحل هذا الرجل الكريم قبل أكثر من 25 عاما فبكاه الجميع ولازالت زوجته الطيبة تفيض بالحب والجمال ومر على الواقعة 35 عاما تقريبا ذابت فيها آلاف الجبال من الثلوج، ولكن معروف الحاج أحمد وزوجته يظل شامخا فى وجداننا، ولن تذيبه الأيام أو تنسينا إياه السنون أبدا.
 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة