صورة ارشيفية
صورة ارشيفية


رمضان فى إندونيسيا يبدأ بـ «البدوق» وينتهى بـ «الموديك»

أحمد بهجت

السبت، 17 أبريل 2021 - 04:29 ص

إندونيسيا أكبر دولة إسلامية من حيث عدد السكان, حيث يبلغ عدد سكانها حوالي 255 مليون نسمة، ويشكل المسلمون ما يزيد على 90% من عدد سكانها, وتحتوى على قرابة 800 ألف مسجد.


وتتكون إندونيسيا من أكثر من 3000 جزيرة تتناثر على امتداد جنوب شرق آسيا، ورغم أن الدولة تعترف بست ديانات رسمية، فإن إجازة رمضان وكذلك مضاعفة المعاشات لا تفرقان بين موظف مسلم وغيره، حيث تستقبل الحكومة الإندونيسية رمضان بمنح إجازة للطلاب فى الأسبوع الأول من رمضان للتعود على الصيام، والعطل الرسمية تمتد لأسبوعين قبل وبعد عيد الفطر، أما الدوام فى الدوائر الرسمية بالعاصمة جاكرتا مثلاً فينتهي عند الساعة الثانية ظهراً.

كما أن الحكومة تصرف راتباً إضافياً للموظفين نهاية الشهر. وتفرض الحكومة قراراً بحجب العديد من المواقع الإباحية خلال الشهر للحفاظ على روحانيات رمضان وخصوصيته، وهو تقليد سنوي متبع في إندونيسيا لاستقبال شهر رمضان. ومن الملاحظ أن المقيمين فى الجزر التي يدين أغلبية سكانها بغير الإسلام كجزيرة بالى الهندوسية وبابوا وتوراجا المسيحيتين نادراً ما يشعرون بأجواء رمضان.

ويستقبل المسلمون رمضان، بتقديم عناية خاصة لجميع المساجد بالدولة، خاصة مسجد الاستقلال، وهو أكبر مساجد إندونيسيا، كما يقومون بتنظيف البيوت وتزيينها، كما تعلق الزينات فى الشوارع، ليسود جو من البهجة، ويحرص مسلمو إندونيسيا خلال هذا الشهر على الانتظام فى ارتياد المساجد وأداء صلاة التراويح وتلاوة القرآن الكريم. ومن المظاهر الاحتفالية قيام الشباب بقرع الطبول التقليدية، والتي يطلق عليها اسم «البدوق»، وهى طبول ضخمة توضع فوق شاحنات صغيرة تجوب الشوارع ليقرعها الشباب للإعلان عن قدوم رمضان، كما يتم قرعها عند حلول موعد الإفطار والسحور وتعد تلك الطبول رمزاً لشهر رمضان فى إندونيسيا.


ومن مظاهر الشهر الكريم أيضا، ما يشبه «المسحراتي» فى الدول العربية، ويقوم الشباب أيضاً فى إندونيسيا بأعمال تطوعية من تحضير موائد الإفطار العامة، والتي تعد لغير القادرين، وتنظيم الحركة حول المساجد.


أما عن العادات والتقاليد الرمضانية فتقوم المطاعم و المقاهي بإغلاق أبوابها فى رمضان، وكذلك النوادي الليلية، كنوع من التقدير لقدسية هذا الشهر الكريم، كما تحرص المعاهد الدينية على تقديم الدروس والبرامج الدينية المناسبة للشباب لتوعيتهم بعظمة هذا الشهر. ومن العادات المحببة للأسر الإندونيسية، زيارة أحد ملاجئ الأيتام والإفطار معهم، إضافة لتبادل الهدايا فيما بينهم كما يحرصون على المشاركة فى إعداد موائد الإفطار المجانية فى المساجد.


يحافظ الإندونيسيون على العلاقات الأسرية بشكل قوي، وهناك احترام لكبير العائلة، حيث يجتمعون جميعاً معه في أول أيام رمضان، ويتبادلون التهاني والزيارات مع الأقارب، والإفطار معاً فى الساحات والحدائق.


في إندونيسيا ينتهز المسلمون فرصة هذا الشهر الكريم ليتصالح المتخاصمون‏، ويتسامح المتشاحنون، ويتناسوا ما وقع بينهم من خلاف‏،‏ ويتم عقد حفلات التصالح هذه عادة فى المساجد‏، ويشرف على ترتيب مجالس الصلح وجهاء الناس وعلماؤهم، كما يحرص الإندونيسيون خلال شهر رمضان على تبادل الهدايا والأطعمة بين الأهل والجيران لتزيد روابط المحبة بينهما, كما يزور الإندونيسيون المقابر، ويضعون الزهور على مقابر ذويهم خلال شهر رمضان.


وللمائدة الإندونيسية الرمضانية طابع خاص، فيبدأ الصائمون إفطارهم على التمر أو شراب «تيمون سوري»، وهو نوع من «الشمام»، ثم يتناولون الحلوى وأشهرها حلوى البطاطا أو«الكولاك»، وهى عبارة عن بطاطا مسلوقة مخلوطة بالسكر البني وجوز الهند، ويتجهون بعد ذلك لأداء صلاة المغرب وبعدها يعودون لتناول وجبتهم الرئيسية.


ويعتبر الأرز الطعام الرئيسي فى إندونيسيا، والذي يؤكل مسلوقاً أو مقلياً، ويطهو الإندونيسيون طعامهم فى حليب جوز الهند والزيت، وأحياناً يقدمونه مغلفاً فى ورق جوز الهند أو الموز. ويمكن تقديم الأرز مع اللحم أو السمك أو الخضار، أو مطعماً بالتوابل الحارة فقط. واللحم الذي يؤكل فى إندونيسيا هو لحم الجاموس المائي والبقر والدجاج وبعض المناطق يؤكل فيها لحم الغزال.


أما صلاة التراويح فى إندونيسيا فيؤديها المسلمون ثماني ركعات فى بعض المساجد، وفى بعضها الآخر تصلى عشرين ركعة، ولا تلتزم تلك المساجد فى أغلبها ختم القرآن كاملاً، بل تقرأ فى صلاة التراويح ما تيسر من القرآن، وقد تتخلل صلاة التراويح أحيانا كلمة وعظ، أو درس ديني. 


ويعود هذا الاختلاف فى صلاة التراويح, كونهم ينقسمون إما إلى «نهضويون» أى أتباع جمعية نهضة العلماء ذات المنهج المتصوف، أو «محمديون» أتباع الجمعية المحمدية التي تعرف نفسها بأنها على منهج أهل السنة والجماعة.


وتعد جمعية نهضة العلماء أقدم تيار إسلامي فى إندونيسيا والأكثر تأثيراً فيها، ويعتبرها البعض صوت الحكومة فى الشؤون الدينية، فى حين يشتهر المحمديون باستثماراتهم فى قطاع التعليم، حيث يملكون عدداً من الجامعات كجامعتي مكسر وأوهاماكا، على عكس النهضويين المهتمين بفتح دور العبادة ومعاهد علوم القرآن.


ومن العادات عند انتهاء صلاة التراويح وذهاب كل إلى بيته أن ترى شباب كل قرية وقد تجمعوا بالقرب من المسجد للغناء والابتهالات حتى موعد السحور، فتقوم الجماعة صاحبة النوبة بإيقاظ الأهالي للسحور، باستخدام آلة (البدوق)، وفى الليلة التالية تقوم جماعة أخرى من الشباب بنفس العمل أى فى شكل مناوبات، أما المدن الكبيرة فتنطلق المدافع لإيقاظ السكان للسحور، كما تنطلق مرة أخرى للإمساك إيذاناً ببدء صوم يوم جديد.


وعندما تحلّ نهاية شهر رمضان، يعود ملايين الإندونيسيين ممن يعيشون فى الخارج وفى العاصمة جاكرتا إلى بلداتهم ومدنهم الأصلية، في حدث سنوي معروف باسم «موديك» للاحتفال بعيد الفطر وما فيه من شعائر أبرزها صلاة العيد، وعادات أبرزها تبادل الزيارات والاحتفال بالحلويات والمأكولات

.
وأثر فيروس كورونا على هذه الطقوس العام الماضي, ما دفع الحكومة والمسئولين الدينيين إلى إطلاق نداءات لتجميد هذه الطقوس والعادات السنة الماضية، كما حظرت الحكومة الـ«موديك» مع وقف جميع الرحلات التجارية الدولية والمحلية والسفر البحري.

اقرأ أيضا| رئيس إندونيسيا يندد بالهجوم على كنيسة ويصفه بـ«الإرهابي»

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة