المسحراتى
المسحراتى


حكايات رمضانية| قصة بداية المسحراتي والمسحراتية

شيرين الكردي

السبت، 17 أبريل 2021 - 04:18 م

تعددت وسائل وأساليب تنبيه الصائمين وإيقاظهم للسحور منذ عهد الرسالة وإلى الآن  ففي عهد الرسول صلى الله عليه وسلم  كانوا يعرفون وقت السحور بآذان بلال ويعرفون المنع بآذان ابن أم مكتوم .

ويشير خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بجنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار إلى أن السحور فى بداية الإسلام  كان عن طريق أذانان للفجر أحدهما يقوم به بلال وهو قبيل الوقت الحقيقى للفجروالثانى يقوم به عبد الله بن أم مكتوم وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم أن آذان بلال ليس موعدًا للإمساك عن الطعام والشراب لبدء الصيام وإنما هو آذان للمسلمين في تناول طعام السحور حتى يسمعوا آذان ابن أم مكتوم.

فجاء في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم " إن بلالًا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم " وروى أحمد " لا يمنعن أحدكم آذان بلال من سحوره فإنه يؤذن ليرجع قائمكم وينبه نائمكم " ، فقد كان آذان بلال بمنزلة الإعلام بالتسحير في شهر رمضان وما كان الناس في المدينة يحتاجون إلى أكثر من ذلك للتنبيه على السحور .

ويوضح الدكتور عبد الرحيم ريحان أنه مع اتساع رقعة الدولة الإسلامية وتعدد الولايات بدأت تظهر وسائل أخرى للسحور وبدأ المسلمون يتفننون فى وسائله وأساليبه حتى ظهرت وظيفة المسحراتى فى الدولة الإسلامية فى العصر العباسى ويعتبر وإلى مصر عتبة بن إسحاق أول من طاف شوارع القاهرة ليلا فى رمضان لإيقاظ أهلها إلى تناول طعام السحور عام 238هـ /853م وكان يتحمل مشقة السير من مدينة العسكر إلى الفسطاط مناديًا الناس " عباد الله تسحروا فإن فى السحور بركة " وذلك طبقًا لما جاء فى دراسة للدكتور على أحمد الطايش أستاذ الآثار الإسلامية بكلية الآثار جامعة القاهرة.

وينوه الدكتور ريحان إلى أن المسحراتى فى العصر العباسي، كان يحمل طبلة صغيرة يطبل عليها مستخدمًا قطعة من الجلد أو الخشب ومعه طفل أو طفلة صغيرة معها شمعة أو مصباح لتنير له طريقه وكانت النساء تترك له على باب منازلهن قطعة نقود معدنية ملفوفة داخل ورقة ثم يشعلن أحد أطرافها ويلقين بها إلى المسحراتى الذي يستدل على مكان وجودها من ضوء النار فيدعى لأصحاب البيت ويقرأ الفاتحة.

وفي نهاية الشهر الكريم كان يلف على البيوت التى كانت تعتمد عليه فى السحور ليأخذ أجرته وكان من المعتاد أن ينشد المسحراتى شعرًا يسمى بال" قوما" نسبة إلى قيام الليل لتناول السحور وكان مشهورًا إنذاك ومثال لذلك الشعر

لا زال سعدك جديد.. دائم وجدك سعيد

ولا برحت مهنا..  بكل صوم وعيد

لا زال ظلك مديـد..  دائم وبأسك شـديد

ولا عدمنا سحورك..  في صوم وفطر وعيد

ولفت الدكتور ريحان إلى أن مهنة المسحراتى لم تقتصر على الرجال فقط  كما يعتقد البعض  فكما أن هناك المسحراتى فهناك أيضاَ "المسحراتية"، ففى العصر الطولونى كانت المرأة تقوم بإنشاد الأناشيد من وراء النافذة في وقت السحور لتوقظ أهالى البيوت المجاورة لها كما كانت المراة المستيقظة فى وقت السحور تنادى على جاراتها لإيقاظهن

وفى العصر الفاطمى أصدر الحاكم بأمر الله الفاطمى أمرًا بأن ينام الناس مبكرين بعد صلاة التراويح وكان جنود الحاكم يمرون على البيوت يدقون الأبواب ليوقظوا النائمين للسحور ومع مرور الأيام عين أولو الأمر رجلًا للقيام بمهمة المسحراتى كان ينادى يا أهل الله قوموا تسحروا  ويدق على أبواب البيوت بعصا كان يحملها فى يده تطورت مع الأيام إلى طبلة يدق عليها دقات منتظمة.

ويتابع الدكتور ريحان أنه فى العصر المملوكى كادت مهنة المسحراتى أن تتلاشى تمامًا لولا أن الظاهر بيبرس أعادها حيث عين أناسًا مخصوصين من العامة وصغار علماء الدين للقيام بتلك المهمة وكانوا يحشدون من وراءه الأطفال الصغار ومعهم الفوانيس والشموع وتعرف طبلة المسحراتي بـ "البازة" إذ يُمسكها بيده اليسرى وبيده اليمنى سير من الجلد أو خشبة يُطبل بها في رمضان وقت السحور.

والبازة عبارة عن طبلة من جنس النقارات ذات وجه واحد من الجلد مثبت بمسامير وظهرها أجوف من النحاس وبه مكان يمكن أن تعلق منه وقد يسمونها طبلة المسحر والكبير من هذا الصنف يسمونه طبلة جمال.

ويردد المسحراتى بعض الجمل بإيقاع متناغم رخيم ويطوف المسحراتى الشوارع والأزقة والحارات بفانوسه الصغير وطبلته التقليدية التى ينقر عليها نقرات رتيبة عند باب كل بيت وهو ينادى صاحب البيت باسمه يدعوه للاستيقاظ من أجل السحور ووحدوا الدايم سحور يا صايم.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة