بايدن
بايدن


«بايدن» يفي بوعده وينهي «الحروب الأبدية» الأمريكية

الأخبار

السبت، 17 أبريل 2021 - 08:18 م

 مروى حسن حسين

 

كتب الرئيس الأمريكى جو بايدن، نهاية أطول حرب فى تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية وعودة القوات الأمريكية إلى «أرض الوطن» من أفغانستان، متطلعا إلى طى صفحة تدخل بلاده عسكريا هناك منذ 20 عاما، فى حرب كلفت أمريكا حوالى 2 تريليون دولار وأرواح حوالى 2400 جندى أمريكى.

 

افغانستان ليست على رأس قائمة أولويات بايدن، بالنظر إلى عدد الأزمات التى يواجهها فى الداخل والخارج. فقد أعلن بايدن بدء انسحاب قواته وقوات حلف شمال الأطلسى «ناتو» من أفغانستان، اعتبارا من أول مايو، على أن يكتمل مع حلول الذكرى العشرين لهجوم 11 سبتمبر. وهو جزء من اتفاق تم التوصل إليه العام الماضى بين طالبان وإدارة ترامب.

 

بالنظر إلى وعد بايدن بإنهاء ما يسمى بـ«الحروب الأبدية»، فإن السؤال ليس ما إذا كان سيسحب القوات. بل الطريقة التى يمكنه القيام بها بطريقة تحافظ على شىء من المكاسب التى تحققت فى أفغانستان وتضمن أن عقودًا من التضحيات الأمريكية لم تذهب سدى.

 

المشكلة هى أن واشنطن عالقة بين حركتين لا تحظيان بالقبول هناك: حركة طالبان، التى قضت العام الماضى فى حالة من الهياج، وحكومة الرئيس الأفغانى أشرف غنى التى لا تحظى بشعبية على الإطلاق.

 

حيث يتفق معظم المسئولين الأفغان والأمريكيين على أن قدرة طالبان على مواصلة التمرد ترجع إلى حد كبير إلى القيادة السيئة لغانى، الذى لم يُظهر اهتمامًا كبيرًا بالتوصل إلى اتفاقية سلام دائم قد تخرجه من السلطة.

 

قد تكون أكبر عقبة على المدى القريب أمام فريق بايدن هى تنفيذ اتفاق الدوحة، وهو اتفاق السلام إلى وقع العام الماضى اثناء رئاسة ترامب وتفاوض عليه المبعوث الأمريكى إلى أفغانستان زلماى خليل زاد.

 

لقد كانت محاولة حسنة النية ولكنها معيبة للغاية لإنهاء وجود أمريكا على مدى عقدين من الزمن فى البلاد. تحت ضغط ترامب لسحب القوات الأمريكية بسرعة، لم يتمكن خليل زاد من تأمين ضمانات لحقوق الإنسان أو الديمقراطية أو حماية حقوق المرأة.

 

لا يتضمن الاتفاق أى بند لوقف إطلاق النار أو حتى وعدا صريحا من طالبان بإنهاء العنف. من وجهة نظرهم، لا تزال طالبان فى حالة حرب فى أفغانستان وتعهدت فقط بالتفاوض على كليهما كجزء من اتفاق سلام بين الأفغان.

 

وقد اعتبر الشعب الأفغانى الصفقة غير المتوازنة عملاً ينم عن سوء نية وأقنع حركة طالبان عن حق بأن الولايات المتحدة تندفع نحو الخروج. وقد منحهم هذا الانتصار المتصور على الاحتلال الأمريكى الثقة للوقوف بحزم فى مفاوضاتهم مع الجماعات الأفغانية.

 

وبعد نزاع استمر عقدين، يستمر طرح التساؤلات عن مستقبل أفغانستان، مع عدم وجود مؤشرات إلى إمكان توقف أعمال العنف.

 

ففى غياب وقف لإطلاق النار قابل للاستمرار بين طالبان والحكومة، يرى العديد من المحللين والسياسيين وحتى المواطنين أن البلاد ليست فى منأى من حرب أهلية جديدة، على غرار تلك التى أعقبت الانسحاب السوفيتى أواخر ثمانينيات القرن الماضى.

 

وتقول السلطات الأفغانية إن 300 ألف جندى وشرطى ينفذون حاليا 98% من العمليات ضد المتمردين. لكن سلاح الجو الأمريكى لا يزال يضطلع بدور أساسى عبر تقديمه إسنادا حيويا للعمليات على الأرض.

 

وتسيطر طالبان أو تدعى السيطرة على أكثر من نصف الأراضى الأفغانية، وخصوصا قسما كبيرا من المناطق الريفية والطرق الاستراتيجية. لكن المتمردين لم يسيطروا يوما على المدن الكبرى أو على الأقل لم يستحوذوا عليها لوقت طويل.

 

وتشير تقارير حقوقية إلى أنهم مع ذلك يواصلون ترهيب سكان المدن الكبرى الذين يواجهون فى شكل شبه يومى تفجيرات واغتيالات محددة الأهداف.

 

ويؤيد الأمريكيون تشكيل حكومة انتقالية تشارك فيها طالبان. لكن المتمردين رفضوا على الدوام الانتخابات على أنواعها. وفى رأيهم أن افغانستان يجب أن تصير مجددا إمارة يحكمها مجلس دينى، مستعيدين بذلك حقبة حكمهم بين 1996 و2001.

 

رسميا، هناك 2500 جندى أمريكى فى أفغانستان، على الرغم من أن العدد متغير وهو حاليا حوالى 1000 او أكثر. هناك أيضا ما يصل إلى 7000 جندى أجنبى إضافى فى التحالف هناك، غالبيتهم من قوات الناتو.

 

يأتى قرار بايدن بعد مراجعة الإدارة للخيارات الأمريكية فى أفغانستان، حيث فشلت محادثات السلام بقيادة الولايات المتحدة فى التقدم كما هو مأمول، ولا تزال طالبان قوة فاعلة على الرغم من عقدين من الجهود التى بذلتها الولايات المتحدة لهزيمتها وإقامة دولة مستقرة.. وأصيب أو قُتل ما لا يقل عن 100 ألف مدنى أفغانى.

 

رد الفعل فى واشنطن كان منقسما، فقد وصف زعيم الأقلية ميتش مكونيل «جمهورى من ولاية كنتاكى» الخطة بأنها «متهورة» و»خطأ فادح. وإنه تراجع فى وجه عدو لم يتم هزيمته بعد وتنازل عن القيادة الأمريكية.

 

بينما يرى النائب آدم سميث، رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب: أن هذا هو الخيار الأفضل.

 

وحذر بعض المسئولين من أن خروج الولايات المتحدة من شأنه أن يؤدى إلى انهيار حكومة كابول بينما يعرض للخطر المكاسب التى تحققت على مدى العقدين الماضيين فى مجالات الصحة والتعليم وحقوق المرأة.

 

يسلط قرار الانسحاب الضوء على المفاضلات التى ترغب إدارة بايدن فى إجرائها لتحويل التركيز العالمى للولايات المتحدة من حملات مكافحة التمرد التى هيمنت على عالم ما بعد 11 سبتمبر إلى الأولويات الحالية، بما فى ذلك زيادة المنافسة العسكرية مع الصين.

 

بالإضافة إلى التحديات المحلية الرئيسية، فالولايات المتحدة لديها مصالح استراتيجية كبيرة فى العالم، مثل منع الانتشار؛ مثل روسيا التى تزداد عدوانية وحزمًا؛ مثل كوريا الشمالية وإيران، التى تشكل برامجها النووية تهديدًا للولايات المتحدة «؛ مثل الصين.

 

فالتهديدات الرئيسية لأمريكا هى فى الواقع فى أماكن أخرى من أفريقيا، من أجزاء من الشرق الأوسط «سوريا واليمن».

 

وأفغانستان لم تعد ترقى إلى مستوى تلك التهديدات الأخرى فى هذه المرحلة. هذا لا يعنى الابتعاد عن أفغانستان فسيظل هناك التزام دبلوماسى تجاه الحكومة.

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة