علي جمعة مفتي الجمهورية السابق
علي جمعة مفتي الجمهورية السابق


علي جمعة يوضح خطوات السير في طريق الله

إسراء كارم

الإثنين، 19 أبريل 2021 - 01:12 ص

تحدث الشيخ علي جمعة مفتي الجمهورية السابق ورئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب، عن معنى السير في طريق الله، ومعنى التوبة.

وأوضح أن معني "السير في طريق الله" أنه يبدأ بالتوبة، والتوبة معناها أن ينخلع من المعاصي، وأن يعاهد نفسه على أن يترك المعاصي، وأن يعطل ملك السيئات، أي يجعل ملك السيئات لا يكتب عليه شيئاً.

وقال إن هذا الانخلاع له درجات : أولها : انخلاع من المعصية، والمعصية هى التي يقول عنها الشرع: إن هذا حرام، فالانسان قرر مع نفسه ألا يفعل هذا الحرام.

وأفاد بأن هناك توبة أخرى وهي: الانخلاع من كل ما يشغل البال أو القلب عن الله، من ولد، ومن المال، ومن حب للأكوان، وللسلطة، وللجاه، وللشهوات،

 الإنسان هنا لم يرتكب حرامًا لكي يتوب منه فهو قد تركه، لكنه الآن يتوب من شيء آخر؛ يتوب من الانشغال عن الله، وكأن الانشغال عن الله -وهو أمر يقع فيه جل البشر- معصية، لا.. هو ليس معصية، لكن كأنه معصية، وهو لعلو همته يعتبره في حقه معصية، فيخلي قلبه من شواغل الدنيا ومشاغلها.

 

 

وذكر أن "يخلي قلبه": هذه كلمة وقف عندها السادة الصوفية كثيرا، وقفوا عند "التخلية من القبيح"، ويأتي بعدها عندهم معني آخر وهو أن : "يحلي قلبه بكل صحيح" وهذه هى التحلية.

واستكمل: إذن فهناك مرحلتان وهما: "التخلية، والتحلية"، والتخلية: تفريغ القلب من الشواغل والمشاغل، والتحلية هي  تجميل القلب بهذه الصفات العالية من التوكل، ومن الحب في الله، ومن الاعتماد علي الله، ومن الثقة بما في يد الله.. إلخ.

وأشار إلى أن السالك إلى الله لا يزال إلى الآن في المرحلة الأولى من الطريق ومن التوبة، فإنه خلى قلبه من القبيح وحلى قلبه بالصحيح، ولكن تأتي توبة أخري بعد ذلك في مرحلة ثانية يتشوق فيها قلب هذا التقي النقي، الذي خلى قلبه من الشواغل والمشاغل، وخلى نفسه وجوارحه من المعصية، ثم خلى قلبه من الشوائب، ثم حلى قلبه بتلك المعاني الفائقة الرائقة، وهو في كل ذلك يريد من الله أن يتجلى عليه.

 

وأوضح أن هذا التجلى يأتي بعد التخلى والتحلى، فما معنى التجلى؟ معناه- كما قالت السادة الصوفية-: التخلق بأخلاق الله ؛ فالله تعالي رحيم فلابد من أن نكون رحماء، والله تعالي رءوف فلابد من أن نكون كذلك، والله تعالي غفور فلابد أن نكون متسامحين نغفر للآخرين.. ويصبح الإنسان في رضا عن الله، عنده تسليم تام بقدر الله، هذا الرضا وهذا التسليم يدخل قلبه علي ثلاث مراحل:

المرحلة الأولي: هى مرحلة يسلم فيها بأمر الله، ويقاوم نفسه من الاعتراض ومن الحزن؛ فهو يحزن لكنه يمنع نفسه من أن يعترض على أمر الله، وهو أيضا يبكي ليل نهار على فقدان الولد –مثلا- لكنه ساكن القلب إلي حكمة الله تعالي.

 

والمرحلة الثانية: لا يحزن، فلو مات له ابن أو اصابته مصيبة فإنه يضحك، والسبب اليقين في لطف الله وحكمته.

 

المرحلة الثالثة: يبكي، لأنه يستحضر في نفسه أن الله قد أفقده هذا العزيز لديه الآن من أجل أن يبكي، فهو لا يبكي حزنا إنما هو يبكي الله. وهذا هو الذي كان عليه مقام النبوة وأكابر الأولياء. فلما فقد النبي ﷺ ابنه إبراهيم بكى، وفي حديث آخر: أَرْسَلَتِ ابْنَةُ النَّبِىِّ ﷺ - إِلَيْهِ إِنَّ ابْنًا لِى قُبِضَ فَائْتِنَا . فَأَرْسَلَ يُقْرِئُ السَّلاَمَ وَيَقُولُ :« إِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ وَلَهُ مَا أَعْطَى و،َكُلٌّ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى ، فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ » . فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ تُقْسِمُ عَلَيْهِ لَيَأْتِيَنَّهَا ، فَقَامَ وَمَعَهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَأُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَرِجَالٌ ، فَرُفِعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - ﷺ - الصَّبِىُّ وَنَفْسُهُ تَتَقَعْقَعُ. فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ . فَقَالَ سَعْدٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَذَا ؟ فَقَالَ : « هَذِهِ رَحْمَةٌ جَعَلَهَا اللَّهُ فِى قُلُوبِ عِبَادِهِ ، وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ »[البخاري].

 

والنبي ﷺ يبكي على إبراهيم؛ ولكنه يبكي لأن الله قد قدر لمن أصيب بمصيبة أن يبكي، فالأول يبكي حزنا، والثاني يضحك رضا، والثالث يبكي مرة ثانية قهرا تحت سلطان الله سبحانه وتعالي، واستجابة لمقتضى ما أجراه الحق في هذا الوقت المخصوص من أحوال، وكأن الله أرادني الآن أن أحزن فأنا أحزن لذلك.

 

وقال إن التوبة إذًا أول الطريق. وهي مراحل: أولها: توبة من المعصية، ثم توبة من الأكوان بالتخلية والتحلية، ثم بعد ذلك توبة من كل شيء سوى الله، ومن تاب عما سوى الله؛ تجلى الله عليه بصفاته، فكان عبدا ربانيا يدعو الله ويقول: يارب.. فيستجيب الله له. وكان عبدا ربانيا في رضاه بالله وفي تسليمه لأمر الله لا مزيد علي ذلك عليه.

 

وتابع: إذن أول الطريق إلي الله: التوبة.. فما الذي يحدث لي أثناء هذه التوبة؟

أولا: أن أتوب عن المعاصي.

ثانياً: التحلية والتخلية.

ثالثا: مرحلة التجلي والرضا التام تحت قهر الله.

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة