لوحة الآذان لخضير البورسعيدي فى مرسمه
لوحة الآذان لخضير البورسعيدي فى مرسمه


«الأذنش ترى والعين تسمع»

الإنشاد بالخط العربي

أخبار الأدب

الثلاثاء، 20 أبريل 2021 - 11:34 ص

بقلم/ محمد‭ ‬حسن

يلعب‭ ‬الفنان‭ ‬خضير‭ ‬البورسعيدى‭ ‬بمهارة‭ ‬شديدة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬توظيف‭ ‬الحروف‭ ‬وكتابتها‭ ‬بصورة‭ ‬فيها‭ ‬عنصر‭ ‬المفاجأة،‭ ‬سواء‭ ‬فى‭ ‬اللون‭ ‬أو‭ ‬الحجم‭ ‬أو‭ ‬الشكل،‭ ‬وهو‭ ‬يأخذ‭ ‬الحرف‭ ‬نحو‭ ‬شكل‭ ‬غير‭ ‬تقليدى‭ ‬لعين‭ ‬المتلقى

يمثل‭ ‬الإنشاد‭ ‬الدينى‭ ‬واحدًا‭ ‬من‭ ‬صور‭ ‬الفن‭ ‬الإسلامى‭ ‬المميزة،‭ ‬وتمثل‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬تجلياته‭ ‬الإنسانية‭ ‬والفنية؛‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أصبح‭ ‬له‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬المريدين‭ ‬والذواقة‭ ‬العارفين‭ ‬ببواطن‭ ‬هذا‭ ‬الفن‭ ‬الإلهى‭.‬ عالم‭ ‬كامل‭ ‬يتضافر‭ ‬فيه‭ ‬الفن‭ ‬والروح‭ ‬فى‭ ‬أبهى‭ ‬صوره‭ ‬ودلالاته‭ ‬التعبيرية‭ . ‬والإنشاد‭ ‬فى‭ ‬أبسط‭ ‬تعريفاته؛‭ ‬هو‭ ‬الفن‭ ‬الغنائى‭ ‬الذى‭ ‬يتناول‭ ‬موضوعات‭ ‬السيرة‭ ‬النبوية،‭ ‬والذكر‭ ‬أو‭ ‬نصوص‭ ‬البردة‭ ‬الشريفة‭ ‬أو‭ ‬المولد‭ ‬النبوى‭ ‬أو‭ ‬نصوص‭ ‬التضرع‭ ‬والتهليل،‭ ‬وتقام‭ ‬بوجه‭ ‬عام‭ ‬حلقات‭ ‬الإنشاد‭ ‬فى‭ ‬الموالد‭ ‬الشعبية‭ ‬باعتبارها‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬أوقات‭ ‬الإنشاد‭ ‬الديني‭ ‬فى‭ ‬الوقت‭ ‬الحديث،‭ ‬وتنتشر‭ ‬الموالد‭ ‬الشعبية‭ ‬فى‭ ‬محافظات‭ ‬وقرى‭ ‬مصر،‭ ‬أشهرها‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬موالد‭ ‬آل‭ ‬البيت‭ ‬وأولياء‭ ‬الله‭ ‬الصالحين‭ ‬ومنها‭ ‬مولد‭ ‬السيد‭ ‬الحسين‭ ‬والسيدة‭ ‬زينب‭ ‬بالقاهرة،‭ ‬ومولد‭ ‬أحمد‭ ‬البدوى‭ ‬بطنطا،‭ ‬وإبراهيم‭ ‬الدسوقى‭ ‬بمدينة‭ ‬دسوق‭ ‬بمحافظة‭ ‬كفر‭ ‬الشيخ،‭ ‬وعبد‭ ‬الرحيم‭ ‬القنائى‭ ‬وأبو‭ ‬الحجاج‭ ‬الأقصرى‭.‬

ولعل‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬جوانب‭ ‬الروعة‭ ‬وبهاء‭ ‬فكرة‭ ‬الإنشاد‭ ‬الدينى‭ ‬بوجه‭ ‬عام‭... ‬كونه‭ ‬يستمد‭ ‬مادته‭ ‬المتفردة‭ ‬والمميزة‭ ‬من‭ ‬مشهد‭ ‬أكبر‭ ‬وأوسع،‭ ‬هو‭ ‬مشهد‭ ‬التلاوة‭ ‬القرآنية‭ ‬بسحرها‭ ‬الخاص،‭ ‬وهو‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬مستويات‭ ‬متعددة‭ ‬أصبحت‭ ‬تُضفى‭ ‬مساحة‭ ‬نورانية‭ ‬مميزة‭ ‬فى‭ ‬الحياة‭ ‬الفنية‭ ‬والإنسانية،‭ ‬فهو‭ ‬القاسم‭ ‬المشترك‭ ‬بين‭ ‬ابتهالات‭ ‬الفجر،‭ ‬والسحور‭ ‬فى‭ ‬رمضان‭ ‬والحضرات‭ ‬الشريفة‭ ‬والمولد‭ ‬النبوى‭. ‬

والحديث‭ ‬اليوم‭ ‬عن‭ ‬صورة‭ ‬ووجه‭ ‬آخر‭ ‬من‭ ‬صور‭ ‬الإنشاد‭ ‬الدينى،‭ ‬وهو‭ ‬الإنشاد‭ ‬بالخط‭ ‬العربى،‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬الإنشاد‭ ‬يُسمع‭ ‬فإن‭ ‬له‭ ‬وجه‭ ‬آخر‭ ‬مرئى‭ ‬وبصري؛ألا‭ ‬وهو‭ ‬الإنشاد‭ ‬الخطى،‭ ‬ولعل‭ ‬الراحل‭ ‬العظيم‭ ‬الدكتورثروت‭ ‬عكاشة‭ ‬كان‭ ‬سباقًا‭ ‬فى‭ ‬سك‭ ‬عبارته‭ ‬الخالدة‭: ‬“الأذن‭ ‬ترى‭ ‬والعين‭ ‬تسمع”،‭ ‬وهذه‭ ‬العبارة‭ ‬كانت‭ ‬عنوانًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬لموسوعته‭ ‬البصرية‭ ‬الحضارية،‭ ‬والذى‭ ‬كان‭ ‬يريد‭ ‬بها‭ ‬فى‭ ‬الأساس‭ ‬فتح‭ ‬أذهان‭ ‬وعقول‭ ‬المتلقى‭ ‬العربى‭ ‬بإتجاه‭ ‬صنوف‭ ‬الفنون‭ ‬بتنوعها‭ ‬الإنسانى‭ ‬الواسع،‭ ‬غربًا‭ ‬وشرقًا‭.‬

جاءت‭ ‬الدولة‭ ‬الإسلامية‭ ‬وخلال‭ ‬مراحل‭ ‬تطورها‭ ‬المختلفة،‭ ‬جاءت‭ ‬لتقدم‭ ‬فنًا‭ ‬إنسانيًا‭ ‬متطورًا،‭ ‬ظهر‭ ‬فى‭ ‬الفن‭ ‬القولى‭ ‬والسماعى‭ ‬والبصرى‭ ‬ونقصد‭ ‬بذلك‭ ‬الشعر‭ ‬والإلقاءوالخطوالزخرفة‭ (‬الأرابيسك‭). ‬حيث‭ ‬تبلور‭ ‬دلالاتذلك‭ ‬الفن‭ ‬وحمل‭ ‬مضمون‭ ‬تجريدى‭ ‬فلسفي؛‭ ‬يعبر‭ ‬عن‭ ‬أبعاد‭ ‬جمالية،‭ ‬تحملعمق‭ ‬ثابت‭ ‬وفلسفة‭ ‬فنية‭ ‬رائعة‭ ‬تعبرعن‭ ‬روح‭ ‬الإسلام‭ ‬وترتبط‭ ‬بالقيم‭ ‬أشد‭ ‬ارتباط‭ ‬وتبتعد‭ ‬عن‭ ‬المحاكاة‭ ‬أو‭ ‬التقليد‭ ‬متخذًا‭ ‬وجهة‭ ‬هامًا‭ ‬لها‭ ‬هوالتجريد،‭ ‬ولهذا‭ ‬اتخذت‭ ‬تلك‭ ‬الفكرة‭ ‬مجالاً‭ ‬بأبعاده‭ ‬الفنية‭ ‬والتاريخية‭ ‬لأسلط‭ ‬الضوء‭ ‬على‮ ‬‭ ‬إشكالية‭ ‬التجريد‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬فلم‭ ‬يكن‭ ‬التجريد‭ ‬الذى‭ ‬ساد‭ ‬فى‭ ‬الفنون‭ ‬الإسلامية‭ ‬قد‭ ‬ظهر‭ ‬من‭ ‬فراغ‮ ‬‭ ‬بل‭ ‬له‭ ‬مرجعية‭ ‬فكرية،‭ ‬أو‭ ‬قل‭ ‬إن‭ ‬شئت‭ ‬أنه‭ ‬تأسس‭ ‬على‭ ‬رؤية‭ ‬فلسفية،ولعل‭ ‬المقاربة‭ ‬بين‭ ‬فنون‭ ‬الأداء‭ ‬المختلفة،‭ ‬سواء‭ ‬الصوت‭ (‬بشقيه‭ ‬الترتيل‭ ‬والإنشاد‭) ‬أو‭ ‬فنون‭ ‬الخط‭ ‬العربي؛‭ ‬واجبة‭ ‬وتحمل‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المنطقية‭ ‬وجدية‭ ‬البحث‭. ‬فهما‭ (‬الإنشاد‭ ‬والخط‭) ‬يحملان‭ ‬نفس‭ ‬الفلسفة‭ ‬ويقدمان‭ ‬فى‭ ‬نفس‭ ‬المسار‭ ‬الفكرى‭ ‬والإنسانى‭.‬إنهم‭ ‬ببساطة‭ ‬شديدةالإشراقة‭ ‬الفنيةالنورانية‭ ‬التى‭ ‬تملأ‭ ‬القلب‭ ‬وتضىء‭ ‬الباطن،‭ ‬وتُفعّل‭ ‬العقل‭ ‬البشرى‭ ‬فى‭ ‬أوقات‭ ‬جموده،‭ ‬فترشح‭ ‬عطاء‭ ‬وهاجًا‭ ‬يملأ‭ ‬آفاق‭ ‬الروح‭ ‬وصلاً‭ ‬بالعالم‭ ‬وإيمانًا‭ ‬بالخالق‭ ‬عز‭ ‬وجل‭.‬

وزاد‭ ‬الاهتمام‭ ‬بتلك‭ ‬النوعية‭ ‬من‭ ‬فنون‭ ‬الإنشاد‭ ‬الخطى‭ ‬والسمعى‭ ‬مع‭ ‬نهايات‭ ‬القرن‭ ‬التاسع‭ ‬عشر‭ ‬وبدايات‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬حيث‭ ‬أصبح‭ ‬للإنشاد‭ ‬الدينى‭ ‬أهمية‭ ‬كبرى،‭ ‬حيث‭ ‬تصدى‭ ‬لهذا‭ ‬اللون‭ ‬من‭ ‬الغناء‭ ‬كبار‭ ‬المشايخ‭ ‬والمنشدين‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬يحيون‭ ‬الليالى‭ ‬الرمضانية،‭ ‬والمناسبات‭ ‬الدينية،‭ ‬محبى‭ ‬هذا‭ ‬الفن‭ ‬حوله‭. ‬وتطورت‭ ‬قوالب‭ ‬هذا‭ ‬الفن‭ ‬فأصبحت‭ ‬له‭ ‬أشكال‭ ‬متعددة‭ ‬وأسماء‭ ‬كثيرة‭ ‬تمجِّد‭ ‬الدين‭ ‬الحنيف،‭ ‬وتدعو‭ ‬لوحدة‭ ‬المسلمين،‭ ‬وتشجب‭ ‬الرذيلة،‭ ‬وتدعو‭ ‬إلى‭ ‬الفضيلة،‭ ‬وتمدح‭ ‬رسول‭ ‬الله‭. ‬وفى‭ ‬القرن‭ ‬التاسع‭ ‬عشر‭ ‬أيضًا،‭ ‬أصبحت‭ ‬مصر‭ ‬بوجه‭ ‬عام‭ ‬والقاهرة‭ ‬بصورة‭ ‬كبيرة‭ ‬قبلةً‭ ‬للراغبين‭ ‬فى‭ ‬الإنفاق‭ ‬على‭ ‬طبع‭ ‬الكتب‭ ‬والمهتمين‭ ‬بنشرها،‭ ‬من‭ ‬الهندى‭ ‬إلى‭ ‬الحجازى‭ ‬والتونسى‭ ‬والمغربى‭ ‬والشامى‭ ‬والمصرى،‭ ‬فتكون‭ ‬تجمع‭ ‬إسلامى‭ ‬وعربى‭ ‬كبير‭ ‬له‭ ‬اهتمامه‭ ‬الخاص‭ ‬بالآداب‭ ‬والفنون،‭ ‬حيث‭ ‬شهدت‭ ‬القاهرة‭ ‬مَقْدَمَ‭ ‬الناشرين‭ ‬وأهل‭ ‬الطباعة‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬فج‭ ‬وصوب،‭ ‬وأصبحت‭ ‬بؤرة‭ ‬الاهتمام،‭ ‬ومحط‭ ‬الأنظار،‭ ‬وعاصمة‭ ‬النشر‭ ‬فى‭ ‬الشرق‭.‬

‭>>>‬

وكما‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬إنشاد‭ ‬صوتى‭ ‬يقوم‭ ‬به‭ ‬المنشد،‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬إنشاد‭ ‬مرئى‭ ‬يقوم‭ ‬به‭ ‬الخطاط،‭ ‬لعله‭ ‬لم‭ ‬يُسلط‭ ‬عليه‭ ‬الضوء‭ ‬بالشكل‭ ‬الواسع،‭ ‬لكنه‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬أهمية‭ ‬عن‭ ‬الإنشاد‭ ‬الصوتى‭ ‬أو‭ ‬الإنشاد‭ ‬باللحن‭. ‬وكما‭ ‬كان‭ ‬المنشد‭ ‬يؤكد‭ ‬على‭ ‬مقدرته‭ ‬وبراعته‭ ‬فى‭ ‬التنقل‭ ‬بين‭ ‬المقام‭ ‬الأصلى‭ ‬ومشتقاته،‭ ‬كان‭ ‬الخطاط‭ ‬أيضًا‭ ‬يؤكد‭ ‬على‭ ‬خبراته‭ ‬فى‭ ‬الاستعانة‭ ‬بأنواع‭ ‬الخط‭ ‬العربى‭ ‬المختلفة‭ ‬من‭ ‬ثلث‭ ‬ونسخ‭ ‬وديوانى‭ ‬وفارسى؛‭ ‬نفس‭ ‬الحالة‭ ‬الإيمانية‭ ‬والصوفية‭ ‬مع‭ ‬اختلاف‭ ‬طريقة‭ ‬الاستعراض‭ ‬وآلية‭ ‬العرض‭. ‬وكما‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬‮«‬مريدين‮»‬‭ ‬أو‭ ‬اللفظة‭ ‬الواجبة‭ ‬الاستخدام‭ ‬وهى‭ ‬كلمة‭: ‬‮«‬سميعة‮»‬‭ ‬لأشهر‭ ‬هؤلاء‭ ‬المنشدين‭ ‬وفى‭ ‬صدارتهم‭ ‬المنشد‭ ‬وقارئ‭ ‬القرآن‭ ‬نصر‭ ‬الدين‭ ‬طوبار،‭ ‬وأستاذ‭ ‬المادحين‭ ‬الشيخ‭ ‬سيد‭ ‬النقشبندى،‭ ‬ومداح‭ ‬النبى‭ ‬محمد‭ ‬الكحلاوى،‭ ‬والشيخ‭ ‬طه‭ ‬الفشنى،‭ ‬ومنشد‭ ‬البردة‭ ‬عبد‭ ‬العظيم‭ ‬العطوانى،والشيخ‭ ‬أحمد‭ ‬التوني؛‭ ‬الذى‭ ‬استطاع‭ ‬نقل‭ ‬الغناء‭ ‬الصوفى‭ ‬من‭ ‬المحلية‭ ‬إلى‭ ‬العالمية‭. ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬مريدين‭ ‬للخطاطين‭ ‬بحثًا‭ ‬عن‭ ‬جواهرهم‭ ‬التى‭ ‬كتبوها‭ ‬فى‭ ‬المحبة‭ ‬النبوية‭ ‬أو‭ ‬كتابة‭ ‬البردة‭ ‬الشريفة‭ ‬أو‭ ‬الموالد‭ ‬أو‭ ‬فى‭ ‬كتاب‭ ‬دلائل‭ ‬الخيرات،‭ ‬فكان‭ ‬الخطاط‭ ‬والعميد‭ ‬سيد‭ ‬إبراهيم‭ ‬الذى‭ ‬كتب‭ ‬دلائل‭ ‬الخيرات‭ ‬وقصيدة‭ ‬البردة،‭ ‬والشيخ‭ ‬على‭ ‬بدوى‭ ‬كاتب‭ ‬دلائل‭ ‬الخيرات‭ ‬وقطع‭ ‬القرآن،‭ ‬والأستاذ‭ ‬عبد‭ ‬الرازق‭ ‬سالم،‭ ‬الذى‭ ‬تفنن‭ ‬فى‭ ‬كتابه‭ ‬الخالد‭ ‬‮«‬دعاء‭ ‬القرآن‮»‬‭ ‬بالخط‭ ‬الفارسى‭ ‬فى‭ ‬أجمل‭ ‬وأروع‭ ‬شكل،‭ ‬والشيخ‭ ‬عبد‭ ‬الرحمن‭ ‬محمد‭ ‬المطبعجى،‭ ‬الذى‭ ‬كتب‭ ‬العشرات‭ ‬والعشرات‭ ‬من‭ ‬كتب‭ ‬المديح‭ ‬الصوفى‭ ‬والموالد‭ ‬النبوية،‭ ‬ويعتبر‭ ‬علامة‭ ‬فارقة‭ ‬فى‭ ‬صناعة‭ ‬الكتاب‭ ‬فى‭ ‬مصر‭ ‬وانتقاله‭ ‬من‭ ‬مرحلة‭ ‬المخطوط‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬المطبوع،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الأستاذ‭ ‬محمد‭ ‬سعد‭ ‬الحداد‭ ‬كاتب‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم؛هذا‭ ‬غير‭ ‬الأستاذ‭ ‬محمد‭ ‬أحمد‭ ‬عبد‭ ‬العال‭ ‬والأستاذ‭ ‬محمد‭ ‬سيد‭ ‬عبد‭ ‬القوى،‭ ‬وأخيرًا‭ ‬وليس‭ ‬آخر‭ ‬عميد‭ ‬الخطاطين‭ ‬المصريين‭ ‬المعاصرين‭ ‬الأستاذ‭ ‬مسعد‭ ‬خضير‭ ‬البورسعيدى،‭ ‬الذى‭ ‬أدخل‭ ‬تقنيات‭ ‬اللون‭ ‬والظل‭ ‬والصدى‭ ‬للوحة‭ ‬الخط‭ ‬العربى‭.‬

كل‭ ‬هؤلاء‭ ‬العمالقة‭ ‬كانت‭ ‬لهم‭ ‬ميادين‭ ‬الإبداع‭ ‬الفنى‭ ‬والتفرد‭ ‬الذى‭ ‬لم‭ ‬يلقى‭ ‬مساحته‭ ‬الواجبة‭ ‬من‭ ‬الاهتمام‭ ‬والنشر،‭ ‬ولعل‭ ‬واحدًا‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬أهداف‭ ‬تلك‭ ‬المقالة‭ ‬التعريف‭ ‬بأهم‭ ‬أعمال‭ ‬هؤلاء‭ ‬الفنانين‭ ‬العظام،‭ ‬ولفت‭ ‬الانتباه‭ ‬إلى‭ ‬إنتاجهم‭ ‬العلمى‭ ‬والإبداعى‭ ‬الرصين،‭ ‬الذى‭ ‬انتشر‭ ‬فى‭ ‬العالم‭ ‬أجمع‭ ‬من‭ ‬مصر،‭ ‬طوال‭ ‬النصف‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬العشرين،‭ ‬بحكم‭ ‬كونها‭ ‬مركز‭ ‬الطباعة‭ ‬والنشر‭ ‬للعالم‭ ‬العربى‭ ‬والإسلامى‭ ‬كما‭ ‬أسلفنا‭ ‬القول‭. ‬

يمكن‭ ‬تقسيم‭ ‬نتاج‭ ‬الخطاطين‭ ‬وفق‭ ‬مصطلح‭ ‬أو‭ ‬مفهوم‭ ‬الإنشاد،‭ ‬إلى‭ ‬مجموعتين‭ ‬أساسيتين،‭ ‬الأولى‭: ‬وهو‭ ‬المتعلق‭ ‬بـ«النساخة‮»‬‭ ‬وذلك‭ ‬بالكتاب‭ ‬الحجرى‭ ‬وهو‭ ‬أخر‭ ‬صور‭ ‬الكتاب‭ ‬المخطوط،‭ ‬وثانيًا‭: ‬‮«‬اللوحة‭ ‬الخطية‮»‬‭. ‬ووفق‭ ‬هذا‭ ‬التقسيم‭ ‬أيضًا‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬ثلاث‭ ‬مستويات‭ ‬تعاملات‭ ‬مع‭ ‬الإنشاد‭ ‬بالخط‭ ‬العربى‭.‬أولها‭: ‬الأعمال‭ ‬التى‭ ‬كتبت‭ ‬بالخط‭ ‬النسخ‭ ‬والفارسى،‭ ‬وغالبًا‭ ‬كتب‭ ‬به‭ ‬كتاب‭ ‬دلائل‭ ‬الخيرات‭ ‬والموالد‭ ‬والمديح‭ ‬النبوى،‭ ‬وقد‭ ‬حاول‭ ‬كل‭ ‬خطاط‭ ‬أو‭ ‬نساخ‭ ‬من‭ ‬هؤلاء‭ ‬الفنانين‭ ‬الكبار‭ ‬وضع‭ ‬بصمة‭ ‬فنية‭ ‬مميزة‭ ‬له،‭ ‬حتى‭ ‬تكون‭ ‬علامة‭ ‬مميزة‭ ‬للعمل‭ ‬الذى‭ ‬قام‭ ‬به‭. ‬ثم‭ ‬المرحلة‭ ‬الثانية‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الكتب‭ ‬التى‭ ‬كتبت‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬نوعين‭ ‬خط‭ ‬ويحاول‭ ‬فيها‭ ‬الخطاط‭ ‬المزاوجة‭ ‬بين‭ ‬الأنواع‭ ‬المختلفة‭ ‬من‭ ‬الخط‭ ‬أو‭ ‬الأحجام‭ ‬المختلفة‭ ‬والمتباينة‭ ‬منه،‭ ‬وكان‭ ‬الخطاط‭ ‬مثلالمنشد‭ ‬يختار‭ ‬مقطعًا‭ ‬من‭ ‬القصيدة‭ ‬أو‭ ‬جملة‭ ‬يجعلها‭ ‬محورًا‭ ‬تدور‭ ‬حولها‭ ‬كل‭ ‬الردود‭ ‬من‭ ‬“السنيدة”،‭ ‬فيرددونها‭ ‬وراءه‭ ‬ثم‭ ‬يعودون‭ ‬إليها‭ ‬بعد‭ ‬المنشد‭. ‬وكانت‭ ‬الوصلة‭ ‬الأولى‭ ‬يختار‭ ‬لها‭ ‬الشيخ‭ ‬المنشد‭ ‬مقامًا‭ ‬موسيقيًّا‭ ‬معينًا‭ ‬مثل‭ ‬“الراست”‭ ‬مثلاً‭ ‬أو‭ ‬البياتى،‭ ‬أو‭ ‬الحجاز،‭ ‬وغيرها،‭ ‬ثم‭ ‬يبدأ‭ ‬المنشد‭ ‬الوصلة‭ ‬بإبراز‭ ‬مواهبه‭ ‬فى‭ ‬الأداء،‭ ‬أيضًا‭ ‬كان‭ ‬الخطاط‭ ‬يختار‭ ‬لفظ‭ ‬معين‭ ‬أو‭ ‬تصميم‭ ‬معين‭ ‬ويكون‭ ‬هو‭ ‬محور‭ ‬العمل‭ ‬بشكل‭ ‬كبير،‭ ‬ويحاول‭ ‬إظهاره‭ ‬بصورة‭ ‬مميزة‭ ‬ولافته‭ ‬للنظر‭.‬

وكما‭ ‬كان‭ ‬‮«‬المنُشد‮»‬‭  ‬يبرز‭ ‬قدرته‭ ‬على‭ ‬إبراز‭ ‬الحليات‭ ‬والزخارف‭ ‬اللحنية،‭ ‬ثم‭ ‬يقوم‭ ‬المنشدون‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬بترديد‭ ‬المقطع‭ ‬أو‭ ‬الجملة‭ ‬المحورية‭ ‬التى‭ ‬بدأ‭ ‬بها‭ ‬القصيدة‭. ‬كان‭ ‬الخطاط‭ ‬كذلك‭ ‬يتنقل‭ ‬بين‭ ‬أنواع‭ ‬الخطوط‭ ‬المختلفة‭ ‬لإظهار‭ ‬جمال‭ ‬الخط‭ ‬العربى‭ ‬وإبراز‭ ‬تنويعاته‭ ‬المختلفة‭. ‬

‭>>>‬

وقد‭ ‬أخترت‭ ‬خمسة‭ ‬نماذج،‭ ‬تمثل‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬القصائد‭ ‬المرئية‭ ‬لتعكس‭ ‬مدى‭ ‬التذوق‭ ‬الفنى‭ ‬والجمالى‭ ‬الذى‭ ‬شهدته‭ ‬صناعة‭ ‬الكتاب‭ ‬فى‭ ‬مصر،‭ ‬وأيضًا‭ ‬تعكس‭ ‬التطور‭ ‬الفنى‭ ‬للتصميم‭ ‬سواء‭ ‬بصورته‭ ‬الأساسية‭ ‬فى‭ ‬كتاب‭ ‬أو‭ ‬فى‭ ‬لوحة‭ ‬يتم‭ ‬استخدام‭ ‬اللون‭ ‬والظل‭ ‬فيها‭.‬

أول‭ ‬تلك‭ ‬النماذج،‭ ‬قصيدة‭ ‬الدرة‭ ‬اليتيمة‭ ‬المعروفة‭ ‬بقصيدة‭ ‬البردة‭ ‬للأمام‭ ‬البوصيرى،‭ ‬والذى‭ ‬كتبها‭ ‬الأستاذ‭ ‬سيد‭ ‬إبراهيم‭ ‬وهوواحد‭ ‬من‭ ‬رواد‭ ‬وأعلام‭ ‬فن‭ ‬الخط‭ ‬العربى‭ ‬فى‭ ‬العصر‭ ‬الحديث،‭ ‬وأبرز‭ ‬المعلمين‭ ‬لأصول‭ ‬الخط‭ ‬العربى‭ ‬فى‭ ‬كافة‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬العربى‭ ‬والإسلامى،‭ ‬ويرجع‭ ‬له‭ ‬الفضل‭ ‬فى‭ ‬تحويل‭ ‬أغلفة‭ ‬الكتب‭ ‬المطبوعة‭ ‬إلى‭ ‬لوحات‭ ‬خطية‭ ‬رائعة‭ ‬تنطق‭ ‬بالجمال‭ ‬والتناسق‭ ‬البديع‭ ‬حتى‭ ‬يومنا‭ ‬هذا‭. ‬وتميزت‭ ‬خطوطه‭ ‬بالروعة‭ ‬والجمال‭ ‬وثراء‭ ‬علمه‭ ‬فى‭ ‬فنون‭ ‬الخط‭ ‬حتى‭ ‬أصبح‭ ‬بحلول‭ ‬الثلاثين‭ ‬من‭ ‬عمره‭ ‬أبرز‭ ‬كتاب‭ ‬الخط‭ ‬العربى‭ ‬فى‭ ‬مصر‭ ‬والعالم‭ ‬العربى‭.‬

وكتابته‭ ‬بالخط‭ ‬النسخ‭ ‬لقصيدة‭ ‬البردة،‭ ‬تعكس‭ ‬شخصيته‭ ‬كشاعرًا‭ ‬رقيقًا‭ ‬وراوية‭ ‬يندر‭ ‬مثاله‭ ‬وأديبًا‭ ‬مرموقًا‭ ‬فى‭ ‬العصر‭ ‬الذهبى‭ ‬للنهضة‭ ‬المصرية،‭ ‬وقد‭ ‬كتبها‭ ‬سنة‭ (‬1346هـ‭/ ‬1927م‭)‬،‭ ‬وقد‭ ‬أحاط‭ ‬القصيدة‭ ‬بحزب‭ ‬الأستاذ‭ ‬البيومى‭ ‬بالخط‭ ‬النسخ‭ ‬ولكن‭ ‬بحجم‭ ‬قلم‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬سابقه‭. ‬وكما‭ ‬كتب‭ ‬الأستاذ‭ ‬سيد‭ ‬إبراهيم‭ ‬تلك‭ ‬القصيدة‭ ‬الخالدة‭ ‬بالخط‭ ‬النسخ‭ ‬كتبها‭ ‬الأستاذ‭ ‬محمد‭ ‬سعد‭ ‬الحداد‭ ‬أيضًا،‭ ‬والأستاذ‭ ‬حداد‭ ‬عشق‭ ‬الخط‭ ‬العربى‭ ‬منذ‭ ‬نعومة‭ ‬أظفاره،‭ ‬وكان‭ ‬الفن‭ ‬بوجه‭ ‬عام‭ ‬يجرى‭ ‬فى‭ ‬دمه؛‭ ‬فاتجه‭ ‬إلى‭ ‬الفنون‭ ‬الجميلة‭ ‬بعد‭ ‬حصوله‭ ‬على‭ ‬الثانوية‭ ‬العامة‭ ‬وكان‭ ‬ترتيبه‭ ‬المركز‭ ‬الأول‭ ‬خلال‭ ‬جميع‭ ‬سنوات‭ ‬الدراسة‭ ‬بالكلية‭ ‬وحتى‭ ‬تخرجه،‭ ‬ثم‭ ‬التحق‭ ‬بمدرسة‭ ‬تحسين‭ ‬الخطوط‭ ‬الملكية‭ ‬وكان‭ ‬مركزه‭ ‬عند‭ ‬التخرج‭ ‬الأول‭ ‬أيضًا‭. ‬وتختلف‭ ‬نسخة‭ ‬البردة‭ ‬بين‭ ‬الأستاذين‭ ‬سيد‭ ‬إبراهيم‭ ‬والحداد،‭ ‬أن‭ ‬الحداد‭ ‬أعطى‭ ‬مساحة‭ ‬واسعة‭ ‬ومدات‭ ‬“كشايد”‭ ‬فى‭ ‬شكل‭ ‬الحرف‭ ‬بصورة‭ ‬مميزة‭ ‬وكبيرة‭. ‬وقصيدة‭ ‬البردة‭ ‬بوجه‭ ‬عام‭ ‬من‭ ‬القصائد‭ ‬الشهيرة‭ ‬فى‭ ‬المديح‭ ‬النبوى،‭ ‬ولها‭ ‬زيوع‭ ‬كبير‭ ‬فى‭ ‬أوساط‭ ‬ثقافية‭ ‬واجتماعية‭ ‬كثيرة،وقد‭ ‬هامَ‭ ‬فيها‭ ‬أهل‭ ‬التصوف‭ ‬فشرحوها‭ ‬عشرات‭ ‬المرات‭ ‬وبلغات‭ ‬مختلفة،‭ ‬وشطَّروها،‭ ‬وخمَّسوها،‭ ‬وسبَّعوها،‭ ‬وعارَضوها،‭ ‬ونظموا‭ ‬على‭ ‬نهجها،‭ ‬وغَلَوْا‭ ‬فيها‭ ‬حتى‭ ‬جعل‭ ‬بعضهم‭ ‬لأبياتها‭ ‬بركة‭ ‬خاصة‭ ‬وشفاء‭ ‬من‭ ‬الأمراض،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬من‭ ‬كَتَبَةِ‭ ‬الأحجبةِ‭ ‬والتمائم‭ ‬من‭ ‬يستخدم‭ ‬لكل‭ ‬مرض‭ ‬أو‭ ‬حاجة‭ ‬بيتاً‭ ‬خاصاً‭: ‬فبيتٌ‭ ‬لمرض‭ ‬الصرع،‭ ‬وبيتٌ‭ ‬للحفظ‭ ‬من‭ ‬الحريق،‭ ‬وآخر‭ ‬للتوفيق‭ ‬بين‭ ‬الزوجين،‭ ‬وهكذا،وكانت‭ ‬البردة‭ ‬وما‭ ‬تزال‭ ‬عند‭ ‬بعض‭ ‬الناس‭ ‬من‭ ‬الأوراد‭ ‬التى‭ ‬تُقرأ‭ ‬فى‭ ‬الصباح‭ ‬والمساء‭ ‬فى‭ ‬هيبة‭ ‬وخشوع،‭ ‬وأبياتها‭ ‬تُستعمل‭ ‬إلى‭ ‬اليوم‭ ‬فى‭ ‬الرُّقَى‭ ‬وتتلى‭ ‬عند‭ ‬الدفن،‭ ‬وقد‭ ‬وضعوا‭ ‬لها‭ ‬شروطًا‭ ‬عند‭ ‬قراءتها‭ ‬كالوضوء‭ ‬واستقبال‭ ‬القبلة،‭ ‬وغير‭ ‬ذلك‭. ‬

وكان‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬عبد‭ ‬الرفاعى‭ ‬قد‭ ‬كتب‭ ‬‮«‬بردة‭ ‬المديح‮»‬،‭ ‬وتمت‭ ‬طباعتها‭ ‬فى‭ ‬القاهرة‭ ‬فى‭ ‬حجم‭ ‬الوسط،‭ ‬بهيئة‭ ‬كراسة‭ ‬جميلة‭ ‬وبديعة،‭ ‬تحوى‭ ‬أبيات‭ ‬شعرية‭ ‬للقصيدة‭ ‬المنفرجة،‭ ‬تُمثل‭ ‬خط‭ ‬النستعليق‭ ‬وكتاباته‭ ‬على‭ ‬الطريقة‭ ‬والأسلوب‭ ‬العثمانى،زادت‭ ‬عدد‭ ‬صفحاتها‭ ‬على‭ ‬الثمانين‭ ‬صفحة،‭ ‬وقد‭ ‬جاء‭ ‬الشيخ‭ ‬الرفاعى‭ ‬إلى‭ ‬مصر‭ ‬عندما‭ ‬رغب‭ ‬الملك‭ ‬فؤاد‭ ‬الأول،‭ ‬فى‭ ‬كتابة‭ ‬نسخة‭ ‬خاصة‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم،‭ ‬وعليه‭ ‬فقد‭ ‬تمت‭ ‬دعوته‭ ‬لزيارة‭ ‬مصر‭ ‬العام‭ ‬1920م،‭ ‬وسمحت‭ ‬له‭ ‬دائرة‭ ‬مشيخة‭ ‬الإسلام‭ ‬بقضاء‭ ‬ستة‭ ‬أشهر‭ ‬بمصر،حيث‭ ‬سافر‭ ‬بعدها‭ ‬وأتم‭ ‬إنجاز‭ ‬وكتابة‭ ‬المصحف‭ ‬الكريم‭ ‬فى‭ ‬ستة‭ ‬أشهر‭ ‬وليقضى‭ ‬ستة‭ ‬أشهر‭ ‬أخرى‭ ‬بزخرفته‭ ‬وتذهيبه‭ ‬وليكون‭ ‬بعدها‭ ‬من‭ ‬أجمل‭ ‬المصاحف‭ ‬المخطوطة‭. ‬وقد جسد‭ ‬الشيخ‭ ‬الرفاعى‭ ‬شخصية‭ ‬الفنانوالعالم‭ ‬المتصوف‭ ‬والخطاط‭ ‬الورع،‭ ‬وتمثلت‭ ‬بصورة‭ ‬واضحة‭ ‬فى‭ ‬حياته‭ ‬الخاصة‭ ‬وتصرفاته‭ ‬اليومية،‭ ‬ويقول‭ ‬عنه‭ ‬الذين‭ ‬عرفوه‭ ‬عن‭ ‬قرب‭ ‬أنه‭: ‬‮«‬كان‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬مثالا‭ ‬للأدب‭ ‬والحياء‮»‬‭.‬

والنموذج‭ ‬الثانى‭ ‬كان‭ ‬لقصيدة‭ ‬‮«‬نهج‭ ‬البردة‮»‬‭ ‬التى‭ ‬نظمها‭ ‬أمير‭ ‬الشعراء‭ ‬أحمد‭ ‬شوقى‭ ‬بك،‭ ‬وكتبها‭ ‬بالخط‭ ‬الفارسى‭ ‬الأستاذ‭ ‬محمد‭ ‬سيد‭ ‬عبد‭ ‬القوى‭ ‬مدير‭ ‬إدارة‭ ‬المراقبة‭ ‬المساعد‭ ‬بمجلس‭ ‬النواب،‭ ‬والذى‭ ‬كان‭ ‬يعمل‭ ‬مدرسًا‭ ‬للخط‭ ‬العربى‭ ‬بمدرسة‭ ‬تحسين‭ ‬الخطوط،‭ ‬وقد‭ ‬أهدى‭ ‬خطوطه‭ ‬وتصميماته‭ ‬الفريدة‭ ‬إلى‭ ‬روح‭ ‬أمير‭ ‬الشعراء‭ ‬أحمد‭ ‬شوقى،‭ ‬وإلى‭ ‬السيدة‭ ‬أم‭ ‬كلثوم،‭ ‬وكتب‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬أوحى‭ ‬إلى‭ ‬صوتها‭ ‬الساحر‭ ‬أن‭ ‬أسجل‭ ‬هذه‭ ‬القصيدة،‭ ‬فكان‭ ‬إخراجها‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الصورة‭ ‬من‭ ‬وحى‭ ‬فنها‭ ‬الرفيع‮»‬‭. ‬وكتب‭ ‬أيضًا‭... ‬“يسألنى‭ ‬بعضهم‭: ‬هل‭ ‬كان‭ ‬اختيارى‭ ‬لهذه‭ ‬القصيدة‭ ‬بالذات،‭ ‬لروعة‭ ‬الشعر‭ ‬أو‭ ‬لسحر‭ ‬أم‭ ‬كلثوم‭ ‬وموسيقى‭ ‬رياض‭ ‬السنباطى؟‭ ‬

وجوابى‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬صحيح‭ ‬لأن‭ ‬روحانية‭ ‬التعبير‭ ‬فيها‭ ‬جميعًا‭ ‬كانت‭ ‬الباعث‭ ‬الحقيقى‭ ‬على‭ ‬الاختيار،‭ ‬لأنها‭ ‬صادفت‭ ‬من‭ ‬نفسى‭ ‬هوى‭ ‬وتجاوبت‭ ‬مع‭ ‬مشاعرى،‭ ‬ومن‭ ‬حقى‭ ‬أن‭ ‬أعترف‭ ‬أن‭ ‬حبى‭ ‬للرسول‭ ‬عليه‭ ‬الصلاة‭ ‬والسلام‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬أقوى‭ ‬الدوافع‭ ‬إلى‭ ‬كتابة‭ ‬نهج‭ ‬البردة،‭ ‬وكان‭ ‬ذلك‭ ‬لمجرد‭ ‬التسجيل،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬فى‭ ‬حسابى‭ ‬أن‭ ‬أنشرها‭ ‬فقد‭ ‬ظلت‭ ‬سنين‭ ‬طويلة‭ ‬وأنا‭ ‬أحتفظ‭ ‬بها‭ ‬لنفسى‭ ‬لولا‭ ‬إعجاب‭ ‬وتقدير‭ ‬ثم‭ ‬تشجيع‭ ‬كريم‭ ‬من‭ ‬زملاء‭ ‬أعِزّاء‮»‬‭.  ‬

وقد‭ ‬اعتمد‭ ‬الأستاذ‭ ‬محمد‭ ‬سيد‭ ‬عبد‭ ‬القوى‭ ‬فى‭ ‬تسجيل‭ ‬نهج‭ ‬البردة‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬فنية‭ ‬ثلاثة‭: ‬هى‭ ‬الإخراج‭ ‬والخط‭ ‬والزخرفة،‭ ‬وهى‭ ‬فى‭ ‬مجملها‭ ‬تأكيد‭ ‬وتمثيل‭ ‬مفهوم‭ ‬الإنشاد‭ ‬الخطى،‭ ‬ولعل‭ ‬أبرز‭ ‬ما‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬المجموعة‭ ‬هو‭ ‬العناية‭ ‬بالإخراج‭ ‬والتنسيق،‭ ‬ويشير‭ ‬بتواضع‭ ‬فنى‭ ‬كبير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬مستواه‭ ‬الخطى‭ ‬لم‭ ‬يصل‭ ‬للصورة‭ ‬التى‭ ‬يريدها،‭ ‬وتلمس‭ ‬الأستاذ‭ ‬سيد‭ ‬عبد‭ ‬القوى‭ ‬ملاحظات‭ ‬الأستاذ‭ ‬محمد‭ ‬حسنى‭ ‬وسيد‭ ‬إبراهيم‭ ‬والأستاذ‭ ‬مكاوى‭. ‬وزاد‭ ‬من‭ ‬جمال‭ ‬التصميم‭ ‬الأساسى،‭ ‬كم‭ ‬الزخارف‭ ‬التى‭ ‬زادت‭ ‬من‭ ‬رونق‭ ‬الخط‭ ‬العربى‭ ‬لتصميم‭ ‬نهج‭ ‬البردة،‭ ‬والتى‭ ‬كانت‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬الأساتذة‭ ‬صلاح‭ ‬الدين‭ ‬العقاد،‭ ‬والأستاذ‭ ‬عبد‭ ‬الحميد‭ ‬جاد‭ ‬والأستاذ‭ ‬محمد‭ ‬بدر‭.‬وتعتبر‭ ‬نهج‭ ‬البردة‭ ‬للأستاذ‭ ‬سيد‭ ‬عبد‭ ‬القوى‭ ‬هى‭ ‬حالة‭ ‬فنية‭ ‬غير‭ ‬مكررة،‭ ‬وتعكس‭ ‬درجة‭ ‬تفرد‭ ‬‮«‬مصرية‭ ‬وعربية‮»‬‭ ‬لفن‭ ‬الخط‭ ‬الفارسى‭ ‬‮«‬النستعليق‮»‬،‭ ‬ولا‭ ‬نبالغ‭ ‬أن‭ ‬نقول‭ ‬إنها‭ ‬حالة‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬التنوع‭ ‬فى‭ ‬إخراج‭ ‬الصفحات‭ ‬أو‭ ‬التشكيل‭ ‬الزخرفى‭ ‬الكثيف‭. ‬وظلت‭ ‬هذه‭ ‬اللوحات‭ ‬مثار‭ ‬إبداع‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تجاهله‭ ‬أو‭ ‬المرور‭ ‬عليه،‭ ‬وقد‭ ‬كتبت‭ ‬القصيدة‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬بالخط‭ ‬المحقق‭ ‬والريحان‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬الخطاط‭ ‬الكبير‭ ‬محفوظ‭ ‬ذنون‭. ‬

النموذج‭ ‬الثالث‭: ‬‮«‬المولد‭ ‬النبوى‭ ‬المختار‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬القصة‭ ‬الفائزة‭ ‬فى‭ ‬المباراة‭ ‬الإسلامية‭ ‬العامة،‭ ‬ومؤلفه‭ ‬هو‭ ‬الأمام‭ ‬عبدالله‭ ‬بك‭ ‬عفيفى،‭ ‬إمام‭ ‬الملك‭ ‬فاروق‭ ‬الأول،‭ ‬وهو‭ ‬من‭ ‬مواليد‭ ‬محافظة‭ ‬المنوفية‭ ‬وقد‭ ‬توفى‭ ‬فى‭ ‬القاهرة‭ ‬فى‭ ‬عام‭ ‬1944م،‭ ‬وقد‭ ‬تولى‭ ‬مناصب‭ ‬عديدة‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يتولى‭ ‬منصبا‭ ‬إمام‭ ‬الملك‭ ‬فاروق،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬الشخصيات‭ ‬التى‭ ‬قامت‭ ‬بإلقاء‭ ‬خطب‭ ‬بليغة‭ ‬وقت‭ ‬الاحتفال‭ ‬بمحمد‭ ‬على‭ ‬باشا‭ ‬مؤسس‭ ‬الأسرة‭ ‬العلوية‭ ‬بمصر‭ ‬فى‭ ‬عهد‭ ‬الملك‭ ‬فاروق‭ ‬الأول‭. ‬وكتاب‭ ‬‮«‬المولد‭ ‬النبوي‮»‬‭ ‬طبع‭ ‬فى‭ ‬عام‭ ‬1937م،‭ ‬يحوى‭ ‬فى‭ ‬دفتيه‭ ‬90‭ ‬صفحة‭ ‬تتحدث‭ ‬عن‭ ‬موطن‭ ‬الرسول‭ ‬وعشيرته‭ ‬والاحتفال‭ ‬بمولده‭ ‬مكتوب‭ ‬بلغة‭ ‬تجمع‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬النثر‭ ‬والشعر،‭ ‬وقد‭ ‬تمت‭ ‬كتابة‭ ‬الكتاب‭ ‬كاملاً‭ ‬بخط‭ ‬الأستاذ‭ ‬محمود‭ ‬الشحات،‭ ‬بخط‭ ‬النسخ‭ ‬الذى‭ ‬يعتبر‭ ‬مثالاً‭ ‬فى‭ ‬جودة‭ ‬الخط‭ ‬والجمال‭ ‬الفنى‭.‬

النموذج‭ ‬الرابع،‭ ‬هى‭ ‬إحدىاللوحات‭ ‬المهداة‭ ‬للملك‭ ‬فاروق‭ ‬الأول‭ ‬ملك‭ ‬مصر،‭ ‬من‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬عبد‭ ‬الرحمن‭ ‬وهى‭ ‬مزخرفة‭ ‬فى‭ ‬الوسط‭ ‬بالخط‭ ‬الديوانى‭ ‬بصيغة‭ ‬‮«‬فاروق‭ ‬الأول‭ ‬ملك‭ ‬مصر‮»‬،‭ ‬ويحيط‭ ‬بها‭ ‬طبق‭ ‬مزخرف‭ ‬بزخارف‭ ‬إسلامية‭ ‬نباتية،‭ - ‬قمة‭ ‬اللوحة‭ ‬البسملة‭ ‬ثم‭ ‬سورة‭ ‬الملك‭ ‬بخط‭ ‬الثلث‭ ‬وفى‭ ‬الأركان‭ ‬بقية‭ ‬الآيات‭ ‬بالأسفل‭ ‬حتى‭ ‬قوله‭ ‬تعالى‭ ‬‮«‬وينصرك‭ ‬الله‭ ‬نصرا‭ ‬عزيزا‮»‬،‭ ‬وتوقيع‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬عبد‭ ‬الرحمن،‭ ‬ويأطر‭ ‬اللوحة‭ ‬بعض‭ ‬الآيات‭ ‬القرآنية‭ ‬بالخط‭ ‬الفارسى‭ ‬فى‭ ‬هيئة‭ ‬دوائر‭ ‬وبحور‭ ‬بخط‭ ‬النسخ‭ ‬تتكون‭ ‬من‭ ‬آيات‭ ‬قرآنية‭ ‬اللوحة‭ ‬مؤرخة‭ ‬بعام‭ ‬1944م‭. ‬والنموذج‭ ‬هو‭ ‬مثال‭ ‬على‭ ‬الإنشاد‭ ‬فى‭ ‬أبهى‭ ‬صوره‭ ‬وحالته‭ ‬الفنية،‭ ‬ويعكس‭ ‬جوهر‭ ‬هام‭ ‬من‭ ‬جواهر‭ ‬الفن‭ ‬الإسلامى،‭ ‬والتناغم‭ ‬بين‭ ‬الزخرفة‭ ‬والخط‭ ‬العربى‭ ‬بأنواعه‭ ‬المختلفة‭.‬

وأخيرًا‭ ‬يأتى‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬الإنشاد‭ ‬باللوحة‭ ‬الخطية‭ ‬الحديثة،‭ ‬ويدخل‭ ‬فيه‭ ‬اللون‭ ‬والعمق‭ ‬مع‭ ‬الخط‭ ‬العربى،‭ ‬ليكونوا‭ ‬المشهد‭ ‬الجمالى‭ ‬كاملاً‭ ‬تجاه‭ ‬الإبداع‭ ‬فى‭ ‬فن‭ ‬الخط‭ ‬العربى،‭ ‬ولنا‭ ‬أن‭ ‬نقولإنه‭ ‬اتجاه‭ ‬محمود‭ ‬نحو‭ ‬الحداثة‭ ‬الفنية،‭ ‬وإعادة‭ ‬تقديم‭ ‬لفن‭ ‬مرتبط‭ ‬بنا‭ ‬ونحن‭ ‬نرتبط‭ ‬به‭. ‬ويتميز‭ ‬الأستاذ‭ ‬خضير‭ ‬البورسعيدى‭ ‬بهذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الإنشاد‭ ‬الخطى‭ ‬أو‭ ‬الحداثة‭ ‬الفنية،‭ ‬فهو‭ ‬فنان‭ ‬متمرس‭ ‬على‭ ‬واقع‭ ‬الخط‭ ‬العربى،‭ ‬ومتفهم‭ ‬لفنون‭ ‬كل‭ ‬حرف‭ ‬ونوع‭ ‬زخرفة،وهو‭ ‬كثيرًا‭ ‬ما‭ ‬يصنع‭ ‬لنفسه‭ ‬دوائر‭ ‬خطية‭ ‬لونية‭ ‬وتشكيلية،‭ ‬حول‭ ‬مراكز‭ ‬الثوابت‭ ‬والتقليدى‭ ‬من‭ ‬الخطوط،‭ ‬ليؤسس‭ ‬بصريًا‭ ‬للإنشاد‭ ‬البصرى‭.‬

ويلعب‭ ‬الفنان‭ ‬خضير‭ ‬البورسعيدى‭ ‬بمهارة‭ ‬شديدة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬توظيف‭ ‬الحروف‭ ‬وكتابتها‭ ‬بصورة‭ ‬فيها‭ ‬عنصر‭ ‬المفاجأة،‭ ‬سواء‭ ‬فى‭ ‬اللون‭ ‬أو‭ ‬الحجم‭ ‬أو‭ ‬الشكل،‭ ‬وهو‭ ‬يأخذ‭ ‬الحرف‭ ‬نحو‭ ‬شكل‭ ‬غير‭ ‬تقليدى‭ ‬لعين‭ ‬المتلقى،‭ ‬ويأتى‭ ‬عبر‭ ‬تلك‭ ‬التركيبة‭ ‬المتفردة‭ ‬بصور‭ ‬مبتكرة‭ ‬وجديدة‭ ‬على‭ ‬غير‭ ‬التوقع‭ ‬الكتابى،‭ ‬ولقد‭ ‬استطاع‭ ‬الفنان‭ ‬خضيرالبورسعيدى‭ ‬إن‭ ‬يفرض‭ ‬خصوصيته‭ ‬وشخصيته‭ ‬على‭ ‬واقع‭ ‬الخط‭ ‬العربي‭ ‬التقليدي‭ ‬الاكاديمى،‭ ‬واستطاع‭ ‬أن‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬الثابت‭ ‬والتقليدى‭ ‬رؤية‭ ‬فيها‭ ‬إبداع‭ ‬وابتكار‭ ‬فى‭ ‬شكل‭ ‬الحرف‭ ‬وتوظيفه؛‭ ‬بشكل‭ ‬يخدم‭ ‬دلالات‭ ‬الإنشاد‭ ‬الخطى،‭ ‬والتى‭ ‬تخضع‭ ‬للشكل‭ ‬الجمالى‭ ‬والإخراج‭ ‬المبهر؛‭ ‬وفق‭ ‬أنماط‭ ‬جمالية‭ ‬مبتكرة،‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬تكرارها‭ ‬أو‭ ‬تقليدها‭. ‬

‭>>>‬

ختامًا‭ ‬يعكس‭ ‬الإنشاد‭ ‬والتصوف‭ ‬والخط‭ ‬العربى،‭ ‬أسس‭ ‬التوحيد‭ ‬فى‭ ‬الفن‭ ‬الإسلامى،‭ ‬وهو‭ ‬جوهر‭ ‬وأعلى‭ ‬قيم‭ ‬الفكر‭ ‬الإسلامى،‭ ‬وربما‭ ‬إذا‭ ‬ربطنا‭ ‬مبدأ‭ ‬التوحيد‭ ‬بالفن‭ ‬الإسلامى‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يعطى‭ ‬تفسيرًا‭ ‬أو‭ ‬إجابة‭ ‬مقنعة‭ ‬لماذا‭ ‬تنتشر‭ ‬تلك‭ ‬الفنون‭ ‬سواء‭ ‬البصرية‭ ‬أو‭ ‬السمعية،‭ ‬ويكون‭ ‬لها‭ ‬تلك‭ ‬الدرجة‭ ‬من‭ ‬درجات‭ ‬الذيوع‭ ‬حتى‭ ‬بين‭ ‬غير‭ ‬المسلمين‭. ‬يقول‭ ‬ابن‭ ‬عربي‭: ‬‮«‬إن‭ ‬الصور‭ ‬التى‭ ‬تقع‭ ‬عليها‭ ‬الأبصار‭ ‬والصور‭ ‬التى‭ ‬تدركها‭ ‬العقول‭ ‬والصور‭ ‬التى‭ ‬تمثلها‭ ‬القوة‭ ‬المتخيلة‭ ‬كلها‭ ‬صور‭ ‬يُرى‭ ‬الحق‭ ‬من‭ ‬ورائها‮»‬‭. ‬ويقول‭ ‬أيضًا‭: ‬‮«‬أما‭ ‬الذين‭ ‬يحبون‭ ‬الجمال‭ ‬المعنوى‭ ‬فحبهم‭ ‬لا‭ ‬ينتهى‭ ‬لأنه‭ ‬متعلق‭ ‬بالأبدى‭ ‬السرمدى‭ ‬هؤلاء‭ ‬انطلقوا‭ ‬من‭ ‬الحب‭ ‬الموجود‭ ‬إلى‭ ‬حب‭ ‬الموجد‭ ‬ومن‭ ‬الحب‭ ‬المخلوق‭ ‬إلى‭ ‬حب‭ ‬الخالق‭ ‬فلا‭ ‬أجمل‭ ‬من‭ ‬التشوق‭ ‬والنظر‭ ‬إلى‭ ‬خالق‭ ‬الجمال‮»‬‭.‬

وأخيرًا‭ ‬فجمال‭ ‬الإنشاد‭ ‬الخطى‭ ‬بصورته‭ ‬فى‭ ‬الكتب‭ ‬أو‭ ‬الموالد‭ ‬أو‭ ‬عبارات‭ ‬المديح‭ ‬أو‭ ‬فى‭ ‬اللوحات‭ ‬المختلفة،‭ ‬التى‭ ‬تحدثنا‭ ‬عنها‭ ‬هى‭ ‬ومضات‭ ‬بسيطة،‭ ‬ونقطة‭ ‬فى‭ ‬بحر‭ ‬كبير،‭ ‬هو‭ ‬بحرالتراث‭ ‬العربى‭ ‬والمصرى‭ ‬والإسلامى،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬إعادة‭ ‬نشره‭ ‬وتقديمه‭ ‬للعالم،‭ ‬ولا‭ ‬نبالغ‭ ‬لو‭ ‬تحدثنا‭ ‬عن‭ ‬كون‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الفنون‭ ‬هو‭ ‬الضمير‭ ‬البصريلمفهوم‭ ‬القوة‭ ‬الناعمة‭ ‬لمصر،‭ ‬وأى‭ ‬تقصير‭ ‬تجاه‭ ‬إتاحة‭ ‬هذا‭ ‬الفن‭ ‬ودعمه،‭ ‬هو‭ ‬هدم‭ ‬لجوهر‭ ‬الفن‭ ‬فى‭ ‬هذا‭ ‬الوطن‭ ‬الجميل‭.‬

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة