د. محمد إبراهيم العشماوى أستاذ الحديث الشريف وعلومه فى جامعة الأزهر
د. محمد إبراهيم العشماوى أستاذ الحديث الشريف وعلومه فى جامعة الأزهر


خواطر عشماوية

المداراة ليست منهج حياة

الأخبار

الأربعاء، 21 أبريل 2021 - 05:32 م

من المفاهيم الملتبسة عند البعض مفهوم المداراة، وهو يعنى التصنع فى إظهار حسن العشرة لمن يخشى شره، ولا يؤمن ضرره.
ولأن المسلم إنسان واضح، ظاهره كباطنه، وسلوكه كاعتقاده؛ كان مفهوم المداراة ضرورة من الضرورات الشرعية والاجتماعية الملجئة؛ لأنها خلاف الأصل فى طبيعة المسلم التى لا تعرف الازدواجية فى التعامل، والضرورة إنما تقدر بقدرها، وهذا يعنى أن المداراة المطلوبة إنما تكون بإلانة القول وطلاقة الوجه ونحو هذا مما يدخل فى حسن العشرة، وهذا شأن المسلم الذى وصفه نبيه بأنه «من سلم الناس من لسانه ويده»، وبأنه «ليس بطعان ولا لعان ولا فاحش ولا بذيء». 
ولكن بعض الناس جعلوا من المداراة منهج حياة، يتوسلون به إلى نيل مآربهم، على حساب المبادئ والقيم الدينية والخلقية، فيتجاوزون القدر المسموح به شرعا؛ إلى المدح الكاذب، والنفاق المكشوف، وقد جعلوا شعار هذا المنهج:»دارهم ما دمت فى دارهم، وأرضهم ما دمت فى أرضهم». 
يعني: افعل ما يرضيهم ولو أغضبت ربك، وأذهبت دينك، ما دمت مقيما بينهم،وهذا - لعمرى - ليس من المداراة فى شيء، بل هى المداهنة المحرمة شرعا، المذهبة للدين والمروءة، والفرق بينهما - كما يقول أهل العلم - أن المداراة بذل الدنيا لصلاح الدنيا أو الدين أو هما معا، والمداهنة بذل الدين لصلاح الدنيا.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة