صورة تعبيرية
صورة تعبيرية


مجلس النواب يغلظ العقـوبة و«الإفتاء» تحرمه و«الصحة» تجـرم ممارسته بشكـل قاطع

مصر تحــــــارب الختان

محمد قنديل- ياسمين سامي

الأربعاء، 21 أبريل 2021 - 10:04 م

 

الدين‭ ‬برىء‭ ‬من‭ ‬العادات‭ ‬الخاطئة..‭ ‬ولم‭ ‬يأمر‭ ‬بتعرض‭ ‬الإنسان‭ ‬للتهلكة

نهاد‭ ‬أبو‭ ‬القمصان: تشديد‭ ‬العقوبات‭ ‬انتصار‭ ‬للمرأة‭ ‬د. ‬هبة‭ ‬العيسوي: ‬الختان‭ ‬دفن‭ ‬للروح‭ ‬وليس‭ ‬طهارة‭ ‬للجسد

ندى‭ ‬فقدت‭ ‬حياتها‭ ‬بسبب‭ ‬نزيف‭ ‬حاد.. ‬وهالة‭ ‬قررت‭ ‬تحمى‭ ‬بناتها‭ ‬وتتحدى‭ ‬الأعراف  

إحصاء:‭ ‬92٪‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬بين‭ ‬‮١٥‬‭ ‬و‮٤٩ ‬‭ ‬سنة‭ ‬تعرضن‭ ‬للتشويه

أطباء:‭ ‬يسبب‭ ‬مضاعفات‭ ‬صحية‭ ‬لا‭ ‬حصر‭ ‬لها‭ ‬تؤدى‭ ‬للوفاة‭ ‬أو‭ ‬تشوهات‭ ‬نفسية‭ ‬وجسدية 

خبراء‭ ‬علم‭ ‬نفس: التفكك‭ ‬الأسرى‭ ‬والتعنيف‭ ‬والطلاق‭ ‬وتعدد‭ ‬الزوجات‭ ‬نتائج‭ ‬للجريمة

 

ظاهرة اجتماعية تغلف فى كثير من الأحيان بالاعتبارات الدينية، وأحيانًا تغلف بالأعراف والتقاليد فى بعض المحافظات والعائلات، وترتبط بمفاهيم الحفاظ على الشرف، إلا أنها تعرض حياة الفتاة للخطر وتؤدى إلى تشوهات نفسية وصحية وجسدية تؤثر على الأسرة بأكملها وتستمر فى ذاكرتها علامة سوداء على مدى الحياة، إنها ظاهرة ختان الإناث التى تنبهت إليها مصر منذ سنوات لخطورتها، وسعت للقضاء عليها من خلال سن عدد من القوانين التى تجرمها، وكذلك من خلال معالجة الاعتبارات الاجتماعية والثقافية التى من شأنها تغيير النظرة، ومع ذلك لازالت تحدث، حيث تشير بعض الدراسات إلى تعرض 10 ٪ من النساء والفتيات اللواتى تتراوح أعمارهن بين 15 و49 سنة لشكل من أشكال ختان الإناث، وأن ٧٢ ٪ منهن تمت عمليات الختان بواسطة أطباء.

 

وقد أعلن مجلس الشيوخ فى 21 مارس 2021 موافقته على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات المتعلقة بجرائم ختان الإناث، ويستهدف التعديل تغليظ العقوبة لتصل إلى ما بين 5 إلى 20 سنة وعزل القائم بعملية الختان من وظيفته، ويأتى تغليظ العقوبات من أجل منع ارتكاب هذه الجريمة فى حق فتيات ونساء مصر، وحفاظًا على حقوقها، لذا حرصت "الأخبار" على مناقشة هذه القضية وإذا ما كان القانون يحتاج إلى عوامل أخرى مساعدة حتى يحقق مبتغاه فى القضاء على تلك العادات التى ترتكب جريمة فى حق المرأة المصرية.

 

لم تكن ندى حسن، أكملت عامها الثالث عشر بعد، لا تعرف الكثير من خبايا تلك الدنيا وأن يد الشر قد تسلب حياتها مرتدية عباءة العادات الخاطئة والموروثات المغلوطة، لم تكن تعرف أن دميتها الصغيرة ستخضب بدمائها أمام أعين والديها "أقرب الناس إليها" بل وبأمر منهما وبإرادتهما، أمنتهما على حياتها وعانقت يداها يد والدتها بخوف شديد التى أخبرتها أنها ذاهبة للطبيب للكشف والإطمئنان، ولكن قلب الصغيرة كان يشعر بغير ذلك وأن وجه ذلك الطبيب ودماءها المتناثرة والآلام المبرحة ستكون المشهد الأخير.

 

مع نبضات قلبها المتسارعة والتى ترغب فى الركض والهروب من الطبيب (على. ع) الذى يبلغ من العمر 70 عامًا ـ بالمعاش ـ ويملك مستوصفا، دخلت ندى بصحبة والدتها ووالدها إلى العيادة الخاصة لهذا الطبيب فى مركز منفلوط محافظة أسيوط، وطلبا منه إجراء عملية ختان لندى مع عملية تجميل لها بعد الانتهاء من الجراحة، وذلك على الرغم من أنه طبيب نساء وتوليد وليس طبيبًا جراحًا، إلا أنه حدث لها نزيف نتيجة قطع شريان عن طريق الخطًا ولم يتمكن من السيطرة عليه مما أدى إلى وفاتها، وعند محاولة والدها الإطمئنان عليها طرده الطبيب ـ بحسب وصف الأب − مما دفعه للتوجه إلى مركز شرطة منفلوط وتحرير محضر بالواقعة التى راحت ندى فى عمر الزهور، وعلى الفور انتقل فريق من وحدة حماية الطفل بالمحافظة إلى موقع الواقعة، وقامت وحدة حماية الطفل بتقديم بلاغ لخط نجدة الطفل 16000 برقم 10187 وقيده بمركز شرطة منفلوط برقم 578 لسنة 2020م.

 

ومما زاد الأمر صعوبة أن الطبيب خلال تحقيقات النيابة العامة، اعترف بإجراء العملية بمفرده دون الاستعانة بأى شخص سواء من التمريض، أو أطباء التخدير كون العملية لم تكن فى حاجة إليهم مشيرا إلى أن والدة الطفلة، وخالتها كانت داخل غرفة العمليات معه أثناء إجراء العملية حتى انتهاء العملية.

 

ليس بالضرورة أن يكون الموت بمعناه المعهود هو النهاية الوحيدة، بل قد تموت الفتاة وهى على قيد الحياة نتيجة التشوهات الجسدية والنفسية التى تصيبها بفرض أنها نجت من فقدان أنفاسها الأخيرة أثناء عملية الختان، وهذا ما حدث مع "ن. أ. س."، التى تبلغ من العمر 14 عامًا، طالبة من محافظة القليوبية، وصلت إلى مستشفى قليوب العام مصابة بنزيف متوسط، وتم حجزها لتلقى العلاج اللازم، وبدورها قدمت المستشفى بلاغًا لمركز شرطة القناطر الخيرية بالحالة، والفحص وسؤال والد المصابة "أ. س. ع."، 44 سنة، صاحب محل أسماك، قرر قيامه باستدعاء المدعو "م. س. أ."، 62 سنة، ممرض بالمعاش، إلى منزله لإجراء عملية ختان لابنته، وأثناء ذلك حدثت مضاعفات طبية أدت إلى إصابتها بنزيف، وتم نقلها للمستشفى، ويواجه المتهمان تهمة إجراء عملية ختان إناث.

 

وعلى الرغم من استقرار حالة الفتاة وخروجها من المستشفى بعد وقف النزيف إلا أن حالتها النفسية بعد الحادث ظلت فى حاجة إلى تأهيل ومتابعة لمحاولة تخطى الأمر وهذا ما فعله المجلس القومى للأمومة والطفولة من متابعة للحالة، تقديم الدعم النفسى والرعاية الصحية، وعلى الرغم من تشديد العقوبات وتغليظها إلا أن البعض لازال يحاول تحدى القانون والشرع والدين وفرض العادات التى تودى بحياة الفتاة أو تشوه جسدها وحالتها النفسية.

 

أما هالة. ح تبلغ من العمر 30 عامًا، من إحدى محافظات الصعيد، تقول إنها رغم مرور السنوات وزواجها إلا أنها لا تنسى اليوم الذى تمت عملية ختانها فيه، وأنه يعتبر بالعادات والأعراف التى نشأت عليها يوم عرس ويتم عمل زفة للفتاة واستحمامها فى النيل وارتداؤها ملابس خاصة بهذا اليوم، بل تأتى العائلة للمباركة ويوزع الشربات وتقام مآدب الطعام من أجل هذا اليوم، إلا أن كل هذا لم يخفف شيئًا من وطأة الألم النفسى والجسدى الذى تعرض له جسدها الصغير منذ أن كانت فى الرابعة عشرة من عمرها.. وبعد أن أنجبت هالة ورزقها الله بثلاث فتيات صممت ألا تعرضهن لما تعرضت هى إليه، وعلى الرغم من الضغط العائلى حتى تجرى لهن عملية الختان، كانت قد قرأت كثيرًا عن هذه العملية وأنها ليست فى الدين أو الشرع بل يجرمها القانون، وعرضت لأسرتها وعائلتها الكثير من ضحايا تلك العملية وشرحت لهن التأثير الذى ينعكس فى الحياة الزوجية بل وأحيانًا يؤدى إلى تفكك الأسر والطلاق نتيجة التشوهات الجسدية التى حدثت للفتاة وأثرت عليها باقى حياتها ومنعتها من ممارسة حياتها بشكل طبيعى وحرمتها من سعادتها كحق أصيل من حقوق المرأة، وتمسكت بحق فتياتها فى التربية السليمة والحسنة وتعريفهن أصول الدين والفرق بين العادة والشرع. 

 

طالما ربيت البنت كويس وعلمتها الدين صح ميتخافش عليها.. مش محتاجة عملية عشان تحافظ على نفسها.. الموضوع "أخلاق وتربية ودين".. هكذا أكدت هالة على منظورها وعلى ما تسعى إليه حاليًا هو تربية فتياتها بشكل سليم بعيدة عن العادات المغلوطة والموروثات السيئة التى جاءت إلى مصر من بعض الدول الأفريقية وأودت بحياة العديد من الفتيات البريئة التى راحت ضحية بلا ذنب، وأنها تنصح كل ما يأخذ بنصحيتها بعدم تعريض فتياته للخطر وتدمير حياتها فيما بعد فى حالة النجاة.

 

جهود مستمرة

على الرغم من حدوث تغيير إيجابى فى مواقف النساء من الختان، لايزال هناك دعم واسع لاستمرار ختان الإناث فى مصر، تعرضت ٩٢٪ من النساء والفتيات اللواتى تتراوح أعمارهن بين ١٥ و٤٩ سنة لشكل من أشكال ختان الإناث − ٧٢٪ منهن من قبل الأطباء. وعلى الرغم من حدوث تغيير إيجابى فى مواقف النساء من الختان، لايزال هناك دعم واسع النطاق لاستمرار ختان الإناث فى مصر. كما أظهر المسح السكانى الصحى لعام ٢٠٠٨ أن ٦٣٪ من النساء اللواتى تتراوح أعمارهن بين ١٥ و٤٩ سنة يعتقدن أن الممارسة يجب أن تستمر، كما كانت تفضيلات الأزواج للنساء المختونات ومنع الزنا من بين الأسباب الأكثر ذكرًا من قبل النساء اللواتى تتراوح أعمارهن بين ١٥ و٤٩ عامًا لدعم هذه الممارسة (٦٠٪، ٣٩٪ على التوالى).

ختان الإناث جريمة يعاقب عليها القانون

وعلى مستوى التشريعات الصادرة المواجهة الظاهرة، وافق مجلس الشعب فى عام 2008 على تحريم ختان الإناث فى قانون العقوبات، كما تضمن قانون الطفل تشكيل لجان حماية الطفل على مختلف المستويات الوطنية مع وضع بنود محددة لتحديد الأطفال المعرضين لخطر الإهمال وإساءة المعاملة، بما فى ذلك الفتيات المعرضات لخطر الختان، ودعمهم ومراقبتهم، وذلك بعد وفاة الطفلة بدور فى 14 يونيو 2007، على يد طبيبة فى محافظة المنيا بسبب عملية الختان.

 

بينما على مستوى المؤسسات الدينية، أصدر مفتى الجمهورية فى عام 2007 فتوى تحريم ختان الإناث، كما أصدر المجلس الأعلى للبحوث الإسلامية فى الأزهر بيانا أوضح فيه أن ختان الإناث ليس له أساس فى الشريعة الإسلامية الأساسية، وأصدرت وزارة الصحة فى عام ٢٠٠٧ قرارا يمنع العاملين فى مجال الصحة من ممارسة ختان الإناث فى المستشفيات أو العيادات الحكومية أو غير الحكومية، وفى سبتمبر ٢٠١٣، أطلق اتحاد أطباء أمراض النساء والتوليد المصرى بيانا أعلن فيه أن ختان الإناث ليس إجراء مطليا وهو ممارسة يجب منعها، وبالتالى لا يوفر القانون الحماية للأطباء الذين يمارسونه، وعلى المستوى الاجتماعى تم تنظيم العديد من حملات التوعية عبر توجه الرائدات الريفيات إلى الأسر وعبر أجهزة الإعلام المختلفة للتوعية بمخاطر تلك الظاهرة وبأنها تعرض مرتكبيها للوقوع تحت طائلة القانون.

 

وجاء تغليظ العقوبات فى يناير الماضى، تم تعديل المادة (242 مكررا) على أن "يُعاقب بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنوات كل من أجرى ختانًا لأنثى بإزالة جزء من أعضائها التناسلية أو سوّى، أو عدّل، أو شوّه، أو ألحق إصابات بتلك الأعضاء، فإذا نشأ عن ذلك الفعل عاهة مُستديمة، تكون العقوبة السجن المشدد، لمدة لا تقل عن 7 سنوات، أما إذا أفضى الفعل إلى الموت، تكون العقوبة السجن المشدد، لمدة لا تقل عن 10 سنوات".

 

كما نص التعديل، فى هذه المادة، على أن "تكون العقوبة السجن المشدد إذا كان من أجرى الختان طبيبًا أو مُزاولًا لمهنة التمريض، فإذا نشأ عن جريمته عاهة مستديمة تكون العقوبة السجن المُشدد لمدة لا تقل عن 10 سنوات، أما إذا أفضى الفعل إلى الموت تكون العقوبة السجن المشدد، لمدة لا تقل عن 15 سنة، ولا تزيد على 20 سنة".

 

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف" قد أعلنت فى تقرير لها العام الماضى، أن مصر تحتل المركز الرابع عالميا والثالث على مستوى الدول العربية بنسبة 91٪، حيث تحتل الصومال صدارة العالم والدول العربية فى نسب انتشار ختان الإناث، بنسبة 98٪، ويليها فى القائمة غينيا ثم جيبوتى، ثم تأتى مصر وبعدها السودان فى المرتبة الثامنة عالميا والرابعة عربيا بنسبة 88٪.

 

كما أرجعت "اليونيسيف" ختان الإناث إلى الموروثات الاجتماعية التى تربط بين الختان والطهارة والاستعداد للزواج، حيث تعد نسبة انتشار ختان الإناث فى مصر عام 2000 الـ97٪، وسجلت انخفاضه عام 2015 إلى 92٪، ثم إلى 87٪ عام 2016، إلا أن انتشار تلك الممارسة عاد فى الصعود إلى 91٪ عام 2017، رغم تبنى الحكومة المصرية منذ عام 2008 تشريعات عقابية لمن يقوم بالختان للإناث.

 

آليات للحماية

لم تكتف مصر بسن القوانين وتغليظ العقوبات فقط بل اتجهت إلى تكليف بعض الجهات المختصة واستخدام بعض الآليات فى مكافحة تلك الظاهرة وعلى رأسها تأسيس أول لجنة وطنية للقضاء على ختان الإناث فى مصر عام 2019. فقد قام المجلس القومى للمرأة، والمجلس القومى للطفولة والأمومة للمرة الأولى على الإطلاق بإنشاء لجنة وطنية للقضاء على ختان الإناث فى مصر، وضمت هذه اللجنة الجهات المعنية الحكومية، وغير الحكومية، وكذلك السلطات التنفيذية، والقضائية، والدينية الهامة، حيث جمعت اللجنة جميع الأجهزة ووزارات التضامن الاجتماعى والصحة والسكان، التربية والتعليم والتعليم الفنى − الشباب والرياضة − الثقافة − الأوقاف − العدل − الداخلية − الخارجية، كما تضم النيابة العامة − الأزهر الشريف − الكنائس المصرية − الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء − المجلس القومى للسكان − المجلس القومى لحقوق الإنسان − المجلس القومى لشئون الإعاقة − المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام.

 

وعملت اللجنة منذ إطلاقها على تنسيق الجهود، حيث استطاع المجلس القومى للمرأة والمجلس القومى للطفولة والأمومة تنسيق جهود جميع أعضاء اللجنة الحكومية، وغير الحكومية، وكذلك الشركاء الدوليون، ونقل ونشر تلك الجهود وطنيا ً، ودوليا.

 

تمكنت اللجنة خلال بضع أشهر، وتحديداً من مايو 2019 حتى يونيو 2020، من الوصول إلى 22 مليون مستفيد من النساء والرجال، والأطفال، وذلك من خلال أشكال مختلفة من الأنشطة، ووسائل التوعية التى تنوعت بين طرق الأبواب، رفع الوعى، القوافل الطبية، حملات التوعية الإعلامية، بناء القدرات، واستقبال، والتعامل مع الشكاوى، والاستفسارات تحت شعار "‭#‬ احميها_من_الختان".

 

وتمكنت اللجنة من خلال اتصالاتها المستمرة على مدار الساعة بين جميع أعضائها بشكل عام، وخطوط المساعدة، والنيابة العامة ووزارة الداخلية بشكل خاص، من بدء ومتابعة التدخلات الفورية لمساعدة الضحايا المحتملين لهذه الممارسة الضارة ومتابعة سير الإجراءات ضد مرتكبيها.

 

واعتمدت الدولة أيضًا على التعامل بناء على ثلاث استراتيجيات تخص المرأة وهى: اعتماد الاستراتيجية الوطنية لمكافحة العنف ضد المرأة فى عام 2015، واعتماد الاستراتيجية الوطنية لمكافحة ختان الإناث بعام 2016 بجانب اعتماد الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة بعام 2017.

 

مجزرة وثنية

تقول د.آمنة نصير، أستاذ الفلسفة الإسلامية بجامعة الأزهر، إن زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم وبناته لم تختن أية منهن، وأن الختان فى ذلك العصر لم يكن معروفاً فى مكة، فى الوقت ذاته كانت المدينة تعيش فيها اليهودية والمسيحية والقبائل من عقائد مختلفة، لذلك عرفت هذه الظاهرة.

وأضافت أن الحديث الذى يتمسك البعض به وفيه إشارة للختان فهو ضعيف للغاية وأن الختان ما هو إلا ظاهرة فى صعيد مصر تحدث للبنت المسلمة والمسيحية جنب بعضهما البعض، فى مجزرة لا فيها دين ولا لها علاقة به، هى عادة ارتبطت بحصانة وحماية شرف البنت لذلك فهى غير موجودة فى السعودية ولا الشام ولا إيران ولا المغرب العربى، هى فقط متجذرة فى دول حوض وادى النيل، وهى عادة وثنية قديمة.

ويقول د.فاضل شلتوت، أستاذ أمراض النساء بجامعة القاهرة، إن هناك بعض الممارسات فى الطب خاطئة، بل هى ممارسات إجرامية منها ختان الإناث، وأنه ليس من المعقول أن يستمر هذا الإجرام فى حقوق الأسرة والمرأة حتى الآن، ولابد من معاقبة المسئولين عن هذه الجرائم والموافقين عليها والمؤيدين لها دون جزاء رادع أو مساءلة.

وأشار شلتوت إلى أن 75 ٪ من العمليات التى تتم فى الختان يقوم بها أطباء، وأن هناك حوالى مليون طفلة فى مصر سنوياً يحدث لها هذا التشويه، وأن نسبة الختان فى مصر كانت 97 ٪ ثم انخفضت فى السنوات الأخيرة بفضل المجالس القومية للسكان والطفولة والأمومة والمرأة، إلى حوالى ٨٠ ٪ ثم عاد بعد 2011 إلى الارتفاع حتى وصل إلى حوالى 90 ٪، بسبب العادات الاجتماعية التى يبررها أصحابها قائلين: "هذا سلو بلدنا"، وأن بعد 2011 كان هناك نوع من عدم المساءلة فلجأ البعض إلى انتهاز الفرصة واتباع الأعراف المغلوطة.. وأوضح شلتوت أن هناك نوعين من المضاعفات تنقسم إلى عاجلة وآجلة، فأما العاجلة فتتمثل فى حدوث صدمة عصبية، ونزيف من الممكن أن يكون حاداً يقضى على حياة الفتاة، والتهاب فى الجرح نتيجة العملية، ومشاكل بولية كاحتباس البول نتيجة الألم القوى الذى تسبيه هذه العملية للفتاة، بينما تتمثل الأضرار الآجلة فى الورم العصبى، والتهابات مزمنة، بالإضافة إلى تشوهات فى مكان العملية، وتكون حويصلات دموية.

النساء تتحدى ختان البنات فى القرى والنجوع

قتل عمد

تقول د.هبة العيسوى، أستاذ الطب النفسى بجامعة عين شمس، إن هذه العملية ما هى إلا بمثابة قتل للفتاة فهى ليست طهارة للجسد بل هى دفن للروح، وأن الأعضاء المستأصلة تؤثر على راحة المرأة وسلوكياتها وحياتها النفسية والأسرية والزوجية، وأن الفيصل فى حدوث العلاقة فى الإطار الشرعى فقط ما يؤثر فيه هو الوازع الدينى والأخلاق والتربية الحسنة للفتاة وليس تشويهها بهذا الشكل الذى يستأصل حقها الذى شرعه الله لها وخلقها به.

وأوضحت أستاذ الطب النفسى أن هناك حالات كثيرة من الطلاق والمشاكل الزوجية وتعدد الزوجات، تحدث بسبب قطع وتشويه عمليات الختان للسيدات منذ طفولتهن وتصاب المرأة بالبرود وأن الكثير من الحالات تعانى التعنيف بسبب رفض زوجها والابتعاد عنه وبالتالى يحدث الطلاق ويبحث الرجل عن امرأة أخرى تسبب له الإشباع الذى يطمح له، ولا يحققه مع زوجته بسبب الجريمة التى تعرضت لها وليس لها ذنب أو يد فيها لذلك لابد من تكاتف جميع مؤسسات الدولة لوضع حد لتلك الجريمة.

 

وقف التطبيب

أما المحامية نهاد أبو القمصان، رئيس المركز المصرى لحقوق المرأة، فتقول إن تغليظ عقوبة ختان الإناث من قبل مجلس النواب هى رؤى تتماشى مع الواقع، موضحة أنه لابد من وجود رؤى فقهية جيدة تناسب طبيعة العصر، وهذا القرار انتصار للمرأة.

وأوضحت أن الطبيب كان يصعب ضبطه لأنه موضع ثقة كبير بالنسبة للمجتمع، مشيرة إلى أنه كانت القضايا التى تصل المحكمة بـ"تطبيب الختان" يكون به شكل من التدخل الضرورى للطبيب ولا يُعاقب عليها، كما أن العقوبة المشددة على ختان الإناث حاليًا بها شطب الطبيب من النقابة والمنشأة ستغلق ومن يدعو لختان الإناث ستكون جريمة.

وعن تطبيب الختان فهو يعنى أن يؤكد الطبيب أن التدخل الجراحى كان من أجل التجميل الضرورى للفتاة وليس ختانًا، أى استئصال متعمد بناء على رغبة الأهل ويؤدى إلى التشويه حتى يفلت من العقوبة.

حصلت مصر على الكثير من الإشادات الدولية، فبينما كانت مصر تناقش تقريرها الوطنى حول المراجعة الدورية الشاملة فى مجلس حقوق الإنسان بجنيف فى نوفمبر 2019، جاءت غالبية الإشادات لمصر موجهة إلى أجندة المرأة، وخاصة ملف ختان الإناث، وإنشاء آلية تنسيقية وطنية للقضاء على هذه الجريمة فى مصر.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة