الدكتور رمضان حسان أستاذ ورئيس قسم اللغة العربية بجامعة الأزهر
الدكتور رمضان حسان أستاذ ورئيس قسم اللغة العربية بجامعة الأزهر


حازم جلال: الكرم سبيل السَّعَة والغنى والسخاء سبب النَّماء

إسراء كارم

الجمعة، 23 أبريل 2021 - 01:26 م

جاءت الحلقة العاشرة لملتقى الفكر الإسلامي الذي ينظمه المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، بعنوان: «الجود والكرم».

وحاضر فيها كل من الدكتور رمضان حسان أستاذ ورئيس قسم اللغة العربية بكلية الدراسات الإسلامية جامعة الأزهر، والشيخ حازم جلال إمام وخطيب مسجد الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، وقدم للملتقى الإعلامي محمد عامر المذيع بقناة النيل الثقافية.

اقرأ أيضا| الجندي: كنز من الرحمة والمغفرة يضيع في مسلسلات رمضان | فيديو

وفي بداية كلمته قال الشيخ حازم جلال، إن خلق الجود والكرم من أخلاق الإسلام الفاضلة، وخصلة من خصاله العظيمة، خُلُق به تسُود المحبَّة والمودَّة والرحمة في المجتمعات، وبه يكون التآزر والتعاون والتضامن بين الناس، خُلقٍ من أخلاق المرسلين، وصفة من صفات الصالحين.

وقال ما أحوج النَّاس إلى هذا الخُلق العظيم، في زمنٍ فشَت فيه كلُّ مظاهر الأنانية والبخل والشح، وكل أحد يجود بما استطاع؛ من إطعام جائع، وقضاء حاجة، وإعانة محتاج، وتعليم ونصح وإرشاد، فالجود والكرم من صفات الله (عز وجل)، والكريم من أسمائه.

واستشهد بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ}، وقال تعالى : {مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}، وقال تعالى : {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ} ويقول صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الله جواد يحبُّ الجوادَ، ويحب معاليَ الأخلاق، ويكره سَفْسافها».

وأضاف أن السخي قريبٌ من الله تعالى ومن خلقه ومن أهله، وقريبٌ من الجنة، وبعيد من النار، مبينًا أن ما من نعمة يمنُّ الله تعالى بها على عباده إلاَّ وهي من محض فضله وجوده، وكرَمه وإحسانه؛ قال تعالى: { وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ }، وقال تعالى: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا}، فالله عز وجل أهل الجود والكرم، فهو الكريم الذي يَغفر للمذنبين، ويعفو عن المسيئين، ويقبل توبةَ التائبين، قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ}، وهو الكريم الذي كرَّم الإنسان وفضَّله؛ قال تعالى: وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً}.

وأضاف أن الله هو الكريم الذي يُعطي السائلين، ويجيب دعوة المضطرين؛ قال تعالى : {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ}، وقال تعالى:{وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ}.

وأوضح أن نبينا (صلى الله عليه وسلم) منة الوهاب الكريمة مَثَلٌ لا يُضاهى، وقدوة لا تُسامى في الجود والكرم، فقد بلغ صلوات الله وسلامه عليه مرتبةَ الكمال الإنساني في حبِّه للعطاء؛ إذ كان يعطي عطاءَ مَن لا يحسب حسابًا للفقر ولا يخشاه؛ ثِقةً بعظيمِ فضل الله، وإيمانًا بأنَّه هو الرزَّاق ذو الفضل العظيم، ويقول سيدنا عبد الله بن عبَّاس (رضي الله عنهما) «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَجْوَدَ النَّاسِ وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ فَلَرَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ»، وعلى هذا الخُلق الكريم ربَّى رسولُ الله (صلى الله عليه وسلم) أصحابَه، فكانوا يتنافسون في الجود والكرَم، ويتسابقون إلى البذل والعطاء، قال تعالى في وصفهم: «وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ»، وعن زيد بن أسلم، عن أبيه، قال: سمعتُ عمرَ بنَ الخطَّابِ (رضي الله عنه) قال: أمرَنا رسولُ اللَّهِ (صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ) يومًا أن نتصدَّقَ، فوافقَ ذلِكَ مالًا عندي، فقلتُ: اليومَ أسبِقُ أبا بَكْرٍ إن سبقتُهُ يومًا ، فَجِئْتُ بنصفِ مالي ، فقالَ رسولُ اللَّهِ (صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ): ما أبقيتَ لأَهْلِكَ؟، قلتُ: مثلَهُ، قالَ : وأتى أبو بَكْرٍ رضيَ اللَّهُ عنهُ بِكُلِّ ما عندَهُ ، فقالَ لَهُ رسولُ اللَّهِ (صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ): ما أبقَيتَ لأَهْلِكَ ؟ قالَ: أبقَيتُ لَهُمُ اللَّهَ ورسولَهُ ، قلتُ: لا أسابقُكَ إلى شيءٍ أبدًا».

 وعن أنس بن مالك رضي الله عنه، يقول: كان أبو طلحةَ أكثَرَ أنصاريٍّ مالًا وكان أحَبَّ أموالِه إليه بَيْرَحاءُ وكانت مستقبِلةَ المسجدِ وكان رسولُ اللهِ (صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) يدخُلُها ويشرَبُ مِن ماءٍ فيها طيِّبٍ قال أنسٌ فلمَّا نزَلت هذه الآيةُ {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} قام أبو طلحةَ إلى رسولِ اللهِ (صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) فقال: يا رسولَ اللهِ إنَّ اللهَ يقولُ في كتابِه: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} وإنَّ أحبَّ مالي إليَّ بَيْرَحاءُ فإنَّها صدقةٌ للهِ أرجو بِرَّها وذُخْرَها عندَ اللهِ فضَعْها حيثُ شِئْتَ فقال رسولُ اللهِ (صلَّى اللهُ عليه وسلَّم): « بَخٍ ذاك مالٌ رابحٌ بَخٍ ذاك مالٌ رابحٌ وقد سمِعْتُ ما قُلْتَ فيها وإنِّي أرى أنْ تجعَلَها في الأقربينَ فقال أبو طلحةَ: أفعَلُ يا رسولَ اللهِ فقسَمها أبو طلحةَ في أقاربِه وبني عمِّه»، مختتمًا حديثه أن إرضاء الناس معجزة لا تدرك ، وإرضاء رب الناس غاية لا تترك، فاترك مالا يدرك لأجل مالا يترك قال تعالى: {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ}.

جاء ذلك في إطار التعاون والتنسيق بين وزارة الأوقاف المصرية والهيئة الوطنية للإعلام؛ لنشر الفكر الإسلامي الصحيح، ومواجهة الفكر المتطرف، وتصحيح المفاهيم الخاطئة.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة