مياه النيل من الكنوز الثمينة
مياه النيل من الكنوز الثمينة


نصير العشاق ومصيف الغلابة | نهر النيل.. شريان يجري فى عروق المصريين «ملف»

الأخبار

الإثنين، 26 أبريل 2021 - 09:16 م

 

أعد الملف: عبد الصبور بدر

نهر النيل عظمه القرآن وذكره الله فى كتابه ، وملوك الفرس كانوا يعتقدون أن مياه النيل من الكنوز الثمينة، ما جعلهم يحتفظون بها فى أوانٍ داخل خزائنهم مع الذهب، أما المصريون فقد أدركوا منذ بدء الخليقة أن النيل مصدر حياتهم، وسر تفردهم، وأساس حضارتهم، والدليل على تحضرهم.
 فى هذا الملف تستعرض «الأخبار» علاقة المصريين بالنهر الخالد، ومدى حبهم واحترامهم له، باعتباره من منحهم السيادة على العالم بعد أن شيدوا أول حضارة عرفها التاريخ.

لا يرد سائلا.. نبع الخير ورزق المصريين

لا يرد النيل سائلا قصده، يجبر دوما بخاطر الغلابة، ويعطيهم ما يحتاجون إليه، وكلما طرقوا أبوابه، وجدوا أياديه البيضاء ممدودة لهم.

فى الزمن القديم حمى النيل المصريين من المجاعة وهو يقدم لهم وجبات شهية من مختلف أنواع الأسماك، ما جعل الصيادين يعرفون طريقهم إليه، بمراكبهم الصغيرة التى تتمايل على صفحته الزرقاء وكأنها ترقص من البهجة، وكلما طرح صاحبها شباكه وجد من الله الرزق.

سلامة شمندى أحد الصيادين يحكى عن النيل قائلا: سترنى أنا وعيالي، عمرى ما مديت إيدى ليه ورجعت فاضية، دايما كارمنى بالرزق.. الحمد لله على نعمة النيل.

ولا يختلف الأمر مع جودة عبد العظيم بائع الحلبسة الذى وجدناه على كوبرى قصر النيل وهو يقول «الدنيا حلوة على النيل، زى مانت شايف.. كله بيجى يتفسح ويقف على الكوبرى، والمصريين بيجبوا الحلبسة، وعشان كده ربنا بيكرمنى يوميا عشان أفرح عيالى كل ليلة».

أما شوقى إسماعيل (17 سنة) فهو يبيع غزل البنات على الكورنيش سألناه.. هى الشغلانة دى بتكسب فقال: « الناس على النيل بتكون نفسيتها حلوة، واللى بياخد كيس لابنه بيدينى أكتر من تمنه عشر مرات.. لكن سبحان الله بعيد عن النيل لايمكن تلاقى الكرم ده!».

وعلى كوبرى عباس وجدنا عزمى عبد السلام بائع البطاطا يقف خلفه «عربيته» ينظر إلى المارة ويقول بصوت جميل: «معسلة يا بطاطا»، اقتربنا منه وسألناه»بكام يا حج» فقال: « ببلاش للناس الحلوة»، بينما أغنية عبد الحليم حافظ «جانا الهوا» تنطلق من المقهى الصغير بمقاعده المتراصة على طول سور الكورنيش.

حكى لنا عزمى عن حبه للنيل، وكيف التقى أول مرة بزوجته هنا على الكوبرى « اشترت منى بطاطا.. سألتها عن اسمها واسم أبوها.. وعرفت إنها ساكنة فى الملك الصالح، وخطبتها على طول.. الكلام ده كان من 5 سنين، ودلوقتى الحمد لله ربنا رزقنا ب»روان ورحمة « ورزق البنات كتير والنيل خيره واسع، هو اللى عرفنى بنصى التانى وادانى بناتى الاتنين أغلى حاجة عندى فى الدنيا.. كتر خيره».

نصير العشاق ومصيف الغلابة

تعود المصريون على إلقاء همومهم فى النيل، مجرد النظر إليه يخفف عنهم، ويمنحهم طاقة جبارة لمواجهة الظروف الصعبة، فى الوقت الذى يتخذه العشاق نصيرا لهم، يحرضهم على الحلم، ويساعدهم فى رسم مستقبل بلون الورد ورائحة الياسمين، أما الفقراء فإنهم يلجأون إليه فى الصيف فيتسع لاحتضانهم ويتحول إلى بحر!.

يقول د. فتحى الشرقاوى أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس: لأن النيل نبض الحياة، فكل من يجد لديه نوعا من الضغط النفسى يذهب إلى النيل لـ»يفك نفسه» على ضفاف النيل، وبمجرد أن يعانق بصره مياه النيل يشعر بالراحة فى أكبر مشهد استرخاء نفسى يمكن أن يمارسه الإنسان بعيدا عن غرف المعالجين النفسيين.

ويضيف: النظر إلى اللامحدود واللا متناهى من المياه العذبة للنيل والمناظر الخلابة نوع من التنفيس الانفعالى عن مشاعر الإنسان المصرى. نهر النيل يمثل الاستقرار، ينساب بمياهه الرقراقة وكأنه رمز لنفسية الإنسان المصرى، يمثل المحبة لأنه يروى الأرض، وبالتالى أينما يتواجد يتواجد الإنسان المصرى، ما منحه الوفاء والانتماء والمبدأ والثبات والقيمة، وهو صانع للذكريات الحلوة المحفورة بداخلنا كالنقش الفرعوني.

ويشرح د. عبد الحميد زيد أستاذ علم الاجتماع بجامعة الفيوم: الإنسان حين يحب أن يعمل فسحه يبحث عن النتيجة النهائية أن يكون سعيدا، ومسرورا، ومنشرح القلب، والنيل دائما هو مبعث الأمل والخير،ويقول: النيل هو مظهر الخير والنماء والعطاء، حتى ملوك مصر القدماء ارتبطوا بالنيل وكانوا يوزعون المياه، ومن هنا جاءت المركزية الشديدة للدولة المصرية، معنى أن الملك يوزع المياه فهو يغدق على ناس ويمنع ناسا آخرين.

عند المصريين القدماء.. رمز الوحدة وفرصة التعرف على الآخر

قدس المصريون القدماء النهر العظيم، اتخذوا من (حابي) معبودا يمنحونه صلواتهم، ويقدمون إليه قرابينهم، وينتظرون عطاياه الوفيرة، وفى المقابل لم يبخل النيل عليهم بشئ، شكّل شخصيتهم الفريدة القوية ليشيدوا أول حضارة عرفها التاريخ.

«الوحدة بين المصريين» هى أولى هدايا النيل لنا، يقول المؤرخ والباحث فى علم المصريات بسام الشماع، مستهلا حديثه عن النيل، باعتباره شريانا واحدا يجرى فى أرض واحدة، وسواء كنت من سكان الجنوب أو الشمال فمصيرك واحد».

ويضيف: حمى النيل البلاد من المجاعة وحين تذهب إلى مصاطب سقارة ستجد أن المتوفى يحرص على أن ينحت بشكل عبقرى أنواع السمك المختلفة فى نهر النيل بأبعاد ثلاثية.

فى سقارة  أيضا سوف تجد فرس النهر يفتح فمه الكبير ليعض تمساحا، وفى المقابل تمساح يفتح فمه ليعض فرس النهر، أو يستقبل رأس المولود الصغير الخارج من بطن أمه، هذه القصص من وجهة نظر د. بسام تخبرنا بشيئين، أولهما أن المصرى القديم يمتلك عينا فوتوغرافية، وثانيهما أن النيل هو رمز الصراع الدائم بين الخير والشر.

وحول تقديس النيل يقول د. بسام إن المصريين لم يتعاملوا مع نهر النيل على أنه بقرة الهندوس التى لا تلمس، شربوا من الماء، واغتسلوا بها، واستخدموها للسفر فصنعوا القوارب والمراكب، ويحكى عن شخصية عظيمة فى مصر القديمة معروفة باسم «حر خوف» ترك مقبرة فى غرب أسوان، وعلى جدرانها نص رائع يبين فيه كيف أن الملك مرن رع من الدولة القديمة بعثه إلى أفريقيا فأصبح أول مكتشف أفريقى فى التاريخ قبل 4500.

تعامل حر خوف مع النيل على أنه فرصة للتعرف على الآخر، فأقام علاقات ومعاهدات مع القبائل الأفريقية وأصلح بينها (أول دبلوماسى فى التاريخ).ذهب حر خوف إلى منطقة دنقل جنوب الجندل، وكتب يقول إن الملك أرسله إلى بلاد «يام» للمرة الثالثة لاستكشاف دروبها، وجلب من الرحلات مختلف أشكال الجزية الجميل منها والنادر (كما وصفها) باعتباره ممثل البلاد.

لقد كان حر خوف جغرافيا، خبيرا، وذكر من ضمن ألقابه أنه صاحب الفم العليم الصديق الوحيد للملك، الكاهن المرتل، رئيس المترجمين (يتحدث لغات)، ووصف نفسه بـإيماخو بمعنى المحترم المبجل وكتب أيضا يقول إنه كان محبوبا من والده وتثنى عليه والدته.

ويواصل د. بسام الشماع: كان النيل متواجدا فى حكايات القادة، أن تصبح مسؤلا عن مركب فتلك ترقية فى الجيش، فلم يكن المصرى رجلا صحراويا ولكنه مائي، علمه النهر كيفية التعامل مع التغيرات المناخية والبيئية، واختراع مقياس للنيل لترويض الفيضان.

ويصف الشخصية المصرية بأنها نيلية، طويلة بفائدة، هادئة لا تخدع، وعميقه لا يتخللها الغموض، وموحدة، وتلقى بالخير، ولكن حين تفيض بالغضب لا شئ يقف أمامها.

أطلق المصريون على النيل كلمة إترو، بينما حابى هو الشخصية الأسطورية المقدسة التى قدمها كهنة المعبد على أنه الرجل ذو الصدر الثقيل والبطن الممدود والزهور التى تخرج من الرأس وهذا دليل على الخصوبة والثراء.

اعتقد المصرى القديم من حبه فى نهر النيل أن هناك نهرا فى السماء (درب التبانة) يحتوى على ملايين النجوم التى تكون نهرا أبيض وهو من سيتعامل معه الملك فى الحياة الأخرى، كل ملك يريد أن يكون «إخم ست»، نجمة غير قابلة للتدمير.

ويوضح: نهر النيل يمتلك طبيعة خاصة مغايرة لطبيعة بقية الأنهار (يجرى من الجنوب إلى الشمال)، فالمؤرخ هليودورس يقول عن نهر النيل: إنه المخلص لمصر العليا، والخالق لمصر السفلى وكان الأغريق يعتقدون أن مياه النيل أعذب مياه فى العالم، وملوك فارس من كثر حبهم له، كانوا يحتفظون بمياه النيل فى أوانى وسط كنوز من الذهب.

النهر الملهم.. كنز التراث الشعبى

يرى الباحث فى التراث الشعبى مسعود شومان أن علاقة الفنون الأدبية الشعبية بالنيل لا تتوقف عند التغنى به وتدفقه، لكنها أبعد وأعمق من ذلك، فقد اكتسبت بعض الفنون الشعرية اصطلاحها من النيل.

ويضيف: فن المربع بوصفه فنا مصريا نيليا، يتكون من أربع حركات بنائية صغرى هى : الطرح ـ العتب ـ الشد ـ الصيد، وهى اصطلاحات تتعلق بالصيد فى النيل، فالنص الشعبى هنا يشبه النيل حين يبدأ من الوعورة حافرا مجراه ليصل إلى مصبه فى هدوء يشبه صيد الحكمة، وهنا نرى النيل وقد علم المصرى آليات العمل / الفن لتتأكد مصرية المربع، ومصرية الرائد ابن عروس.

ويواصل شومان: معظم ما تواتر من شعر شعبى عن النيل وفيه لم يكن مباشرا، بمعنى أنه لم يتوقف أمام المفردة، لكنه استدعى النيل بظلاله ومنتجه ولغة المصريين التى تأثرت بالنيل ككائن له تأثيره فى دورة الحياة.

سنجد النيل بظلاله ومفرداته فى الثقافتين الشفاهية والمادية وهو يتشكل فى عدد من التجليات يمكن رصدها فى التالى:المعارف والمعتقدات الشعبية بما تضم من أنواع وتجليات منها : الأنطولوجيا الشعبية ، الكائنات فوق الطبيعية ، الروح ، الأولياء والقديسون المتعلقون بالنيل والذين توجد لهم أضرحة على ضفافه أو بالقرب منه (المرسى أبو العباس ،القنائى،الإنبابى) ، المعارف والمعتقدات المتعلقة بالطيور التى تستوطن النيل ، الحيوانات النيلية أو المتعلقة به ، الأسماك والكائنات النهرية وما يرتبط بها من معارف ، الأعشاب الطبية ، الطهارة والنجاسة ،رؤيوة العالم ، معتقدات القاع والسطح والشاطئ ، معتقدات الأماكن السحرية فى النيل ، المعتقدات المتعلقة بالغرقى... إلخ، أما ما يرتبط بالعادات والتقاليد فيمكن رصدها فى عادات دورة الحياة بداية من عادات الميلاد ورمى الخلاص فى النهر، وكذا عادة قص شعر البطن والصرة وإلقائه فى النيل وفروعه، عادات الزواج والتبرك بالنيل ومياهه والاحتفال على شطآنه ، عادات السقاية والرى، عادات البذر والزرع والحصاد، عادات الطعام، عادات التبادل والمقايضة والبيع والشراء- عادات ركوب النهر والصيد من مياهه، أما عن فنون الأدب الشعبى فالأمر لا يتوقف عند الحكايات ( حكايات الجنيات fairy tales) حكايات عروس النهر،وحكايات المزيرة، بقايا الأساطير ، حكايات الأشخاص ، حكايات الغرقى ، حكايات السفر ، حكايات العشاق ، الشعر الشعبى وما يضم من فنونه : الموال ، المربع ، النميم ، نعناع الجنينة ، الواو.. إلخ، والأمثال الشعبية التى تتعلق بالنيل.

تعبير عن الشخصية المصرية .. النهر الخالد فى عيون الأدب العربى وعلى شاشات السينما

لم يحتكر النيل دور البطولة السينما، فعلها فى العديد من الأفلام (صراع فى النيل مثالا)، إلا أنه يظهر دائما كخلفية تجسد عبقرية المكان ودليلا على الشخصية المصرية ورمزا للصراع بين الخير والشر.

يشير المخرج محمد عبد العزيز إلى أن النيل قديم من قدم التاريخ نفسه مرتبط بمصر ارتباطا وثيقا، ومصدر الحياة للوادى الذى نعيش فيه، والسينما المصرية لم تنفصل عن الواقع، فكان النيل وسيظل جزءا من نسيج أعمالها، أفلام يوسف شاهين تشهد على ذلك مثل «الناس والنيل»، و»صراع فى النيل»، و»صراع فى الوادى».

ويضيف: النيل كان خلفية واضحة للصورة السينمائية يعبر عن الوطن والشخصية المصرية، فى كل بقعة فى مصر.

أما الناقد عصام زكريا فيرى أن النيل جزء من ثقافة المصريين ومعتقداتهم وشريان حياتهم ومصدر رزقهم، وحكاياتهم وأساطيرهم واحتفالاتهم، وطبيعى أن يتواجد بشكل تلقائى وعفوى وغير متعمد، وبالتالى سوف نشاهده فى الكثير من المشاهد والمواقف الدرامية، ولا سيما فى لقاءات العشاق، لأنه رمز الخصوبة، والاحتفالات بالربيع.

ويستطرد: الفنان بطبيعة الحال حين يكتب مشهد حب، لن يجد أمامه خلفية أروع من النيل، سوف تجده فى بعض الأفلام هو بطلا مثل «صراع فى النيل»، وستجده يمثل المكان الأساسى فى الكثير من الأعمال مثل «الكيت كات»، و»عصافير النيل» وكلاهما مأخوذ من كتابات إبراهيم أصلان.

ويواصل: ستجد النيل نقطة الصراع بين الخير والشر، كما حدث فى «الأرض»، و»صراع فى الوادى»، و»شئ من الخوف»، لأن المصرى لا يستطيع الحياة بدون النيل باعتباره مصدرا لكل شئ.

ويقول: من الصعب حصر عدد الأفلام التى يحتل فيها النيل الخلفية أو مقدمة الكادر، لأنه شريان الحياة، على عكس الصحراء التى تستخدم للنقيض، كمصدر للحرمان والجوع ومأوى لقطاع الطرق.

وتوضح الناقدة صفاء حجاج أن النيل موجود فى السينما كموقع للدلالة على عبقرية المكان ورمزا للخير، وعلامة على الإنسان المصرى، وصراعا بين الخير والشر.

وتضيف: فيلم «عروس النيل» حاول أن يستفيد من ملامح التاريخ الفرعونى بشكل خفيف، وهناك ما تم تقديمه فى السينما التسجيلية كما حدث مع حسن التلمسانى فى فيلم «النيل زاد» الذى تحدث عن الفيضان وخيره ومواجهة الفلاح له قبل السد العالي. وكلمة «النيل» مفردة شديدة الثراء فى معجم المصريين، منذ عصورهم القديمة مرتبطة بالأرض وعشق الأوطان، ظل لها حضورها الطاغى، وخصوصا فى أوقات المد والفيضان، ما حرض مبدعين مصريين وعربا على تخليدها فى تجاربهم الشعرية والروائية والمسرحية.

ويشير د. حسام عقل أستاذ الأدب العربى فى جامعة عين شمس إلى أن أمير الشعراء أحمد شوقى نظم رائعته ( النيل )، من مائة وخمسين بيتا، وفى ليلة واحدة، من فرط تأثره وارتباطه بالفكرة، كما أعاد تصور تاريخ مصر، مرحلة مرحلة، فى قصيدته المطولة التأريخية :( كبار الحوادث فى وادى النيل )، وفى المقابل ارتبط حافظ إبراهيم، وجدانيا بالنيل فى شعره ونثره حتى لقب بـ « شاعر النيل «، فيما نظم محمود حسن إسماعيل رائعته :» النهر الخالد «، التى صدحت بها حنجرة محمد عبد الوهاب، وتوالى على النبع نفسه ( التيجانى البشير )، و( الهادى آدم ) و( فاروق شوشة )، و( عبد المنعم كامل )، وعنون به حسن طلب أهم دواوينه : « لا نيل إلا النيل».

أما فى السرد فظهر النيل كخلفية رائعة عند د.محمد حسين هيكل فى روايته (زينب) الذى عنى بلوحات الطبيعة المصرية الدالة، وفى صدارتها مشاهد النيل بنكهتها المصرية الخاصة، ووثق عبد الرحمن الشرقاوى لحضور النيل فى ملحمة «الأرض»، ما نأنسه فى روائع الروائى الطيب صالح، وخصوصا « موسم الهجرة إلى الشمال « و»عرس الزين» ومع بهاء طاهر « واحة الغروب «، وهو يتتبع رحلة الإسكندر الأكبر، إلى مناطق الجنوب، من خلال المعبر النيلى الخصيب.

وظهر فيض النيل فى كتابات جاذبية صدقى مثل قصة ( ابن النيل ) ما استلفت نظر بعض المستشرقين، لقراءة تاريخ الأدب والفكر المصريين، من خلال مفردة النيل، بتشعباتها، كما صنع ( إميل لودفيج ) فى كتابه الممتع : « النيل... حياة نهر».

وثمة نماذج روائية يرصدها أستاذ الأدب العربى فى جامعة عين شمس لعب فيها النيل دورا مركزيا فى إبراز فكرة الخلاص الفردى والقومى والوطنى، كما نجد فى رائعة نجيب محفوظ : « ثرثرة فوق النيل « حيث يحتضن النيل إحباطات الجموع والنخبة، بعد انكسار ١٩٦٧، من خلال عوامة الممثل «رجب القاضي»، وهى العوامة التى يحتضنها النهر. ويعاود (عزت القمحاوى )، تدوير فكرة النيل مخلصا، من خلال روايته « غرفة ترى النيل »، حيث يصبح النهر رمزا للصراع الاجتماعى الكبير بكل أبعاده المركبة.

ولم يتخلف المسرح عن الركب، خلد توفيق الحكيم حضور النيل السرمدى، فى الذاكرة والوجدان، فى رائعته :» إيزيس «، ويستمر هذا التيار المسرحى المتدفق من خلال أعمال مثل ( عروس النيل ) لزينب إبراهيم، وبعض العروض المسرحية الطبيعية مثل ( شهادة نهر النيل )، الذى قدمه طلبة موهوبون على مسرح ( سيد درويش ) مؤخرًا.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة