صورة موضوعية
صورة موضوعية


النيل عند المصريين القدماء.. رمز الوحدة وفرصة التعرف على الآخر

بوابة أخبار اليوم

الثلاثاء، 27 أبريل 2021 - 12:07 ص

كتب: عبد الصبور بدر

قدس المصريون القدماء النهر العظيم، اتخذوا من (حابي) معبودا يمنحونه صلواتهم، ويقدمون إليه قرابينهم، وينتظرون عطاياه الوفيرة، وفى المقابل لم يبخل النيل عليهم بشئ، شكّل شخصيتهم الفريدة القوية ليشيدوا أول حضارة عرفها التاريخ.

«الوحدة بين المصريين» هى أولى هدايا النيل لنا، يقول المؤرخ والباحث فى علم المصريات بسام الشماع، مستهلا حديثه عن النيل، باعتباره شريانا واحدا يجرى فى أرض واحدة، وسواء كنت من سكان الجنوب أو الشمال فمصيرك واحد».

ويضيف: حمى النيل البلاد من المجاعة وحين تذهب إلى مصاطب سقارة ستجد أن المتوفى يحرص على أن ينحت بشكل عبقرى أنواع السمك المختلفة فى نهر النيل بأبعاد ثلاثية.

فى سقارة  أيضا سوف تجد فرس النهر يفتح فمه الكبير ليعض تمساحا، وفى المقابل تمساح يفتح فمه ليعض فرس النهر، أو يستقبل رأس المولود الصغير الخارج من بطن أمه، هذه القصص من وجهة نظر د. بسام تخبرنا بشيئين، أولهما أن المصرى القديم يمتلك عينا فوتوغرافية، وثانيهما أن النيل هو رمز الصراع الدائم بين الخير والشر.

وحول تقديس النيل يقول د. بسام إن المصريين لم يتعاملوا مع نهر النيل على أنه بقرة الهندوس التى لا تلمس، شربوا من الماء، واغتسلوا بها، واستخدموها للسفر فصنعوا القوارب والمراكب، ويحكى عن شخصية عظيمة فى مصر القديمة معروفة باسم «حر خوف» ترك مقبرة فى غرب أسوان، وعلى جدرانها نص رائع يبين فيه كيف أن الملك مرن رع من الدولة القديمة بعثه إلى أفريقيا فأصبح أول مكتشف أفريقى فى التاريخ قبل 4500.

تعامل حر خوف مع النيل على أنه فرصة للتعرف على الآخر، فأقام علاقات ومعاهدات مع القبائل الأفريقية وأصلح بينها (أول دبلوماسى فى التاريخ).ذهب حر خوف إلى منطقة دنقل جنوب الجندل، وكتب يقول إن الملك أرسله إلى بلاد «يام» للمرة الثالثة لاستكشاف دروبها، وجلب من الرحلات مختلف أشكال الجزية الجميل منها والنادر (كما وصفها) باعتباره ممثل البلاد.

لقد كان حر خوف جغرافيا، خبيرا، وذكر من ضمن ألقابه أنه صاحب الفم العليم الصديق الوحيد للملك، الكاهن المرتل، رئيس المترجمين (يتحدث لغات)، ووصف نفسه بـإيماخو بمعنى المحترم المبجل وكتب أيضا يقول إنه كان محبوبا من والده وتثنى عليه والدته.

ويواصل د. بسام الشماع: كان النيل متواجدا فى حكايات القادة، أن تصبح مسؤلا عن مركب فتلك ترقية فى الجيش، فلم يكن المصرى رجلا صحراويا ولكنه مائي، علمه النهر كيفية التعامل مع التغيرات المناخية والبيئية، واختراع مقياس للنيل لترويض الفيضان.

ويصف الشخصية المصرية بأنها نيلية، طويلة بفائدة، هادئة لا تخدع، وعميقه لا يتخللها الغموض، وموحدة، وتلقى بالخير، ولكن حين تفيض بالغضب لا شئ يقف أمامها.

أطلق المصريون على النيل كلمة إترو، بينما حابى هو الشخصية الأسطورية المقدسة التى قدمها كهنة المعبد على أنه الرجل ذو الصدر الثقيل والبطن الممدود والزهور التى تخرج من الرأس وهذا دليل على الخصوبة والثراء.

اعتقد المصرى القديم من حبه فى نهر النيل أن هناك نهرا فى السماء (درب التبانة) يحتوى على ملايين النجوم التى تكون نهرا أبيض وهو من سيتعامل معه الملك فى الحياة الأخرى، كل ملك يريد أن يكون «إخم ست»، نجمة غير قابلة للتدمير.

ويوضح: نهر النيل يمتلك طبيعة خاصة مغايرة لطبيعة بقية الأنهار (يجرى من الجنوب إلى الشمال)، فالمؤرخ هليودورس يقول عن نهر النيل: إنه المخلص لمصر العليا، والخالق لمصر السفلى وكان الأغريق يعتقدون أن مياه النيل أعذب مياه فى العالم، وملوك فارس من كثر حبهم له، كانوا يحتفظون بمياه النيل فى أوانى وسط كنوز من الذهب.

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة