صورة موضوعية
صورة موضوعية


جسد شخصية المصري.. النيل الخالد بين الأدب والسينما

بوابة أخبار اليوم

الثلاثاء، 27 أبريل 2021 - 12:22 ص

كتب: عبد الصبور بدر

لم يحتكر النيل دور البطولة السينما، فعلها فى العديد من الأفلام (صراع فى النيل مثالا)، إلا أنه يظهر دائما كخلفية تجسد عبقرية المكان ودليلا على الشخصية المصرية ورمزا للصراع بين الخير والشر.

يشير المخرج محمد عبد العزيز إلى أن النيل قديم من قدم التاريخ نفسه مرتبط بمصر ارتباطا وثيقا، ومصدر الحياة للوادى الذى نعيش فيه، والسينما المصرية لم تنفصل عن الواقع، فكان النيل وسيظل جزءا من نسيج أعمالها، أفلام يوسف شاهين تشهد على ذلك مثل «الناس والنيل»، و»صراع فى النيل»، و»صراع فى الوادى».

ويضيف: النيل كان خلفية واضحة للصورة السينمائية يعبر عن الوطن والشخصية المصرية، فى كل بقعة فى مصر.

أما الناقد عصام زكريا فيرى أن النيل جزء من ثقافة المصريين ومعتقداتهم وشريان حياتهم ومصدر رزقهم، وحكاياتهم وأساطيرهم واحتفالاتهم، وطبيعى أن يتواجد بشكل تلقائى وعفوى وغير متعمد، وبالتالى سوف نشاهده فى الكثير من المشاهد والمواقف الدرامية، ولا سيما فى لقاءات العشاق، لأنه رمز الخصوبة، والاحتفالات بالربيع.

ويستطرد: الفنان بطبيعة الحال حين يكتب مشهد حب، لن يجد أمامه خلفية أروع من النيل، سوف تجده فى بعض الأفلام هو بطلا مثل «صراع فى النيل»، وستجده يمثل المكان الأساسى فى الكثير من الأعمال مثل «الكيت كات»، و»عصافير النيل» وكلاهما مأخوذ من كتابات إبراهيم أصلان.

ويواصل: ستجد النيل نقطة الصراع بين الخير والشر، كما حدث فى «الأرض»، و»صراع فى الوادى»، و»شئ من الخوف»، لأن المصرى لا يستطيع الحياة بدون النيل باعتباره مصدرا لكل شئ.

ويقول: من الصعب حصر عدد الأفلام التى يحتل فيها النيل الخلفية أو مقدمة الكادر، لأنه شريان الحياة، على عكس الصحراء التى تستخدم للنقيض، كمصدر للحرمان والجوع ومأوى لقطاع الطرق.

وتوضح الناقدة صفاء حجاج أن النيل موجود فى السينما كموقع للدلالة على عبقرية المكان ورمزا للخير، وعلامة على الإنسان المصرى، وصراعا بين الخير والشر.

وتضيف: فيلم «عروس النيل» حاول أن يستفيد من ملامح التاريخ الفرعونى بشكل خفيف، وهناك ما تم تقديمه فى السينما التسجيلية كما حدث مع حسن التلمسانى فى فيلم «النيل زاد» الذى تحدث عن الفيضان وخيره ومواجهة الفلاح له قبل السد العالي. وكلمة «النيل» مفردة شديدة الثراء فى معجم المصريين، منذ عصورهم القديمة مرتبطة بالأرض وعشق الأوطان، ظل لها حضورها الطاغى، وخصوصا فى أوقات المد والفيضان، ما حرض مبدعين مصريين وعربا على تخليدها فى تجاربهم الشعرية والروائية والمسرحية.

ويشير د. حسام عقل أستاذ الأدب العربى فى جامعة عين شمس إلى أن أمير الشعراء أحمد شوقى نظم رائعته ( النيل )، من مائة وخمسين بيتا، وفى ليلة واحدة، من فرط تأثره وارتباطه بالفكرة، كما أعاد تصور تاريخ مصر، مرحلة مرحلة، فى قصيدته المطولة التأريخية :( كبار الحوادث فى وادى النيل )، وفى المقابل ارتبط حافظ إبراهيم، وجدانيا بالنيل فى شعره ونثره حتى لقب بـ « شاعر النيل «، فيما نظم محمود حسن إسماعيل رائعته :» النهر الخالد «، التى صدحت بها حنجرة محمد عبد الوهاب، وتوالى على النبع نفسه ( التيجانى البشير )، و( الهادى آدم ) و( فاروق شوشة )، و( عبد المنعم كامل )، وعنون به حسن طلب أهم دواوينه : « لا نيل إلا النيل».

أما فى السرد فظهر النيل كخلفية رائعة عند د.محمد حسين هيكل فى روايته (زينب) الذى عنى بلوحات الطبيعة المصرية الدالة، وفى صدارتها مشاهد النيل بنكهتها المصرية الخاصة، ووثق عبد الرحمن الشرقاوى لحضور النيل فى ملحمة «الأرض»، ما نأنسه فى روائع الروائى الطيب صالح، وخصوصا « موسم الهجرة إلى الشمال « و»عرس الزين» ومع بهاء طاهر « واحة الغروب «، وهو يتتبع رحلة الإسكندر الأكبر، إلى مناطق الجنوب، من خلال المعبر النيلى الخصيب.

وظهر فيض النيل فى كتابات جاذبية صدقى مثل قصة ( ابن النيل ) ما استلفت نظر بعض المستشرقين، لقراءة تاريخ الأدب والفكر المصريين، من خلال مفردة النيل، بتشعباتها، كما صنع ( إميل لودفيج ) فى كتابه الممتع : « النيل... حياة نهر».

وثمة نماذج روائية يرصدها أستاذ الأدب العربى فى جامعة عين شمس لعب فيها النيل دورا مركزيا فى إبراز فكرة الخلاص الفردى والقومى والوطنى، كما نجد فى رائعة نجيب محفوظ : « ثرثرة فوق النيل « حيث يحتضن النيل إحباطات الجموع والنخبة، بعد انكسار ١٩٦٧، من خلال عوامة الممثل «رجب القاضي»، وهى العوامة التى يحتضنها النهر. ويعاود (عزت القمحاوى )، تدوير فكرة النيل مخلصا، من خلال روايته « غرفة ترى النيل »، حيث يصبح النهر رمزا للصراع الاجتماعى الكبير بكل أبعاده المركبة.

ولم يتخلف المسرح عن الركب، خلد توفيق الحكيم حضور النيل السرمدى، فى الذاكرة والوجدان، فى رائعته :» إيزيس «، ويستمر هذا التيار المسرحى المتدفق من خلال أعمال مثل ( عروس النيل ) لزينب إبراهيم، وبعض العروض المسرحية الطبيعية مثل ( شهادة نهر النيل )، الذى قدمه طلبة موهوبون على مسرح ( سيد درويش ) مؤخرًا.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة