عبد الحميد الأطرش
عبد الحميد الأطرش


رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر: الإسلام قائم على التيسير

سنية عباس

الأربعاء، 28 أبريل 2021 - 09:00 م

نمارس فى الحياة عادات وتقاليد نطلق عليها «العرف» وهى من قبيل الموروثات الشعبية التى تنتقل من الأجداد إلى الآباء ثم أبناء الأجيال اللاحقة فيحسبونها دينا يتبع وعقيدة تطاع فتباعد بينهم وبين دين الله الحق، ومنا من يشعر بالحرج إذا خالف العرف.

وهذه الموروثات ما اعتاده أغلب الناس أو طائفة منهم من قول أو فعل أو ترك وما منه صحيح وما منه فاسد، ولذا لم ينسق الإسلام لكل عرف بل وضع مواصفات وشروطا لقبوله مما لا يخالف شرع الله ورد بعضه مما يضر بالإنسان أو ينشر الظلم أو يهدر الحقوق.

وفى هذا الحوار يوضح الشيخ عبد الحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف نهج الإسلام فى التعامل مع الأعراف السائدة.

يقول: التيسير والرحمة فى شريعة الإسلام كثيرة ومتنوعة ومن بينها مراعاة الأعراف السائدة بين الناس ما لم تخالف نصوصا ملزمة، وهذا يؤكد حرص الإسلام على الارتباط بحياة الناس والاعتراف بما اعتادوه من سلوكيات مقبولة وتصرفات معتدلة وما تراضوه فى شئون حياتهم يستهدف مصلحة الإنسان، وفى المقابل رفض كل عرف يضر الإنسان أو ينشر الظلم أو يهدر الحقوق، فضلا عن تعديل بعض الأعراف لتتوافق مع مبادئ الشريعة السمحة المعتدلة، فالعرف يتغير من زمن لآخر وفقا لما يستجد من متغيرات العصر ولا يخالف الشرع والعرف يقبل منه ما يوافق الشرع لأن الاستمرار عليه من عوامل استقرار المجتمع والقرآن الكريم والسنة الشريفة أيدا هذا العرف وأكده العلماء المعتبرون على مر العصور فالإسلام جاء كغيره من الأديان السماوية لتحقيق مصالح العباد فى الدنيا والآخرة.

ويضيف: من الأعراف التى أفرزتها المجتمعات ويقحمون فيها الدين وهو غريب عنها ما تعارفت عليه بعض المجتمعات من حرمان الأنثى من الميراث وتفضيل الذكر وهذا إهدار لحقوق المرأة لا يقره الشرع، وغيرها من الأعراف التى تراجع فيها سلطان الدين تحت سطوة الأعراف، ونجد المعاندين لشرع الله يقولون: «إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون»، ومن تيسير الإسلام أن أمرنا بالإتباع فى شئون الدين قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «خذوا عنى مناسككم»، أما فى شئون الحياة فقد ترك لنا مساحة لنبتدع فى نشاطنا البشرى بما لا يتصادم مع الشرع فيسود العرف الذى يتفق مع نص ثابت أو إجماع يقينى للعلماء ولا يكن وراءه ضرر راجح فيحل الحرام أو يبطل الواجبات أو يقر البدع فى دين الله أو يشيع الفساد فى دنيا الناس وهذا العرف لا اعتبار له ولا يجوز أن يراعى فى تقنين أو فتوى أو قضاء، وعلى ضوء ذلك من الضرورة تنقية الأعراف السائدة وإعلان الحرب على الفاسد منها والمنحرف الذى يترتب عليه فساد أخلاقى أو انحراف سلوكى أو ضياع حقوق.

ويؤكد: ختان الإناث ليس قضية دينية تعبدية فى أصلها ولا نستطيع القول إنه جائز أو حرام على إطلاقه ولكن حسب الضرورة فمثلا ومن يحدد ذلك الطبيب المتخصص الأمين عندما يقرر عدم احتياجها للاخفاض اعتبارا لما توصلت إليه البحوث العلمية والطبية من الأضرار البالغة والنتائج السلبية لختان الإناث اللاتى لا تحتجن لهذا التهذيب ويتم فى مناطق مختلفة بصور عشوائية على أيدى الحلاق أو الداية، مما يسبب للفتاة أضرارا نفسية وصحية، وحديث أم عطية الأنصارية الخاص بختان الإناث على فرض صحته يحمل على حالات الضرورة العلاجية التى يحددها الأطباء المتخصصون والحديث أن امرأة فى المدينة تختن البنات أرشدها الرسول صلى الله عليه وسلم إلى طريقة الختان المحمودة حينما قال لها: «لا تنهكى فإن ذلك أحظى للمرأة وأحب إلى البعل».

وجاء فى رواية أخرى «أشمى» وتعنى أخذ اليسير من الجلد ليبين لها طريقة الختان مما يعنى أنها كانت تعالج حالة خاصة ومثلها قليل، والشريعة الإسلامية توصى بسلامة الإنسان وعدم المساس بجسده إلا بمبرر طبى يتفق مع مصالح الخلق لقوله تعالى: «ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة».

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة