عبدالقادر شهيب
عبدالقادر شهيب


شىء من الأمل

فيروس سياسى!

‬عبدالقادر شهيب

الخميس، 29 أبريل 2021 - 06:10 م

رغم تحور فيروس كورونا المستجد عدة مرات بدأت العام الماضى بالنسخة البريطانية ووصلت الآن إلى النسخة الهندية، مرورا بنسخة جنوب افريقيا، الا أن هذا الفيروس الذى صنع لنا جائحة عالمية مازالت تؤرقنا حتى الآن لم يفقد خلال تحوره طابعه السياسى، واحتفظ به فى كل نسخه الجديدة، وهو الطابع الذى عرفناه به فى بداية العام الماضى، حينما اعتبر البعض ظهوره فى الصين عملا مخططا ومدبرا، وإن اختلفوا حول من خطط لذلك، هل هى الصين لتكسب صراعها الاقتصادى مع أمريكا، أم أمريكا التى تسعى لعرقلة تقدم الصين لتصير صاحبة الاقتصاد الأول والأكبر فى العالم.. واستمر هذا الطابع الذى ظل يحتفظ به فيروس كورونا عندما انتشر بشدة وأخذ يهاجم دول العالم صار له ملايين الضحايا.. فمثلا كثير من التحليلات الامريكية والعالمية اعتبرت أن الذى هزم ترامب فى انتخابات الرئاسة الأمريكية الاخيرة ليس منافسه الديمقراطى وإنما هو فيروس كورونا الضئيل الحجم الذى لا يرى بالعين المجردة، لأنه فشل فى مواجهته وجعل بلاده فريسة.. وأيضاً عندما نجحت شركات فى التوصل إلى لقاحات لهذا الفيروس المستجد فرض طابعه السياسى مجددا وحول عملية التنافس العالمى حول اللقاحات إلى صراع، من خلال تبادل التشكيك فيها، واتجاه بعض الدول إلى اشترطت تلقى السياح الذين ستسمح لهم بزيارتها لقاحات معينة !
غير أن أحدث مشهد سياسى فى انتشار وهجوم الفيروس عالميا، هو المشهد الهندى.. فها هى الهند التى توصف منذ زمن أنها نموذج للديمقراطية، وتوصف منذ سنوات بأنها نموذج للتقدم العلمى والتكنولوجى خاصة فى الاتصالات تعانى مأساة صحية ضخمة نتيجة تفشى الوباء فى ربوعها، وهو ما يذكرنا بتلك المأساة الصحية التى عاشتها إيطاليا التى تصنف من الدول الديمقراطية، فى الشهور الأولى من العام الماضى نتيجة تفشى الوباء فيها، كما يذكرنا أيضا بمعاناة أمريكا مع الفيروس، وهى أيضا الدولة التى تقدم نفسها كحارسة للديمقراطية فى العالم، وهى المعاناة التى أضافت لها لقبا اضافيا جديدا بجانب ألقاب الأكبر اقتصاديا والأقوى عسكريا هو لقب الدولة الأكثر إصابة بالفيروس والأكثر وفيات بسببه.
وكما وجهت الاتهامات للرئيس الأمريكى السابق ترامب، والحكومة الإيطالية بسوء وإهمال مواجهة ذلك الفيروس السريع الانتشار، فقد وجهت الاتهامات أيضا للحكومة الهندية بذلك، حينما سمحت بتجمعات انتخابية فى الولايات الهندية، وأيضاً التجمعات الدينية.. غير أن الرسالة التى يشى بها ذلك الطابع السياسى لفيروس كورنا تتمثل فى أن الديمقراطية والتقدم الاقتصادى والتكنولوجى وحده لا يكفى لإنقاذ البشر من الجوائح والكوارث الصحية، إنما الأمر يحتاج أيضا إدارة رشيدة وتتسم بالكفاءة مهنيا وسياسيا.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة