آمال عثمان
آمال عثمان


أوراق شخصية

خطايا الوسيلة الأكثر أمانا فى العالم!

آمال عثمان

الجمعة، 30 أبريل 2021 - 08:22 م

أظهرت تحقيقات النيابة فى حادث قطارى سوهاج، أخطاء وخطايا مهنية وأخلاقية جسيمة، لن يُجدى معها إقالة بعض القيادات، أو نقل وتغيير عدد من الموظفين فى الهيئة القومية للسكك الحديدية، أو الاكتفاء بإنفاق مليارات الجنيهات على تجديد وتحديث القطارات والجرارات والمزلقانات، ولا يختلف الحال كثيرا فى حوادث القطارات التى وقعت بعده بأيام قليلة.
يا سادة.. أن القضية ليست فى بعض العناصر المتطرفة بقطاع السكك الحديدية، وإنما فى منظومة فاسدة ينخر فى أوصالها التسيب والفوضى، وانعدام الضمير الوظيفى والأخلاقى، منظومة تحتاج لإعادة هيكلة وإصلاح إدارى شامل، ووضع نظم ولوائح رقابية تتصدى لأخطاء وخطايا تزهق أرواح العشرات، وتصيب المئات من البشر، وتُكلّف ميزانية الدولة خسائر بملايين الجنيهات، فى كل حادثة من حوادث القطارات، وسيلة المواصلات الأكثر أمانا فى العالم.
ونظرة سريعة لتقرير النيابة العامة تكشف لنا عن تعاطى كل من مراقب برج محطة «المراغة» جوهر الحشيش المخدر، وتعاطى مساعد سائق القطار المميز ذات الجوهر وعقار الترامادول!! ليس هذا فحسب وإنما وصل الفساد إلى ترك رئيس قسم المراقبة المركزية، المسئول عن حركة القطارات فى أسيوط، مقر عمله وقت وقوع الحادث، هذا بخلاف الإهمال والأخطاء التى ارتكبها اثنان من المراقبين، والتى وصلت إلى التأخر فى محاولات التنبيه، وإبلاغ رقم القطار خطأ! كما أظهرت معاينة اللجنة الهندسية، سلسلة أكاذيب وادعاءات السائقين والمساعدين، وتضارب أقوالهم فى التحقيقات، بلغت حد ارتكاب أحد المساعدين واقعة تزوير، وما زاد الطين بلة تقرير مصلحة الطب الشرعى، الذى أثبت عدم وجود السائق ومساعده فى كابينة القيادة وقت وقوع الحادث!
إلى هذا الحد بلغت الأخطاء والخطايا البشرية التى كشفت عنها حادثة واحدة من بين الحوادث العديدة السابقة، ومع ذلك لم نسمع عن إصلاحات إدارية، ونظم ولوائح جديدة تضمن إخضاع السائقين والمساعدين والمراقبين، لفحوص واختبارات الصحة البدنية والنفسية والذهنية، بشكل دورى ومستمر مرة كل 6 شهور، بإحدى المراكز الطبية المتخصصة، وجلسات تأهيل نفسى لاختبار قوة تحملهم وتصرفاتهم خلال تعرضهم لإجهاد شديد وضغوط صعبة، ليحصلوا بمقتضاها على رخصة من وزارة الصحة - وليس من وزارة التضامن الاجتماعي- تُخوّل لهم قيادة القطارات، مثلما يحدث فى قطاع الطيران مع من يقودون الطائرات وتقع على كاهلهم مسئولية الحفاظ على مصائر وأرواح المسافرين.
أما إذا ظلت تلك المنظومة الإدارية المتراجعة تتحمل مسئولية قيادات تجهل أبسط قواعد ونظم التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة، فستظل أخطاء وخطايا العنصر البشرى الآفة التى تهدم كل الجهود، وتُهدر كل أموال التحديث والتطوير، ليس فى مرفق السكك الحديدية وحده، وإنما فى كل مرافقنا الحيوية!!
 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة