د. محمود محى الدين فى حوار سابق مع «أخبار اليوم»
د. محمود محى الدين فى حوار سابق مع «أخبار اليوم»


مبعوث الأمم المتحدة: تعاون العالم لتوفير لقاح كورونا يحقق الضمانات للسيطرة على الوباء.. حوار

أحمد هاشم

الجمعة، 30 أبريل 2021 - 08:24 م

 

أكد د. محمود محيى الدين المدير التنفيذى بصندوق النقد الدولى ومبعوث الأمم المتحدة لتمويل التنمية المستدامة أن هناك عددا من الموضوعات المهمة التى تم طرحها فى اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي، وقال إن هناك 5 موضوعات رئيسية مهمة تم طرحها، الموضوع الأول يتعلق بطبيعة الحال بالتعامل مع الأزمة الصحية العالمية، ومسألة اتاحة لقاح كورونا ، أنه حتى هذه اللحظة هناك تفاوت شديد فى إتاحة اللقاح، حيث ذكر أثناء الاجتماعات أن 10 دول مسئولة عن اتاحة اللقاح بنسبة 70% فى العالم، فى حين ان هناك عدد من الدول النامية لم نحصل على أى لقاح حتى وقت عقد اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين، وهذا النوع من التفاوت ينبغى التعامل معه، لأن هناك عوائق مالية، بما فى ذلك ما تحتاجه آلية التحالف الدولى " كوفاكس" التى تشرف عليها منظمة الصحة العالمية، وهناك عوائق لوجستية، كما أن هناك أيضا مشاكل تتعلق بعمليات انتاج وتوزيع اللقاح، بما يستدعى الأمر تناول الموضوع من ناحية حقوق الملكية الفكرية المرتبطة بتجارة الدواء والمستلزمات الطبية، علما بأنه فى شهر أكتوبر الماضى تقدمت الدول النامية بطلب السماح لفترة مؤقتة للاعفاء من القيود الخاصة بحقوق الملكية الفكرية، ولكن قوبل طلبها بالرفض ، وهناك معاودة لفتح هذا الموضوع مرة أخرى.

هناك‭ ‬تقديرات‭ ‬بأنه‭ ‬خلال‭ ‬3‭ ‬إلى‭ ‬5‭ ‬سنوات‭ ‬ستصدر‭ ‬بنوك‭ ‬مركزية‭ ‬عملات‭ ‬رقمية

التركيز‭ ‬على‭ ‬استثمارات‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة

اهتمام‭ ‬العالم‭ ‬بالتغيرات‭ ‬المناخية‭ ‬زاد‭ ‬الاهتمام‭ ‬باستثمارات‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة‭ ‬مثلما‭ ‬نشاهد‭ ‬فى‭ ‬مصر 

 وقال د. محمود محى الدين أن الأمر يحتاج الى تعاون دولى ضخم فى هذا الشأن لا يكتفى بمجرد الحديث، ولكن يحتاج إلى اجراءات اجراءات فعالة، والفهم لهذا الشأن يجب أن يكون أيضا من ناحية الدول المتقدمة، لأن المسألة ليست فقط من باب التعاون الدولى وتفعيله فى مجال بسيط، ولكن مسألة توفير اللقاح تؤدى الى تحقيق الضمانات الكافية لأن يسيطر العالم أجمع− بما فى ذلك الدول المتقدمة والنامية، بغض النظر عن الجغرافيا − على الوباء، وبدون توفير اللقاح ستكون هناك مشاكل للدول التى أمنت نفسها بلقاحات تتجاوز فى بعض الأحوال أعداد سكانها عدة مرات.

  وأضاف د. محيى الدين: أما الموضوع الثانى الذى حظى باهتمام مسألة اجراءات التعافى وقدرات الدول المختلفة على القيام بضخ تمويل من انفاقها العام ومن تيسير نقدى يساعد على عملية التعافي، حيث تجاوزت نسبة الحزم المالية المساندة للتعافى الاقتصادى بالدول المتقدمة اقتصاديا 12% من الناتج المحلى الاجمالى يها، فى حين ان قدرات الدول ذات الأسواق الناشئة جعلتها تقوم بإنفاق فى حدود تقل عن 4% من الناتج المحلى الاجمالي، أما الدول الأقل دخلا وهى الدول النامية أنفقت أقل من 2% من الناتج المحلى الاجمالي، وهو ما سيؤثر على إمكانية التعافى السريع، وعلى إمكانية معاودة الأنشطة الاقتصادية الانتاجية للحركة على مساندة المشروعات الاقتصادية الحيوية للخروج من الأزمة.

وقال : وأيضا هدف الانفاق مسئول جنبا الى جنب مع السيطرة على الوباء على التوقعات الخاصة بمعدلات النموالاقتصادي، والنموالمتوقع لهذا العام 2021 فى حدود 6% بعد انكماش∪ نمو سلبى∪ بلغ حوالى 3٫3% العام الماضى 2020 ومن المتوقع نموالاقتصاد الأمريكى بنحو 6٫4% والصين " ثانى أكبر اقتصاد فى العالم" بما يتجاوز 8% وهونفس النموالمتوقع للدول المجاورة لها فى آسيا من الدول النامية وذات الأسواق الناشئة، أما الدول فى الشرق الأوسط وافريقيا فمن المتوقع لها أن تحقق نموا يتراوح بين 3 الى 4% فى المتوسط، أما دول أوروبا فالمتوقع أن تحقق نموا بنحو4٫4% مما يعنى ان أوروبا لن تعوض ما خسرته العام الماضي، حيث شهدت انكماشا بنسبة 6٫6% العام الماضي، أما دول أمريكا اللاتينية فمن المتوقع أن تحقق نموا بنحو4٫6% بعد أن شهدت انكماشا العام الماضى بنسبة 7% ، والرسالة الواضحة من ذلك أن هناك تفاوت فى النمو الاقتصادى، وهو دلالة على القدرة على السيطرة على الجائحة والتعافى والقدرة على الانفاق العام المساند، والأمر الثانى أن هناك تفاوت كبير بين الدول، والأمر الثالث أنه حتى داخل الدول سيكون هناك تفاوت فى التعافى بين القطاعات المختلفة، فمثلا من المنتظر تحسن أوضاع قطاع السياحة ارتباطا فقط بامكانية السيطرة التامة على الجائحة، ونفس الشيء بالنسبة لقطاعات الترفيه، والخدمات الأخرى التى تعتمد على تفاعل وتواجد الناس فى أماكن إتاحة الخدمة واستهلاكها، مما يدفعنا للنظر فى امكانيات المساندة، وتحديد القطاعات الأولى بالمساندة للعمل والتشغيل خلال الفترة القادمة.

وأوضح د. محيى الدين أن الموضوع الثالث الذى كان محل الاهتمام خلال المناقشات فكان حجم المديونية العالمية والسيولة المالية الدولية، وكما هو معلوم قبل الجائحة فى أواخر عام 2019 كان هناك حديث عن أن العالم يواجه موجة رابعة من الديون، ونعلم أن الموجات السابقة انتهت كل منها بأزمة، ونتمنى ألا تنتهى هذه الموجة الرابعة بأزمة، فتراكم الديون فى أمريكا اللاتينية فى الثمانينات من القرن الماضى انتهى بأزمة ، وتراكم الديون فى دول شرق آسيا فى النصف الثانى من تسعينات القرن الماضى انتهى بأزمة، كما أن الأزمة المالية العالمية فى عام 2008 كانت أيضا بسبب تراكم الديون، وما نرجوه أن الجهود الخاصة باحتواء تداعيات زيادات الديون لا يترتب عليها أزمة عالمية شاملة، وان كانت هناك حالات كثيرة من التعثر تتطلب توفيق أوضاع كان بدايتها فى أغلبيتها السابقة على الجائحة، وبالتالى هذه المسألة مهمة ، وأتصور أن إتاحة السيولة المالية الدولية البالغة 650 مليار دولار من زيادة اصدرارت وحدات حقوق السحب الخاصة من الممكن أن تتيح لعدد من الدول امكانيات تزيد من السيولة لديها، ومن ملآتها المالية، لأن أرقام وحدات السحب الخاصة تضاف فور اصدراها لاحتياطى النقد الأجنبي، وال 650 مليار دولار تعادل 95% من حصص الدول الأعضاء فى الصندوق، فلونظرنا إلى دول الشرق الأوسط سنجد زيادة تضاف الى حصصها بنحو36 مليار دولار، ودول إفريقيا حولى 28٫6 مليار دولار، وسنجد ان هناك زيادة فى حصة مصر بنحو2٫8 مليار دولار تضاف الى احتياطى النقد الأجنبى وحتى يتم استخدامه من قبل الدولة، ولكن فى العموم هناك ضرورة لمعالجة مشكلات المديونية قبل أن تتحول إلى أزمات مديونية حول العالم، والاجراءات التى قامت بها مبادرات من مجموعة العشرين استهدفت بالأساس الدول الأقل دخلا والأكثر فقرا، ولم تحظى الدول متوسطة الدخل بأى ترتيبات أو تيسيرات لهل على الاطلاق، وبالتالى هذا يجعلنى أقول إننا بصدد ما يمكن تسميته "فخ الوسط الجديد" بمعنى أن الدول المتقدمة تقترض الآن بأرقام فائدة تقترب على الصفر فى تكلفتها، بينما الدول الأقل دخلا تحصل على بعض الاعانات والهبات والتيسيرات ورغم انها ليست كافية لكنها ضرورية، أما الدول المتوسطة الدخل ليس لها حظ من المساندة، مما يجعلنى أساند فكرة تأسيس صندوق خاص للتعاون المالى والفنى داخل صندوق النقد الدولي، على غرار صندوق تخفيض حدة الفقر وزيادة النمو والمخصص حاليا للدول الأقل دخلا، ولذلك أقترح تأسيس صندوق جديد لمساندة الدول متوسطة الدخل واكمال الموارد المطلوبة لها.

وأكد د. محيى الدين أن الموضوع الرابع المهم فى المناقشات التحول الرقمى ، وعندما كان هناك اهتمام به منذ عدة سنوات كان الحديث فيه باعتباره جهود تتم بشكل قطاعى فى قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ولكن هذا التحول الرقمى أصبح له تأثيرات على مجمل الاقتصاد،وعلى التواصل بين الناس، وأصبح له تأثيرات اقتصادية واجتماعية مهمة، كما ان له أبعادا أمنية مهمة أيضا، وتأثيره على الشمول المالى أمر لا يمكن انكاره، ودول حققت نقلات نوعية فى مدى مد الخدمات المالية لجموع الناس باستفادة من تكنولوجيا المعلومات والتحول الرقمي، وهناك أيضا تأثير على ادارة النشاط الاقتصادي، ورأينا دولا تستخدم قواعد البيانات وشبكات مهمة للمتابعة لتحسين تقديم الخدمات للجماهير، وللحوكمة، ومتابعة الأداء الاقتصادى ، وأيضا فى كفاءة تحصيل ايرادات الدولة، والانفاق العام، وحسن توجيهه، وفى تقديرى فإن الموضوع الأهم فى هذا الاطار هذا الحوار المهم حول دور مرتقب للعملات الرقمية التى ستصدرها البنوك المركزية، وهنا أفرق تفرقة شديدة وواضحة بين هذه العملات الرقمية وما يعرف بالأصول المالية المشفرة مثل البيتكوين، وغيرها، فنحن نتكلم عن عملات رقمية تصدرها بنوك مركزية معتمدة ذات سيادة، وهذه العملة تكون ذات قوة إبراء، واذا ما قامت البنوك المركزية بهذا الأمر وهناك بالفعل عدة دول كما أفصح بنك التسويات الدولية بأن60% تقريبا من البنوك المركزية حول العالم− من خلال مسح قام به− لديها برامج تجريبية لاصدار هذه العملات الرقمة الجديدة، وهناك تقديرات بأنه خلال فترة تتراوح بين 3 إلى 5 سنوات سنرى عددا من هذه العملات الرقمية المصدرة من بنوك مركزية، وهو ما سيكون له تأثير على أنشطة كثيرة، بما فى ذلك الدور الجديد للبنوك والمصارف، لأن أحد طرق إصدار هذه العملات الرقمية أن يصدرها البنك المركزي، ثم تنتهى هذه العملات بعد اصدارها الى التحول الى محفظتك الرقمية، وبالتالى أنت لا تحتاج فى هذه الحالة لخدمة مصرفية، لأنك عندما تدفع فواتير ستتحول الى محفظة الكترونية مناظرة لمقدمى هذه السلع والخدمات، وبالتالى على البنوك التفكير من الآن فى هذه الأوضاع الجديدة، فالبنوك ستقوم بخدمات مالية مهمة، فخدمة البنوك فى إطار نظم الدفع النقدية ستكون مباشرة إذا كان البنك المركزى سيقوم باصدار النقود ثم تحولها لعملات رقمية، فإن البنوك هنا ستتبارى فى تقديم الخدمات المالية مثل الادخار والائتمان حتى الائتمان سيكون له شكل جديد عن شكله الحالى، كما سيتغير شكل خدمات تمويل المشروعات ليصيح أكثر تطورا.. لذلك فإن السنوات الخمس القادمة ستشهد تغيرات نوعية فى ادارة السياسة النقدية فى أعمال البنوك، وسيكون لها ايضا تأثير على النشاط الاقتصادى فى مجمله، وهو الموضوع الذى كان له محل كبير من النقاش خلال اجتماعات الربيع بصندوق النقد الدولي.

وقال د. محيى الدين أن الموضوع الخامس والأخير هوما أطلق عليه الاستدامة، ولا أحب أن أركز فقط على موضوع تغيرات المناخ فهى جزء من الحديث عن الاستدامة التى تشمل تغيرات المناخ، والأبعاد البيئية المختلفة، والتنوع البيولوجي، وتغيراته حول العالم، وتشمل أيضا ارتباطها بأهمية التنمية المستدامة، وأهمها مكافحة الفقر المدقع، واتاحة التعليم والرعاية الصحية، وتوفير فرص العمل، والعدالة فى النوع الاجتماعى، وتوفير المياه والطاقة وتطوير المدن وفقا لاعتبارات الاستدامة وأن تكون مدنا ذكية، واعتبارات الحوكمة، وأرى أن هناك الآن اهتماما أكبر بتغيرات المناخ، خاصة مع عودة الولايات المتحدة الأمريكية لاتفاقية باريس 2015 .

وأكد د. محمود محى الدين فى حوار سابق مع "أخبار اليوم" أن الحفاظ على المناخ ومنع زيادة سخونة الأرض مهمة للموارد المائية للحفاظ على البيئة وأيضا على الغذاء والمياه، فهناك تأثيرات حيوية لهذا الموضوع، وايضا يرتبط  بها استثمارات مهمة، حيث يكون هناك تركيز أكثر الاستثمارات الطاقة المتجددة، مثلما نشاهد فى مصر فى محطة الطاقة الشمسية ببنبان فى أسوان، ومزرعة الرياح بالزعفرانة، او الاعتماد على المصادر التى ليس لها تأثيرات سلبية على البيئة مثل الهيدروجين الأخضر.. والاتجاه للسيارات الكهربائية.. ويجب على الدول النامية أن تضع الأهداف الخاصة بتغيرات المناخ فى اطار سياستها للتنمية المستدامة.

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة