صناعة الأقفاص
صناعة الأقفاص


صناعة الأقفاص من جريد النخيل.. مهنة أبناء أبوكبير بالشرقية

محمد الجريتلي

السبت، 01 مايو 2021 - 09:05 م

الرزق يحب الخفية.. شعار اتخذه أهالي مدينة أبوكبيرالتابعة محافظة الشرقية في عملهم، لشهرتهم بحرفة القفّاصة أي تشكيل الأقفاص والكراسي من جريد النخل فيتخذ الكبير والصغير تلك الحرفة أسلوب حياة لكسب لقمة العيش الحلال فلا مكان لعاطل في حى سوارس المشهور بصناعة الجريد  في تلك المدينة. 

على بعد 15 كيلو متر من مدينة الزقازيق، تقع مدينة أبوكبير حيث تشتهر هذه المدينة بصناعة الجريد والقفاص وبالأخص بمنطقة سوارس حيث يجلس كل صاحب محل لتصنيع الجريد والأقفاص أمامه مجموعة من "جريد" النخيل، وبمهارة تعتمد على اليد بنسبة 100%، يصنعون أقفاص الجريد، متحدّين مخاطر انقراض المهنة التى تواجه منافسة ضارية من جانب الصناعات الحديثة، وعلى رأسها الأقفاص البلاستيكية والكراتين مواجهين كل التحديات سواء فى غلاء المواد الخام أو اختفاء الأيدى العاملة بسبب ضعف اليوميات فى محاولة لتوفير قوت يومهم بالتمسك بمهنة آبائهم وأجدادهم.

اقرأ أيضا| «كنيسة من الزجاج».. هدية أهالي قنا لراعي «القديسين» في عيد القيامة

"بوابة أخبار اليوم" انتقلت إلى بمدينة أبوكبير لترصد تفاصيل هذه المهنة فيقول محمود حسن مواليد عام 1951 أكبر العاملين في مجال صناعة القفاص بفضل الله أنا أولادى الذكور نقوم بتصنيع المشغولات من الجريد اليدوى.

وأضاف محمود حسن، أنه يعمل في هذه المهنة منذ أكثر من 60 عاما، منذ أن كنت صبيا وقد من الله على، وعلى أولادى بفكر في مراحل تصنيع هذه المهنة حتى قمنا بتصنيع غرف نوم كاملة من الجريد وقمنا ببيعها للسياح.

يقول مسعد العربى، خمسينى يملك ورشة من بين ورش أبوكبير لصناعة الجريد المهنة، أصبحت تعانى العديد من المشكلات ففى محافظة الشرقية كانت مدينة أبوكبير هى الرائدة، فى صناعة الجريد على مدار أعوام طويلة حيث يوجد فى المدينة ما يزيد على 50 ورشة تعتمد جميعها فى الحصول على الجريد من مكانين فقط الأول من مناطق محددة فى محافظة الجيزة مثل كرداسة والبدرشين والحوامدية إضافة إلى مدينة رشيد التابعة لمحافظة البحيرة ويختلف سعر الجريد حسب نوع وحجم الجريدة حيث تبدأ من جنيه واحد وحتى 3 جنيهات للجريدة الواحدة.
وأضاف مسعد: الجريد ده لازم يكون طالع من النخل البلدى طراح البلح، ومينفعش يكون من نخل الزينة.

بجوار مسسعد  كانت بعض الأدوات التى يتم استخدامها فى تصنيع الجريد، فكان فى يديه السلاح وهو نوع معين من السكاكين، يتم استخدامه فى تقطيع الجريد الأخضر وهو يختلف عن السكينة التى يستخدمها فى تقطيع الجريد الناشف، بالإضافة إلى اللقط الذى يستخدم فى ثقب الجريد حسب الحاجة، وفى مرحلة تجهيز الجريدة للتصنيع يقوم مسعد بتقسيمها إلى ثلاثة أقسام المخ وهو الجزء السفلى، والتونى وهو الجزء الأوسط، والطوالى وهو أطراف الجريدة ولكل من هذه الأجزاء استخدام يختلف عن الآخر فيما يتم تصنيعه.

منتجات مختلفة من الجريد يقوم مسعد بتصنيعها فى ورشته تمثلت فى أقفاص الخضر والفاكهة والطماطم وهى أكثر ما ينتج إضافة إلى أقفاص العيش والكراسى وبعض المنتجات الأخرى تحتاج جميعها إلى نوعين من الجريد، الأخضر، وهو الذى لا يمر أسبوع على قطعه من النخل يتم تخزينه هذا الأسبوع لتصفية ما فيه من مياه، والنوع الآخر هو الجريد الجاف، وهو ما يتم تخزينه لشهور، ولكل نوع منهما استخدام ولا يمكن الاعتماد على نوع واحد دون غيره الأمر الذى يسبب بعض المشكلات لصانعى الجريد.

وأشار مسعد، إلى أنهم يخسرون فى فصل الصيف لأن النخل يتم اتقلاعه فى بداية الصيف.

ويقول محمد محمود القفاص من صانعى الجريد: "الاهتمام بزراعة النخل فى مصر أمر فى غاية الأهمية من خلال استغلال الأراضى الجديدة التى يتم استصلاحها، فزراعة النخل بها لن يكلف الدولة شيئاً وسيدر عليها دخلاً كبيراً .

ويضيف محمد: أنا أستهلك فى الأسبوع 3 آلاف جريدة وفيه ناس كتير زيى والدولة لو زرعت النخل ده هتبقى هى أولى بدل ما نروح نشترى من بره هيدخل لها ملايين خاصة إن كل حاجة فى النخل بتتباع ولم تكن مشكلة توفير الجريد هى الوحيدة بالنسبة لمصنعى الجريد .. وهناك أزمة أخرى يعانى منها العمال فى هذه المهنة وهى عدم وجود نقابة لهم وهو ما يجعلهم فى قلق دائم: الصنعة دى تعتمد على الصحة ولو مفيش صحة مش هنشتغل لأن الواحد طول النهار بيكون قاعد مقرفص وده بيأثر على كل حاجة فى جسمه، وطالبنا كتير إن المهنة دى يكون ليها نقابة عشان تأمن حياة اللى شغالين فيها بعد كده بس مفيش فايدة ومحدش بيهتم.

ويقول محمد محمدى أحد مصنعى الجريد: لم تعد صناعة الأقفاص مثلما كانت فى العهد الماضى، حيث باتت هذه الصناعة مهددة بالانقراض بسبب غلاء الخامات، وعزوف الكثيرين عن تداولها بسبب تدخل الصناعات الحديثة ومنافستها لنا، وقد ورثت هذه المهنة من جدى وأبى اللذين كانا ينفقان على أولادهما من دخل هذه الصناعة، أما الآن فنحن نواجه الغلاء فى المواد الخام، وهو ما يحرمنا من توفير مكسب مناسب لنا وللعاملين معنا


وأضاف محمدى: الكرتونة، والقفص البلاستيك البرنيكة والصندوق الخشب، هى المنافس الأول لنا، وعلى الرغم من ارتفاع أسعارها عن الأقفاص الجريد، واستخداماتها تشعبت إلى جميع الزراعات، وباتت منافساً قوياً لصناعة الأقفاص الجريد، خاصة أن هذه الصناعة تحتاج إلى وقت وصبر، فى الوقت الذى يتم فيه إنتاج آلاف الكراتين والأقفاص البلاستيك فى يوم واحد، ونحن لا نستطيع التطوير فى هذه المهنة، نظراً لعدم تمكن أى أجهزة من التعامل مع الجريد، لما له من مواصفات طبيعية متعرجة، ولا بد من استخدام الأدوات التقليدية، وكل ما نعتمد عليه هو السكين، ويستخدم فى تنظيف الجريد من سعف النخيل، وكذلك الخرامة، والمسندة والبلطة للتكسير والتقشير.

وطالب «محمدى » بإنشاء نقابة للصناعات الحرفية القديمة، والعمل على تذليل الصعاب التى تواجههم أثناء عملهم، وتوفير معاش لهم ولأبنائهم فى حالة مرضهم أو وفاتهم، لافتاً إلى أن هذه الصناعة توفر مصدر رزق للكثير من الحرفيين برشيد وإدكو والمدن المجاورة، إلا أنهم يحتاجون إلى دعم لضمان استمرارهم فى هذه المهنة.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة