صلاة التراويح... متنفس النساء
صلاة التراويح... متنفس النساء


صلاة التراويح... متنفس النساء

البحث عن عريس فى بيوت الله

آخر ساعة

الأحد، 02 مايو 2021 - 09:37 ص

علا نافع

لا طعم لليالى رمضان من دون صلاة التراويح، إلا أن لبعض النساء فيها مآرب أخرى، فلا يكون الهدف الرئيسى الذهاب لأداء الصلاة، بل يجدن فيها فرصة للبحث عن عريس مناسب لبناتهن من خلال جلسات الحكى والتعارف بين السيدات بعد انتهاء الصلاة، وأحياناً قد تذهب الفتيات للصلاة لعرض جمالهن وكسب ود الحموات المحتملات، وهناك من يعتبر التراويح متنفساً من ضغوط الحياة اليومية وفضفضة للهموم الثقيلة الراكدة، فمع رفع أذان صلاة العشاء يسارعن لارتياد المسجد.

وهناك من تصر على اصطحاب أطفالها معها بحجة تعويدهم على صلاة الجماعة، لكنها ترى أنها نزهة روحانية وفرصة للتخلص من متاعبها، حيث يتجمع الأطفال معا بالمسجد ويمارسون ألعابهم المفضلة رغم تنبيهات عاملات المسجد وتحذيراتهن المتكررة، وتبرز فى القرى ظاهرة الدعاية للمنتجات أو خدمات الأشخاص، بل تصل لحد توزيع المنشورات الإعلانية خاصة فيما يتعـلـق بالمـــدرســين الخصــوصـيـين والمطــاعــم وتقوم النساء بهذه المهمة بعد انتهاء الصلاة.

الحب المقدس

فى أحد المساجد الكبرى بمحافظة الشرقية تتوافد جموع المصلين للحاق صلاة التراويح، يلتزم أغلبهم بالإجراءات الاحترازية من ارتداء الكمامات والتباعد الاجتماعى، وبالدور العلوى المخصص للنساء تتواجد سيدات من كافة الأعمار، لا يفوتن يوما من دون ارتياد المسجد.. شابات يحرصن على اقتحام صفوف الصلاة الأولى للفت الأنظار، لم يتخلين عن زينتهن حتى فى شهر رمضان.. يرتدين أزياء مبهجة ذات طراز دينى كى تتناسب مع حرمة المسجد، ويحافظن على هدوئهن فى حضور السيدات كبيرات السن، أغلبهن يأتين مع أمهاتهن أو فى صحبة الجارات، وبانتهاء الركعة الأخيرة يسارعن بالخروج تزامنا مع خروج الرجال للفوز بالعريس المنتظر فشهر رمضان بالنسبهم إليهن هو موسم اقتناص زوج.

مروة، فتاة ثلاثينية، تحرص على الذهاب للصلاة يومياً فقد اعتادت على ذلك منذ عدة سنوات، وساورها الحزن العام الماضى عندما أغلقت المساجد بعد تفشى كورونا، رغم تجاوزها الثلاثين من عمرها فلم يسيطر عليها الحزن من تأخر الحصول على شريك حياتها موقنة تمام اليقين بأن دعواتها لن تذهب سدى، نصحتها إحدى صديقاتها بالمداومـــة علـى صــــلاة الـتراويح فأغلـب الأمهات يبحثن عن عرائس لأبنائهن خاصة أن صديقتها تلك تزوجت بنفس الطريقة بعد أن اختارتها حماتها لولدها المغترب.

تحرص مروة على عقد صداقات مع كافة زائرات المسجد فأغلبهن يتطوعن لترشيح أسماء زوجات المستقبل سواء لجيرانهن أو لذويهن، تشاركهن جلسات الحكى بعد انتهاء طقوس الصلاة وتتجاذب معهن أطراف الحديث.

إعجاب

رغم مرور أكثر من خمسة أعوام على زواجها، فإن ناهد لا تكف عن روايتها لصديقاتها وجيرانها، فبعد انتقالها لشقة جديدة فى شارع شبرا مع أسرتها كانت تحرص على الصلاة بالمسجد المجاور لمنزلها فهى لم تكن تحب الاختلاط مع الأشخاص أو الزيارات المتبادلة ولكن بحلول شهر رمضان ومع ذهابها لصلاة التراويح حتى لفت انتباهها نظرات إعجاب من أحد جيرانها والذى كان يصلى هو الآخر بنفس المسجد فكان ينتظر خروجها كى يتمتع برؤيتها، وبمرور الأيام بادلته نفس الشعور وكللت قصة حبهما بالخطوبة فى عيد الفطر وبعد ستة أشهر جمعهما العش السعيد ومازالا للآن يصليان بنفس المسجد.

حكايات وأخبار

ولم يكن المسجد ساحة لاختيار شريك الحياة فقط، بل مركــــز لتبادل الأخبار والحكايات، فتعكــف الســـيدات بعــد انتهاء الصــلاة لمعرفـــة آخــــر أخــبار الحــى وتتبع الحكايات أو حتى الإعـلان عن منتجاتهن المنزلية التى يقمن بصنعها.

تقول الحاجة رشيدة (57 عاماً): سادت فرحة كبيرة بعد قرار فتح المساجد فى شهر رمضان، فبجانب كونه شهراً للتعبد والتقرب إلى الله، فإننا نستطيع مقابلة صديقاتنا اللواتى لم تتح لنا ظروفنا الالتقاء بهن خلال الأيام الماضية، كذلك معرفة آخر أخبار الحى والاطمئنان على صحة أحبابنا، ناهيك بأن صلاة التراويح تعتبر إحدى الوسائل التى يمكن من خلالها تسهيل زواج الفتيات، حيث تتحوّل كل سيدة لخاطبة تنحصر مهمتها فى البحث عن عروس أو عريس وهناك الكثير من الزيجات الناجحة التى تمت بهذه الطريقة.

عريس فى اليد

وتشير رشيدة إلى أن الكثير من الأمهات يرسلن بناتهن إلى المساجد كى يظفرن بزوج مناسب، وهذا لا يتنافى مع الشرع أو العرف، كما أنه يتماشى مع المثل الشعبى "اخطب لبنتك"، مؤكدة أنه رغم ادعاء البعض أن زواج الصالونات أو التعارف العابر قد قل انتشاره، إلا إنه يعد الزواج الأنجح مقارنة بالزواج الناجم عن قصص حب.

تقول سيدة خمسينية، طلبت عدم ذكر اسمها، إن صلاة التراويح تعد متنفساً للفتيات والسيدات، فمعظم النساء ضقن ذرعا بالجلوس فى المنزل مع انتشار جائحة كورونا، ووجدن فى عودة الصلاة إلى المساجد رحمة لهن، وبعد ارتفاع سن الزواج وصعوبة الحصول على العريس المناسب، لجأت بعض الفتيات إلى ارتياد المساجد للصلاة ولأجل الحصول على زوج أيضاً.

وتروى السيدة معاناتها مع ابنتها الكبرى التى لم يهدها القدر عريساً مناسباً، رغم بلوغها سن الثلاثين، ما سبّب للأم قلقاً كبيراً فاضطرت لاصطحابها معها لصلاة التراويح لعلها تنجح فى اقتناص زوج صالح.

ملتقى شعبى

وفى محاولة لتفسير هذا التصرف، يقول الدكتور محمد عمران، أستاذ الطب النفسي: رغم أن رمضان شهر العبادة والابتعاد عن التفكير فى الأمور الدنيوية، فإن ارتفاع سن الزواج وانخفاض نسب الرجال القادرين على فتح البيوت تسبب فى قلق كبير للأمهات جعلهن يشاركن بناتهن فى الصلوات بالمساجد لأجل اقتناص العريس أو الظهور بشكل لافت للانتباه، مؤكداً أن الخوف من العنوسة هو الدافع الحقيقى لتردد الفتيات على المساجد.

يتابع: المساجد تتحول أيضاً إلى ساحة لتبادل الآراء والحكايات رغم قدسيتها وحرمة النميمة فى الشهر الكريم، لكن لا تزال الأسواق الشعبية والمساجد هى أفضل الأماكن للنساء لكى يتجاذبن أطراف الحديث، لذا لا بد من التوعية الدينية من خلال خطباء المساجد.

كره عظيم

وحول رأى الدين فى التحدث بأمور الدنيا فى المساجد، يقول الدكتور أحمد زين، أستاذ الشريعة الإسلامية: لم يُحرِّم الإسلام التحدث فى أمور الدنيا داخل المساجد، فهذا الأمر مباح لكن بضوابط، أهمها عدم الخوض فى حكايات وأعراض الغير، فالنميمة من أكبر الذنوب كذلك الالتزام بخفض الصوت وعدم التشويش على المصلين أو قارئى القرآن فقد نهى النبى (صلى الله عليه وسلم) عن رفع الصوت بالقراءة فى الصلاة حتى لا يؤذى المصلون بعضهم بعضاً، أما استغلال المساجد لأجل اقتناص عريس أو عروس فلا يعد ذلك مكروهاً بل مستحباً فى الإسلام، خاصة أن المساجد فى عهد النبى الكريم كانت مكاناً للتشاور ولعقد القران أيضاً.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة