بيوت الله
بيوت الله


خلطة السعادة

راحة البال فى بيوت الله

آخر ساعة

الأحد، 02 مايو 2021 - 09:54 ص

 

إيثار حمدى

إذا سألت ألف شخص أين توجد السعادة؟ ستحصل على ألف إجابة مختلفة، أحدهم سيقول إنها موجودة فى المال، وآخر سيقول إنها فى راحة البال، وثالث سيؤكد أنها فى مساعدة المحتاجين، ورابع سيشير إلى بيوت الله، وهناك من سيقسم لك إنها حول مقامات الأولياء.. إلخ. 

«آخرساعة» تحاول فى هذا الملف أن تقدم للقارئ "خلطة السعادة" حتى يصنعها بنفسه كل مَنْ أراد الحصول عليها.

أصيبت السيدة منى مجاهد بشلل رباعي، ما جعلها تذهب إلى الأطباء على أمل أن تعود إلى حالتها الطبيعية، فأكدوا أن حالتها ميؤوس منها، وأنها سوف تظل قعيدة مدى الحياة، لكن السيدة المصرية رفضت التقارير العلمية، وتقول: لجأت للسيدة زينب أشكو لها قلة حيلتي، وأطلب منها أن تجبر بخاطري، دعوت الله عند مقامها الطاهر أن يعيد لى قدمى واستجاب الله ببركة السيدة. 

الطمأنينة هى ما تشعر به فى مقامات آل البيت وأولياء الله الصالحين، ما جعل مساجدهم عامرة بالمحبين من كل مكان فى العالم، يطلبون البركة، والمدد، ويأنسون لأرواح الصالحين وهى تمنحهم السكينة وتطبطب على قلوبهم، وتهديهم فرحة تغمر وجوههم بالرضا.

فى المساجد يجد الإنسان ما يحلم به من سعادة، وحول مقامات الأولياء يبحث عن نصيبه من السعادة فيأخذ منها أكثر مما يتمنى. 

وعن السعادة فى المساجد وحول مقامات الأولياء يقول الدكتور أحمد كريمة أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر قال الله تعالى فى سورة النور: " فِى بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ. رجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصلاةِ وَإِيتَآءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ والأبصار"، وقال النبى صلى الله عليه وسلم: "إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا، قالوا وما هى رياض الجنة، قال المساجد".

ويضيف: بطبيعة الحال المساجد التى فيها مراقد لكبار الصالحين كالأنبياء والرسل وسيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، وكبار آل البيت وكبار الصحابة رضى الله عنهم وأعلام الفقهاء كالإمام الشافعى والليث بن سعد وأبى حنيفة رضى الله عنهم، أماكن تحمل البركة الإلهية وفيوضات ربانية ونفحات علوية يشعر بها المحب ويتأثر بهذه الفيوضات ويرجو بها الثواب، أما غير المحب فلا يشعر بها لأن هذا يسمى ذوقاً وإحساساً.

ويتابع: يستشعر أى شخص بركة ربنا فى هذا المكان ليتحول الحزن إلى فرح وسعادة وراحة نفسية لا يمكن أن يجدها فى أى مكان آخر.

الحب فى الله بلا شك هو مصدر من مصادر السعادة، فقد قال الرسول الكريم: " ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود فى الكفر بعد أن أنقذه الله منه، كما يكره أن يقذف فى النار"، وفى حديث آخر "سبعة يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله منهم رجلان تحابا فى الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه"، وبلا أى شك المحبة فى الله تنتج سعادة خالصة.

وللذكر علاقة قوية بالسعادة فقد قال الله تعالى فى كتابه الكريم: " ألا بذكر الله تطمئن القلوب".

روابط الألفة 

وعن روابط الألفة التى جمعت بين المصريين وآل بيت النبى (صلى الله عليه وسلم)، يقول الدكتور أيمن فؤاد أستاذ التاريخ الإسلامى بجامعة الأزهر ورئيس الجمعية التاريخية المصرية، إنها تعود إلى زمن الفاطميين، حيث رفض المصريون التشيع ونهلوا من حب آل البيت، وهم يقيمون مشاهدهم.

ويشير إلى أنه ورد فى كتاب تحفة الأحباب: أنه عندما قتل الإمام الحسين ابن على عليه السلام بأرض كربلاء طافوا برأسه فى كل البلاد إلا مصر، فلم يمكِّن أهلها حاملى الرأس من الدخول بها على هذه الحال، بل استقبلوهم بأول مدن مصر وحملوهم فى الهودج وأوسعوا لهم فى الكرامة وأنزلوهم خير الأماكن بمصر وشيدوا لموتاهم المشاهد واتخذوها مزارات وجعلوا لها أرزاقا من أقواتهم تقوم بهم.. وحظيت مصر بدعاء السيدة زينب رضى الله عنها حين قالت: "يا أهل مصر، نصرتمونا نصركم الله، وآويتمونا آواكم الله، وأعنتمونا أعانكم الله، وجعل لكم من كل مصيبة فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً"، ستظل هذه الدعوات المباركات حصنا وملاذا لكل المصريين".

ويضيف الدكتور أيمن: عرف عن أهل مصر حبهم لآل البيت وتبركهم بهم فكثرت الأضرحة التى تحمل أسماءهم، وأكثرها مقامات رؤية فقط لا تحوى رفات أصحابها وأُقيمت للتبرك بهم.

وبالتأكيد جاء اختيار أهل البيت للإقامة فى مصر نظرا لذكرها فى كتاب الله مرات عديدة وروى فيها أحاديث عن سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ما جعل لها قيمة فى نفوسهم ولهذا السبب أيضا حضر إليها العديد من الأنبياء وتربى فيها الصالحون ممن ورد ذكرهم فى القرآن الكريم. 

وحتى يومنا هذا يشعر المصريون بالسعادة والراحة النفسية والطمأنينة عندما يكونون بجوار آل البيت، يتبركون بهم ويشكون لهم أوجاعهم.

مفتاح دائم للسعادة

ويوضح الدكتور محمد المنسى أستاذ الشريعة فى كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، أنه من الطبيعى أن تكون أسعد حالات الإنسان وأوقاته أثناء تواجده فى أحد بيوت الله، فالمساجد هى بيوت الله فى الأرض، وهذا ما أشار له القرآن الكريم "فى بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه".

ويقول: "ألا بذكر الله تطمئن القلوب فى أى وقت وفى أى مكان، فهو الاسم الوحيد الذى إذا ذكره الإنسان استشعر الطمأنينة والأمان، وليس بمجرد أن نقول الله بلساننا وإنما نقولها من أعماق أنفسنا ونسمع صوت اسم الله يملأ جنبات قلوبنا وجنبات أنفسنا".

ويشرح: "هذه البيوت ليست لأحد من البشر من يدخلها لا يكون هدفه مقابلة مسئول كبير أو شخص مهم يدخلها لمقابلة الله، وأفضل حالة يكون عليها الإنسان عندما يكون مع الله، ومعية الله هى التى تنتج السعادة والراحة والطمأنينة وكل عوامل الأمان التى يبحث عنها البشر.

ومعية الله تكون فى المسجد سواء كان يصلى أو يذكر الله أو يقرأ القرآن أو يستمع له، المسجد يقربنا من الله أفضل من أى مكان آخر لأنه يشعر أنه ضيف على الله ولا شك حسب كرم المضيف، والمضيف فى المساجد هو "الكريم" وإذا ذهبنا إليه وصدقنا فى نيتنا بأننا نحتاج معيته بالتأكيد سنخرج من عنده مجبوري الخاطر مطمئني القلب مرتاحي البال وسنخرج بحصيلة كبيرة جدا من السعادة لن نجدها إلا فى المسجد. 

للسعادة مفاتيح كثيرة مثل المال والسلطة والنفوذ والمناصب والمكانة الاجتماعية ولكن كل هذه المفاتيح هى مسببات مؤقتة للسعادة وليست دائمة فهى قد تتغير فى أى وقت، لكن أول مفتاح دائم للسعادة هو القرب من الله وكل شيء يقرب من الله سيفتح نافذة من نوافذ السعادة، وكلما اقتربنا أكثر حصلنا على قدر أكبر من السعادة وقدر أكبر من الطمأنينة.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة