محمد سعد
محمد سعد


أمنية

محمد سعد يكتب: أكيد فى مصر

محمد سعد

الأحد، 02 مايو 2021 - 07:41 م

دقت الأجراس كعادتها فى الساعات الأخيرة من مساء السبت لتعلن بدء الاحتفال بعيد القيامة المجيد، والمفارقة الجميلة أننا نحتفل معا، فالأقباط قضوا 55 يوما فى صومهم الأكبر طبقا لمعتقدهم، ونحن نحتفل بالصوم والعبادة فى شهر رمضان المعظم. فى مصر فقط لا يفرقنا جنس ولا لون ولا دين، نحتفل معا بأعياد بعضنا البعض ونتبادل التهانى بالعيد.

فى مصر فقط تجد القبطى يشارك فى تنظيف المسجد والجامع وتجد المسلم يقف أمام الكنيسة يحرسها ويدافع عن أمنها وسلامة مرتاديها، فى مصر فقط تجد الأقباط صائمين فى نهار رمضان والمسلمين ينتظرون إخوانهم عند أبواب الكنائس عقب انتهائهم من الصلوات لتهنئتهم بالعيد ومشاركتهم اللحظات السعيدة، فى مصر فقط تجد المسجد ملاصقا للكنيسة والمئذنة تعانق الصليب فى عنان السماء وهذا دليل على التسامح وتقبل الآخر.

فى مصر فقط مسموح لك أن تشعر بعبق التاريخ وتستقبلك روائح الماضى وروحانياته، فأنت هنا فى مجمع الأديان ومهدها، أنت فى مصر التى تحتضن العديد من الكنائس، وآلاف المساجد، بالإضافة إلى المعابد اليهودية،هنا تجد الجميع يعبد الله فى أمان وسلام، فالديانات أساسها الأخلاق، والاختلاف يكون فى طرق العبادة إلى الله، وارض الوطن خير دليل على أصالة المصريين وحبهم ومودتهم فيما بينهم.

نعم سوف تجد فى مصر معنى الوحدة الحقيقى بين الأديان والتعايش السلمى بين البشر وسوف تتأكد أن الحياة أقوى من الموت وأن الحب أسمى من الكراهية وأن الخير أقوى من الشر وأن الحق أسمى من الباطل، وواهم من يعتقد أنه قادر على خلق الفتنة بين نسيج هذه الأمة وهذا الشعب، فإن دماءهم واحدة، جميعا نبتوا على تراب هذه الأرض الطيبة وأكلوا من خيرها وشربوا من نيلها وتعلموا فى مدارسها وجامعاتها جنبا إلى جنب، هم ببساطة أسرة واحدة وأمة واحدة.

جاء الصحابة إلى مصر وغيرها من البلاد المجاورة فلم يهدموا كنيسة أو يكسروا صليبا أو يضطهدوا راهبا أو قسيسا، بل إن عمر بن الخطاب رمز العدل على وجه الأرض رفض أن يصلى فى كنيسة القدس حتى لا يتخذها المسلمون بعده مسجدا، وهذا من فرط عدله وعبقريته، وكأنه يخاطب الدنيا كلها، فوجود الكنائس دليل على عدل الإسلام ورحمته أما محق وسحق الآخر فهو أقوى دليل على الاستبداد والظلم.

عمرو بن العاص بعبقريته السياسية وحكمته الدينية أنصف أقباط مصر ورد لهم جميل النجاشى عندما آوى الصحابة الأوائل، وأعاد الأنبا بنيامين إلى كرسيه البابوى كأعلى رمز للكنيسة المصرية وقتها، وكان بنيامين مطاردا من الروم بعد أن عذبوا ومثلوا بشقيقه وأسرته وسقوهم سوء العذاب، كما أن الليث بن سعد إمام أهل مصر فى زمانه قال إن الكنائس فى مصر جزء من عمران الإسلام.

منذ الفتح الإسلامى أى ما يقرب من 1381 ومصر كما هي، وكما عهدها العالم الجامع إلى جواره الكنيسة، والمسلمون والأقباط متعايشون مع بعضهم البعض يربطهم الحب والمودة، نسيج قوى ومتين لا يستطيع أحد أن يفرقهم ومن يحاول الدخول بينهم حتما سيخرج من بينهم خاسرا خسارة فادحة.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة