محرر «الأخبار» خلال حواره مع د. محمود شاهين
محرر «الأخبار» خلال حواره مع د. محمود شاهين


حوار | د. محمود شاهين مدير مركز التنبؤات والتحليل بالأرصاد الجوية:

مدير مركز التنبؤات بالأرصاد الجوية: مناخ مصر تغير ولجنة مـن الأرصاد لتحديد توصيفه

حسن سليم

الإثنين، 03 مايو 2021 - 09:17 م

طقس جديد لم نعتاد عليه يختلف عما درسناه والذى وصف على مدار سنوات بـ "حار جاف صيفا دافئ ممطر شتاء" لكنه تغير إلى طقس صعب توصيفه حتى الآن من قبل الجهة الوحيدة المختصة بالأرصاد الجوية فى مصر وهى هيئة الأرصاد الجوية، وإدارة التنبؤات والتحليل التى يديرها د. محمود شاهين الذى فسر خلال حواره لـ "الأخبار" موجات التغير فى الطقس ومدى تغير سمات المناخ المصري.

الحوار مع المسئول عن تنبؤات الأرصاد الجوية لم يكن سهلا فالموضوعات كثيرة ومتشابكة بين مناخ يتغير لكنه لا يزال الأفضل بين الدول المحيطة بسبب الطبيعة التى تحتضن مصر فتعمل على انخفاض درجات الحرارة، وتأثيرات مناخية تطرح سؤالا هل تأخرت مصر فى التعامل مع قضية التغيرات المناخية والتى تعتبر أحد أبرز التحديات أمام العالم أجمع؟ ومنه تنبثق علامة استفهام جديدة حول مدى تضرر مصر واستفادتها من تلك التغيرات، وهو ما يحتاج قراءة دقيقة وتحليلا لمعلومات ضخمة تصل للهيئة بشكل يومي.

تحليل تلك المعلومات وترجمتها إلى أرقام سهلة وبسيطة لم تكن عملية سهلة وهى التى أوضحها بالتفصيل د. محمود شاهين، شارحا أسلوب عمل الراصد الجوى والمتنبئ بين استقبال معلومات من 103 محطات رصد جوى ونشرات رصدية عن الدول المحيطة، والمتابعة اللحظية للأقمار الصناعية حتى تخرج نشرة الأرصاد الجوية بدرجات الحرارة والظواهر الجوية، بالإضافة إلى توضيح دور الرادارات الجديدة الجارى تركيبها.. وإلى نص الحوار..

الطقس‭ ‬المصرى‭ ‬الأفضل‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬المحيطة‭ ‬والبحران‭ ‬الأحمر‭ ‬والمتوسط‭ ‬‮«‬دفاية‮»‬‭ ‬طبيعية‭ ‬لنا

 البداية مع المناخ المصرى.. هل تغيرت سماته؟

بالطبع فالمناخ تغير فى معظم أنحاء العالم وليس مصر فقط، والجميع تأثر بالتغيرات المناخية نظرا للاحتباس الحرارى والغازات الدفيئة الموجودين فى الغلاف الجوى وانعكاساتها على الظواهر الجوية المصاحبة للكتل الهوائية، لذلك نرى طقسا مختلفا بمصر مثل الثلوج التى تسقط فى بعض مناطق القاهرة الجديدة ومحافظات الوجه البحري، وهى أمور جديدة تخبرنا أن مناخ مصر لم يعد حارا جافا صيفا دافئا ممطرا شتاء.

إذن كيف أصبح توصيف طقس مصر وما ظواهره الجديدة؟

حاليا هناك لجنة من الهيئة معنية بوضع ذلك التوصيف بالاشتراك مع وزارة التربية والتعليم لكنها لا تزال فى مرحلة الدراسة والاجتماعات المشتركة، فالتغيرات المناخية التى ذكرنا أسبابها عملت على إحداث ظواهر جديدة أكثر شدة أحيانا، لكن مع ذلك يجب الإشارة الى أنه ليست كل التغيرات الجوية لها مردود سلبي، فهناك بعض المناطق فى العالم بدأت تسقط بها أمطار وأصبحت صالحة للزراعة وتحسنت حالة الطقس بها، وعلى سبيل المثال أمطار الجزيرة العربية التى لم تكن تهطل عليها تلك الكميات من الأمطار التى نراها خلال الفترات الحالية.

الأمطار الغزيرة

وما أوجه استفادة مصر من موجات التغير فى الحرارة؟

نحن نتعامل مع الأمر بشكل دائم ونصدر توصياتنا للجهات المعنية، فمثلا الأمطار الغزيرة وما ترتب عليها من الأبحاث التى بدأت تتحدث عن اختفاء الدلتا بسبب ارتفاع منسوب البحار، هو بالطبع ليس من عمل الأرصاد لكننا حذرنا من انجراف المياه للداخل وأنها تبدأ تطغى على الدلتا، وهى قضية تهتم بها مصر للغاية، فبدأت هيئة حماية الشواطئ اتخاذ خطواتها لتزيد ارتفاع الشواطئ الساحلية حتى تحمى الدلتا.

وهل المناخ الحالى كان متوقعا أن يحدث قبل سنوات؟

يجب أن نوضح أن التغيرات المناخية فى مصر لم تؤد إلى الارتفاع المبالغ فيه بدرجات الحرارة أو هطول أمطار غزيرة عكس التوقعات، وذلك لأننا نملك إدارة كاملة اسمها البحث العلمى بها قسم للتنبؤات الفصلية التى توضح حالة كل فصل قبل بدايته بحوالى شهر، مثلما أوضحوا من قبل أن شتاء هذا العام سيكون أكثر دفئًا من الأعوام السابقة وأن سقوط الأمطار خلاله أقل من الطبيعى وهو ما حدث، وكذلك فى فصل الربيع الذى يشهد أمطارا أقل من الطبيعى وحرارة أعلى بمعدل درجة او درجتين طوال الفصل، وهو أمر أيضا طبيعى بالنسبة للفصل الانتقالى الذى يشهد تقلبات جوية حادة وسريعة، والمقصود بكلمة حادة وسريعة أنه من الوارد أن تسجل الحرارة فى يوم 43 درجة ثم تهبط فى اليوم التالى 23، أو أن نشهد الظواهر الجوية للفصول الأربعة الأساسية خلال يوم أو اثنين فنجد ارتفاعا شديدا فى الحرارة ونشاط رياح وأتربة ثم انخفاضا ملحوظا فى درجة الحرارة وتكاثرا للسحب وسقوط أمطار، وهذه سمات فصل الربيع ولا علاقة لها بالتغيرات المناخية، فعلى عكس الدارج أجمل فصول السنة ليس الربيع إنما الخريف الذى تكون معظم أيامه معتدلة الحرارة ولا يسجل الطقس انخفاضات كثيرة، وبشكل عام يعتبر مناخ مصر هو أفضل مناخ بالدول المجاورة وذلك لموقعها المتميز.

حد السيولة

كيف يساعد موقعنا على اعتدال المناخ؟

يساعد البحران الأحمر والمتوسط فى تشكيل نوع من الحماية من الطقس السيئ فالمتوسط يفصلك عن أوروبا بكتلها الهوائية الباردة ودرجات الحرارة والتى تصل فيها لتحت الصفر، والأحمر عن كتل هوائية شديدة الحرارة بالجزيرة العربية، فيعملان معًا ∩كدفاية∪ طبيعية لأنه أثناء مرور تلك الكتل على البحرين تتساقط الأمطار، فتصل تلك الكتل إلى مصر أقل 15 درجة مئوية من مصدرها وذلك بسبب هذين البحرين.

لكن على الرغم من ذلك أحيانا تصل الأمطار إلى حد السيول وتشكل أزمات!

رغم كثافة الأمطار التى تسقط أحيانا علينا لكنها لا تقارن بما يهطل خلف البحرين المتوسط والأحمر، وتأثرنا بالأمطار الغزيرة أو السيول هو لضعف البنية التحتية وشبكات المياه والصرف الصحى وزيادة عدد السكان.

وهل هناك دور للهيئة للتعامل مع تلك الظروف؟

تقديم التوصيات بشكل مستمر فيما يخص التغيرات الجوية لمجلس الوزراء والجهات المعنية لاتخاذ القرار اللازم للتعامل مع الأمر، مثلما قدمت الهيئة توصياتها فى توضيح أماكن سقوط الأمطار ومناطق تجمعها، لمراعاتها عند إقامة شبكات الصرف بالمدن الجديدة، وكذلك بالإسكندرية التى قرر رئيس الوزراء إقامة 3 شبكات صرف جديدة بها.

 فى وسط كل هذا هل يمكن وصف تحرك مصر تجاه التغير المناخى بالمتأخر؟

لا، فهو أمر متجدد كل يوم والأبحاث لاتزال مستمرة فيه، ونحن نتعامل مع التغيرات المناخية وهى حتى الآن لا تشكل أزمة لمصر، وإن تأثرنا بسقوط كميات أمطار أكبر من المعتاد أو زيادة الحرارة بمعدل درجة أو اثنتين زيادة، وهنا يجب الإشارة الى أن كل التغيرات التى نتحدث عنها فى العالم أجمع تأتى نتاجًا لارتفاع درجة الحرارة فى القطب الشمالى درجة أو نصف درجة.

< وما أكثر المحافظات التى تأثرت بتلك التغيرات؟

− بلا شك القاهرة أكثرها تأثرا بالتغيرات وتضررًا بالأمطار نظرا لعدد السكان الكبير وتقادم شبكة الصرف الصحى وهو ما يشكل ضغطا إضافيا على الدولة.

مواجهة التغيرات

كيف تتم مواجهة التغيرات المناخية؟

المواجهة تتم من خلال منظمة الأرصاد الجوية العالمية والتى مصر إحدى الدول الأعضاء فيها وتشارك فى جميع المؤتمرات التى من شأنها مواجهة التغيرات المناخية ووضع حلول للتصدى لزيادة النشاط الصناعى والثورة الصناعية الرابعة ومن ثم تخرج بتوصياتها التى تقدمها للجهات الأخرى.

وماذا عن الرادارات الجديدة وما إضافتها بالنسبة للتنبؤات؟

الرادارات الجديدة الجارى تركيبها ستسهم فى تنبؤات أكثر دقة، فنستطيع من خلالها أن نرصد السحب مع دخولها الحدود المصرية والتعرف على أنواعها وكمية الأمطار التى بداخلها والرطوبة ومعدلات الهطول، وهل ستزداد تلك المعدلات والكميات أم ستهبط، فتمكننا من تحديد أماكن سقوط الأمطار وكمياتها قبل الهطول بمدة تتراوح من 6 إلى 10 ساعات.

د. محمود شاهين مدير مركز التنبؤات بالأرصاد الجوية

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة