كريم عبد العزيز
محمد عدوي يكتب : اختيارنا .. رجال العزة والكرامة
الثلاثاء، 04 مايو 2021 - 11:23 ص
منذ الطلة الأولى ونحن نعلم اختيارنا، منذ اللحظة الأولى ونحن نعلم اختيارنا.. الاختيار قرار، أصبت فيه أو أخطأت هو قرار تتخذه دون إكراه، مشاهدة عمل فنى اختيار.. فى رمضان الماضى كان الاختيار وكان منسي.. رجال الجيش الأوفياء الذين ضحوا فى سبيل الوطن وهم يعلمون ونحن نعلم الخطر الذى يواجهونه.
كان المنسي وخالد دبابة وهرم وغيرهم من أبطال البرث.. هذا العام مبروك والكبير وغيرهم.. اختار صناع المسلسل الرمضانى الأكثر مشاهدة هذا العام لقبا لهم رجال الظل.. واخترنا لهم رجال العزة والكرامة.. هذا هو اختيارنا.
من بين نجوم العمل يأتى اختيار آخر.. كريم عبد العزيز.. اختيارنا.. الممثل الشاب الذى يملك من الموهبة بذورا تكفى لزراعة أفدنة، موهبة بكر صافية، طبيعية، كريم عبد العزيز الذى تعلم التمثيل قبل أن يتعلم باقى حروف الكلام معجون بالتشخيص، «مشخصاتى» ضعه فى أصعب الشخصيات وأغربها سوف تجده أمامك كمن وضع مرآة أمام الشخصية.. الضابط زكريا يونس.. ربما يكون الاسم مستعارا لكنه حقيقي وحقيقي جدا.. كذلك كريم عبد العزيز ربما يبدو لك «مشخصاتى»، ممثل، لكنه حقيقي وحقيقي جدا أيضا.
ملامح صارمة، رقيقة، حادة، نظرات ثاقبة، خفة دم، غيرة، شجاعة متناهية، حرص شديد وإخلاص بلا نهاية.. أظن أن هذه صفات رسمها المؤلف هانى سرحان والمخرج بيتر ميمى لشخصية الضابط زكريا يونس، أظن أنها خيوط عريضة وضعوها على الورق.. وأظن أن كريم بما يملك من استعداد وموهبة تلقفها وحولها إلى «لحم ودم».
منذ اللحظات الأولى تدرك أنك أمام عمل استثنائى فى كل شيء، فى تفاصيله الكثيرة وحقائقه التى حاول البعض طمسها، فى كل الشخصيات التى تمر من أمام الكاميرا، تشعر أن هناك ميزان واحد يمر على الجميع، حتى الذين لا يتعدى ظهورهم دقائق معدودة لهم تأثير واضح، لهم بريق بطل، تشعر أن الحب والشعور بالمسئولية هو من يحرك الجميع من أصغر ممثل حتى أبطال المسلسل، تشعر أن «الاختيار 2» ملحمة حقيقية شارك فيها الجميع دون استثناء.
وسط هؤلاء وفى مقدمتهم جاء كريم عبد العزيز.. مؤكد لكريم أعمال مهمة فى السينما والدراما التليفزيونية لكن يقينا سوف يؤرخ لنفسه ما قبل الاختيار وما بعده.. كريم فى «الاختيار 2» غير كريم قبل «الاختيار2».. كريم هنا متألق يتقن ما يفعله كعادته لكنه وصل إلى مرحلة مختلفة من الاتقان، مرحلة السهل الممتنع، تلك المرحلة التى تتطلب جهدا خارقا، ومجهودا مضاعفا، تلك المرحلة التى تتطلب رؤية مختلفة واستيعاب مختلف للأمور.. مرحلة يحلم بها كل ممثل بعد سنوات من العمل والتجربة، مرحلة تحتاج إلى عمل حقيقي ودراسة متأنية لكل شيء، كريم وصل لها مبكرا.. ليس حظا ولا صدفة.. ولكنها اختيار أيضا .. كريم اختار الوصول إلى المشاهد من أقرب الطرق، اختار السهل الممتنع.
فى جعبة كل ممثل طرقا مختلفة، فى جعبة كل ممثل حقيقي موهوب أدوات كثيرة للتعبير.. كريم اختار أسهلها وأبسطها وأعمقها، اختار ما يناسب الشخصية، مشاهده فى الحلقات الأولى واصراره على أن يصل إلى مبتغاه مبكرا جعله اختيارنا.. أجبرنا على أن نقف أمام أداء غير مكرر.. أداء بكر نافذ إلى القلوب والعقول، مقتع وملهم.
أعرف كريم منذ سنوات طويلة، تحدثت معه فى مناسبات عديدة، تعرفت مبكرا على طموحاته وأحلامه، تعرفت جيدا على طريقته فى التفكير، ولعه، وشغفه، لا أنكر أنه عندما جاءنى خبر ترشحه لبطولة «الاختيار2» أشفقت عليه، دائما مثل هذه الأعمال تحمل فى طياتها فخا لمن يؤديها، فخا يصعب الخروج منه سالما، لكن مع بدايات حلقات المسلسل أدركت أن اختيار كريم كان فى محله.. من غيره يمكن أن يعبر بنا كل هذه الشواطئ من المشاعر فى مشهد واحد؟ من غيره يمكن أن يصدر كل هذه الأحاسيس فى لقطة واحدة؟ هو الفتى الموهوب، هو القابض على أدق التفاصيل الممكنة والمتوقعة وغير المتوقعة، هو المسيطر على انفعالاته وحركات عينه ولغة الجسد، هو الواثق المتحررمن قيود الدور.
نجح كريم فى الاقناع، الاقناع هو مفتاح المحبة، خزائن القلوب تفتح بالاقناع، نجح كريم وسجل هدفا منذ البداية تسيد به المباراة، أجبرنا جميعا على أن نكون جزءًا من العمل، نجح فى أن يشركنا معه فى مخاوف زكريا يونس وهواجسه، فى حرصه وشجاعته، فى محبته وانتمائه.
يتحدثون كثيرا عن القوة الناعمة وتأثيرها على الأجيال الجديدة، يرونها حلما ونراها واقعا، نراها واضحة، كاشفة، مؤثرة فى أداء كريم عبد العزيز.. أول الناجين من معركة الدراما، الناجح الذى أصبح اختيارنا واختيار الجميع.
الكلمات الدالة
الاخبار المرتبطة