ضحية هتلر.. ألماني عاش بالزقازيق  - أرشيف أخبار اليوم
ضحية هتلر.. ألماني عاش بالزقازيق - أرشيف أخبار اليوم


ضحية هتلر.. ألماني عاش بالزقازيق والتقى أمه بعد 18 عاما

نسمة علاء

الأربعاء، 05 مايو 2021 - 10:33 ص

من أصعب الأعراض التي يمكن أن تصيب الإنسان على الإطلاق هي أعراض فقدان الذاكرة؛ حيث يفيق شخص فيجد نفسه لا يعرف أي شيء ولا يعرف حتى نفسه ولا اسمه ولا أي شيء عن حياته، ما أسوأ هذا الشعور إنه شعور بالضياع والغربة والفقد، فقد النفس والهوية وفقد الأحباب والذكريات، شخص يجد نفسه بدون ماضي وحاضره مجهول.

 

وقد حدث ذلك في قصة حقيقية مذهلة نشرت في جريدة «أخبار اليوم» يوم 16 فبراير عام 1963 وصورها التليفزيون الألماني في الزقازيق وهي قصة شاب ظل 18 عامًا لا يعرف نفسه ولا يعرف أحد، كان يبحث عن شخص واحد يقول له من هو، اشتغل في الواحات والزقازيق ومنيا القمح وكانوا يسمونه «الألماني» لملامحه ولغته الألمانية، وعندما ذهب إلى ألمانيا وعمل في مصنع بشتوتجارت كانوا يلقون عليه اسم «العربي» لمخالطته للعرب لمدة 10 سنوات.

 

وفجأة أصبحت الأصابع تشير إليه كلما ظهر في الطريق ويتهامس الناس «هانز برجمان» بعد أن شاهدوه على شاشة التليفزيون ورأوا صورته في الجرائد، فهو جندي ألماني فقد الذاكرة في القصاصين وعاش 10 سنوات بين البدو والفلاحين ولا يعرف من هو.

 

مأساة الحرب

 

لقد بدأت مأساته مع مأساة الملايين التي سيقت إلى الموت لتحقيق أطماع بعض الساسة والعسكريين، فعندما اقتربت النهاية انتزع جنون هتلر آلاف الأطفال من أمهاتهم ودفعهم إلى ساحات القتال لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وكان هو أحد هؤلاء الأطفال وكان عمره 16 سنة عندما علق على كتفه بندقية، وسار مع القطيع في عام 1943 إلى إيطاليا.

 

وهناك وقع أسيرًا في يد الحلفاء ونقله الإنجليز إلى معسكر عند البحيرات المرة ولكنه لا يذكر شيئًا عن حياته في هذا المعسكر ولكنه يستنتج أنه قرر الهرب منه عندما خاب أمله في إطلاق سراحه.

 

اقرأ أيضًا| لرسم خططه العسكرية.. هتلر يلجأ لصيام المسلمين

 

ومال الشاب على أمه وهو يسرد قصته وخطف من خدها قبلة سريعة وأستأنف حكايته بلهجة مصرية تتخللها بعض الكلمات الألمانية قائلا: 

 

"معلهش بقالي 8 سنين مش بتكلم عربي، كل حاجة في مصر أحكيها بالتفصيل لكن قبل كده مش عارف غير اللي سمعته من الممرضة في مستشفى القصاصين".

 

فقد قيل له أنه احضر إلى المستشفى فاقد الوعي وأن العرب الذين حملوه إليها قالوا إنه أسير ألماني يدعى "هانز برجمان" هرب من معسكر الاعتقال الإنجليزي وقد وجدوه في الصحراء في حالة يرثى لها واعتنوا به واحضروه إلى المستشفى، وعندما أفاق لم يكن يعرف عن حياته الماضية أي شيء.

 

مجلة المهاجرين

 

واتجه المحرر ببصره نحو الأم التي أحضرت له أوراق صفراء وصور قديمة لطفل في الثالثة من عمره وقالت والدموع تلمع في عينيها: هذا هو هاينز كنا نعيش أنا وأبوه وكنا نملك بيتًا وكل شيء سهل في حياتنا وجاءت الحرب الملعونة وانتزعوا مني وحيدي عام 1943 ثم أخذ الروس زوجي عام 1945 ليعمل في روسيا.

 

وتستكمل قائلة: كانت آخر صلة لي بابني خطاب منه في معسكر الاعتقال ثم انقطعت أخباره، حتى قرأت في "مجلة المهاجرين" أن شابًا اسمه "هانز برجمان" يبحث عن أمه فأسرعت وكتبت إلى المجلة أنه ابني الذي أبحث عنه منذ 18 عامًا.

 

قصة اللقاء

 

وأكمل الابن قصة لقائه مع أمه بعد 18 سنة قائلًا: استدعوني في المجلة واصطحبت زوجتي وذهبنا فورًا إلى برلين.

 

وهنا تدخلت الأم لتحكي هذه اللحظة وقالت: في يوم طرق الباب وفتحت لأجد شابًا يحمل حقيبة في يده ويسألني عن "فراد برجر" فقلت له أنا، فسألني ألا تعرفينني أنا هاينز، فاختلطت في نفسي مشاعر كثيرة من فرحة وقلق وخوف فشكله تغير كثيرًا ولكن كان هناك شيء لم أخطئه أبدًا فنظرة عينيه لم تتغير.

 

اقرأ أيضًا| أسرار من حياة هتلر.. تجميل الأنف وتشريح الرأس والبيجاما

 

وأردت أن أخفف من حدة تأثر الأم وأخذته في حضني ثم التفت إلى السيدة الشابة التي بجانبه وقلت لها مبروك سمعت أنكما تزوجتما.

 

فضحكت وشكرتني وقصت علي كيف أنها تعرفت على ابني من عام 1957 ولم تتمكن من الزواج منه إلا في الأسبوع الماضي بسبب عدم تذكر تاريخ ومحل ميلاده.

 

وطني الثاني

 

وقال له المحرر حدثني عن أيامك في مصر، كيف عشت غريبًا بين أناس لا تنتمي إليهم ولا تتكلم لغتهم ولا تعرف عاداتهم..

 

وأجاب بلهجة تقترب من لهجة أولاد البلد وهو يخبط صدره بكفه: "مصر دي وطني الثاني، أنا "سقت" عربيات الجيب للفدائيين في معركة القنال سنة 1951، وبعد خروجي من المستشفى سافرت إلى الزقازيق وطوال السنوات العشر كنت أحاول أن أعثر على أهلي عن طريق الصليب الأحمر ولكني فشلت، ونصحتني السفارة الألمانية بالعودة إلى ألمانيا فالبحث سيكون أسهل.

 

وعدت إلى ألمانيا عام 1954 وعملت في يشتوتجارت وهناك تعرفت على زوجتي وساعدتني على سد بعض الثغرات في قصة حياتي الماضية واستطعت أن أتذكر اسم أمي وتاريخ ميلادها.

 

ولمعت عيناه وهو يقول: «أنا نصف مصري، لقد عشت بين البدو والفلاحين والعمال وأحاطوني كلهم بالحب والرعاية فلم أحس بالغربة في يوم من الأيام، ولو لم أجد أمي وأتزوج لعدت إلى مصر لأقضي بقية حياتي بها».

 

المصدر: مركز معلومات أخبار اليوم

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة