صورة موضوعية
صورة موضوعية


ارتفاع المعدلات يهدد تماسك الأسرة.. والدولة تواجه بقوة

الطـــلاق «خـراب بيوت»

محمد قنديل- ياسمين سامي

الأربعاء، 05 مايو 2021 - 08:57 م

 

238ألف حالة فى ٢٠١٩ و حـــــــــــــالة كــل 2.11 دقيقــة بمعــدل زيــادة 8% سنــويـا 

«شفهى وأمريكانى ورسمى إجبـارى تعــددت الأسمـــاء والانفصـال واحــــد

الطلاق ليس مجرد كلمة، ولكنه عهد كما هو حال الزواج، فهو رباط غليظ يربط طرفين ثم يصبح رباطًا للأسرة بأكملها وللمجتمع، وإذا تفككت الأسرة ضاع المجتمع، وفى الآونة الأخيرة رصدت الإحصاءات الرسمية ارتفاع معدل الطلاق فى مصر خاصة فى القاهرة، وتعددت الأسباب والأساليب التى تؤدى إلى الانفصال، والنتيجة واحدة والتى يدفع فيها الأبناء الثمن، فإذا كان هناك من الحالات يكون فيها الطلاق هو الخيار الأفضل والأقل فى الخسائر، فهناك أيضًا من كان فى إمكانهم الصلح أو استكمال الحياة معًا وإصلاح أسباب الخلاف ولم يحدث ذلك لأسباب مختلفة، وهذا ما كشفه الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، حين رصد ارتفاعا كبيرا فى حالات الطلاق المسجلة لعام 2019، وقال الجهاز إن حالات الطلاق فى 2019 وصلت إلى 238ألف حالة، بمعدل حالة كل 2.11 دقيقة، وهو ما يمثل ارتفاعا بمعدل 8 فى المئة مقارنة بالأرقام المسجلة سنة 2018.
لذا حرصت «الأخبار» على دق ناقوس الخطر ورصد أبرز أسباب الطلاق ونتائجه والطرق التى أصبحت تلجأ إليها بعض الأسر بل والأطراف المتنازعة للحصول على ورقة الطلاق ويصبح الأبناء ضحايا والمجتمع مصاب بالتفكك.

القاهرة  فى المركز الأول فى معدلات الطلاق.. والثلاثينيات الأعلى نسبة

تصدرت محافظة القاهرة قائمة أعلى عشر محافظات على مستوى الجمهورية فى عدد حالات الطلاق خلال عام 2019، حيث سجلت القاهرة حالة طلاق كل 10 دقائق، تليها الجيزة حالة كل 17 دقيقة، ثم الدقهلية حالة كل 29 دقيقة، ثم الشرقية حالة كل 35 دقيقة، ثم البحيرة حالة كل 38 دقيقة، ثم الإسكندرية حالة كل 38 دقيقة، ثم القليوبية حالة كل 44 دقيقة، ثم الغربية حالة كل 49 دقيقة، ثم كفر الشيخ حالة كل ساعة و13 دقيقة، وأخيراً قنا حالة كل ساعة و18 دقيقة.
وبحسب أيضًا إحصاءات الجهاز فإن هناك 24 حالة طلاق مقابل كل 100 حالة زواج «معدل غير مقلق حيث تسبق مصر فى هذا المعدل مثل بعض الدول الأوروبية والعربية مثل فرنسا التى يقابل فيها كل 100 حالة زواج 52 حالة انفصال، وأن أعلى فئة عمرية للطلاق فى الرجال من 30 لـ35 ونفس الفئة العمرية للإناث، والنسبة الأقل للطلاق من سن 18 لـ20 عاما وتقل فى عمر 65 عاما فأكثر.
كما أوضحت الإحصاءات أن إجمالى أحكام الطلاق النهائية بلغت 11800 حكم قضائى بالطلاق منها 1500 حالة طلاق خلعًا و225 ألف حالة طلاق عادى، وأن نسبة الطلاق فى الريف أقل من الحضر.

والدة شريهان اشترطت منزل زوجية آخر.. وأجبرت ابنتها على خلعه

منيرة طالبها زوجها بالتنازل عن حقوقها للحصول على الطلاق 

«خليل» .. كتب أملاكه لزوجته فخلعته بدون علمه
عالية شريك حياتها تحول إلى وحش مخيف بسبب المخدرات فلجأت للانفصال

اختلفت آليات الإنفصال، فأصبحت بعض الزوجات المتضررات سواء من الضرب أو السباب تلجأ لرفع قضية طلاق للضرر بسبب سوء معاملة الزوج لها أو تعاطيه مواد مخدرة أو لسوء سلوكه، وزوجات أخرى تلجأ للخلع متنازلة عن كافة حقوقها مقابل الحصول على الطلاق أو يكون الطلاق بالتراضى بين الطرفين بالشكل التقليدى المعتاد وفى وجود مأذون وموثق بالأوراق الرسمية، لكن من الواضح أن الطرق الرسمية أصبح البعض يلتف عليها للحصول على حريته حتى وان كان بشكل قد يخالف الشرع والضمير والقانون، ومن هذه الطرق ما يسمى بالخلع الأمريكانى، الذى تلجأ إليه الزوجة للطلاق دون علم الزوج، أما الطلاق الشفهى فهو وسيلة يلجأ إليها الأزواج لترك الزوجة معلقة لتبدأ سيل من المعاناة والضرر يجلب ضرر آخر يعم على الأسرة بأكملها والأطفال.
على الرغم من أننا نعيش فى عصر الورق والإثباتات، لابد من وجود أوراق تثبت الطلاق كما تثبت الزواج، إلا أن بعض الأزواج يلجأون إلى التطليق شفهيًا فقط ويترك زوجته معلقة فلا منها زوجته ولا منها حاصلة على ورقة طلاقها التى تثبت ذلك حتى يتسنى لها عيش حياتها بشكل ملائم لوضعها الجديد، يتركها معلقة، يرمى يمين الطلاق من خلال محادثة أو رسالة على الهاتف لتبدأ رحلة معاناة الزوجة نفسيًا واجتماعيًا وأحيانًا ماديًا أيضًا بما يطلق عليه الطلاق الشفهى وهو القضية التى أثارت جدلا واسعًا فى الآونة الأخيرة.
طلاق شفهى
«انتى طالق» كلمة كان لها وقع خاص على الزوجة الأربعينية، حين ألقاها زوجها بها بعدما احتدت الخلافات بينهما، وبعد مرور مدة أراد الرجوع إليها، فما كان من الزوجة سوى أن طلبت منه الذهاب لدار الإفتاء للتأكد أن هذا الأمر خالٍ من الحرمانية، فهناك سيتبينوا ما إذا تم الأمر فى وقت عصبية أو غضب أو أنه قاصدًا للطلاق، إلا أن زوجها رفض ذلك مهددًا اياها ان تبقى كـ «البيت الواقف» وتنقلب حياتها رأسًا على عقب، خاصة بعد التهديدات التى تعرضت لها.
صمتت (منيرة محمد)، 44 سنة، برهة من الوقت لاستعادة تجربتها المريرة، حين ظلت المشاكل تتفاقم بينها وبين زوجها إلى أن بدأ فى ابتزازها وطالبها بنصف راتبها مقابل تكفله بمصاريف البيت، مهددا أنه إن لم يكن الحال يعجبها فبإمكانها التنازل عن كافة حقوقها والحصول على الطلاق، ووسط هذه الفوضى فى حياتها لجأت إلى جيرانها للاستنجاد بهم وبشهادتهم، لكنها فوجئت بأنهم سمعوا خلافاتهم اليومية دون أن يتبينوا مفردات الكلمات التى كانت تدور بينهما.
كان الشعور المسيطر عليها هو خوفها من الذهاب لقسم الشرطة لعمل محضر تعدى عليها، لإثبات سوء معاملته لها، معللة الأمر أن لديها ابنة تبلغ من العمر ثلاثة عشر عامًا، قائلة «مكنتش حابة أجيب أمين شرطة قدامها ويحصل مشاكل مع باباها قدامها»، لكنها تشجعت على أخذ خطوة الخلع، فرفعت القضية تنازلت عن حقوقها فى سبيل الحصول على حريتها والتخلص من سيل الإهانات التى عاشت فيها.
الحالة السابقة ليست الوحيدة، فضحايا الطلاق الشفهى لا حصر لهم، تنهار الحياة المستقرة داخل البيوت وتشتعل نيران الحيرة بين الأزواج والأبناء عما إذا كان هذا الطلاق معتدًا به أم لا أسئلة لا حصر لها تدور فى الأذهان حول حرمانية تواجدهم سويًا تحت سقف واحد بعد وقوعه شفهيًا لا رسميًا، خاصة إذا كانت للمرة الثالثة.
الخلع الأمريكانى
يعنى «الخلع الأمريكاني» رفع الزوجة قضية خلع فى المحكمة بدون علم الزوج فتقوم باصطناع ما يمسى بـ «الإعلان الأمريكاني»، وهو عبارة عن إعلان الزوج على عنوان السكن إداريًا، فى حال عدم وجوده بالمنزل، كى لا تصل إليه الدعاوى، وتسير إجراءات قضية الخلع من دون علم «الزوج»، رغم ممارستها لعلاقتهما الزوجية بشكل طبيعى معه، وتعتبر المحكمة أن الإعلام تحقق وانعقدت الخصومة بعد إعلان الزواج مرتين ولم يحضر أمام المحكمة، وأحيانا تلجأ الزوجة لهذا نتيجة الخوف من بطش زوجها أو ذويه، وأحيانًا يكون الزوج متضرر أو ضحية.
لم تكن تدرى عالية محمد، 25 عامًأ، أنها ستجد نفسها فى بلد غريب مع شخص أكثر غربة عليها، حيث أحبت شابًا وسيما ميسور الحال يعمل فى المملكة العربية السعودية، بالفعل لم تخش الغربة مع حبيبها فهو كان بمثابة وطن حلمت ان تعيش فيه ومعه بأى مكان بالعالم، وبالفعل أنجبت طفلين، لكنها اكتشفت ادمانه، فحاولت نصحه باللين واحيانًا كانت تلجأ للشدة للابتعاد عن المخدرات، ففى مرة يخبرها أنه تاب منه ولم يعد يتعاطى وتكتشف أنه لازال مدمنًا ومرة أخرى يعدها بالعلاج دون فائدة حتى طفح الكيل وأصبحت تخشى على ابنائها خاصة أن مصاريف المنزل أصبحت تتأثر بنفقاته على «المزاج» وعندما تتشاجر معه يتطاول عليها بالضرب المبرح.
وفى احدى المرات كادت أن تفقد حياتها بعدما ضربها زوجها ضربًا مبرحًا أمام أطفالها الذين اصيبوا بالذعر  فقررت أن تبدأ خطتها للهروب والنجاة من الحياة التى انقلبت إلى جحيم فأبلغته أنها ستنزل فى اجازة لوالدتها لأنها مريضة بصحبة ابنائها وبالفعل كان لها ما طلبت، وقررت رفع قضية خلع ودونت عنوانا قديمًا لا يسكن فيه الزوج ولم تخبر ايضًا المحكمة أنه مقيم بالخارج وتم ارسال الجواب مرتين وتتسلمه بالاتفاق مع أحد أقاربه دون علمه حتى قضى لها بالخلع بالفعل.
ليس شرطًا أن تكون الزوجة خائفة أو مقهورة للجوء للتحايل على القانون، بل احيانًا الطمع والجشع قد يدفع البعض لاستغلال بعض الثغرات لأخذ أكثر مما يستحق ويتعدى ايضًا على حقوق وممتلكات الغير، وهذا ما تشهد عليه الدعوى برقم 2521 لسنة 2017 الذى دونه (خليل.ع) الرجل الأربعينى ضد زوجته «ا. ع» بعد زواج دام أكثر من خمسة عشر عامًا ببطلان دعوى الخلع المدونة ضده دون علمه وكذلك حرر محضرا ضدها بالسرقة..فيقول خليل أنه مر بالعديد من الأزمات المرضية والصحية فأراد تعويض زوجته وبعدما ألحّت عليه برغبتها فى كتابة بعض ممتلكاته لتأمين مستقبلها وحياتها خاصة لمرضه وبالفعل استجاب لها وتنازل عن أملاكه ومنزله دونه باسمها إلا أنه فوجئ بأنها رفعت قضية خلع والمحكمة قبلت دون علمه.
 «انا مطلقتهاش ومش عايز أطلقها ازاى الاقيها مطلقة ومن غير ماعرف؟» هكذا تساءل خليل مستنكرًا بعدما علم من زميلة زوجته فى العمل أنها اخذت كافة مستلزماتها الشخصية من الشقة ولم تعد للمنزل بعد انتهاء فترة العمل وفوجئ بأنها طليقته.
طلاق إجبارى
الطلاق الشفهى والخلع الأمريكانى ليست سبل التحايل الوحيدة التى تؤدى إلى زيادة البغض والعداوة، بل أحيانًا يكون الطلاق الرسمى بالإجبار ويكون الأهل هم السبب، وهذا ما حدث فى حالة شريهان، شابة عشرينية، تمت خطبتها لمن ارتضاه قلبها وبالفعل تمت الزيجة وتوج الحب بالزواج، إلا أن الأمور لم تسير على ما يرام، فوالدة الزوجة بدأت بالتدخل فى كل صغيرة وكبيرة، تفرض كلمتها فى منزل زوجية ابنتها، تحثها على عصيانه بكل الأشكال وتصمم على بيات ابنتها عندها فترات كبيرة بعيدة عن زوجها.
أبدى الزوج اعتراضه الشديد على هذه الاوضاع، لتبدأ والدة شريهان بتوجيه ابنتها الى فعل كل ما يبغضه الزوج وتسليطها على أن تستنفذ منه الأموال بحجة احتياجات المنزل والطفل.
لم تكتف بذلك ايضًا بل رفضت أخيرا استكمال الزيجة فى منزل الزوجية بحجة انه اصبح غير ملائم وطالبت ابنتها بإجباره على تأسيس شقة اخرى بدلا منها ونظرا للحالة الاقتصادية وعدم تمكن الزوج من تأسيس شقة اخرى، بدأت الأم بمساومة الزوج بأن تقوم هى بشراء شقة اخرى على ان تكتب باسم ابنتها وفى حالة رفض الزوج ذلك، «يبقى تطلقها.. انا بنتى متعيش بالشكل ده ابدًا».. هكذا أخبرت والدة شريهان الزوج.
منعتها من الذهاب الى زوجها بحجة انها لن ترضى عنها الى يوم الدين وأنها غاضبة عليها وستعتبرها ليست ابنتها فى حالة ظلت معه فى منزل واحد، حاول الأقارب التدخل لإصلاح الأمر وحاول المحامى وقاضى محكمة الأسرة الاصلاح دون اى فائدة من ذلك، ليجبر الزوج على تطليق زوجته حتى لا يضعها بين نيران والدتها وحرقة قلبها عليه، ليترك لها حياة تظنها والدتها افضل، لتظل الزوجة ايضًا تعيش باسم «مطلقة» تعانى نيران والدتها وفراق زوجها وألسنة المجتمع الذى لا يرحم بسبب تعنت والدتها.

تعديلات قانونية لضمان حق الأبناء من النفقة

الأطفال ضحايا العناد.. وورقة ضغط للتنازل عن الحقوق من قبل الآباء
تعددت أسباب الانفصال ما بين أسباب جذرية من الصعب أن تعود الحياة لمجاريها بعدها، وما بين أسباب من الممكن التغلب عليها واستكمال الحياة بشكل أفضل على الأقل للأبناء، مع ذلك أحيانا ترغب الزوجة فى الانفصال وسط تعنت من الزوج أو رفضه إعطاءه حقوقها فيلجأون لاستخدام الأبناء كوسيلة ضغط على الزوج للطلاق أو على الزوجة للتنازل عن حقوقها.
وقد صدق الرئيس عبد الفتاح السيسى على إقرار تعديل بعض أحكام قانون العقوبات الصادر بالقانون 58 لسنة 1937 على المتهربين من سداد النفقات المستحقة عليهم، أصبح يعاقب كل متهرب بالحبس مدة لاتزيد على سنة وبغرامة لا تتجاوز خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، وهو القرار الذى جاء بعد مناداة بتعديله منذ سنوات طويلة من جميع الجهات الحقوقية والمنظمات النسائية والنساء المتضررات من عدم دفع النفقة لهن، مما يضمن للنساء حقوقهن وأشادت جميع الجهات المختصة بحقوق المرأة بهذه الخطوة التى اعتبروها انتصارا للمرأة وحفاظًا لحقها.
يقول إيهاب الأطرش، المحامى بالاستئناف العالى ومجلس الدولة، أن قرار التصديق قرار عظيم ورائع وأن الرئيس أنصف النساء اللائى لم يستطعن الحصول على نفقتهن ونفقة ابنائهن بعد سنوات طويلة من السعى فى المحاكم وأن معظم القضايا التى تأتى إليه معظمها قضايا نفقة وهو دليل على أنها مشكلة كبيرة سواء للزوجات أو المطلقات وهى عدم انفاق الزوج على أسرته.
وأضاف أن سوء الأحوال الاجتماعية والاقتصادية والفقر هم أبرز الأسباب التى جعلت بعض الأسر تلجأ للطلاق للهروب من المسئولية وتحمل عبء الإنفاق على الأبناء، بل يتم استخدام الأطفال كورقة ضغط من أحد طرفى النزاع لإجبار الطرف الآخر للتنازل عن حقوقه، ويضرب مثلا بذلك بطفلة قام جدها وأبوها بأخذها عنوة وإخفائها من مسكن والدتها حتى تقوم بالتوقيع على إيصال أمانة بقيمة نصف مليون جنيه حتى تستعيدها.
وأشار إلى أن الأمومة والأبوة تلغى تماما  أحيانًا بسبب العند أو الرغبة فى الانفصال دون تحمل نفقة الأبناء وحقوق الزوجة التى يجب دفعها فى حالة الانفصال من مؤخر صداق ونفقة وغيره، ويجد الأبناء أنفسهم أمام اطراف متنازعة وهم كارت ضغط يتم استغلاله مما يعرضهم للخوف واهتزاز الثقة بالنفس و بالمحيطين وفى أقرب المقربين ايضًا، دون النظر إلى تعليمهم وحالتهم الصحية ونفسيتهم، وهذا مخالف للشرع والعرف والقانون بالمادة 291 من قانون العقوبات وقانون مكافحة الاتجار بالبشر 64 لسنة 2010، مما يحرم هؤلاء الأطفال من حقوقهم ويمنعهم من عيش سنهم، سواء استغلالهم بالحرمان من التعليم أو بالعمل فى فترة الطفولة وغيرها من الأساليب التى يتم استخدامها فى استغلال الأطفال للضغط على الآخر.

الخبراء:  أزمة اجتمـاعية خطيـرة.. ومفـاهيم الزواج الخاطئة أبرز الأسباب
مطلوب عمل جماعى من مؤسسات الإعلام والتعليم والدين لرفع الوعى الأسرى

هناك علاقة وطيدة بين التربية السليمة والعلاقة الأسرية الناجحة


تؤكد د. عبلة البدرى، أستاذ علم الاجتماع، أنه لابد من العمل على الإنسان والفكر والثقافة لتقليل معدلات الطلاق المرتفعة، لأنها تمثل مشكلة اجتماعية خطيرة. 
وتتابع أن علاج المشكلة يكمن فى غرس الفكر السليم بالترابط الأسرى وإعلاء قيمة الأسرة ومسؤولية الزواج، والابتعاد عن الطلاق كخيار سهل لحل الخلافات الزوجية، فمفهوم الزواج الخاطئ يؤدى إلى أزمات كبيرة بعد مرور فترة من الزواج والاصطدام بواقع الحياة وضغوطاتها. 
وتشدد البدرى، على أن الأسرة تلعب دورا محوريا فى التربية السليمة التى ينتج عنها أشخاص قادرون على تحمل المسؤولية، وتقدير الحياة الزوجية، بالإضافة إلى دور الإعلام والدراما، فيجب أن يتم تسليط الضوء على المشكلة فى أعمال درامية تحمل رسائل توعوية، لأن الدراما لها تأثير قوى، كذا الحملات الإعلامية التى تهدف التوعية السليمة للتغلب على المشكلات الزوجية وعدم اللجوء إلى الطلاق إلا للضرورة عندما تكون الحياة مستحيلة بين الطرفين، فهناك بعض المشاكل الأسرية لا يمكن السكوت عنها وتحملها. 
وتضيف أستاذ علم الاجتماع، أن المشكلات المترتبة على ارتفاع معدلات الطلاق، كثيرة وخطيرة، منها انتشار التفكك الأسرى الذى ينعكس بالسلب على تربية الأبناء والتنشئة الاجتماعية للأطفال، كذلك مشكلة أطفال الشوارع، وكلها مشاكل تنعكس على تماسك المجتمع. 
الحياة الزوجية 
من جانبها، تقول د. عبير سليمان، باحثة فى شئون المرأة، إن سهولة حصول المرأة على الطلاق ليس سبب ارتفاع معدلات الانفصال الزوجى فى مصر، فاستمرار العلاقة الزوجية «المعطوبة» غير صحى على حياة الأسرة، وتتعدد أسباب الطلاق من عنف أسرى وعدم توافق وغيرها من الأمور، ولكن يظل السبب الأبرز لزيادة المعدلات هو غياب المفهوم الصحيح عن الحياة الزوجية، نتيجة المفاهيم الخاطئة عن الارتباط والزواج وما يتبعها من مشاكل تؤدى إلى الطلاق. .وتتابع بأن هناك علاقة وطيدة بين التربية السليمة والعلاقة الأسرية الناجحة، لأن غياب المنظومات التربوية عن دورها فى التوعية بمفاهيم الزواج الصحيحة زادت من المشكلة. 
وتضيف أن المنظمات النسائية لابد أن تفصل بين الحرية والمسؤولية فى تناول مواضيع الطلاق والحياة الزوجية، فالمرأة مسؤولة أيضاً عن بناء أسرة متماسكة تستطيع اخراج ابناء صالحين للمجتمع، وهنا يقع على عاتق هذه المنظمات دور هام فى التوعية ومعالجة هذه المشكلة. 
المفاهيم الدينية
وتؤكد سليمان، أن معالجة المشكلة ليس مسؤولية جهة بعينها، بل عمل مشترك بين العديد من المؤسسات، التعليمية والدينية والإعلامية والدينية والرياضية، من خلال تشكيل وعى سليم بأهمية الحياة الزوجية، فضلاً عن ضرورة تصحيح بعض المفاهيم الدينية تجاه المرأة مثل «الطلاق الشافعي» وغيرها. 
وتشير إلى قانون الأسرة الذى يحتوى على بنود جديدة يمكن أن تساهم بشكل كبير فى خفض معدلات الطلاق، فيمكن الاعتماد على فكرة عقد الزواج الذى يتم فيه حسم الأمور الاشكالية فى شكل بنود، وإذا لم يلتزم بها الزوج يصبح من حق الزوجة الطلاق ويعتبر العقد لاغيا، وهذا الاقتراح سيساعد فى حرص الزوج على تنفيذ التزاماته وبالتالى يساعد على استقرار العلاقة الزوجية.. كما أن سرعة تنفيذ إجراءات النفقة فى القانون الجديد سيكون لها دور فى جعل الرجل لا يستهان بمسألة الطلاق، لأن الوضع الحالى يمكن أن تستمر قضية النفقة لسنوات حتى يبدأ الرجل فى سدادها. 
وتشيد الباحثة فى شئون المرأة، بالمبادرات التى تقوم بها الدولة لمعالجة المشكلة وتقليل معدلات الطلاق، مثل مبادرة «مودة» وغيرها، نظراً لدورها الهام، ولكن يحبب أيضاً تنظيم حملات توعوية تكون بشكل مبتكر تصل إلى الشباب، لزرع المفاهيم السليمة للحياة الزوجية، واحترام الزوج والزوجة ولفظ العنف الزوجى، وغيرها من الأمور التى تمثل أسباب الطلاق، ويمكن أيضا تنظيم حملات غير تقليدية لشباب الجامعات.
مبادرات حكومية ضد الظاهرة

«مودة» ووحدة «لم الشمل» بالأزهر تتحديان الانفصال

مجتمعنا بات يعانى من عزوف بعض الشباب والفتيات عن الزواج، ومن تطلعات خيالية تصطدم بالواقع والمسؤولية فتنتهى بالانفصال، وهى مخاوف نتشاركها كمجتمع يعانى من ارتفاع نسبة الطلاق وانخفاض نسبة الزواج، بما يدق جرس إنذار، آن الأوان للالتفات إليه وإيجاد حلول واقعية له كلمات السيدة انتصار السيسى، قرينة الرئيس عبد الفتاح السيسى، وذلك بعدما ناقشت مع المشاركين فى الدورة الثالثة لمنتدى شباب العالم، المنعقد بشرم الشيخ، أهداف مبادرة «مودة»، التى أطلقتها وزارة التضامن الاجتماعى.
العديد من المبادرات والجهود التى باتت الدولة المصرية تبذلها للحد من معدلات الطلاق فى مصر، من أبرزها مبادرة مودة التى تهدف إلى الحفاظ على كيان الأسرة المصرية وتأهيل الشباب المقبلين على الزواج، خاصة بعدما ارتفعت معدلات الطلاق والعزوف عن الزواج، وكذلك الحد من حالات الطلاق، ومراجعة التشريعات التى تدعم كيان الأسرة وتحافظ على حقوق الطرفين والأبناء واشتركت وزارات ومؤسسات عدة فى وضع المشروع الذى تم من خلال شراكة بين وزارة التضامن الاجتماعى وصندوق الأمم المتحدة للسكان والتنمية ووزارة التعليم العالى ووزارة الدفاع ووزارة العدل ووزارة الداخلية لدعم كيان الأسرة المصرية. 
ويستهدف مشروع «مودة»  الشباب المقبلين على الزواج من سن 18 عامًا وحتى 25 عاماً، واستفاد من التجارب التى أطلقتها ماليزيا وسلطنة عمان للحد من ارتفاع نسبة الطلاق.
لم تكتف الدولة المصرية بذلك، بل أنشأ الأزهر الشريف وحدة «لم الشمل»  التى تم إنشاؤها فى 16 أبريل 2018، لتشكل تجسيدًا عمليا لتوجيهات فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، بضرورة البحث عن حلول ناجعة وواقعية للمشكلات المجتمعية، وأن ينزل أبناء الأزهر، بمختلف تخصصاتهم، إلى أرض الواقع ويعايشون الجماهير ويتلمسون همومهم ومشاكلهم، بما يمكنهم من وضع الخطط المناسبة لعلاجها، خاصة القضايا الملحة، كما هو الحال بالنسبة لقضية ارتفاع معدلات الطلاق، خاصة بين حديثى الزواج، وبالفعل نجحت الوحدة فى لم شمل العديد من الأسر المصرية وانقاذها من التفكك والضياع..وتقوم آلية عمل الوحدة على تلقى اتصالات هاتفية من أصحاب المشكلات على الرقم (19906)، وأخذ بيانات المتصل، و بيانات الطرف الآخر، سواء كان الزوج أو الزوجة، ثم يبدأ أعضاء الوحدة على الفور فى محاولة الصلح بينهما، عبر الهاتف، وفى حالة عدم الاستجابة هاتفيًا تبدأ الخطوة الثانية وهى الزيارة الميدانية ويتم خلالها التنسيق مع الزوج وأهله والزوجة وأهلها بعد الوقوف على أسباب الخلاف، وإرسال ثلاثة أو أربعة من أعضاء الوحدة للقاء الطرفين، وفى بعض الحالات أمضى أعضاء الوحدة أكثر من 12 ساعة متصلة فى جهود مضنية للصلح.
وقد نجحت الوحدة فى تسوية 23 ألف حالة خلاف أسرى من إجمالى 25 ألفاً حتى 13 يناير الماضى، بحسب مدير مركز الأزهر العالمى للفتوى فى تصريحات سابقة له. 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة