مشيخة الأزهر
مشيخة الأزهر


باحث في التراث يوضح أصل كلمة «يا خراشي» وعلاقتها بالأزهر

بوابة أخبار اليوم

الأحد، 09 مايو 2021 - 05:02 ص

محمد الشماع

يقول الخبير والباحث في التراث، شعيب عبدالفتاح، إن أصل كلمة «يا خراشي»، التي يقولها المصريون حالياً للتعبير عن حال صدمة أو مفاجأة، يعود إلى الإمام الشيخ محمد الخرشي أول شيخ للجامع الأزهر الشريف، وأحد كبار العلماء المسلمين.


اسمه أبوعبد الله محمد بن جمال الدين عبد الله بن علي الخرشي المالكي، ونطقها العامة وبعض المؤرخين في مصر «الخراشي»، نسبة إلى قريته أبو خراش، بمحافظة البحيرة. شعيب يضيف أن الشيخ كان معروفاً بنصرته للحق وقوة كلمته، وكان الكثيرون يستغيثون به لنصرتهم ونجدتهم من تعنت كبار الموظفين وقت أن كانت مصر ولاية عثمانية، ووصل الأمر إلى أن صارت استغاثة «يا خراشي» هي النداء الشعبي لشيخ الأزهر كي ينصرهم علي الظلم الواقع عليهم، مشيراً إلى أن كلمة يا خراشي كانت دليلاً على قوة الأزهر وشيخه.

اقرأ أيضا| بث مباشر لاحتفالية الأزهر الشريف بـ«ليلة القدر»


الشيخ الخرشي تولى مشيخة الأزهر في سنة 1679، وكان يبلغ من العمر نحو 80 عاماً، واستمر في المشيخة حتى توفاه الله سنة 1690 عن 91 عاماً، ودُفن مع والده بوسط قرافة المجاورين، الموجودة بالدرّاسة. 


رواية كونه أول شيخ للمؤسسة الإسلامية الأهم في العالم، البعض يرى أنها تحتاج إلى تدقيق، لأن الأزهر كان مؤسسة لها ناظر يتولى شؤونها المالية والإدارية ولا علاقة له بالنواحي العلمية، ولكن مع زيادة أعداد الطلبة والمريدين القادمين إلى أعتابه من كل حدب وصوب لتعلم أمور الدين وعلوم الشرع والفقه، بات الأزهر في مأزق شديد، إداريًا في المقام الأول، وعليه رأى السلطان العثماني، سليمان القانوني (1494-1566)، ضرورة إعادة النظر في وضعية المؤسسة.


أصدر السلطان العثماني فرمانًا وقتها يقضي بتنصيب شيخ للأزهر، تكون مهمته الإشراف على شؤون المؤسسة ومراعاة أمورها والعمل على تطويرها بما يتناسب مع مكانتها، مشترطًا أن يختار علماء الأزهر إمامه، وفق معايير الكفاءة والعلم. بعض باحثي الأزهر زعموا أن الشيخ الخرشي لم يكن هو الأول في قائمة شيوخ الأزهر، بل أن هناك 11 شيخًا سبقوه في الجلوس على مقعد الشيخ الأكبر، مستندين في ذلك إلى 6 وثائق كانت محفوظة في مخازن المكتبة تثبت خطأ هذه المعلومة، واستعرضوا أبرز الأسماء التي جلست على كرسي المشيخة قبل مجيء الخرشي، أبرزهم: الشيخ برهان الدين إبراهيم العلقمي القاهري الشافعي المتوفي عام 1586، كذلك الشيخ شهاب الدين أحمد بن عبدالحق السنباطي المتوفي سنة 1586، يعقبه الشيخ أبو المحامد محيي الدين عبدالقادر الغزي الحنفي.
وهو أمر أقرب للمنطق من فكرة كونه أول شيخ أزهر، أولاً لأن فرمان تعيين شيخ الأزهر صدر في حياة القانوني الذي توفي في الأساس سنة 1566، أي قبل نحو110 سنة من تولي الخرشي، المشيخة!.
مراجعة رواية كونه أول شيخ للأزهر لا تنفي كونه نصير الضعفاء، وذلك بسبب الاضطراب الكبير الذي أصاب مصر في ظل حكم العثمانيين، يكفي أن نقول إن الخرشي عاصر في حياته 42 والياً عثمانياً تولوا حكم مصر!. مراجعة الرواية لا تنفي إثراء الخرشي للمكتبة الإسلامية بأمهات الكتب، منها: رسالة في البسملة، الشرح الكبير على متن خليل، في فقه المالكية، في ثمانية مجلدات، الشرح الصغير لمختصر خليل على متن خليل أيضًا، في أربعة مجلدات، إضافة إلى الفرائد السنية في حل ألفاظ السنوسية في التوحيد، والأنوار القدسية في الفرائد الخراشية.  
لم ينل الشيخ الخرشي شهرته الواسعة هذه إلا بعد أن تقدمت به السِّن، ولذلك لم يذكر أحد من المؤرخين الكثير عن نشأته، ربما هي سطور قليلة عن الرجل، حيث تلقى تعليمه على يد والده الشيخ جمال الدين عبدالله بن علي الخرشي، الذي غرس فيه حبًّا للعلم وتطلعًا للمعرفة، كما تلقى العلم على يد الشيخ العلامة إبراهيم اللقاني، والشيخ الأجهوري، والشيخ يوسف الغليشي، والشيخ عبد المعطي البصير، والشيخ ياسين الشامي.
درس الخرشي، علوم الأزهر المقررة حينئذ، مثل: التفسير، والحديث، والتوحيد، والتصوف، والفقه، وأصول الفقه، وعلم الكلام، والنحو، والصرف، والعروض، والمعاني والبيان، والبديع والأدب، والتاريخ، والسيرة النبوية، وأيضًا درس علوم المنطق، والوضع والميقات، ودرس أمهات الكتب في كل هذه العلوم السالفة الذكر على أيدي شيوخ عظماء بعلمهم وخلقهم. وقد ظل الشيخ عشرات السنين يعلم ويتعلم، ويفيد ويستفيد من العلم والعلماء، وظل يروي طيلة حياته ويُروى عنه، وبات يضيف ويشرح ويعلق على كل ما يقع بين يديه وتقع عيناه، فأفاد بلسانه وقلمه جمهرة كبيرة من العلماء الذين كانوا يعتزون به وبالانتماء إليه، والنهل من علمه الغزير، ومعرفته الواسعة.
ذاع صيته بين العامة والخاصة على حد سواء، فيقول عبدالرحمن الجبرتي في كتابه “عجائب الآثار” أن الحكام كانوا يقبلون شفاعته، وكان الطلبة يقبلون على دروسه، وكان العامة يفدون إليه لينالوا من كرمه وعلمه، مضيفاً “هو الإمام العلامة والحبر الفهامة، شيخ الإسلام والمسلمين ووارث علوم سيد المرسلين، وقد ذاعت شهرته أيضًا في البلاد الإسلامية حتى بلغت بلاد المغرب وأواسط أفريقيا حتى نيجيريا، وبلاد الشام والجزيرة العربية واليمن، وقد مكَّن الشيخ من بلوغ هذه الشهرة انتشار طلابه وكثرتهم في أقطار عديدة، واشتهاره بالعلم والتقوى”. واشتهر في أقطار الأرض كرجل يعير من كتبه، ومن خزانة الوقف بيده لكل طالب، إيثارًا لوجه الله.
كما أن بعضاً من تلامذته تقلد مشيخة الأزهر فيما بعد من بينهم، الشيخ عبد الباقي القليني الذي تولى مشيخة الأزهر وأصبح رابع المشايخ (وفقاً لترتيب كون الخرشي أول شيوخها)، هذا بجانب إبراهيم بن موسى الفيومي، سادس أئمة المؤسسة، وآخرهم الشيخ إبراهيم بن موسى الفيومي الذي تم تعيينه شيخًا للأزهر أواخر أيامه.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة