المتهم
المتهم


مذبحة السحور.. أب يتخلص من أولاده بالفيوم

ناجي أبو مغنم

الأحد، 09 مايو 2021 - 10:17 م

كان لقرية الغرق بمحافظة الفيوم، نصيبًا من اسمها، وغرقت في بحر من الهموم والأحزان، مياهه هي دموع الأهالي التي لن تجف ما دامت القلوب بين الضلوع نابضة، أيام بيضاء– العشر الأواخر من رمضان- تمر علينا يتقرب فيها العباد إلى ربهم ويتزودوا من نفحاتها، ولكنها كانت سواد شديدة الظلام على سكان القرية التي كان يقطنها عماد مع أسرته المتكونة من 6 أبناء وزوجته الثانية.


كان عماد الذي يملك فرنًا تنتج العيش الفينو، عنوانًا عريضًا لحالة الهلع والفزع والرعب التي عاشتها القرية المستقرة الأمن أهلها، وبات حديث الألسنة التي تسترجع كل سوءات جارهم، ولم تتوقف ألسنتهم أو تكف عن الدعاء عليه نظير ما اقترف.

اقرأ أيضا

مصرع عامل وإصابة شقيقه في حادث بسوهاج


فقد اتبع جارهم شيطانه بل تفوق عليه، ونفذ جريمة لا تسمع عنها إلا في أساطير الخيال، وتظل تداعب الأهالي وتزورهم  في كوابيس ليلية كلما خلدوا إلى نومهم، من هولها وقسوتها التي تفوق قدرة العقول على استيعابها.

نسفت حالة عماد، كل قواعد العلم التي لا تعترف ببقاء الجسد حي دون قلب، فقد تصرف صاحب الأربعين عامًا وأقدم على ارتكاب جريمته الشنعاء وكأنه منقوص الجوارح ومختل الصفات الآدمية.


فقد عاهدنا الأب سكنًا وملاذًا أمنًا لصغاره، وحصنًا لهم من المخاطر والمخاوف التي قد تواجههم في دروب الحياة، فهو الحضن الدافئ وقتما تشتد عليهم آلام الدنيا وتعترض عراقيلها طريقهم.


ولكن عماد كان مغايرًا لهذا ولم يحفظ عهد أولاده به، وجعلهم أول ضحايا سلوكياته الطائشة غير المسئولة، فقد اتبع هواه، وسار في طريق الكيف وأدمن المخدرات التي لم تترك له مليمًا في جيبه بل اضطرته إلى الاستدانة حتى تراكمت عليه الديون وقاربت المليون جنيه.


أدرك عجزه عن الوفاء بديونه، بل أنها تزداد يومًا بعد يوم، نظرًا لما ينفقه على «السموم» التي يتناولها وسلبت منه تركيزه وأفقدته اتزانه العقلي، فقد عمى بصره وقلبه وعقله تحت  تأثير الإدمان، ووجد نفسه بين نارين أهونهما أمر من الثاني، إما الرضوخ لمتطلبات مزاجه ومواجهة دائنيه الذين سيكونوا سببًا في الذهاب خلف أبواب الزنازين الموصدة.


أو أنه يتخلص من حياته، وحياة أسرته التي يعولها، فقد حاول مرارًا الانتحار ولكن نفسه «الشريرة» لم تهن عليه، ولذا اتجه نحو التخلص من حياة الأبرياء والرضع، فلذة كبده، كي لا يشاهدوا نهايته المأساوية، أو يعايرهم أحد بذنوب أبوهم وآثامه.


ودعا أولاده وزوجته لتناول السحور وأعد لهم عصير التمر، وهنا كانت أولى خطوات تنفيذ مخططه الذي بيت النية له، ووضع مخدر لهم في العصير، وبعد دقائق راح كل منهم في نوم عميق، نوم لن يفيقوا بعده أبدًا ولن يروا الحياة أو ينعموا بها.


فقد تجرد الأب من كل مشاعر الرحمة والأبوة، واستل سكينه وهمّ على ذبح أولاده، لم يمنعه نومهم كالملائكة من فعلته، أو تتحرك مشاعر الابوة داخله، لم يتراجع عن إسالة جزء من دمه موجود في جسد ابنائه أو يراعي زوجته التي صانته وحفظته وقتما اشتد به البلاء وبات رهنًا للسلوكيات الشيطانية.


وكانت البداية مع الأم التي تحتضن طفليها في إحدى غرف المنزل، وأخذ يسدد لها الطعنات بلا شفقة أو هوادة، وعندما فاقت من المخدر الذي وضعه لها في العصير، حاولت المقاومة، ولكنه فوت عليها فرصة الدفاع عن النفس وكأنه ينتقم وصوب سن السكينة ناحية الرقبة فكانت الطعنة النهائية التي دخلت وخرج معها آخر نفس.


انتهى من الأم وقصد طفليها، ووضع السكين على رقبتهم، كما لو كان يذبح طيرًا، وقضى عليهم واحدًا تلو الآخر بنفس السكين حتى فارقا الحياة ولحقا بأمهما.


كانت الدماء لا زالت تسيل ولم تبرد، من ضحاياه الثلاثة، حتى ذهب لباقي أولاده الـ 4 من طليقته، وبدأ بكبيرهم الشاب الذي تجاوز الـ 15 من عمره، ولم يرفع السكينة من رقبته حتى لفظ آخر أنفاسه، على بد أبوه دون أي مقاومة، وانتقل بعدها لابنه الرابع وفعل معه مثل الباقيين، وأنهى حياته وأخذ يتنقل بينهم حتى أودى بحياتهم جميعًا.


ومع آخر واحد من أينائه انتهى من ذبحه وقتله، فر هاربًا قاصدًا فرنه محاولًا إشعال النيران فيها وهو بداخلها ولكن الجيران تدخلوا وأجهضوا محاولته قبل أن يكتشفوا جريمته الكبرى ويدخلوا منزله الملطخ بالدماء في أركانه ونواحيه. 


وتعود بداية الواقعة عندما تلقى مرفق إسعاف الفيوم إخطارا يفيد بوجود 7 جثث لسيدة و6 أطفال بأعمار متفاوتة فى قرية الغرق التابعة لمركز ومدينة اطسا بمحافظة الفيوم، وعلى الفور تحركت سيارات الإسعاف، وتم نقل الجثامين لمستشفى اطسا المركزى ، كما تم اخطار قوات أمن مركز شرطة إطسا بتفاصيل الواقعة.

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة