للفنان:  طارق الصفتى
للفنان: طارق الصفتى


ذكريات معلقة

أخبار الأدب

الثلاثاء، 11 مايو 2021 - 10:02 ص

منى‭ ‬عبدالكريم‭ ‬

فى‭ ‬أوائل‭ ‬القرن‭ ‬السادس‭ ‬عشر‭ ‬وفى‭ ‬عصر‭ ‬المماليك‭ ‬عندما‭ ‬تعافى‭ ‬السلطان‭ ‬الغورى‭ ‬من‭ ‬مرض‭ ‬أصاب‭ ‬عينه‭ - ‬قيل‭ ‬إنه‭ ‬أفقده‭ ‬بصره‭- ‬احتفل‭ ‬أهل‭ ‬القاهرة‭ ‬بعودته‭ ‬إلى‭ ‬الحياة‭ ‬العامة‭ ‬بالغناء‭ ‬والموسيقى‭ ‬وبتزيين‭ ‬الشوارع‭ ‬بلافتات‭ ‬من‭ ‬الحرير‭ ‬الأصفر‭ ‬وهو‭ ‬اللون‭ ‬الملكى‭ ‬آنذاك‭. ‬وقد‭ ‬وصف‭ ‬الرحالة‭ ‬التركى‭ ‬أوليا‭ ‬شلبي‭- ‬الذى‭ ‬كان‭ ‬يسافر‭ ‬إلى‭ ‬مولد‭ ‬السيد‭ ‬البدوى‭ ‬فى‭ ‬القرن‭ ‬السابع‭ ‬عشر‭-‬موكب‭ ‬الحجاج‭ (‬المحمل‭) ‬والذى‭ ‬كان‭ ‬يمتلئ‭ ‬بالخيام‭ ‬والأعلام‭ ‬واللافتات‭ ‬الملونة‭ ‬بأنه‭ ‬يشبه‭ ‬حقلا‭ ‬من‭ ‬زهور‭ ‬التيوليب‭ ‬الذى‭ ‬ازدهر‭ ‬ثم‭ ‬اختفى‭ ‬بعد‭ ‬حصاده‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يترك‭ ‬أثراً‭ ‬واصفًا‭ ‬بذلك‭ ‬الحياة‭ ‬فى‭ ‬مجملها‭. ‬

يقول‭ ‬المؤرخ‭ ‬المصرى‭ ‬سيف‭ ‬الرشيدى‭ ‬إن‭ ‬المنسوجات‭ ‬المعلقة‭ ‬تعتبر‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬الثقافة‭ ‬المصرية‭ ‬منذ‭ ‬آلاف‭ ‬السنين،‭ ‬وقد‭ ‬ورد‭ ‬فى‭ ‬روايات‭ ‬العصور‭ ‬الوسطى‭ ‬أن‭ ‬شوارع‭ ‬القاهرة‭ ‬كانت‭ ‬تتزين‭ ‬بالمنسوجات‭ ‬الملونة‭ ‬المصنوعة‭ ‬من‭ ‬الحرير‭ ‬والقطن‭ ‬فى‭ ‬أى‭ ‬احتفال‭ ‬أو‭ ‬مناسبة‭ ‬كنوع‭ ‬من‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬البهجة‭ ‬والسعادة‭. ‬ومن‭ ‬هذا‭ ‬المنطلق‭ ‬جاء‭ ‬احتفاء‭ ‬جاليرى‭ ‬أوبنتو‭ ‬بالمنسوجات‭ ‬المعلقة‭ ‬وبفن‭ ‬الخيامية‭ ‬مختلفا‭ ‬ومميزا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬معرض‭ ‬‮«‬ذكريات‭ ‬معلقة‮»‬‭  ‬الذى‭ ‬استضافه‭ ‬الجاليرى‭ ‬وقام‭ ‬بالتنسيق‭ ‬له‭ ‬سيف‭ ‬الرشيدى‭. ‬

من‭ ‬أين‭ ‬تبدأ‭ ‬الحكاية؟‭ ‬كانت‭ ‬زيارة‭ ‬المعرض‭ ‬الذى‭ ‬اعتبره‭ ‬واحدا‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬العروض‭ ‬الفنية‭ ‬التى‭ ‬شاهدتها‭ ‬مؤخرا‭ ‬يشبه‭ ‬القيام‭ ‬بجولة‭ ‬متحفية‭ ‬للتعرف‭ ‬على‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الجوانب‭ ‬الخفية‭ ‬المرتبطة‭ ‬بتاريخ‭ ‬الخيامية،‭ ‬والتى‭ ‬لطالما‭ ‬كانت‭ ‬زيارتى‭ ‬لها‭ ‬دائما‭ ‬بمنطقة‭ ‬الخيامية،‭ ‬حيث‭ ‬يجلس‭ ‬الحرفيون‭ ‬يحيكون‭ ‬تحفهم‭ ‬الفنية‭ ‬بصبر‭ ‬بالغ،‭ ‬بينما‭ ‬العالم‭ ‬يتغير‭ ‬فى‭ ‬الخارج‭ ‬ويزداد‭ ‬الخطر‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬الحرفة‭ ‬بهجوم‭ ‬الأقمشة‭ ‬المطبوعة،‭ ‬لتصبح‭ ‬تلك‭ ‬القطع‭ ‬المحاكة‭ ‬يدويا‭ ‬هى‭ ‬الشاهد‭ ‬على‭ ‬استمرار‭ ‬تراثنا‭ ‬المتعلق‭ ‬بفن‭ ‬الخيامية‭. ‬

استبدلت‭ ‬جولتى‭ ‬فى‭ ‬منطقة‭ ‬الخيامية‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬بجولة‭ ‬بين‭ ‬قاعات‭ ‬جاليرى‭ ‬أوبنتو‭ ‬بالزمالك،‭ ‬والتى‭ ‬بدأت‭ ‬بمشاهدة‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الصور‭ ‬الفوتوغرافية‭ ‬التى‭ ‬تظهر‭ ‬فيها‭ ‬قطع‭ ‬من‭ ‬المنسوجات‭ ‬المعلقة‭ ‬أو‭ ‬الخيامية‭ ‬بشكل‭ ‬أو‭ ‬بآخر‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬صور‭ ‬مثل‭ ‬تلك‭ ‬الصورة‭ ‬لمجموعة‭ ‬من‭ ‬صانعى‭ ‬اللافتات‭ ‬أثناء‭ ‬حياكتها‭ ‬والتى‭ ‬تعود‭ ‬لعام‭ ‬1924‭ ‬وهى‭ ‬من‭ ‬مجموعة‭ ‬لينرت‭ ‬ولاندروك،‭ ‬وكذلك‭ ‬تلك‭ ‬الصورة‭ ‬التى‭ ‬تجمع‭ ‬بين‭ ‬عبدالناصر‭ ‬وخروتشوف‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬سد‭ ‬أسوان‭ ‬عام‭ ‬1964بينما‭ ‬تظهر‭ ‬الخيامية‭ ‬فى‭ ‬الخلفية‭.. ‬وغيرها‭..‬

                                                                                 للفنان‭: ‬حسام‭ ‬الفاروق

وبخلاف‭ ‬الصور‭ ‬الفوتوغرافية‭ ‬فإن‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬قطع‭ ‬الخيامية‭ ‬الأصلية‭ ‬القديمة‭ ‬النادرة‭ ‬قد‭ ‬أضفت‭ ‬سحرا‭ ‬خاصا‭ ‬على‭ ‬المعرض،‭ ‬لاسيما‭ ‬تلك‭ ‬القطعة‭ ‬البديعة‭ ‬التى‭ ‬تركت‭ ‬جميع‭ ‬من‭ ‬شاهدها‭ ‬مدهوشا‭ ‬بجمالها،‭ ‬بالنسبة‭ ‬لى‭ ‬كانت‭ ‬القطعة‭ ‬تحمل‭ ‬طاقة‭ ‬خفية‭ ‬تتركك‭ ‬فى‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬السكينة‭ ‬فلا‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تغادر‭ ‬تلك‭ ‬القاعة‭ ‬التى‭ ‬تعرضها‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ ‬‮«‬لوحة‭ ‬تاتشر‮«‬‭ ‬وتعود‭ ‬تقريبا‭ ‬إلى‭ ‬عشرينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضى،‭ ‬إذ‭ ‬يذكر‭ ‬التعليق‭ ‬المرفق‭ ‬بها‭ ‬أنه‭ ‬تم‭ ‬اقتناء‭ ‬هذه‭ ‬القطعة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬ثرى‭ ‬أمريكى‭ ‬ومن‭ ‬المحتمل‭ ‬أنها‭ ‬صنعت‭ ‬ليتم‭ ‬تعليقها‭ ‬بشكل‭ ‬أفقى‭ ‬كمظلة،‭ ‬وتحمل‭ ‬اللوحة‭ ‬عبارات‭ ‬قصيرة‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬أهلًا‭ ‬وسهلًا‭ ‬ومرحبًا‭ ‬بالقادمين‮»‬‭ ‬وسلامة‭ ‬الإنسان‭ ‬فى‭ ‬حفظ‭ ‬اللسان‮»‬‭ ‬و«بالشكر‭ ‬تدوم‭ ‬النعم‮«‬‭ ‬و‭ ‬‮«‬العدل‭ ‬أساس‭ ‬الملك‮«‬‭ ‬والتى‭ ‬كانت‭ ‬شائعة‭ ‬آنذاك،‭ ‬وقد‭ ‬كان‭ ‬التصميم‭ ‬مستوحى‭ ‬من‭ ‬البيوت‭ ‬القاهرية،‭ ‬وكثيرا‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يتم‭ ‬إهداء‭ ‬هذا‭ ‬الشكل‭ ‬من‭ ‬القطع‭ ‬كهدايا‭ ‬دبلوماسية‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬حكم‭ ‬الملك‭ ‬فؤاد‭ (‬1920-‭ ‬1936‭).‬

أما‭ ‬قطعة‭ ‬‮«‬العدل‭ ‬أساس‭ ‬الملك‮»‬‭ ‬والتى‭ ‬يرجح‭ ‬كذلك‭ ‬أنها‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬عشرينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضى،‭ ‬وهى‭ ‬من‭ ‬مقتنيات‭ ‬الفنان‭ ‬التشكيلى‭ ‬سمير‭ ‬فؤاد‭ ‬فتعكس‭ ‬شيوع‭ ‬استخدام‭ ‬عبارة‭ ‬‮«‬العدل‭ ‬أساس‭ ‬الملك‮»‬‭ ‬والتى‭ ‬كانت‭ ‬موجودة‭ ‬فى‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬معلقات‭ ‬الخيامية‭ ‬فى‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬تاركة‭ ‬لغز‭ ‬وراء‭ ‬استخدام‭ ‬تلك‭ ‬العبارة،‭ ‬التى‭ ‬ترتبط‭ ‬بالأحرى‭ ‬بالتعديلات‭ ‬الدستورية‭ ‬التى‭ ‬أجريت‭ ‬عام‭ ‬‮١٩٢٣‬،‭ ‬إذ‭ ‬تظهر‭ ‬نفس‭ ‬الجملة‭ ‬–‭ ‬كما‭ ‬ورد‭ ‬بالتعليق‭ ‬المرفق‭ ‬بالعمل‭- ‬على‭ ‬شارات‭ ‬القضاة‭ ‬التى‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬نفس‭ ‬الفترة،‭ ‬وتشير‭ ‬تفاصيل‭ ‬هذه‭ ‬القطعة‭ ‬إلى‭ ‬احتمالية‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مستوحاة‭ ‬من‭ ‬محراب‭ ‬للصلاة‭ ‬من‭ ‬الرخام‭ ‬الملون‭. ‬ذلك‭ ‬بخلاف‭ ‬لافتة‭ ‬موكب‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬أوائل‭ ‬القرن‭ ‬العشرين،‭ ‬والتى‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يصنع‭ ‬قطعا‭ ‬شبيهة‭ ‬بها‭ ‬حتى‭ ‬اليوم،‭ ‬لإحياء‭ ‬المسيرات‭ ‬والمواكب‭ ‬فى‭ ‬القاهرة،‭ ‬إذ‭ ‬تشير‭ ‬العبارات‭ ‬ذات‭ ‬المرجعية‭ ‬الدينية‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬يا‭ ‬سيد‭ ‬مدد‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬احتمالية‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬قد‭ ‬تم‭ ‬صنعها‭ ‬بهدف‭ ‬الاستخدام‭ ‬فى‭ ‬احتفال‭ ‬دينى‭. ‬

والحقيقة‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬قطعة‭ ‬من‭ ‬القطع‭ ‬التى‭ ‬تم‭ ‬عرضها‭ ‬تكشف‭ ‬عن‭ ‬جمال‭ ‬خاص‭ ‬وسمة‭ ‬ترتبط‭ ‬بتاريخ‭ ‬حرفة‭ ‬الخيامية‭ ‬فى‭ ‬حقبة‭ ‬زمنية‭ ‬بعينها،‭ ‬كذلك‭ ‬فإن‭ ‬المعلومات‭ ‬التى‭ ‬تم‭ ‬الكشف‭ ‬عنها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬المعرض‭ ‬هى‭ ‬كذلك‭ ‬معلومات‭ ‬نفيسة‭ ‬إذ‭ ‬تطلب‭ ‬الوصول‭ ‬لها‭ ‬بحثا‭ ‬دؤوبا‭ ‬وجهدا‭ ‬كبيرا‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬سيف‭ ‬الرشيدى،‭ ‬الذى‭ ‬قام‭ ‬هو‭ ‬والدكتور‭ ‬سام‭ ‬بوكر‭ ‬بتأليف‭ ‬كتاب‭ ‬‮«‬صانعو‭ ‬الخيام‭ ‬فى‭ ‬القاهرة‭: ‬حرفة‭ ‬الصناعة‭ ‬التطبيقية‭ ‬الحديثة‭ ‬فى‭ ‬العصور‭ ‬الوسطى‭ ‬والحديثة‭ ‬فى‭ ‬مصر‮«‬‭ ‬الذى‭ ‬نشرته‭ ‬مطبعة‭ ‬الجامعة‭ ‬الأمريكية‭ ‬فى‭ ‬القاهرة‭ ‬فى‭ ‬عام‭ ‬2018‭.‬

لم‭ ‬يكن‭ ‬الأمر‭ ‬سهلا،‭ ‬فالمعلومات‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬متاحة‭ ‬وليست‭ ‬هناك‭ ‬مراجع‭ ‬كثيرة،‭ ‬فقد‭ ‬قام‭ ‬الرشيدى‭ ‬بتجميع‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬له‭ ‬علاقة‭ ‬بحرفة‭ ‬الخيامية‭ ‬من‭ ‬كتب‭ ‬التراث‭ ‬كالمقريزى‭ ‬والجبرتى‭ ‬وغيرها،‭ ‬أما‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬القطع،‭ ‬ومعرفة‭ ‬تاريخها،‭ ‬فقد‭ ‬تطلب‭ ‬عشرات‭ ‬من‭ ‬الساعات‭ ‬من‭ ‬البحث‭ ‬على‭ ‬الانترنت‭ ‬باستخدام‭ ‬كلمات‭ ‬بحثية‭ ‬مختلفة،‭ ‬حتى‭ ‬الصور‭ ‬الفوتوغرافية،‭ ‬كان‭ ‬يبحث‭ ‬بطرق‭ ‬مبتكرة‭ ‬فى‭ ‬الأرشيفات‭ ‬القديمة‭ ‬ومن‭ ‬بينها‭ ‬صور‭ ‬الأفراح‭ ‬والمناسبات‭ ‬الرسمية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬وغيرها‭.‬

ولم‭ ‬يتوقف‭ ‬معرض‭ ‬‮«‬ذكريات‭ ‬معلقة‮»‬‭ ‬عند‭ ‬عرض‭ ‬القطع‭ ‬القديمة‭ ‬وتتبع‭ ‬تطور‭ ‬مسار‭ ‬الحرفة‭ ‬والبحث‭ ‬عن‭ ‬السمات‭ ‬المشتركة‭ ‬لكل‭ ‬فترة،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬رصد‭ ‬كيف‭ ‬تأثرت‭ ‬الخيامية‭ ‬بمختلف‭ ‬الفنون‭ ‬الأخرى‭ ‬واستعارت‭ ‬من‭ ‬الفن‭ ‬الإسلامى‭ ‬والفرعونى‭ ‬ومزجت‭ ‬الموتيفات‭ ‬ببراعة‭ ‬وخصوصية،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬استعارت‭ ‬من‭ ‬فن‭ ‬العمارة‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬التصميمات،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬من‭ ‬الخط‭ ‬العربى،‭ ‬لكن‭ ‬الجولة‭ ‬بالمعرض‭ ‬تعود‭ ‬بك‭ ‬للحاضر‭ ‬فى‭ ‬مسارين‭ ‬أولهما‭ ‬الحرفة‭ ‬اليدوية‭ ‬التى‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬موجودة‭ ‬بشارع‭ ‬الخيامية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عرض‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬القطع‭ ‬البديعة‭ ‬التى‭ ‬قام‭ ‬بتنفيذها‭ ‬فنانو‭ ‬الخيامية‭ ‬المهرة‭ ‬من‭ ‬أمثال‭ ‬طارق‭ ‬الصفتى‭ ‬وحسام‭ ‬الفاروق‭ ‬ومصطفى‭ ‬الليثى‭ ‬ومحمد‭ ‬عبدالواحد،‭ ‬ومن‭ ‬بينها‭ ‬مثلا‭ ‬قطعة‭ ‬‮«‬المسجد‭ ‬الأزرق‭- ‬‮٢٠٢٠»‬‭ ‬التى‭ ‬قام‭ ‬بتنفيذها‭ ‬هانى‭ ‬عبدالقادر‭ ‬واستغرق‭ ‬تنفيذها‭ ‬سنة‭ ‬بأكملها،‭ ‬وهى‭ ‬مستوحاة‭ ‬من‭ ‬البلاط‭ ‬العثمانى‭ ‬الموجود‭ ‬بالمسجد‭ ‬الأزرق‭ ‬فى‭ ‬القاهرة‭ ‬ويعود‭ ‬إلى‭ ‬القرن‭ ‬السابع‭ ‬عشر‭. ‬وتكشف‭ ‬تلك‭ ‬القطعة‭ ‬مثلا‭ ‬عن‭ ‬السمة‭ ‬المتكررة‭ ‬فى‭ ‬استعارة‭ ‬الخيامية‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬تصميماتها‭ ‬من‭ ‬العمارة،‭ ‬إذ‭ ‬كانت‭ ‬حرفة‭ ‬الخيامية‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬الرشيدى‭ ‬تخلق‭ ‬عمارة‭ ‬مؤقتة‭ ‬من‭ ‬الأقمشة،‭ ‬فبدلا‭ ‬من‭ ‬قاعة‭ ‬الأفراح‭ ‬أو‭ ‬دور‭ ‬المناسبات،‭ ‬كانت‭ ‬الخيامية‭ ‬تخلق‭ ‬فراغا‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬مبنى‭ ‬ولكنه‭ ‬مؤقت‭ ‬ومتنقل،‭ ‬لذا‭ ‬غالبًا‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬تبحث‭ ‬فى‭ ‬المبانى‭ ‬الدائمة‭ ‬عن‭ ‬إلهام‭. ‬

ويضيف‭ ‬الرشيدي‭: ‬هذه‭ ‬المجموعة‭ ‬من‭ ‬المنسوجات‭ ‬المعلقة‭ ‬والتى‭ ‬تم‭ ‬حياكتها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬صانعى‭ ‬الخيام‭ ‬فى‭ ‬القاهرة،‭ ‬يربطها‭ ‬خيط‭ ‬مشترك‭ ‬من‭ ‬الذكريات‭ ‬المعاد‭ ‬تخيلها‭. ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬المنسوجات‭ ‬تقريبًا‭ ‬هى‭ ‬بمثابة‭ ‬تعبير‭ ‬عن‭ ‬شىء‭ ‬تم‭ ‬رؤيته‭ ‬أو‭ ‬معايشته،‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬مكانا‭ ‬أو‭ ‬مبنى‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬إحساسا‭ ‬لحظيا‭. ‬أحيانًا‭ ‬تكون‭ ‬الذكرى‭ ‬هى‭ ‬ذكرى‭ ‬الحرفيين‭ ‬أنفسهم،‭ ‬وأحيانًا‭ ‬ذكرى‭ ‬خاصة‭ ‬بالمصممين،‭ ‬فالأمر‭ ‬يتطلب‭ ‬مهارة‭ ‬خاصة‭ ‬لتحويل‭ ‬الفكرة‭ ‬إلى‭ ‬تصميم‭ ‬ثم‭ ‬تنفيذه‭ ‬ليصبح‭ ‬كما‭ ‬تراه،‭ ‬لوحة‭ ‬فنية‭ ‬منسوجة‭ ‬معلقة‭. ‬وتمثل‭ ‬المجموعة‭ ‬المعروضة‭ ‬تعبيرًا‭ ‬صريحًا‭ ‬عن‭ ‬الهوية‭ ‬المصرية‭ ‬سواء‭ ‬بقصد‭ ‬أو‭ ‬بدون‭ ‬قصد‭. ‬مضيفا‭: ‬تتطور‭ ‬المنسوجات‭ ‬المعلقة‭ ‬مثلها‭ ‬مثل‭ ‬أى‭ ‬عمل‭ ‬تراثى‭ ‬فتتأثر‭ ‬بالذوق‭ ‬العام‭ ‬واحتياجات‭ ‬السوق‭ ‬فالألوان‭ ‬والتصميمات‭ ‬التى‭ ‬نراها‭ ‬اليوم‭ ‬وكأنها‭ ‬مرتبطة‭ ‬بالماضى‭ ‬تتعلق‭ ‬أيضًا‭ ‬بالحاضر‭ ‬وبالطبع‭ ‬سيعلق‭ ‬البعض‭ ‬بأن‭ ‬الألوان‭ ‬الهادئة‭ ‬للقطع‭ ‬القديمة‭ ‬أكثر‭ ‬جاذبية‭ ‬من‭ ‬الألوان‭ ‬الزاهية‭ ‬الحديثة‭ - ‬ولكن‭ ‬فى‭ ‬الحقيقة‭ ‬هذه‭ ‬طريقة‭ ‬لجذب‭ ‬الانتباه‭ ‬عن‭ ‬بُعد‭ ‬باستخدام‭ ‬الألوان‭ ‬والتباين‭ ‬بشكل‭ ‬لافت‭ ‬للنظر‭. ‬فقد‭ ‬كانت‭ ‬القطع‭ ‬القديمة‭ ‬وقتها‭ ‬مشرقة‭ ‬ومبهرة‭ ‬أيضًا‭!‬

جانب‭ ‬آخر‭ ‬من‭ ‬الجوانب‭ ‬المهمة‭ ‬التى‭ ‬ارتبطت‭ ‬بمعرض‭ ‬‮«‬ذكريات‭ ‬معلقة‮«‬‭ ‬تمثل‭ ‬فى‭ ‬تركيز‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬كيفية‭ ‬تأثر‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الفنانين‭ ‬التشكيليين‭ ‬والمصممين‭ ‬بفنون‭ ‬الخيامية‭ ‬وأعادوا‭ ‬صياغتها‭ ‬بطريقتهم،‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تقديم‭ ‬قطع‭ ‬من‭ ‬الخيامية‭ ‬بطريقة‭ ‬عصرية،‭ ‬أو‭ ‬باستعارة‭ ‬زخارفها‭ ‬فى‭ ‬لوحاتهم‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬مع‭ ‬أعمال‭ ‬الفنان‭ ‬سيف‭ ‬وانلى،‭ ‬والفنان‭ ‬جورج‭ ‬بهجورى‭ ‬وكذلك‭ ‬الفنان‭ ‬سمير‭ ‬فؤاد‭ ‬التى‭ ‬تضمنها‭ ‬المعرض‭.‬

فمثلا‭ ‬اعتاد‭ ‬الفنان‭ ‬سمير‭ ‬فؤاد‭ ‬توظيف‭ ‬الخيامية‭ ‬كخلفية‭ ‬لرسم‭ ‬الموديل‭ ‬فى‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬لوحاته‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬الثمانينيات‭ ‬والتسعينيات،‭ ‬إذ‭ ‬يقول‭ ‬فؤاد‭: ‬الحقيقة‭ ‬أن‭ ‬علاقتى‭ ‬بالخيامية‭ ‬وبزخارفها‭ ‬ممتدة‭ ‬منذ‭ ‬الطفولة،‭ ‬وهناك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬قطع‭ ‬الخيامية‭ ‬المنتشرة‭ ‬بمرسمى،‭ ‬إذ‭ ‬اعتبرها‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬المحفزات‭ ‬البصرية،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬شائع‭ ‬أن‭ ‬يحيط‭ ‬الفنان‭ ‬التشكيلى‭ ‬نفسه‭ ‬بمحفزات‭ ‬بصرية‭.‬

‭ ‬وإذا‭ ‬كان‭ ‬الأمر‭ ‬فى‭ ‬الماضى‭ ‬يتعلق‭ ‬بتوظيفها‭ ‬كخلفية،‭ ‬فمنذ‭ ‬بضعة‭ ‬أشهر‭ ‬بدأ‭ ‬فؤاد‭ ‬مشروعا‭ ‬فنيا‭ ‬جديدا‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬إيجاد‭ ‬علاقات‭ ‬تفاعلية‭ ‬بين‭ ‬جميع‭ ‬عناصر‭ ‬اللوحة‭ ‬من‭ ‬شخوص‭ ‬وملابس‭ ‬وخلفية،‭ ‬بمعنى‭ ‬آخر‭ ‬ربط‭ ‬اللوحة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬‮«‬النمط‮»‬‭ ‬المتكرر‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬اللون‭ ‬أو‭ ‬الوحدة‭ ‬الزخرفة،‭ ‬وقد‭ ‬قدم‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬خمس‭ ‬لوحات‭ ‬بتوظيف‭ ‬الخيامية‭ ‬وربط‭ ‬زخارفها‭ ‬وألوانها‭ ‬بباقى‭ ‬عناصر‭ ‬اللوحة،‭ ‬وهو‭ ‬مشروع‭ ‬مستمر‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يحمل‭ ‬جوانب‭ ‬لم‭ ‬يكشف‭ ‬عنها‭ ‬الفنان‭ ‬بعد‭.‬

من‭ ‬جانب‭ ‬آخر‭ ‬يمتلك‭ ‬سمير‭ ‬فؤاد‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬قطع‭ ‬المنسوجات‭ ‬المعلقة‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬البلاد‭ ‬لاسيما‭ ‬قطع‭ ‬الخيامية‭ ‬ربما‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أهمهما‭ ‬هى‭ ‬لوحة‭ ‬‮«‬العدل‭ ‬أساس‭ ‬الملك‮»‬‭ ‬التى‭ ‬تم‭ ‬عرضها‭ ‬فى‭ ‬‮«‬ذكريات‭ ‬معلقة‮«‬‭. ‬والتى‭ ‬اقتناها‭ ‬من‭ ‬تاجر‭ ‬أنتيكات‭ ‬فى‭ ‬الثمانينيات،‭ ‬وظلت‭ ‬ضمن‭ ‬مقتنياته‭ ‬حتى‭ ‬يومنا‭ ‬هذا‭ ‬لكنها‭ ‬كانت‭ ‬دائما‭ ‬تحتاج‭ ‬مساحة‭ ‬كبيرة‭ ‬للعرض‭.‬

حكايات‭ ‬لا‭ ‬تنتهى،‭ ‬إذ‭ ‬كشفت‭ ‬كل‭ ‬قطعة‭ ‬من‭ ‬القطع‭ ‬المعلقة‭ ‬داخل‭ ‬المعرض‭ ‬عن‭ ‬ذاكرة‭ ‬حكاءة،‭ ‬تشبه‭ ‬رفع‭ ‬الستار‭ ‬عن‭ ‬قصة‭ ‬ما‭ ‬تحتاج‭ ‬لإفراد‭ ‬مساحة‭ ‬خاصة‭ ‬وممتدة‭ ‬للاستماع‭ ‬إليها،‭ ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬تلك‭ ‬الحكايات‭ ‬مثلا‭ ‬حكاية‭ ‬الفنان‭ ‬الفرنسى‭ ‬لوى‭ ‬بارتيلمى‭ ‬الذى‭ ‬فتنته‭ ‬فنون‭ ‬الخيامية‭ ‬منذ‭ ‬عدة‭ ‬سنوات،‭ ‬لتتحول‭ ‬رويدا‭ ‬لمشروع‭ ‬فنى‭ ‬معاصر‭ ‬يجمع‭ ‬بينه‭ ‬وبين‭ ‬حرفى‭ ‬الخيامية،‭ ‬إذ‭ ‬يقوم‭ ‬لوى‭ ‬برسم‭ ‬التصميم‭ ‬وتحديد‭ ‬الألوان‭ ‬ويقوم‭ ‬طارق‭ ‬الصفتى‭ ‬بتنفيذها،‭ ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬الأعمال‭ ‬التى‭ ‬شاهدتها‭ ‬نسخة‭ ‬فرعونية‭ ‬من‭ ‬الملهى‭ ‬الباريسى‭ ‬المعروف‭ ‬‮«‬كريزى‭ ‬هورس‮»‬‭.‬

وربما‭ ‬كانت‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬القطع‭ ‬المتميزة‭ ‬كذلك‭ ‬لوحة‭ ‬‮«‬الثورة‮«‬‭ ‬للفنان‭ ‬هانى‭ ‬عبدالقادر‭ ‬الذى‭ ‬يبلغ‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬حاليا‭ ‬‮٤٦‬‭ ‬عامًا،‭ ‬والذى‭ ‬أمضى‭ ‬أيام‭ ‬الربيع‭ ‬العربى‭ ‬فى‭ ‬ترجمة‭ ‬ما‭ ‬رآه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬أكثر‭ ‬وسيط‭ ‬يعرفه‭: ‬الخياطة؛‭ ‬وقد‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬خروجًا‭ ‬عن‭ ‬المألوف‭ ‬فيما‭ ‬اعتاده‭ ‬صناع‭ ‬الخيامية،‭ ‬وقد‭ ‬قدم‭ ‬عبدالقادر‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬أربع‭ ‬قطع‭ ‬تصور‭ ‬مشاهد‭ ‬مختلفة‭ ‬من‭ ‬الحياة‭ ‬فى‭ ‬ميدان‭ ‬التحرير،‭ ‬وقد‭ ‬تم‭ ‬اقتناء‭ ‬أول‭ ‬قطعتين‭ ‬من‭ ‬المجموعة‭ ‬فى‭ ‬المتحف‭ ‬الشرقى‭ ‬فى‭ ‬مدينة‭ ‬دورهام‭ ‬وفى‭ ‬متحف‭ ‬فيكتوريا‭ ‬وألبرت‭ ‬فى‭ ‬لندن‭. ‬كذلك‭ ‬استوقفتنى‭ ‬لوحة‭ ‬‮«‬نساء‭ ‬الحطابة‭ ‬تنسج‭ ‬تاريخها‮»‬‭ ‬التى‭ ‬تكشف‭ ‬عن‭ ‬مشروع‭ ‬تشاركى‭ ‬مع‭ ‬خمسة‭ ‬نساء‭ ‬من‭ ‬منطقة‭ ‬الحطابة‭ ‬التاريخية‭ ‬التى‭ ‬تقع‭ ‬بجوار‭ ‬القلعة‭ ‬وصانع‭ ‬الخيامية‭ ‬الحرفى‭ ‬هانى‭ ‬عبدالقادر‭ ‬ومصممة‭ ‬المنسوجات‭ ‬مايا‭ ‬جويلى،‭ ‬الذين‭ ‬عملوا‭ ‬معا‭ ‬على‭ ‬تصميم‭ ‬هذه‭ ‬القطعة‭ ‬التى‭ ‬تحكى‭ ‬قصة‭ ‬الحطابة‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬المجتمع‭ ‬المحلى‭ ‬بها،‭ ‬وهو‭ ‬المشروع‭ ‬الذى‭ ‬تم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مبادرة‭ ‬‮«‬الأثر‭ ‬لنا‮«‬‭.‬

كما‭ ‬كشفت‭ ‬مجموعة‭ ‬‮«‬مركز‮»‬،‭ ‬عن‭ ‬أهمية‭ ‬توظيف‭ ‬التراث‭ ‬بطرق‭ ‬مبتكرة‭ ‬تتضمن‭ ‬إحياءه‭ ‬والحفاظ‭ ‬عليه،‭ ‬إذ‭ ‬تعكس‭ ‬تلك‭ ‬المجموعة‭ ‬من‭ ‬المنسوجات‭ ‬والتى‭ ‬تتضمن‭ ‬مثلا‭ ‬غطاء‭ ‬سرير‭ ‬بتصميم‭ ‬مستوحى‭ ‬من‭ ‬أحد‭ ‬المساجد،‭ ‬عن‭ ‬تعاون‭ ‬بين‭ ‬‮«‬مركز‮»‬‭ ‬وسيف‭ ‬الرشيدى‭ ‬ومحمد‭ ‬مصطفى‭ ‬عبدالواحد،‭ ‬إذ‭ ‬تتمثل‭ ‬إحدى‭ ‬التحديات‭ ‬الرئيسية‭ ‬التى‭ ‬تواجه‭ ‬الحرف‭ ‬اليدوية‭ ‬فى‭ ‬كيفية‭ ‬ضمان‭ ‬مكان‭ ‬لها‭ ‬فى‭ ‬المنزل‭ ‬العصرى‭. ‬

الحقيقة‭ ‬أن‭ ‬أحد‭ ‬أهم‭ ‬الجوانب‭ ‬التى‭ ‬تتعلق‭ ‬بمعرض‭ ‬‮«‬ذكريات‭ ‬معلقة‮«‬‭ ‬يتمثل‭ ‬فى‭ ‬محاولة‭ ‬إحياء‭ ‬أحد‭ ‬أوجه‭ ‬التراث‭ ‬ممثلا‭ ‬فى‭ ‬حرفة‭ ‬الخيامية‭ ‬بصورة‭ ‬عصرية‭ ‬جاذبة،‭ ‬ففى‭ ‬مواجهة‭ ‬قطعة‭ ‬‮«‬لوحة‭ ‬تاتشر‮»‬‭ ‬تم‭ ‬تعليق‭ ‬عمل‭ ‬الفنان‭ ‬معتز‭ ‬نصر‭ ‬الذى‭ ‬قدمه‭ ‬باستخدام‭ ‬أعواد‭ ‬كبريت‭ ‬خشبية‭ ‬ليعبر‭ ‬عن‭ ‬إحساسه‭ ‬بالفقدان‭ ‬السريع‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬أوجه‭ ‬التراث،‭ ‬و‭ ‬حاول‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عمله‭ ‬هذا‭ ‬جذب‭ ‬الانتباه‭ ‬إلى‭ ‬جمال‭ ‬التراث‭. ‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬فترة‭ ‬المعرض‭ ‬القصيرة‭ ‬نسبيا‭ ‬بالنسبة‭ ‬لأهمية‭ ‬الموضوع‭ ‬الذى‭ ‬تناوله،‭ ‬وتنوع‭ ‬المعروضات‭ ‬وجمالها،‭ ‬والتى‭ ‬أتمنى‭ ‬أن‭ ‬تصبح‭ ‬معرضا‭ ‬جوالا‭ ‬ليس‭ ‬فى‭ ‬داخل‭ ‬مصر‭ ‬فقط‭ ‬ولكن‭ ‬خارجها‭ ‬أيضا،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬أثره‭ ‬سيظل‭ ‬باقيا‭ ‬لفترة‭ ‬طويلة‭ ‬نظرا‭ ‬لارتباطه‭ ‬بموضوع‭ ‬حيوى‭ ‬له‭ ‬علاقة‭ ‬بتراثنا‭ ‬الفنى،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬ينفصل‭ ‬عن‭ ‬طبيعة‭ ‬عمل‭ ‬المؤرخ‭ ‬سيف‭ ‬الرشيدى‭ ‬الذى‭ ‬يتمحور‭ ‬عمله‭ ‬الأساسى‭ ‬حول‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬التراث‭ ‬الثقافى‭. ‬إذ‭ ‬يقول‭ ‬الرشيدى‭ ‬حول‭ ‬تراثنا‭ ‬من‭ ‬الخيامية‭: ‬يصنف‭ ‬البعض‭ ‬هذا‭ ‬التراث‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬فن،‭ ‬ويصنفه‭ ‬البعض‭ ‬الآخر‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬حرفة،‭ ‬والحقيقة‭ ‬أن‭ ‬التصنيف‭ ‬فى‭ ‬حد‭ ‬ذاته‭ ‬لا‭ ‬معنى‭ ‬له‭ ‬هنا‭ ‬فهو‭ ‬ببساطة‭ ‬عمل‭ ‬فنى‭ ‬أنتجه‭ ‬الحرفيون‭. ‬والأهم‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬التفكير‭ ‬فى‭ ‬مستقبل‭ ‬هذا‭ ‬التراث‭ ‬المحفوف‭ ‬بالمخاطر،‭ ‬فالخيامية‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬أهميتها‭ ‬وقدم‭ ‬نشأتها‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬تعتبر‭ ‬من‭ ‬التراث‭ ‬المنسى‭ ‬فى‭ ‬مصر‭. ‬

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة