عمو فؤاد
عمو فؤاد .. استاذ الضحك
الثلاثاء، 11 مايو 2021 - 11:38 ص
ريزان العرباوى
الأستاذ.. صاحب الإبتسامة الحلوة .. والمهندس الذى برع فى الرسم الهندسى لصناعة البهجة بمعايير الإتقان الفنى، فهو ضحكة الكبار وصديق الأطفال.. إنحاز لهم فى معظم أعماله وبحكمته وفلسفته كان «صوت التاريخ ياحضرة السلطان لايعرف كدب ولا بهتان« فقدم مادة ترفيهية تهدف إلى التسلية والإضحاك وفى نفس الوقت أداة لتقييم السلوك التربوى بشكل غير مباشرفى إطار شيق من خلال الفوازير، وفى كلمتين وبس هو «عمو فؤاد« ومعه نستعيد ذكريات اللمة الحلوة ونستحضر من صندوق الذكريات كنز فوازير «عمو فؤاد«.
بدأت الرحلة برغبة فؤاد المهندس لتقديم برنامج للأطفال، فكرته تقوم على صنع مجسمات لمجموعة متنوعة من الطيور، وفى كل حلقة يقدم معلومة مختلفة عنها..عرض ما جال بخاطره على المخرج محمد رجائى الذى اقترح عليه تطوير الفكرة وتلفزتها بمعنى تقديمها فى إطار حدوته، وبعد بحث عن كاتب متخصص فى الكتابة للأطفال توجها للشخصية التى لها باع طويل فى هذا المجال وهى أبلة فضيلة التى رشحت لهما على الفور الكاتب الراحل مصطفى الشندويلى كاتب حواديت أبلة فضيلة ، تمكن الشندويلى بحنكتة وقدرتة فى مخاطبة الأطفال بإسلوب سلس أن يبلور الفكرة ويطورها فى إطار شيق يقدم المعلومة بشكل مبسط، وكانت بداية انطلاق سلسلة فوازير «عمو فؤاد« من خلال فزورة «عمو فؤاد رايح يصطاد« عام 1982 التى ظهر فيها المهندس بحلته المميزة مرتديا بدلة الصيد، وفى كل مرة يصاد طيرا أو حيوانا ويقدم عنه معلومة مختلفة، ثم توالى النجاح بعد ذلك، فقدم فوازير«عمو فؤاد فى الإستاد« عام 1983 تناولت معلومات رياضية تناسب سن الأطفال لإثراء معلوماتهم فى هذا المجال.
رحلة البحث عن أفكار جديدة لكل موسم لم تكن سهلة تطلبت جهد كبير من الثلاثى المهندس ورجائى والشندويلى..فبعد انتهاء كل موسم من العرض يعقدون جلسات عمل للوصول لفكرة شيقة تجذب الكبير والصغير يتبادلون النقاش ومن يصل لطرف خيطا معينا حتى يبدأ الشندويلى فى غزل كتاباته للحلقات.
اختار فريق العمل موعدا مميزا للعرض قبل الإفطار، فالجميع يضبط ساعته على الثالثة والنصف لنلتف حول الشاشة استعدادا للقاء الجد منتظرين مايحمله فى جعبته من حكايات، فخلق فؤاد المهندس شخصية مشابهة لشخصيته الحقيقة بإبتسامته وخفة ظله وقدرته على خلق الموقف المضحك ..فكان الجد الذى يلتف حوله الأولاد لينهلوا من معرفته، فلم تكن الفوازير مجرد عمل ترفيهى للتسلية فقط بل أعطى من خلالها دروسا للأطفال عن التاريخ والحضارة من خلال تغذية الفزورة بمعلومات شيقة إثرائية ساهمت فى تشكيل وعى جيل الثمانينات والتسعينيات فكانت بمثابة كتابا مفتوح للتعرف على الشخصيات التاريخية وملامح تاريخ مصر منذ عهد الفراعنة وحتى العصر الإسلامى .. قدم ذلك من خلال فزورة «عمو فؤاد ويا الأجداد« عام 1985 قابل فى كل حلقة شخصية تاريخة تحدث معاها عن أبرز أعمالها وإنجازاتها ليحكى حكاية مصر وأمجادها، شارك فى التمثيل مشيرة إسماعيل، محمد الشرقاوى ، حسن العدل ومن إخرج محمد رجائى تأليف مصطفى الشندويلى.
وحرصا منه على التنمية الوطنية للأطفال قدم أيضا فوازير تحمل معلومات عن المدن والمحافظات المصرية من خلال فوازير«عمو فؤاد راجع يا ولاد« شارك فى بطولتها مشيرة إسماعيل وفاروق فلوكس ومحمد فايق عزب.
توالت النجاحات ليقدم أجزاء منها «عمو فؤاد بيلف بلاد، عمو فؤاد والسياحة، عمو فؤاد والعصابة المفترية، عمو فؤاد إدانا معاد، عمو فؤاد وكنوز الأرض، عمو فؤاد رئيس تحرير، عمو فؤاد ويا الأعداد«.
حققت الفوازير نجاح كبير واستمرت أكثر من 10 أعوام ولعل السبب الأساسى لهذا النجاح يرجع إلى احترام عقلية الجمهور وروح التعاون لنقل رسائل الفن برقى وابتسامة وخفة ظل خطفت قلوب الجماهير فكانت بمثابة منشط للذاكرة وتشغيل عقل المشاهدين لحل الفزورة إضافة إلى كونها جرعة ترفيهيه تثقيفية أثرت بشكل كبييرعلى سلوك جيل تلك الفترة الزمنية فكانت أداة لتقويم السلوك وغرس القيم الأخلاقية دون توجية مباشر، إضافة إلى تنظيم الوقت، كلها عوامل ساهمت بشكل كبير فى هذا النجاح.
وكما تميز المهندس بأداء تمثيلى رائع تميز أيضا بحس وأذن موسيقية وصوت جميل فسهل ذلك من عملية اختيار جمل موسيقة جذابة لتترات سلسة الفوازير واشتهرت بأغان مازلت عالقة فى الأذهان منها «عمو فؤاد.. عمو فؤاد ..عمو فؤاد ادانا معاد « وأيضا «عمو فؤاد ويا الأجداد.. راح يقابلهم واحد واحد..ويدردش مع 30 واحد..يحكى حكاية مصر الغالية ويفكرنا بالأمجاد«.
وحرصا منه على جس نبض الجمهور والإستفادة من أرائهم كان يؤجل تصوير بعض الحلقات خلال شهر رمضان بعد عرض الحلقات الأولى حتى يلمس ردود الأفعال من الشارع وهى مسألة تحسب له تترجم مدى حبه لعمله واحترامه لجمهوره.
الجميل فى الأمر أيضا أن نجم بحجم المهندس لم يبالغ فى أجره سواء فى الفوازير أو أى عمل خلال مسيرته الفنية فكان يعشق عمله ويهتم بأن يخرج بشكل جيد، فهو فنان بحق لديه مجموعة من القيم فى حياته يسعى جاهدا للإلتزام بها وإتباعها ، هذه القيم هى البوصلة التى أرشدته لتقديم أعمال لا تموت حاضرة فى الوجدان بعيدا عن الأعمال المعلبة التى تفسد سريعا.
تدهورت الحالة الصحة لفؤاد المهندس مع نهاية المواسم وبالرغم من ذلك اصر على استكمالها بعد أن تم الإتفاق على ألا يتضمن السيناريو حركة كثيرة كما كان يفعل فى البداية.
كانت آخر فوازير قدمها فؤاد المهندس من السلسلة هى «عمو فؤاد والقناة الفضائية«والتى قدمها فى بداية التسعينيات وكانت حلول الفوازير تنشر فى مجلة الكواكب بعد انتهاء شهر رمضان.