صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


تقرير| بعد توحش الرأسمالية.. هل أصبح الاقتصاد الإسلامي طوق النجاة؟

مها طلعت

الخميس، 13 مايو 2021 - 11:12 م

                

هل تتحول مصر إلى الاقتصاد الإسلامي وما أسباب التحول؟ هذا التساؤل الذى طرح نفسه بعد أن أثبتت الرأسمالية عدم قدرتها علي إنقاذ الاقتصاد العالمى، من خسائر كورونا المتفاقمة خلال عام كامل، حاول الكثير من الدول إتباع نهجًا اقتصاديًا متعددًا، ولكن لم يفلح أي منها ولكن مع تمكن عدد من الدول الشرق أوسطية بما فيها من بعض الدول العربية التي كانت تتبع الاقتصاد الإسلامى من الأساس، وتمكن اقتصادها من عبور أزمة كورونا بل حققت بعض الدول أرباحًا وتجاوزت خسائر الموازنات العامة لديها بسلاسة لم تجدها غالبية الدول الأوروبية وأمريكا علي وجه الخصوص، خاصة بعد أن كشف وباء كورونا مدي ضعف اقتصاديات الدول الكبرى، التى رغم ضخامة أصولها وانتشار عملاتها في التجارة العالمية، إلا أنه مع توالى تتابع موجات كورونا، كشفت مدى هشاشة اقتصاديات تلك الدول.

 

 

كل ذلك دفع  الاقتصاديين للبحث عن أسباب ضعف النظام الاقتصادي العالمي الحالي، مؤكدين عدم مقدرة النظام الرأسمالي سريع الربح وجاء سعي كثير من الدول خاصة منطقة جنوب شرق آسيا وبعض الدول العربية لتسرع فى تطبيق نظم اقتصادية أكثر عدالة وربحية علي المدي الطويل معتمدة علي الاستثمار فى البنية التحتية كأساس اقتصادي، مشيرين  إلى أن مصر ضمن أكثر الدول التي حققت الميزان الاقتصادي الأكثر وعيًا وهو ما يعتبر تطبيقًا معتدلًا بين الرأسمالية وروح الاقتصاد الإسلامي.

 

 

ويؤكد في هذا الصدد دكتور السيد خضر، الخبير الاقتصادي، أن الاقتصاد الرأسمالي وقت الأزمات الكبيرة، مثل انتشار جائحة كورونا لم يستطع أن ينقذ الدول واحتياجاتها الاقتصادية، لأن الاعتماد الأساسي وقت الأزمات يكون على البنية التحتية، لأنه يسعى إلى تطور الدولة وتحسين الاقتصاد وتحقيق الربح علي المدي الطويل، عكس الرأسمالية التى تعتمد على الربح السريع كالبورصة، وغيرها من الاستثمارات السريعة، موضحاً أن الاقتصاد الإسلامى يحافظ علي حقوق الأجيال المقبلة دون استنفاد كل الموارد، وبشكل مكثف بينما الرأسمالي حقق أروع الأرباح وأعلاها في وقت قصير دون النظر للبعد المستقبلي ونحن في مصر نحقق توازنًا معتدلاً بين تطبيق الرسمالية بحذر وروح الاقتصاد الإسلامي وهو ما حقق الاكتفاء التام من السلع إضافة إلي الاهتمام بالقطاعات الحيوية في الدولة ودفع الاستثمارات طويلة الآجل فيها مثل القطاع الزراعي والقطاع الحيواني وتحديد خطط مستقبلية لجذب مزيد من الاستثمار إليها.

 

 

 ويشير خضر إلي أن الاعتماد في تطبيق روح الاقتصاد الإسلامي ظهر واضحاً من خلال التنوع الاقتصادي في كل المجالات وهو ما يعتبر طوق النجاة من أزمة كورونا بعدم الاعتماد علي عدد محدود من التوجهات الاستثمارية مع الاعتماد علي إيجاد أسباب المشكلة وحلها، ويؤكد خضر أن الإصلاح الاقتصادي الذى نجحت مصر في تطبيقه يعتبر شكلًا من أشكال الاقتصاد الإسلامي خاصة أن مصر دولة غير هادفة للربح الاستثماري السريع بقدر ما تعتمد علي التطور الاقتصادي طويل الآجل.

 

 

بينما يؤكد دكتور أسعد عبدالوهاب، الخبير المالي وأستاذ الاقتصاد، أن الهدف من تطبيق الاقتصاد الإسلامي، وتحقيق التنمية أكثر من الربح وأوروبا أدركت في الفترة الأخيرة مدي حاجتها إلي الخروج من نظام الرأسمالية الذي لم يحقق أهدافه خاصة مع تفشي فيروس كورونا وأثاره السلبية التي كبدت الدول الأوروبية خسائر فادحة مما دفع عدد من الدول إلي الإعلان عن الاتجاه إلي تطبيق نظم الاقتصاد الإسلامي الهادفة للتنمية طويلة الآجل مع تحقيق ربح من المشروعات التنموية والتوسع في البنية التحتية.

ويلفت عبدالوهاب إلى أنه ليس من الضروري تطبيق الاقتصاد الإسلامي علي النظام المصرفي للدولة بينما يمكن تطبيق روح النظام الاقتصادي الإسلامي، ففي الغرب أصبحت الرأسمالية الاقتصادية محل انتقاد خاصة مع الاتجاه نحو الرأسمالية السريعة الهادفة للربح فقط بعدما كشفت جائحة كورونا كيف يموت الناس في الغرب من الجوع والمرض وكيف بحث الأغنياء عن ملاذات آمنة تحميهم شخصياً وتحمي أموالهم من الضياع ووقفت الدول عاجزة عن مواجهة متطلبات المجتمع من دواء وغذاء وغيرهما بعد أن نضبت موارد الموازنة العامة ولم تنجح في ذلك إلا ألمانيا والقليل من الدول التي اتخذت قرارات أقرب للحماية الاجتماعية بأسلوب أقرب للنظم الإسلامية الاقتصادية التي تراعي حق الفرد .

 

وتابع الخبير المالي "لكن في مصر نحن نعتمد نظام اقتصادي متوازن بين الرأسمالية وروح الاقتصاد الإسلامي وهو ما أدي إلي نجاح مصر من الخروج من أزمة كورونا دون أن يتأثر اقتصادها بل تمكن الاقتصاد المصري من الصمود بقوة حتي مع خروج الاستتمار الأجنبي بنسبة 60 % دفعة واحدة مع موجة كورونا الأولي، ورغم ذلك لم يتأثر السوق المصري كما توقعت بعض المواقع الاقتصادية الدولية.

 

 

ومن جهة أخري تشير الدكتورة عزة بجاتو، الخبير الاقتصادي، إلى أن مصر من الدول القليلة التي تتبع الاقتصاد الإسلامي في جوهره ولكن لا نطبقه صراحة في النظم الاقتصادية ويرجع ذلك إلي أن أغلب المعاملات التجارية لمصر مع الدول الأوروبية وأمريكا، ويعتبر الدولار هو العملة الرئيسية في المعاملات التجارية لمصر مع الدول التي يتم بيننا وبينها تعاملات تجارية وبالتالي لا يمكن اعتماد الاقتصاد الإسلامي كأساس للمعاملات  المالية ولكننا نطبقه في شكل السياسات الاقتصادية خاصة في برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي نفذته مصر والتوسع في الخطط التنموية طويلة الأجل والتوجه والتوسع في مشروعات يأتي ربحها علي مدار السنوات المقبلة وهي كلها أساليب الاقتصاد الإسلامي لاعتماده علي التنمية والتطور ودعم مشروعات البنية التحتية باستثمارات طويلة الأجل.

 

 

وأشارت بجاتو إلي أن العالم حاليًا أصبح  أكثر إدراكاً لأهمية الاقتصاد الإسلامي القائم على عدة مبادئ  أبرزها أن أولوية الاستثمار يجب أن تكون من نصيب السلع الأساسية والقطاعات الحقيقية التي تستجيب للحاجات الحقيقية للأسر كأساس للدولة بما فيها الأغذية والمشروبات والملابس مع تحقيق  النمو، لأن الاقتصاد في هذه الحالة يعتمد علي طلب يومي مستمر لا ينقطع  ولا يتأثر بمخاطر التقلبات الاقتصادية، لافتة  إلي أن الاستثمار في هذه القطاعات الحقيقية لا يمنح المستثمر الأرباح واستدامة النمو فقط  بل يوفر له الحماية من أي انتكاسات قد يتعرض لها الاقتصاد العالمي كما أن الاقتصاد الإسلامي في جوهره اقتصاد أخلاقي  مع كونه منظومة اقتصادية أكثر عدلاً وشفافية تحقق التوازن المطلوب في عملية إنتاج الثروات وتوزيعها ويدعم التنمية الشاملة المستدامة.

 

 

وتري بجاتو أن حجم الاقتصاد الإسلامي قد تجاوز 2.7 تريليون دولار علي المستوي العالمي، لافتة إلى أن الشركات التي كانت تتبع آليات التمويل الإسلامي لم تتأثر مثل غيرها من الشركات والبنوك التي لا تتعامل مع الآليات نفسها، كما أن هذه الأزمة المالية العالمية جعلت المستثمرين يضعون التمويل الإسلامي الإنساني الآمن نصب أعينهم  وهو ما زاد الطلب على منتجاته بشكل ملحوظ خلال العام الماضي خاصة في أوروبا ودول جنوب شرق آسيا، خاصة أنه من الواضح أن الرأسمالية فشلت في مواجهة الأزمة  ما تسبب في تعالي الكثير من الأصوات لاستبدالها بنظام جديد يكون أكثر قدرة على مواجهة الأزمات.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة